الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

خطاب إلى رئيس التحرير يجب أن تجمع المرأة بين الأناقة والسياسة!

فى الأسبوع الماضى، كتب إحسان عبدالقدوس رسالة وجهها إلى الدكتورة درية شفيق، ناقش فيها جهادها، أو جهاد المرأة المصرية من أجل حصولها على حقوقها السياسية.



وهذا هو رد الدكتورة درية شفيق:

 

الأستاذ إحسان عبدالقدوس..

وأنا أيضا يا سيدى الفاضل.. كم من مرة.. بل كم من عشرات المرات اتهمت بمثل ما تتهمنى أنت به اليوم من صفات وتصرفات يضيق وقتى ووقتك إذا حاولت أن أعيد ما جاء منها فى رسالتك.. وما شرفنى به كثير من أبناء جنسك من الرجال.

ومع ذلك.. فإنه يسرنى أن أبادر إلى مصارحتك بالحقيقة الأولى فى سلسلة الحقائق التى سأتناول وضعها تحت نظرك فى ردى على رسالتك.. أما هذه الحقيقة الأولى فهى أنه ما من شىء يثير فخرى ويشد من عزيمتى ويضاعف من إيمانى بعدالة القضية التى حملت كاهلى الضعيف شرف الدفاع عنها أكثر من هذا الهجوم الذى لم تتعد رسالتك القارصة أن تكون نقطة من فيضه العميم الذى ظل يطاردنى.. كما ظل يطارد وسيظل يطارد كل المجاهدين فى سبيل حقوقهم فى كل زمان وكل مكان!

والواقع الذى لا أخفيه عليك.. وهو الهجمات المطاردة حتى أسأل نفسى.. ترى من أين كان يمكن أن أزود إيمانى بالوقود اللازم لدفعه إلى أتون المعركة إذا خلت هذه المعركة، معركة تحرير المرأة من مثل هذا الاضطهاد المتحامل الذى يصبه الرجال على رءوسنا نحن النساء كلما حاولنا أن نرفع هذه الرءوس التى طال عهد إحنائها إلى الأرض.

وأحسب أنه لن يخفى على ذكائك المعهود أننى ما أردت بتقديم هذه الحقيقة إلا إحلالك من حرج الاعتذار أو الأسف الذى ربما ساورك على قسوة اتهاماتك لى فأنا أومن أن هذه المعارضة التى تشهرها ويشهرها غيرك على القضية التى أعالجها - قضية المرأة - هذه المعارضة هى السبيل الوحيد لشرح القضية وطرح مناقشتها على الرأى العام، بل لعلها تكون السبيل إلى تسجيل حسرة الرجعية على القيود التى بدأت تتحطم قيدا بعد قيد من حول أقدام المرأة المندفعة بقوة التحرر والإعتاق لاسترجاع مكانها الطبيعى بين الكائنات، والآن تم التقاطى للقفاز الذى طوحت به وجهى.. فلندخل مباشرة إلى المبارزة التى جاء دورى بها للرد على الهجمات المتحاملة.

وحرصا على ألا يضيع التعميم فى الرد فرصة مناقشة أية تهمة من نقط اتهامك سأحاول أن أقسم ردى إلى نقط: - أولا: أن المعلومات التاريخية التى تلقيناها جميعا عن الأنظمة التى كانت متبعة فى الحرملك لم تسجل أنها كانت تجمع مطلقا بين النساء والرجال، ولكن الذى سجله الواقع هو أن الحزب الذى أسسته درية شفيق قام على أساس المساواة فى العضوية فيه بين النساء والرجال.. ولن ألجأ فى الاستشهاد على ذلك إلا إلى أبناء جنسك من الرجال الذين تولوا مهمة مهاجمة اشتراك الرجال فى حزب بنت النيل.. وهى مهاجمة سجلتها إحدى كبريات الصحف المصرية اليومية وفى الصفحات الأولى.. ويمكنك الرجوع إليها إذا أردت.. وبقى أن أسألك أنا بدورى ماذا أستطيع أن أفعل لأحقق رغبات السادة الرجال إذا كانت دعوتى للمساواة فى الانتساب إلى الأحزاب بين النساء والرجال تغضب فريقا منهم والغضب على من أمثالك يلاحقنى إذا خانتهم الذاكرة يوما فنسوا أن هذه المساواة كانت أول أهدافى.. فراحوا يتهموننى بما جاء فى رسالتك من الرجعية وإعادة نظم الحرملك وتطبيقها فى حزبى؟!

ثانيا: فسرت حضرتك دعوتى لبعض الأحرار من الرجال للمحاضرة عن حقوق المرأة، فسرت ذلك بأنه لا يعدو أن يكون دور أم العروسة فى جلب الخطاب لبنتها، وعلى الرغم من أن تشبيهك كان لا ينقصه طرافة الأسلوب إلا أننى أرى أنه السهم الذى يرتد دون أن يصيب.. فالأمر الذى لا يختلف فيه اثنان هو أن الاستعانة بتأييد المعسكر المعادى أول وسيلة يلجأ إليها أصحاب كل دعوة.. ولم تكن استعانة مصطفى كامل بتأييد مدام آدم وباقى الأحرار من الفرنسيين.. لم يكن ذلك لعجز منه فى شرح قضيته، ولكن كان يقصد غزو العدو فى عقر داره.. ليحقق الآية الكريمة «وشهد شاهد من أهلها»، هذا إلى جانب أننى لا أريد أن أدخل فى تفاصيل الدور الذى أقوم به وتقوم به نساء مصر جميعًا فى شرح دعوتنا فى مئات المحاضرات والإذاعات والكتب وسائر وسائل النشر.

ثالثا: كنت أود لو أنك كلفت نفسك مشقة الاطلاع على برنامج حزبى قبل أن تتحدث عن قصر أهدافه على الدفاع عن قضية المرأة وتعديد خطأ ذلك، فالحقيقة يا سيدى هى أننى أول من يؤمن بأن الحقوق لا تنال إلا بقيمة التضحيات التى تبذل فى سبيلها.. وأن أول من يؤمن بأن حقوق المرأة لم يغتصبها الرجل.. بل إنها كانت ضمن الحقوق الوطنية التى اغتصبها المستعمر ليضمن استعباد الشعب عن طريق إغراق المرأة فى غياهب الجهل والعبودية، ولقد كان إيمانى هذا هو سبيلى فى رسم خطوات الكفاح فلم  أضيع مناسبة وطنية إلا ونزلت إليها مع زميلاتى.. ولعلك لم تنس بعد أن عضوات بنت النيل من اللاتى حاصرن بنك باركليز يوم قام الوطن يطالب بإجلاء المستعمر المستغل.. وأن عضوات بنت النيل هن اللاتى اقتحمن أبواب البرلمان عزل يهتفن بحقهن الدستورى وهذه أمثلة سريعة ربما أقنعت بأننا لسنا اللاتى يطالبن بحقهن على صفحات الجرائد فقط كما يفعل أغلب الرجال؟ رابعا: وأكاد لا أتمالك نفسى يا سيدى من الضحك وأنا أرد على اتهامك المتعلق بجمعيات ربات البيوت.. فلم أكن أتصور أنك فى غضبتك على ستحملنى نتيجة فشلك فى أول محاولة لك فى قيادة حركة نسائية.. ومع ذلك فإننى أسألك إذا كنت تطالبنى بالاشتراك فى الدفاع عن المطالب العامة للرجال والنساء فى هذا الوطن فكيف تتراجع بهذه البساطة عن الاشتراك فى مطلب بسيط من مطالب المرأة.. ألا تؤمن أنت أيضا بضرورة التعاون بين الرجال والنساء الذى يطالبنى به!

خامسا: أما اتهامك لى بعدم التفكير فى إشراك نساء الريف فى حركتى النسائية، فإننى أرد عليه بأن بنت النيل هى الهيئة الوحيدة التى تساهم فى مكافحة الأمية بين نساء الشعب فى الأحياء الشعبية، هذا إلى جانب شعبها التى تجاهد فى مكافحة الأمية تدريجيا فى الأقاليم من الإسكندرية إلى أسوان وهى الشعب التى يتولى الاتصال بنساء القرى والأرياف لنشر الدعوة والعمل على الارتفاع بالمستوى الفكرى والوطنى بين الفلاحات.

سادسا: أما هذه الناحية من اتهامك لى بعدم مسايرتى لعهد النهضة الجديد وعن مجهوداتى فى سبيل توحيد الصفوف فى الحركات النسائية.. فيشرفنى أن أحيلك إلى البيانات المتعددة التى سجلت طوال الشهر الماضى نبأ تأليف الجبهة النسائية القومية التى توحدت فيها كل الأيدى النسائية فى مصر لتكرس جهودها للدفاع عن القضايا الوطنية فى الشعوب العربية، وسؤالك عن سبب عدم اشتراكى فى هيئة التحرير فهو سؤال اكتفى بما حمل فيه من جواب.. فأنت نفسك تعترف بأن هيئة التحرير لها رأى فى مسألة اشتراك النساء فيها.. وما كنت لأقبل على نفسى محاولة على إرغامها على تغيير رأيها خاصة، وأنى أعرف مادام الهدف بينى وبينها هو الصالح العام فلا يضير أن يعمل له كل فرد فى المجال الذى يستطيعه.

سابعا: وبقى أن أوجز ردى عن تساؤلك عن علاقة منتجات ماكس فاكتور بدعوة قاسم أمين لسفور المرأة، وعن علاقة الموديلات الفاخرة بالحركة النسائية التى أقودها.

فأما عن الأولى، فإننى لا أنكر رأيى فى وجوب جمع المرأة بين الأناقة والسياسة، ولكنى أكتفى بلفت نظرك إلى أن علاقتى بمنتجات الزينة التى تتحدث عنها قد وضحت فى الدعوة التى توليتها قريبا بمقاطعة منتجات الزينة الفرنسية التى هى أهم هذه المنتجات فى العالم بدافع تغليب المصلحة القومية للشعوب العربية الشقيقة.. أما علاقتى بالموديلات التى تتحدث عن فخامتها فإليك نسخة من بنت النيل لعمل الموديل الذى أقدمه كاملا من المنتجات الوطنية نظير جنيهين. لمن يملك جنيهين.. لعلك تصحح معلوماتك عنى فى هذا السبيل وسترى فى نفس العدد كيف نرشد كل سيدة مصرية إلى صنع ملابسها بيدها حتى لا تتكلف أكثر من ثمن القماش.