الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

العلاقات المصرية- الأمريكية 100 عـــــام مــــــن الشراكة الاستراتيجية

على مدار عقد كامل، اتسمت العلاقات المصرية- الأمريكية بتوافق كبير وقوى فى مختلف القضايا الإقليمية والدولية، كما عملت الدولتان على تعزيز العلاقات الاستراتيجية والتجارية، حيث تعتبر القاهرة شريكًا قويًا وفعالاً لواشنطن لما تتمتع به من قوة إقليمية فى الوطن العربى وشمال إفريقيا، كما تعمل القاهرة على الحفاظ على سلامة وحماية مصالح الأمن القومى للولايات المتحدة والحلفاء على حد سواء.



 

مصالح مشتركة

وبعد تولى الرئيس الأمريكى جو بايدن رئاسة البيت الأبيض شهدت العلاقات المصرية الأمريكية مرحلة جديدة من التعاون والتفاهم والتنسيق فى جميع المجالات، خاصة السياسية والعسكرية، حيث نجح الرئيس السيسى والدبلوماسية المصرية فى وضع إطار مؤسسى يتسم بالاستمرارية، وهو ما يطلق عليه الحوار الاستراتيجى، كما تم وضع قاعدة للمصالح المشتركة تقف عندها الدولتان على قدم المساواة دون أى تمييز لتحقيق مصالحهما دون الإضرار بمصالح طرف على حساب الآخر.

فضلاً عن استمرار التنسيق والتشاور واللقاءات بين البلدين وضرورة التوصل إلى حلول متفق عليها فى قضايا المنطقة خاصة الفلسطينية والسلام فى السودان، والتصدى للإرهاب، والاستقرار الإقليمى وغيرها، بالإضافة إلى تطابق الرؤى المصرية الأمريكية خاصة فى التصدى بحزم وقوة لخطر الإرهاب.

وخلال عام 2022 تحتفل مصر والولايات المتحدة بمرور 100 عام من الصداقة والشراكة الاستراتيجية بين الدولتين سواء على الصعيد السياسى أو العسكرى أو الاقتصادى.

وهو الأمر الذى أكده وزير الخارجية الأمريكى أنطونى بلينكن خلال اختتام جولة الحوار الاستراتيجى بين مصر والولايات المتحدة، وخلال لقائه مع وزير الخارجية المصرى سامح شكرى، حيث أعلن الطرفان أن «شراكتنا التى دامت منذ عام 1922 لم تكن يومًا أقوى أو أكثر حيوية منها الآن لتحقيق مصالحنا الأمنية والاجتماعية والاقتصادية المشتركة».

كما صرح المتحدث الإقليمى باسم الخارجية الأمريكية، سامويل وربيرج، أن أمريكا تعمل مع مصر فى العديد من الملفات، منها: الاقتصاد والتجارة والتنمية وحقوق الإنسان والمناورات العسكرية، وهناك صداقة بين الشعبين الأمريكى والمصرى.

ولفت وربيرج إلى أن الولايات المتحدة تستمع إلى مصر فى جميع الملفات وتتعرف على رؤية مصر فى الملفات الإقليمية، وأمريكا تتفق مع مصر فى الملف الليبى الآن، مشيدًا فى الوقت ذاته بأهمية مصر فى كل الملفات الإقليمية.

توحد الرؤى وقت الأزمات

تتوحد الرؤية المصرية مع نظيرتها الأمريكية خاصة فيما يتعلق بدعم واستقرار الأمن فى المنطقة العربية والشرق الأوسط، فعندما اندلع قتال عنيف بين إسرائيل وحماس، مايو الماضى، عمل الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس بايدن معًا للتوسط لوقف إطلاق النار والالتزام بالمساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار فى غزة، واليوم تلعب مصر دورًا أساسيًا فى الاستمرار فى تثبيت دعائم الهدوء تمهيدًا لإطلاق جهود سلام جادة.

ومع تحديد موعد الانتخابات البرلمانية فى ليبيا فى 24 ديسمبر، لعبت مصر دورًا حاسمًا فى جمع جميع الأطراف. وفى يونيو، ومع انهيار مناقشات قمة برلين حول مستقبل ليبيا – ما يهدد انتخابات ديسمبر – عملت مصر والولايات المتحدة بسرعة لضمان نجاح قمة باريس، وهما تعملان معًا لإبقاء العملية الانتخابية على المسار الصحيح وفى الوقت المحدد.

وفى شهر أغسطس، عندما أثارت الأزمة السياسية والاقتصادية فى لبنان بعض الفوضى، عملت مصر والولايات المتحدة على التوصل إلى اتفاق مع الدول المجاورة للسماح لمصر بتزويد لبنان بالغاز الذى تحتاجه لبنان بشدة لدعم المستشفيات والشركات والخدمات الحكومية وإبعادها عن حافة الانهيار.

وفى سبتمبر، وبعد المخاطر والشكوك التى أثارها انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، نسقت وزارة الدفاع المصرية والقيادة المركزية للقوات العسكرية الأمريكية 21 دولة فى عمليات جوية وبرية وبحرية مشتركة فى شرق البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، وهو تأكيد للجميع أن مصر والولايات المتحدة وحلفاءنا مستعدون لحماية السلام والاستقرار معًا.

وفى نوفمبرالماضى، وقفت مصر إلى جانب الولايات المتحدة ودول أخرى فى مؤتمر قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP26) للإعلان عن التزامها بخفض انبعاثات غازات الدفيئة، كما أن اختيار مصر لقيادة جهود تغير المناخ للعام القادم الذى يسبق مؤتمر الأطراف السابع والعشرين فى شرم الشيخ على البحر الأحمر يعتبر دليلاً واضحًا على الثقة الدولية فى مصر التقدمية الجديدة.

قوة إقليمية لا يستهان بها

مع الخطوات التى حققتها الدبلوماسية المصرية فى منطقة شرق المتوسط، فى ضوء زيادة أهميتها الاقتصادية والاستراتيجية، ومبادرتها فى طرح فكرة وإنشاء منظمة غاز شرق المتوسط، التى تضم فى عضويتها مصر والأردن وفلسطين وإسرائيل وإيطاليا وفرنسا وقبرص واليونان، وكلا من الولايات المتحدة ودولة الإمارات كمراقبين، كذلك سعى مصر بأن تكون مركزاً إقليمياً لإسالة الغاز، وأبرمت اتفاقياتٍ مع بعض الدول بهذا الشأن، وطورت علاقاتها السياسية مع كل من قبرص واليونان، أدت هذه التطورات وغيرها من السياسات والممارسات المصرية إلى قيام مؤسسات التخطيط الاستراتيجى والأمنى الأمريكى بإعادة تقييم دور مصر فى المنطقة، ووصلت إلى نتيجة أنها أصبحت عنصراً فاعلًا على الأصعدة العربية والمتوسطية والأفريقية لا يُمكن تجاهله.

كذلك كانت خطوات الإدارة المصرية فى اتخاذ عدد من الإجراءات فى مجال حقوق الإنسان وإصدار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وصدور التشكيل الجديد للمجلس القومى لحقوق الإنسان، وإنهاء العمل بقانون الطوارئ، عكس ذلك اتجاه الدولة المصرية نحو مستقبل قوى وفعال فى منطقة يوجد بها العديد من التوترات، وهو الأمر الذى أكدت عليه واشنطن.

كما كان إجراء مناورات «النجم الساطع» بين الجيشين الأمريكى والمصرى، التى جرت خلال الفترة 2-16 سبتمبر الماضى بقاعدة «محمد نجيب» فى منطقة الساحل الشمالى، وشارك فيها 600 ضابط وجندى أمريكى، وأعقبها انعقاد الدورة رقم 32 للجنة التعاون العسكرى بين البلدين، التى درست سُبُل تعميق الشراكة الاستراتيجية فى المجال العسكرى، وناقشت قضايا تأمين الحدود، والملاحة البحرية، ومكافحة الإرهاب، وخطط تحديث الجيش المصرى.

كذلك عمل وزير الخارجية الأمريكى على التأكيد على شراكة بلاده لمصر خاصة فى مجالات الاستثمار، وإعلانه التزام واشنطن بتحقيق الأمن المائى لمصر، وأنها سوف تعمل من أجل الوصول إلى توقيع اتفاق مُلزم قانونياً بشأن تشغيل سد النهضة.

كل هذه مؤشرات أكدت على دعم سبل العلاقات بين الدولة المصرية والولايات المتحدة، كما أنها تؤكد على اتجاه واشنطن لمزيد من التعاون بين الدولتين، خاصة أن دعم القاهرة فى المحافظة على أمن واستقرار المنطقة والحفاظ على المصالح الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والجيوسياسية بين الحلفاء هو ما يحقق مصالح واشنطن خاصة بعد فترة عصيبة من التخبطات السياسية والأزمات الاقتصادية بعد تفشى فيروس كورونا وما تبعه من أزمات أخرى على المستوى العالمى.