الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد فشل التيارات المسلحة فى السيطرة على الشارع العراقى بغداد تكتب الفصول الأخيرة للانتخابات

فصل جديد تحاول التيارات المعارضة كتابته فى مشهد الانتخابات العراقية، التى باتت فى فصولها الأخيرة، قبيل قيام الدولة الديمقراطية العراقية على قدمها، فى محاولة لإثقال كاهل الدولة التى تحمل بالفعل عبء التحديات التى عايشتها وتكافحها منذ سنوات. 



فينتظر العراق حاليًا صدور قرار جديد من المحكمة القضائية العليا يحسم الجدل الواسع الذى اشتعل - خاصة من قبل قوى الفصائل المسلحة التى عانت من هزيمة قاسية - فور إعلان النتائج الأولية للانتخابات العراقية، التى أجريت فى 10 أكتوبر الماضى.

 

قد أعلنت المحكمة الاتحادية العليا العراقية يوم الاثنين الماضى، تأجيل موعد المرافعة بخصوص الدعوى المقامة أمامها، بشأن إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة، والمقدمة من قبل رئيس تحالف «الفتح»، «هادى العامرى»، إلى يوم 22 ديسمبر الجارى.

ويأتى اللجوء للقضاء كحركة أخيرة من قبل قوى «الإطار التنسيقى»، الذى يضم ائتلاف «الفتح»، و«دولة القانون»، وعدة كتل أخرى لإلغاء نتائج الانتخابات، بعد نفاذ مختلف الطرق التى سلكها «الإطار» على المستوى السياسى، والجماهيرى لمحاولة إحداث أى تغير فى المشهد العراقى لصالحهم، بعد انتهاء العد والفرز اليدوى، والبت فى الطعون التى قُدمت إلى الهيئة القضائية.

يذكر أن نتائج الانتخابات العراقية المبكرة، أسفرت عن تصدر الكتلة الصدرية النتائج النهائية بالحصول على 73 مقعدًا؛ بينما حصل تحالف «تقدم» بزعامة «محمد الحلبوسى» على 37 مقعدًا؛ وائتلاف «دولة القانون» بزعامة «نورى المالكى» على 33 مقعدًا.

 محاولات «الإطار التنسيقى»

قبل اللجوء للقضاء حاولت قوى «الإطار» التنسيقى حل خسارتهم سياسيًا عبر تخفيف التصعيد، والدخول فى حوارات مع التيار الصدرى، بهدف تشكيل حكومة (توافقية)، لكن الاجتماع بينهم لم يُسفر عن تقدم ملحوظ، حيث انتهى بإعلان الكتلة الصدرية تمسكها بتشكيل حكومة (أغلبية).

وفى الوقت ذاته، شهدت العاصمة «بغداد» عدة اعتصامات، خاصة فى محيط «المنطقة الخضراء»، اعتراضًا على نتائج الانتخابات العراقية من قبل أنصار الكتل الخاسرة، وسط تهديدات وجهت لمفوضية الانتخابات، من قبل تلك الكتل، عبر الضغط عليهم بإعادة العد والفرز اليدوى فى وقت سابق.

لكن، القوات الأمنية العراقية شددت إجراءاتها فى «بغداد»، وخاصة داخل «المنطقة الخضراء» ومحيطها للسيطرة على الاحتجاجات. وبالفعل، لم تتمكن القوى الخاسرة من الحصول على مرادها عبر التصعيد الميدانى والمظاهرات. 

لهذا فسر المحللون السياسيون أن صعوبة التظاهر من قبل القوى الخاسرة، هو ما اضطرها إلى اللجوء للقضاء العراقى، والضغط فى هذا المسار، لأن من شأنه أن يؤجل المصادقة على النتائج؛ وهو ما حذر منه كل من زعيم التيار الصدرى «مقتدى الصدر»، ورئيسة بعثة الأمم المتحدة فى العراق «جينين بلاسخارت» فى وقت سابق، حيث أكد الجانبان على أهمية المصادقة على النتائج، دون تأخير من قبل المحكمة الاتحادية.

من جانبهم، يتوقع عدد من المحللين السياسيين أن المصادقة النهائية على نتائج الانتخابات العراقية قد تكون قريبة، لأن الأدلة المقدمة بشأن التلاعب، أو التزوير لا تدعم اتخاذ قرار كبير مثل إلغاء نتائج الانتخابات.

كان رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقى «فائق زيدان» علق فى تصريحات سابقة، بأنه لا يوجد تلاعب أو تزوير فى النتائج، ما يعطى القضاة الضوء الأخضر لرد دعوى «الإطار التنسيقى»، والمصادقة على النتائج بشكل نهائى.

 مصداقية الانتخابات العراقية

كانت الإشادة الدولية الواسعة على نجاح العملية الانتخابية فى «العراق» صفعة أخرى عنيفة على وجه التيارات المعارضة، حيث أشادت «الأمم المتحدة»، وبعثة «الاتحاد الأوروبى» لمراقبة الانتخابات بالعملية الانتخابية فى «العراق»، مؤكدة أنها لم تشهد تسجيل خروق كبيرة؛ بينما  أثنى الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريش» على الانتخابات العراقية، قائلًا إن: «المنظمة الدولية تجدد التأكيد على التزامها الكامل بدعم «العراق» حكومة، وشعبًا»؛ فيما أعلنت رئيسة بعثة المراقبين الأوروبيين «فيولا فون كرامون» أن الانتخابات البرلمانية العراقية تمت إدارتها بشكل جيد؛ فى الوقت الذى رحب فيه أعضاء مجلس الأمن بالتقارير الأولية التى أفادت بأن الانتخابات سارت بسلاسة، مشيدين بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات لإجراء انتخابات سليمة من الناحية الفنية، مهنئين الحكومة العراقية على استعداداتها للانتخابات، ومنعها للعنف يوم الانتخابات.

وعليه، أكد المتحدث باسم مجلس الوزراء وزير الثقافة العراقى «حسن ناظم» أن الاعتراف الدولى بالانتخابات العراقية دليل على نزاهتها؛ مشددًا أن نجاح الانتخابات يعد نصرًا للجميع، وأول أهداف الحكومة العراقية الذى أنجزته بنجاح وباعتراف دولي؛ مضيفًا  أن نجاح الانتخابات بلا خروقات أمنية، أو قانونية خطوة مهمة بالمسار الديمقراطى، وتعد خطوة مفصلية.

 «العراق» يصر على استكمال الطريق

خلال العام الماضى، وتحديدًا مع تولى «مصطفى الكاظمى» رئاسة الوزراء، أصر «العراق» وشعبه على أن تقف بلادهم على قدمها، ومواجهة جميع التحديات والتهديدات من مكافحة الإرهاب إلى استرداد السيادة العراقية، ومن مكافحة جائحة كورونا إلى مواجهة الفساد وإصلاح الاقتصاد..فقطعت الحكومة العراقية شوطًا بعيدًا فى زمن قياسى.

حيث شهد العراق انفتاحًا كبيرًا على الدول العربية.

نجحت فى تأمين دعم إقليمى دولى وحاسم فى ملف (الحرب على الإرهاب)، حيث أعلنت الدول الأعضاء فى «حلف شمال الأطلسى» التزامها بدعم «العراق» فى حربه على الإرهاب؛ كما حصلت الدولة العراقية على دعم عربى قوى لجهودها فى مكافحة الإرهاب والتدخلات الخارجية.

أما فيما يخص وباء كورونا الذى اجتاح «العراق»، مثل بلدان العالم أجمع، وأضافت عبئًا جديدًا وثقيلًا إلى كاهل البلد المثقل بأعباء الأمن، والسيادة، ومكافحة الفساد، والاقتصاد، وغير ذلك، فقد استطاعت الحكومة العراقية عبور الموجات المتتابعة للجائحة، واحتواء الوباء ومحاصرة انتقاله، بما استدعى إشادة منظمة الصحة العالمية بحسن إدارة «العراق» لأزمة كورونا.

  تحديات مقبلة 

ورغم النجاحات التى تحققها الدولة العراقية حكومةً وشعبًا، إلا أنه لا تزال هناك تحديات مستقبلية ستواجه «العراق». ولكنها، ليست فى فصول الانتخابات، بل هى صفحة الدولة الديمقراطية الجديدة. ويأتى على رأس التحديات، تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.

فقد ظهر خلال الأيام القليلة الماضية تحرك سريع الوتيرة من قبل التيارات المختلفة لإنشاء تحالفات جديدة. فعلى سبيل المثال: أعلن القيادى فى تحالف «عزم»، «أحمد الجبورى» تشكيل تحالف جديد يضم 34 نائبًا يدعم الحكومة التوافقية، قائلًا: إن «التحالف الجديد الذى نعلن عنه سيكون باسم «تحالف العزم»، بدلًا من «عزم»، ويضم 34 نائبًا، والعدد قابل للزيادة»؛ وتابع أن «التحالف يدعم تشكيل حكومة توافقية، لأن هذا مطلب غالبية الشعب العراقى».

وفى المقابل، اتفق زعيم التيار الصدرى «مقتدى الصدر»، خلال اتصال هاتفى مع رئيس الحزب الديمقراطى الكردستانى «مسعود برزانى» على تفعيل الحوار، بشأن التحالفات المقبلة، من أجل تشكيل الحكومة العراقية الجديدة. 

وأفاد المكتب الإعلامى الخاص بزعيم التيار الصدرى أن الاتصال تناول ضرورة التواصل من أجل مصالح «العراق» وشعبه، مؤكدًا أن الطرفان اتفقا على تفعيل الحوار الجاد فىما يخص التحالفات المقبلة، بما يضمن مصالح البلد والشعب، الذى ينتظر المصادقة على نتائج الانتخابات، ليستعيد هيبته وكرامته وتوفير العيش الرغيد.

وتأتى تلك التحركات، بجانب عدد من اللقاءات والمفاوضات التى تجريها جميع التيارات فى الوقت الحالى من أجل إنشاء تحالفات، تسفر عن الضغط على التيار الصدرى لإنشاء حكومة توافقية فى الوقت الذى يتمسك فيه «مقتدى الصدر» بإنشاء حكومة أغلبية.

على كل، يسود الغموض ما ستكون عليه الحكومة العراقية الجديدة، التى تتأرجح خياراتها بين الغالبية السياسية والتوافقية. وعليه، يتفق المحللون السياسيون أنه سيتعين على «العراق» إنشاء ديمقراطية قابلة للتكيف من خلال تبنى الدوافع السياسية والاقتصادية المناسبة على أساس القرارات الديمقراطية الجماعية لمواجهة التحديات.