الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ليست ركناً من أركان الزواج لكنها بديل للمهر القائمة تحفظ حقوق الزوجة ولا تحمى عش الزوجية

رغم انتشار ظاهرة  قائمة المنقولات الزوجية وتحولها إلى عرف أقوى من القانون، لاتزال هناك حالة من الجدل، فبينما يراها البعض حماية للمرأة وبديلاً للمهر؛ لأن النفوس متغيرة والقلوب متقلبة، وأن من يرغب فى الرحيل لن تعوقه ورقة، يرى آخرون أن القائمة فى حد ذاتها والمبالغة فيها تقف وراء العديد من حالات الطلاق. 



«روزاليوسف» طرحت القضية على مائدة النقاش، إذ شدد البعض على أهمية القائمة فى حفظ حقوق الزوجة، بشرط أن يرى العريس القائمة قبل العقد، ويكون واثقاً من عائلة زوجته أنهم لن يغالوا أو يدلسوا.

بينما يرى فريق آخر، أن الضمان فى استمرار العلاقة الزوجية، لا يقف عند حد بعض الأثاث المتهالك، فالحب بين الطرفين وتحمل مسئولياتهما الزواجية هو المعيار الأول والأخير لضمان علاقتهما، وإلا ماذا تفعل السيدة بهذا الأثاث المتهالك بعد حصولها عليه عقب طلاقها.

ويحذر الخبراء القانونيون من المغالاة فى القائمة  فى الوضع الراهن فهى سبب انهيار الأسر، لكون حدوث حالات طلاق عديدة بسبب القائمة والبالغة فى تقديرها وكثرة محتوياتها.

التخوين وانعدام الراحة

تقول مريم البالغة 30 عامًا: تزوجت منذ 5 سنوات من دون قائمة، وذلك على خلاف رغبتى لأننى كنت أرغب فى كتابة قائمة بالأشياء التى أحضرتها خشية ما يمكن أن يحدث مستقبلاً، لكن حدثت المشاكل سريعاً قبل موعد الفرح بين والدى والعريس مما تسبب فى تسريع إجراءات الزفاف، وتأجيل توقيع القائمة إلى يوم الفرح، لنفاجأ برفض العريس توقيعها، بحجة أن لا فائدة من وجودها. 

وتضيف: عدم وجود القائمة أثَّر علىّ نفسياً بأن جعلنى أشعر بالتخوين وعدم الراحة، والآن عند حدوث أى خلافات بينى وبين زوجى أفكر مليون مرة قبل الرحيل فأخشى أن أتركه  ولا يكون هناك أى إثبات لممتلكاتى ولا أستطيع أخذها، كما أن عدم وجودها أثر على عائلة زوجى لأنهم كانوا يعايروننى بجهازى فى «الرايحة والجاية» والآن أشعر أنى «جاية ببلاش» ومهددة فى أى لحظة بالطرد ربما لم يقولوا لى ذلك صراحة؛ لكن تظهر من الأفعال أثناء الخلافات. 

وتوضح مريم، لكن الآن بعد فترة من الزواج لم يعد وجودها يفرق كثيراً، فلقد اكتشفت أن القائمة لن تحمى زواجي؛ لكنها كانت ستحمى حقى ووجودها ضرورى،  ولابد أن تُكتب بالضبط دون مبالغة أو كتابة أشياء غير موجودة.  

رادع عن الطلاق 

أما سارة ـ مطلقة تبلغ من العمر 34 عامًا ـ فتقول: تزوجت مرتين، فى تجربة الزواج الأولى كتبت قائمة لم أشعر بأى تأثير بوجودها من عدمه؛ لكن على الرغم من ذلك كانت حماية لى،  فحينما كانت تحدث مشاكل بينى وبين زوجى،  كان دائمًا لا يرغب فى الوصول بالخلافات إلى الطلاق خوفًا من القائمة، فكانت بالنسبة لى جدار حماية، ورادعا للزوج عن الطلاق؛ لكن على كل حال عندما تعقدت الأمور ووصلنا لطريق مسدود وقع الطلاق فى النهاية. وتضيف: فى تجربة الزواج الثانية تزوجت من دون قائمة على أساس أن أكتبها فيما بعد، ونظرًا لوجود بعض الظروف أجلنا أمر القائمة، وربما كانت تلك أكبر غلطة قمت بها لأنها جعلت الزوج لا يتحمل على عاتقه مسئولية الحياة والزواج ويهدد بالطلاق فى أى وقت قائلًا «لو عايزانى أطلق هطلق»، وبالفعل عندما جلسنا لتدوينها وقع الطلاق، ورغم ذلك ومن واقع خبرتى أرى أن من يرغب فى الطلاق دون أن يدفع أى شيء سيجد ألف مخرج، ولن يدفع شيئاً؛ ولكن تظل القائمة مهمة جدًا وحماية للبنت وأيضاً من الخطأ أن يضع الناس فيها أموراً غير حقيقية مبالغا فيها تجعل الزوج قلقاً. 

الدراما تناقش

تناولت الدراما هذه القضية فى أكثر من عمل درامى لعل أحدثها مسلسل «إلا أنا» فى «حكايتى مع الزمان» بطولة ميرفت أمين وأحمد خليل. 

ويقول الفنان الشاب أحمد والى أحد أبطال الحكاية، والذى كان يقوم بدور زوج الابنة التى تزوجت من دون قائمة ونتج عن هذا أن تم تطليقها: «أرى أنه لا بأس بالقائمة إذا تم وضعها برضا الطرفين، دون الضغط على الرجل أو بخس حق المرأة ودون أن نتحامل على أحد الأطراف»

بديل للمهر 

من جانبها تقول أمل سليمان، أول مأذونة فى الوطن العربى: فى الإسلام لا تُعتبر القائمة ركناً من أركان الزواج؛ لكنها بديل عن المهر الذى هو من أركان الزواج الأساسية، فمن المفترض أن يقوم العريس بتأسيس بيت الزوجية كاملًا، وأن يدفع مهراً للعروس يقبضه والدها أو تقبضه هى ويمكنها استثماره؛ ولكن فى مصر مع تطور الزمن لم  يعد يحدث هذا فابتدعوا فى المقابل القائمة لضمان الحقوق المادية للزوجة؛ لأن العروس غالبًا تحضر نصف قيمة القائمة فهى ممتلكاتها أصلًا، والنصف الثانى يُعتبر بمثابة المهر، وفى صدر الإسلام كانت الفتاة تُمهر بالقنطار، أى أن قيمة المهر لم يكن لها حد أدنى ولا حد أقصى فكانت يمكن أن تنقذ أسرة من الفقر، وهذا لم  يعُد موجوداً الآن فالبديل هو القائمة حتى لا تتزوج ابنتى ويستغنى عنها زوجها فى منتصف العمر فتجد نفسها فى الشارع وقد ذهب جمالها وشبابها.

وتضيف: كمأذون لا أرى أن القائمة ستكون سبباً للطلاق؛ لكن من الممكن أن يختلف الأزواج أثناء عقد القران على قيمتها، وما يقلل من شأن الخلاف أن يرى العريس القائمة قبل العقد، ويكون واثقاً من عائلة زوجته أنهم لن يغالوا أو يدلسوا، عندها سيوقع عليها بأمان، ونسبة  قليلة جدًا التى تلجأ للطلاق بعد الزواج بسبب القائمة وهنا لا بد من القول إن المرأة تُظلم أصلًا فى القائمة لأن قيمتها تضمحل بمرور الوقت، فعند تسليمها لا تكون المنقولات المتهالكة بنفس قيمتها عند الزواج؛ لكن إذا قبضت قدراً من المال واستثمرته يمكن أن ينمو هذا المال ويجعلها آمنة من أى غدر من الزوج. 

تحمل المسئولية

فى السياق يرى الشيخ سيد الشهيد، عضو سابق بلجنة مراجعة المصاحف بالكويتس أن القائمة لم تكن موجودة فى عهد النبي؛ إنما هى شيء دخيل على المجتمع، وكان البديل له فى عهد النبى ما يُسمى بـ«الاشتراط»، فمثلًا كان يتزوج الناس على قدر من المال يُدفع فى الحين «أى فى نفس وقت الزواج». وزوّج النبى محمد «صلى الله عليه وسلم» قبل هذا على القرآن، عن سهل بن سعد الساعدى - رضى الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- جاءته امرأة فقالت: إنى وَهَبْتُ نفسى لك: فقامت طويلا، فقال رجل: يا رسول الله، زَوِّجْنِيهَا، إن لم يكن لك بها حاجة. فقال: هل عندك من شيء تُصْدِقُهَا؟ فقال: ما عندى إلا إِزَارِى هذا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إِزَارُكَ إن أَعْطَيْتَهَا جلست ولا إِزَارَ لك، فالْتَمِسْ شيئا قال: ما أجد. قال: الْتَمِسْ ولو خَاتَمًا من حَدِيدٍ. فالْتَمَسَ فلم يجد شيئا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هل معك شيء من القرآن؟ قال: نعم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: زَوَّجْتُكَهَا بما معك من القرآن».

ويشير الشيخ سيد الشهيد، إلى أن القائمة تُعتبر شيئاً من الشرع وذلك لأن أى شيء يضمن حقوق الزوجة  فهو من الشرع، والقائمة تحمل للمسئسولية لأنها تنذر الشخص يما يحمله على عاتقه وتجعله قادرًا على مواجهة المسئولية ويتحملها.  

عرف لا يخالف الشرع

 يقول د. عبدالفتاح عبد الغنى العوارى،  عميد كلية أصول الدين  سابقًا: إن قائمة المنقولات أمر تعارف عليه  الناس فى العصر الحديث واستحدثوه ضمانًا لحقوق الزوجة فى منقولاتها التى زُفت بها إلى منزل الزوجية من حُلى شبكة وعفش وتحف ونجف وفرش وسجاد وأدوات كهربائية وغير ذلك، فجرى العرف واستقر فصار قانونًا ملزمًا للزوج بالمحافظة على هذه المنقولات التى تدخل بها الزوجة إلى بيت الزوجية، وهذا أمر مشروع لا شيء فيه، فمادام العرف لا يخالف شرعًا فهو معتبر والعادة محكمة والمعروف عرفًا كالمشروط شرعًا، والمشرع نظر إلى خراب الذمم فى الآونة الأخيرة فأصبحت القائمة بمثابة السند أمام المحكمة تقدمه الزوجة عند حصول نزاع ـ لا سمح الله ـ بينها وبين زوجها إن أراد أن يمنعها من أخذ حاجاتها ومنقولاتها فعندئذ يلزمه القاضى برد جميع منقولاتها إليها. ولو بددها بالبيع أو غيره يلزمه القاضى بدفع قيمة المنقولات، وإن امتنع أوقع القاضى عليه عقوبة السجن مما هو منصوص عليه قانونًا.

توفر النية السلبية

ويوضح د. فتحى الشرقاوى، أستاذ علم النفس الاجتماعى بجامعة عين شمس، أن العديد يلجأون إلى فكرة القائمة حفاظًا على حق الابنة والاحتفاظ ببقايا منزلها الذى تم التخلص منه، ويرى البعض أن القائمة تُعد بمثابة مانع للعديد من الأزواج لاتخاذ قرار الزواج مرة أخرى، لعدم استطاعته المادية فى بناء عش آخر، وأنا لا أرى أن القائمة تمثل أى عبء نفسى أو اقتصادى على الزوج إلا إذا كانت نيته سلبية فى إتمام حياته الزوجية، خاصة أنها بمثابة ورقة تعهد، لا يتم الاحتكام إليها إلا فى حالة الطلاق؛ وبالتالى لا يوجد أى مبرر لرفض التوقيع عليها، إلا إذا كانت النوايا من قبل الزوج غير خالصة، فالضمان فى استمرار العلاقة الزوجية، لا يقف عند حد بعض الأثاث المتهالك حينئذ، فالحب بين الطرفين وتحمل مسئولياتهما الزواجية هو المعيار الأول والأخير لضمان علاقتهما، وإلا ماذا تفعل السيدة بالأثاث المتهالك بعد حصولها عليه عقب طلاقها. 

ويقول: لا يمكن أن تكون القائمة سبباً رئيسياً فى استمرار حياة زوجين لا يطيقا بعضهما البعض، وبينهما عدم توافق. والدلالة على ذلك أن بعض الزوجات قد تُبرئ الزوج من جميع التزاماته، وتُضحى بأكثر من ذلك فى سبيل الحصول على حريتها وانفصالها.

ويضيف، د. فتحى الشرقاوى :  إذا كان الزوج يُحِب زوجته ويشتريها وفقًا لمصطلح العامة، يكون فى قمة سعادته عند التوقيع؛ لأنه ينظر إلى تلك التكاليف بوصفها عنصر سعادة وتملك لمن اختارها قلبه وعقله لتكون له زوجة. بعكس من يتزوج من منطق مادى اقتصادى فقط، هنا تسيطر عليه فكرة المكسب والخسارة، مما يجعله يرفض التوقيع، والكثير من الزيجات فشلت نتيجة عدم رغبة الزوج فى التوقيع، لأن هذا يعنى توفر نيته السلبية فى التخلص منها مع عدم وجود عقاب مادى رادع له. 

عوامل تهديد 

من جهته يرى أ.د محمد إبراهيم الدسوقى أستاذ علم النفس الإكلينيكى بكلية الآداب ـ جامعة المنيا، أن الأشخاص يلجأون إلى القائمة من أجل تأمين الابنة أو الأخت أو الزوجة الجديدة؛ ولكن بعض الناس تُغالى فى المقتنيات التى يتم شراؤها أو تكتب أشياء غير موجودة، وفى بعض الأحيان يحدث ما هو أكثر من ذلك. فأحيانا تكتب الأسرة على الزوج وصولات أمانة لتأمينها؛ ولكنها فى تلك الحالة لا تصبح عوامل تأمينية بالنسبة للزوج؛ وإنما عوامل تهديدية فيشعر الزوج أن هذه العوامل تهديد له، وبالتالى قد تنشأ خلافات بسبب إحساسه بهذا القيد، بل إن هذا الأمر قد يؤثر على الشباب سلبًا فيما يتعلق بخطوة الإقبال على الزواج. فإذا لم تُبن العلاقة الزواجية على الثقة نكون أمام اللا  ثقة. فأنت ترى أننى غير ذى ثقة منذ البداية فتقوم بأخذ توقيعى على القائمة وعلى منقولات غير موجودة، وهو ما يجعله يشعر بالتهديد. وفى بعض الثقافات الفرعية والمستويات الاجتماعية بعينها تدقق الأسر جدًا على القائمة، فتشعر الفتاة أنها غير محمية مع عدم وجودها؛ لكن طالما أن الفتاة تزوجت وعلاقتها بزوجها جيدة فلن تشعر بالتهديد أو عدم الحماية فالقائمة لا تحمى من التفكك الأسرى.

الوضع القانونى

ويؤكد محمد أبو العطا المحامى بدائرة مركز ميت غمر ومحكمة المنصورة، أن المغالاة فى القائمة  فى الوضع الراهن هى سبب انهيار الأسر، ونحو 80 % من حالات الطلاق التى مرت أمامى تكون بسبب القائمة نتيجة المغالاة فى تقديرها وكثرة محتوياتها؛ ولكن على الرغم من هذا فلا بد من وجودها لأنها من أنواع الحقوق؛ ولكن لابد أن تكون ملائمة للوضع ومناسبة للزوج والزوجة. والأساس القانونى فى القائمة أن تكون باستلام الزوج للمنقولات المذكورة فيها على سبيل الأمانة. وتُعد تلك من المظالم التى تُصيب الزوج لأن المشرع قد أعدها جنائية؛ ولكن الطابع الأصلى فيها أسرى بحت. فكان يجب على المشرع أن يُضفى عليها الصفة الشرعية وتكون من اختصاص محاكم الأسرة. ولا يمكن القول إن القائمة تمنع الطلاق إلا أنها تعتبر الحامى الأول لحقوق الزوجة وتكون حماية الزوج فى تسليم المنقولات. والبديل الوحيد للقائمة هو أن يكتب الزوج على نفسه إيصال أمانه مثلما يحدث فى الزواج العرفى.