الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

محاولة للإبقاء على حلم الأمومة المؤجل فتيات يواجهن تأخر قطار الزواج بـ«تجميد البويضات»

لم تكن الفنانات وأبرزهن أمينة خليل، وحدهن من فكرن فى تجميد البويضات قبل الزواج؛ حيث اتجهت العديد من الفتيات لتجميد البويضات بهدف استخدامها فى الإنجاب فى سن متقدمة عندما يصبحن أقل خصوبة، مع الاحتفاظ ببويضاتهن من التلف.. ويؤكد الخبراء أن هذه العمليات باتت منتشرة وسهلة، وقد تمتد فترات التجميد لعشر سنوات، وأن السن المناسب لإجرائها يكون بين الـ 35 إلى 40 عاماً لأنه بعد هذه السن تتراجع جودة البويضات.



 

وعلى الجانب الشرعى يوضح علماء الدين أن تجميد بويضات غير المتزوجات جائز شرعاً وفق شروط ومعايير محددة.

فى حين أوضح علماء النفس والاجتماع، أن التقاليد الموروثة وطبيعة المجتمع المحافظ ربما تكون عقبة مؤقتة أمام انتشار هذا النوع من العمليات لكن سرعان ما يستجيب المجتمع معها ويتقبلها مثلما حدث مع التلقيح الصناعى.

تقول ريم مهنا - أول فتاة مصرية تعلن تجميد بويضاتها - إنها مولعة بقراءة الأبحاث العلمية، ففى عام 2001، وكنت فى العشرين من عمرى،قرأت خبراً فى إحدى الصحف الإنجليزية عن ولادة أول طفل فى لندن عن طريق تجميد البويضات، وأن العملية نفذت 30 مرة فقط حول العالم، وهذه هى أول عملية تنجح فى بريطانيا، فلفت الأمر انتباهى،وأصبحت أقرأ بكثرة عن تجميد البويضات.

وتضيف : إن الطبيب اندهش من طلبها، وأعطاها حقناً لتنشيط إفراز البويضات، والعملية استغرقت أقل من ساعة، وسحبت البويضات عن طريق البطن، ووضعت فى الثلاجة لتتجمد فيها.

وتشير إلى أنها أبلغت والدتها بعد إجراء العملية، وفى البداية أصيبت بدهشة، لكن تحولت الآن الدهشة إلى دعم، وترى والدتها أن إعلان ذلك كان صوابا؛ لأنها ترى كم الفتيات اللاتى يتأخرن فى سن الزواج ولا ينجبن. أما والدها فكان يرى أيضا أن عليها ألا تتزوج قبل الثلاثين؛ حتى تتكون شخصيتها، ودعم قرارها بشدة.

وترد ريم على من يرى أن تجميد البويضات اعتراض على قدر الله؛ لأن الإنجاب ووهب الذكور والإناث بيد الله، بأن هناك حالات مرضية متدهورة نهايتها الموت المحقق، فهل إذا ذهب المريض للطبيب طلبا للعلاج يعد ذلك اعتراضا على قدر الله؟ 

وتوضح، أن سبب تأخرها فى الزواج هو انتظارها لشخص بنفس أفكارها، وإذا رزقت بأطفال ستقص عليهم القصة كاملة، وكم المعافرة وتحملها انتقاد الكثيرين.

مراحل العملية

من جهته يؤكد الدكتور أحمد عبد السلام العشماوى،أخصائى أمراض النساء والتوليد والمناظير والعقم، أن تجميد البويضات يعد فرصة عظيمة للفتيات اللاتى يخشين التقدم فى السن وعدم القدرة على الإنجاب لاحقا، وأيضا السيدات المصابات بالسرطان، ويخضعن للعلاج الكيميائي؛ إذ يمكن لهذا النوع من العلاج التسبب فى الإصابة بالعقم.

ويقول: إن النساء الراغبات فى إجراء العملية يخضعن لاختبارات، منها تحليل مخزون البويضات؛ لقياس أعدادها وجودة البويضات المتبقية لديهن، كما أنه قبل إجراء العملية هناك استعدادات، أولها: إيقاف الدورة الشهرية الطبيعية؛ لإمكانية التحكم فى عملية إفراز وإنضاج وجمع البويضات، ثم تُحقن المرأة بجرعات يومية من هرمون الخصوبة لتحفيز عمل المبيض، ومتابعة المراحل المختلفة لنضج البويضة، والوقت المناسب لجمعها.

ويضيف، أن جمع البويضات يعد الإجراء الأخير قبل العملية، وتُجمع البويضات الناضجة إما عن طريق المهبل، أو عن طريق فتحات دقيقة فى البطن، لكن عند إجراء العملية لفتاة غير متزوجة تتم عن طريق البطن؛ فالأهل يكون لديهم تخوف إذا تمت عن طريق المهبل أن يحدث اختراق لغشاء البكارة، فنحن نتفادى كل ذلك. وتوضع البويضات فى سائل للتجميد لحمايتها، وتصل فترة التجميد إلى عشر سنوات أو يزيد، وبعد الزواج يستخدم السائل المنوى للزوج، ويحدث تلقيح عن طريق الحقن المجهرى.

ويوضح د. العشماوى أن السن المناسبة لإجراء العملية هو 35 سنة؛ لأن مخزون البويضات يقل بعدها، أما نسب نجاح العملية فتعتمد على عدد البويضات المجمدة.

مواليد البويضات المجمدة

تقول الدكتورة رانيا حمدى استشارى أمراض النساء والتوليد: إن السن المناسبة لإجراء العملية من 35 إلى 40 سنة، والجنين الناتج عنها مثله مثل الجنين العادى تماما.

فى السياق يؤكد الدكتور أحمد محمود، إخصائى أمراض النساء والتوليد، والحقن المجهرى وتأخر الإنجاب، أنه لا يوجد أى تأثيرات على المواليد الناتجة عن البويضات المجمدة، وهناك صعوبة فى إعطاء أرقام دقيقة عن نسبة الحمل بعد التجميد، ثم فك التجميد، ثم التخصيب، لكن فرصة النجاح تعتمد بشكل كبير على عمر الفتاة وقت التجميد.

حفظ البويضات

من جهته يوضح الدكتور عبد العزيز جمعة، مدير معمل الأجنة بمستشفى طيبة بالمنصورة، الفرق بين تجميد البويضات وتجميد الأجنة، إذ أن تجميد البويضات عبارة عن عملية يتم فيها سحب البويضات من المبيض بعد تنشيطه بالأدوية الهرمونية، وتتجمد فى مخازن خاصة، وتحفظ لاستخدامها فى وقت آخر، وتتم إذابتها من جديد، وتخصيبها بنطفة الزوج، ثم إرجاعها إلى الرحم  ليتكون الجنين فيما بعد، أما تجميد الأجنة، فيمكن تجميدها فى أى مرحلة (مثل مرحلة النواة الأولية، الحوصلة الجنينية) إذا كانت من نوعية جيدة، ويتم تخزين الأجنة دفعة واحدة مجتمعة، أو دفعات متفرقة اعتمادا على عدد الأجنة المرجح نقلها إلى الرحم فى وقت آخر، لكن نسبة نجاح عملية تجميد الأجنة أعلى من تجميد البويضات.

ويشير إلى أن نسبة البويضات الخارجة فى الدورة الواحدة من 10 - 15 بويضة، تزيد أو تنقص على حسب سن الفتاة، واستجابة التنشيط.

وعن إمكانية حدوث خلط للعينات، واختلاط للأنساب، يقول: مستحيل طبعا؛ لأنه منذ إجراء العملية للمرأة إلى أن نأخذ السائل المنوى من الزوج ونحقنه، فكل شيء مكتوب عليه الاسم، وأى شيء يحتوى على الأمشاج (الحيوان المنوى،البويضة) أو الأجنة، مكتوب عليها اسم الزوج والزوجة، ولدينا البيانات بالكامل والرقم القومى وقسيمة الزواج، ويتم توقيع إقرارات قبل العملية وبعدها ولا يتم التخصيب إلا بعد التأكد من ذلك.

إجهاد نفسى

من جانبها ترى الدكتورة رحاب العوضى أستاذ علم النفس السلوكى أن رفض الأهل لإجراء الفتاة للعملية مسألة مؤلمة، تنهكها نفسيا؛ لأنه فى الأصل الفتاة التى تجمد بويضاتها ترغب بالزواج، والإنجاب، وإكمال حياتها بشكل عادى،وتخشى فكرة تأخر الارتباط، فتقل فرصها فى الإنجاب، فهى غير مستقرة نفسيا، وتخشى المجهول ومتعلقة بهذا الأمل.

 وتضيف: الأهل يرفضون العملية؛ لأنها نوع من الإعلان عن الرغبة المؤجلة للزواج، والأسهل من وجهة نظرهم الإسراع فى الزواج؛ حتى إن بعض الأهل أصبح هاجس تزويج بناتهم كالكابوس المخيف الذى يؤرقهم فى كل ليلة، لذا على الأهل المعترضين على هذه الفكرة إدراك أنها حرية شخصية للفتاة، ويجب أن تدعمها الأسرة فى أحلامها، ولا تتخلى عنها وتنساق وراء تقاليد بالية.

ضغوط عائلية

 ترى الدكتورة أمل رضوان، أستاذ علم الاجتماع والعلاقات الأسرية والزوجية، أن فكرة تجميد البويضات جديدة نسبيا، والمجتمع لا يألف الجديد، ولابد من مرور الوقت لقبولها، كما من الصعب قبولها الآن ثقافيا، لأننا مجتمع شرقى ولا يقبل بسهولة مثل هذه الأفكار، وبعض الأهل يتسرب إلى أذهانهم بعض الوساوس بفقد ابنتهم العذرية.

وتوضح أن عمليات التلقيح الصناعى للذين لديهم صعوبة فى الإنجاب، كانت فكرة غير مقبولة من قبل، ثم مع مرور الوقت أصبحت مقبولة بسبب الحاجة إلى إنجاب الأولاد، وتجميد البويضات يعالج مشكلة التأخر فى سن الزواج، وهنا لا بد من الوعى الدينى والثقافى بها؛ ليشعر المجتمع بأهميتها ويعرف أبعادها.

 الإباحة بشروط

 فى شأن موقف الشرع من تجميد البويضات يشير الدكتور أشرف سعد الأزهرى،أحد علماء الأزهر الشريف، إلى جواز عملية تجميد البويضات للفتاة غير المتزوجة إذا استخدمت لاحقا فى إطار زواج صحيح. 

ويشدد على ضرورة أن تتم عملية التخصيب بين زوجين، وأن يتم استخراج البويضة واستدخالها بعد التخصيب فى المرأة أثناء قيام علاقة الزوجية بينها وبين صاحب الحيوان المنوى، ولا يجوز ذلك عند الوفاة أو الطلاق؛ لأن بهما تنتهى الزوجية، وفى حال تم التلقيح ثم حدثت وفاة للزوج أو طلاق، فيجوز ذلك ويعد كإقامة علاقة زوجية قبل وفاة الزوج مما ترتب عليه حملا.

ويؤكد على ضرورة حفظ اللقاحات المخصبة بشكل آمن تمامًا تحت رقابة مشددة، بما يحول دون اختلاطها عمدًا أو سهوًا بغيرها من اللقائح المحفوظة.

ويحرم من يضع اللقيحة فى رَحِمٍ أجنبيةٍ غير رحم صاحبة البويضة الملقحة لا تبرعًا ولا بمعاوضة.