الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أول رواية للأديب الكبير صنع الله إبراهيم تتحول إلى فيلم شرف.. صرخة سينمائية من خلف القضبان

رحلة طويلة قطعها فيلم (شرف) حتى يُعرض مؤخرًا فى جدة، ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان البحر الأحمر السينمائى فى عرض عالمى أول، الفيلم مأخوذ عن رواية الأديب الكبير «صنع الله إبراهيم» الذى شارك فى كتابة السيناريو مع المخرج المصرى المقيم فى ألمانيا «سمير نصر».



رواية (شرف) تنتمى إلى أدب السجون، وقد صدرت عن دار الهلال فى 1997، لكن الفيلم حمّلها بعدًا آخر، حيث جعل أحداثها تجرى فى اللا زمان، واللا مكان، فمكان السجن غير واضح، بل إن أبطال الفيلم الذين اختارهم «سمير» من 7 دول عربية يتحدثون بلهجات مختلفة داخل الفيلم، فى إشارة واضحة إلى أن أحداثه تعبر عن الوطن العربى كله، وغير مقصود بها دولة بعينها، وفى السطور القادمة نتعرف عن قرب على تجربة (شرف).

 حلم تحول إلى حقيقة

فى البداية يقول المخرج «سمير نصر» إن الفيلم قد مر برحلة طويلة جدًا حتى يخرج للنور، حيث قرأ الرواية عام 1997، وقتما كان طالبًا فى معهد السينما، فسكنته، وأصبحت جزءًا من كيانه، وشعر تجاهها بسحر لم يشعر به تجاه أى عمل أدبى آخر، وتمنى لو قام بإخراجها فى فيلم سينمائى لكنه ظل حلمًا بعيد المنال حتى تحول إلى حقيقة، حيث التقى بـ «صنع الله إبراهيم» من خلال صديقه مهندس الديكور الراحل «صلاح مرعى» والمفاجأة أن «صنع الله» قد وافق على مطلبه بتحويل الرواية إلى فيلم من أول جلسة، وشيئًا فشيئًا توطدت صداقتهما، وعندما اختلف «سمير» فى العديد من النقاط مع السيناريست الذى كان يعمل على كتابة سيناريو الفيلم، اقترح «صنع الله» أن يكتباه سويا، وقد كان ذلك فى عام 2009.

يكمل «سمير»: «لم يتمسك (صنع الله) بنص الرواية، التى تُعتبر ملحمة، فقد كان واعيًا بأن السينما لها شكل مختلف، لذلك تم التركيز فى الفيلم على الشخصية الأساسية «شرف»، واضطررنا للتضحية بالكثير من الشخصيات، وقد أعدنا كتابة السيناريو مرات عديدة حتى وصلنا إلى النسخة العاشرة عام 2019، وهى التى تم تصويرها».

وعن سبب تعدد اللهجات داخل الفيلم يقول: «كنا فى البداية نصنع فيلمًا مصريًا صميمًا، وكنا نرسم الشخصيات بينما يدور فى ذهننا أسماء الأبطال، وعلى سبيل المثال، كنا نخطط أن يقدم الفنان الراحل «جميل راتب» دور «الدكتور رمزى» الذى قدمه الفنان اللبنانى «فادى أبو سمرة» والذى يقود السجناء ضمن أحداث الفيلم للثورة ضد الممارسات الفاسدة بداخله، أما دور «شرف» الذى ذهب من نصيب الممثل الفلسطينى الشاب «أحمد المنيراوى» فقد كان مخططًا له من البداية أن يذهب لشاب لم تسبق له أى تجارب تمثيلية، وغير مرتبط فى ذهن الجمهور بأى شخصية، ومع تغير الواقع المصرى كثيرًا، وتشابه الهموم العربية، وجدنا أنه من الأنسب أن يتحدث الفيلم بلسان الوطن العربى كله».

وعن فكرة تقسيم الفيلم إلى فصول يقول: «هذه الفكرة ولدت أثناء المونتاج، خاصة عندما وجدنا أنه لابد أن نحذف عددًا كبيرًا من المشاهد لنضبط إيقاع الفيلم، ثم أن الرواية نفسها عبارة عن قصص مختلفة مرتبطة ببعضها وبها العديد من القفزات الزمنية، لذا وجدت أن تقسيم الفيلم إلى فصول هو الأنسب».

 صدفة قادت إلى البطولة

أما الفنان الفلسطينى «أحمد المنيراوى» فيقول: «الصدفة وحدها جعلتنى ألعب بطولة هذا الفيلم، حيث لم يسبق لى العمل بالسينما، لكن صديقة أرسلت لى منشورًا لـ«سمير» على الفيسبوك يطلب فيه ممثلين شبابًا، فذهبت للقائه، ظنا منى أن الدور صغير، لكنى فوجئت باختياره لى لدور البطولة».

وعن تحضيراته للشخصية يقول: «لم أقرأ الرواية الأصلية، رغم أننى أحب القراء كثيرًا، فقد خشيت أن يؤثر ذلك على قراءتى للسيناريو واستشرت «سمير» ففضل هو أيضًا ألا أقرأها قبل التصوير، فضلا عن أنه قد تم اختيارى للدور قبل التصوير بسبعة أيام فقط، فلم يكن الوقت كافيًا، وكونى فلسطينى من غزة، فقد عشت حروبًا، وخسائر، وفراقًا بالإضافة إلى تجربة السجن التى تعرضت لها بشكل شخصى، وتعرض لها شقيقى، فكل هذه المشاعر كوّنت لدى مخزونًا كبيرًا، ومنحتنى القدرة على تجسيد (شرف)».

 جواز مرور

أما الفنان التونسى «خالد هويسة» والذى قام بدور الضابط فى الفيلم، فيعتبر هو الوحيد الذى تخلى عن لهجته الأم، وتحدث باللهجة المصرية ضمن أحداث الفيلم، وعن هذه التجربة يقول: «أرسل (سمير) السيناريو لى، فأعجبت به جدًا خاصة أنه مكتوب بحرفية شديدة ومأخوذ عن رواية لأديب كبير، وظل تواصلنا عبر الرسائل الإلكترونية حتى جاء إلى تونس، فالتقيته واقترحت عليه أن أقوم بدور الضابط المصرى، فقد كنت أرغب أن أتحدى نفسى، ولا سيما أننى زرت مصر عدة مرات، وتحظى فى قلبى بمكانة خاصة، لذلك كان التعليق الأحب إلى قلبى بعد أن عرض الفيلم هو تعليق أحد النقاد الذى قال لى (لو لم أكن أعرفك لظننت أنك مصرى).

وعن تحضيراته لدور الضابط، ولا سيما أن الشخصية تعتمد بالأساس على لغة الجسد أكثر من الحوار يقول: «عدد مشاهد الضابط فى الفيلم ليس كبيرًا، لكن فى كل مشهد له يستطيع أن يغير محور الحكاية، وبما أن شخصيته تتسم بالدهاء، فكان لابد أن يعبّر عن تلك السلطة اللينة بلغة جسده، لذلك كانت ابتسامته البادية على وجهه طوال الوقت معبرة جدًا عما يخفيه من شر، وقد اجتهدت كثيرًا لضبط انفعالات الشخصية، وأتمنى من قلبى أن يكون دورى فى (شرف) هو جواز مرورى للسينما المصرية».