Hellbound الخطر فى ثوب فلسفى

تخيل معى للحظة أثناء جلوسك على مكتب عملك أو اجتماعك بأفراد عائلتك أو نومك، يأتى لك كائن غريب غير ملموس فى هيئة ملاك أو بالأحرى شيطان يخبرك بميعاد وفاتك باليوم والساعة، والحجة هى أنك شخص مذنب تستحق العقاب بالهلاك عن طريق حرقك حيًا حتى الموت وبقاءك فى جحيم الآخرة، وكل ذلك لعدم اتباعك تعاليم الله وخروجك عن المبادئ وبُعدك عن الأخلاق الحميدة، فهذا حرفيًا عدل الله على الأرض، فى هذه اللحظة ماذا ستفعل؟ هل ستندم على أفعالك؟ ولو تذكرت شريط حياتك ولم تجد ذنبًا يستحق أن تُهلك لأجله كيف ستشعر؟

تلك هى البنية الأساسية للمسلسل الكورى (hellbound) الذى يُعرض على منصة «Netflix»، والذى يأخذك لعالم شديد الغرابة، عالم مخيف لا وجود له حاليًا، نسجه لنا صُنّاعه فى شكل حبكة قوية تعتمد على كشف الحقائق حلقة بعد أخرى، وتنتهى بمفاجأة تنقل حبكته لنوع الحبكة الملتوية التى تأخذ المشاهدين من مجرد مشاهدة العمل الفنى إلى المشاركة فيه بالتفكير فى تعقيد أحداثه وشخصياته وما وراءها، فأنت كمشاهد حتى آخر لقطة فى آخر حلقة فى الموسم الأول لن تستطيع فهم الكثير مما يحدث، وخصوصًا سؤال سيدور برأسك عن ماهية تلك المخلوقات التى تقبض الأرواح، بعد شبه تأكدك أنها ليست من صنع الرب أو مرسلة إلى الأرض.

قصة تقوم على فلسفة الدين ومعنى الحياة وحقيقة البشر تأخذك بعيدًا لعالمها وخيالها، تربط أحداثها أحيانًا بحقيقة دينية منتظرة عن شخص كاذب يدعى النبوة وأنه رسول الله للبشر حتى يتحكم بهم وينصاعوا لأوامره باسم الدين والعدل والمبادئ العليا.

أحداث تحمل أفكارًا خطيرة فى أقل وصف لها، لكنها قُدمت بحرفية عالية سواء فى حركة الكاميرا والكادرات التى تنقل لك حالة الإثارة الملازمة لذلك العمل الفنى من بدايته لنهايته، إلى جانب المؤثرات البصرية التى تصدقها عيناك بسهولة بالغة فتدمجك أكثر بالأحداث، ناهيك عن الأداء التمثيلى الأقرب للكمال خاصة مع شخصيتين بالعمل الفنى، «kim do yoon» فى دور «دونغوك لى» الرجل الذى ينقلب حاله بين ليلة وضحاها بسبب تلقيه مرسوم الهلاك، فبعد أن كان من أنصار جماعة الحقيقة الجديدة صاحبة الادعاء بأنها مرسول الرب، فكان متحمسًا لهم يشعر بالنشوة لتشجيعه لهم أصبح حزينًا بائسًا ينتظر موته بوجه شاحب وصوت منخفض يكاد لا يُسمع، وتحوله مرة أخرى لحالة من الهوس الأقرب للجنون بسبب خداعه من نفس الجماعة بكونه منقذ الله على الأرض وهو من سيستر أخطاء الرب، فكل تلك التقلبات جسدها «kim» بصدق، يجعلك كمشاهد تتماهى معه وتتأثر به تحبه وتكرهه، أما الشخصية الأخرى فهى « won jin-A» فى دور «سوهيون» وهى أم لطفل رضيع حديث الولادة تلقى مرسوم الهلاك وهو أيضًا من يقلب موازين الأحداث فكيف لطفل عمره أيام أن يرتكب ذنوبًا تجعل قابضى الأرواح يهلكونه، ولذلك فكانت الأم فى صراع نفسى بين تقبلها للأمر وللقدر وحين استجماع قوتها لاستغلال ما يحدث لابنها لفضح جماعة الحقيقة الجديدة، وقد جسدت «won» هذا الصراع بإبداع، فما بين صمت وحزن وغضب واستسلام وقوة وتضحية نقلت لنا كل تلك الحالات المتناقضة بسلاسة تجعلك كمشاهد تفكر معها وتتخيل نفسك مكانها.

‏(Hellbound)، ليس مجرد عمل فنى من نوعية الإثارة والرعب يُعرض للترفيه، ولكن من وجهة نظرى هو عمل له أبعاد أخرى، فلسفية نوعًا ما وخطرة جملة وتفصيلاً تأخذك لجانب آخر من التفكير.