الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

اتحاد الناشرين يكثف الجهود للحد من انتشار ظاهرة التزوير: لصوص الإبداع الفكرى يضربون صناعة الثقافة فى مقتل

قلم المبدع يسطر، ودور النشر تطبع، ثم يأتى لص ليسرق مجهود هذا وذاك ويسطو على الكتب ويعيد طباعتها دون إعطاء المؤلف أو الناشر حقوقه.. ظاهرة اتسعت رقعتها فى الآونة الأخيرة، وباتت تهدد صناعة الثقافة بأكملها، رُغْمَ تعدُّد القوانين والعقوبات التى تحفظ للمؤلف حقوقه، الأمرُ الذى دفع اتحاد الناشرين المصريين للتحرك من أجل إجراء التعديلات القانونية اللازمة للحفاظ على بيئة ثقافية تخلو من القرصنة.



ويؤكد المختصون أن السوق السوداء تستهدف الكتب الأكثر مبيعًا، كما أن أخطر صور تزوير الكتب هو إعادة طبعها دون ترخيص أو تصريح من أصحاب الحقوق الأدبية والمالية.

 

 إجراءات الحماية 

 ويوضح سعيد عبده، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، أنه تم تجهيز مشروع تعديل قانون الملكية الفكرية؛ وذلك لأن القانون الحالى لا يفى بالاحتياجات، فى ظل التطور فى مهنة النشر، كما أن العقوبة الحالية ضعيفة مما يشجع القراصنة على السطو والتزوير.

ويضيف: إن هناك تعاونًا مع إدارة المصنفات الفنية بوزارة الداخلية؛ حيث تتلقى البلاغات، والشكاوَى من الناشرين، وتشن حملات لمراجعة المطابع، وضبط ما هو مخالف ومن ثم مصادرته.

ويوضح، أن المزور سيوضع فى قائمة سوداء، تحظر أى شخص ثبت مخالفته لقانون الملكية الفكرية وتمنعه من المشاركة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب؛ خصوصًا أن السعى وراء المكسب السريع يأتى من خلال تزوير الكتب الأكثر مبيعًا، وكتب الناشرين العرب والأجانب، وذلك يرجع للاعتقاد الخاطئ لدى المزور بأنه بعيد عن أعين الرقابة.

 تعثر النشر 

من جهته؛ يفسر د.عاطف عبيد، مؤسّس «دار بتانة للنشر والتوزيع»، أن تزوير الكتب بمثابة النشر فى الظل، كما أنه يؤدى إلى اضطراب دورة المعرفة المتمثلة فى إنتاج المؤلفين، وعمل الناشرين، وإتاحة المنتج المعرفى للقارئ، وانتهاك حقوق الناشر نتيجة وجود نسخ غير شرعية.

ويضيف: إن عملية النشر تحتاج إلى مراجعات جذرية من حيث قوانين تحكم العلاقة بين المؤلف والناشر، وآليات النشر والتسويق؛ وذلك من أجل الحصول على منتج فكرى جيد، بسعر تنافسى، يغرى القارئ للإقلاع عن اقتناء الكتب المزورة مجهولة المصدر سعيًا وراء سعرها المنخفض.

 عوامل اقتصادية 

من جهته؛ يقول الناقد مختار عيسى، نائب رئيس اتحاد كُتّاب مصر: إن أسباب انتشار الكتب المزورة يتمثل فى العامل الاقتصادى، الذى يدفع القراء إلى البحث عن المادة المقروءة بأقل تكلفة مادية؛ حيث تلعب عوامل الضغط الاجتماعية دورها فى إزاحة العبء المالى الذى يحتاج المثقف إليه؛ لتحصيل المعرفة إلى ما وراء لقمة العيش والملبس والمسكن فضلًا عن التعليم والدواء.

ويضيف: إن غياب الضمير لدى تجار الكتب والناشرين المزورين يعمل على تحقيق أكبر نسبة ربح من ارتفاع نسب التوزيع للمطبوع الرخيص الذى تضيع فيه حقوق المؤلف. مشيرًا إلى أهمية تفعيل قوانين حماية حق المؤلف وتنظيم هذه العلاقة بتعاقدات موثقة بين الناشر والمؤلف، وأن يكون لاتحاد الناشرين، وللمؤلفين حق الضبطية القضائية، مع فرض متابعات دورية للمطابع، وإحالة كل من يزوّر كتابًا إلى المحاكمة.

 التزامات قانونية

ويوضح الناشر حسين عثمان، رئيس مجلس إدارة «دار ريشة للنشر والتوزيع»، أن نشر الكتاب هو ناتج عدة جهود، تعرف بعناصر التكلفة، كما أنها تمثل أركانًا رئيسية فى اقتصاديات الصناعة، ومع عدة اعتبارات أخرى تحدد سعر الكتاب، بما يحفظ للناشر هامش ربح يساعده على البقاء، كما أن مزورى الكتب لا يرتبطون بأى التزامات قانونية، وينتجون محتوى رديئًا يحمل اسم الدار.

ويضيف: إن مواجهة انتشار الكتب المزورة تتمثل فى توحيد الجهود، كما أن عدم مغالاة دور النشر فى تقدير أسعار الكتب، ومنح القراء خصومات، وعروضًا، وابتكار أفكار جديدة؛ من شأنه يساعد على رواج الكتب بشكل أكبر يحقق العائد المرجو بسعره الاقتصادى، والأمر يتطلب أيضًا دعم الدولة لصناعة النشر بشكل أكبر؛ خصوصًا فيما يتعلق بمستلزمات الإنتاج، وفى الوقت نفسه تواصل دور أجهزة الدولة الرقابية فى مكافحة تزوير الكتب، وحصار أطراف جريمة التزوير من تجار ومطابع وموزعين وباعة على الأرصفة أو باعة جائلين، وذلك من أجل الحد من التزوير.

تكلفة أقل

ويوضح أصحاب مكتبات بسور الأزبكية، أن الكتب المزورة تؤثر على نسبة مبيعات أصحاب المكتبات، وذلك يرجع إلى السعر المنخفض الذى تباع به الكتب المزورة، مما جعل البعض ينساق وراء التكلفة الأقل مقابل الحصول على المنتج، لذلك فإن تخفيض أسعار الكتب الأصلية، وإتاحتها للقارئ من شأنه التقليل من انتشار ظاهرة تزوير الكتب، كما أنه يتيح لمختلف الفئات الحصول على منتج أصلى بتكلفة أقل.

 تجارة خاطئة 

ويؤكدون، أن تزوير الكتب يؤثر على السوق بأكملها؛ حيث يتأثر المؤلف نتيجة سرقة عمله، ويُعرّض دور النشر لخسائر، ويحدث ركود فى مبيعات أصحاب المكتبات. مشيرًا إلى أن الكتب الأصلية التى تتوافر على شبكة الإنترنت من شأنها تقلل من مكاسب أصحاب الكتب الورقية الأصلية.

ويصفون تزوير الكتب بأنه تجارة خاطئة هدفها الأساسى المكسب السريع، كما ينتج عنه طبعات مليئة بالأخطاء دون مراجعات للمحتوى المطبوع، بالإضافة إلى أنهم لا يؤدون الضرائب مثل دور النشر، ولا يبذلون مجهودًا مثل المؤلف.

 منافذ بالمحافظات 

من جهته؛ يرى الكاتب الصحفى محمد توفيق، أن توافر منافذ للكتب الأصلية بكل محافظة، وتفعيل الدور الرقابى على الأسواق، وتطبيق العقوبات الرادعة؛ من شأنه المساهمة فى الحد من انتشار تزوير الكتب، كما أن دعم الدولة لصناعة النشر يساعد على انخفاض أسعار الكتب.

ويوضح، أن السوق السوداء تستهدف الكتب الأكثر مبيعًا، وهى تحقق أرباحًا تفوق العائد الناتج من السوق الأصلية، وبما يجعل البعض يتجه لبيع الكتب المزورة بدلًا من الصحف والمجلات، لذا لا بُدَّ من توعية القارئ بالأماكن المعتمدة للكتب، بما يضمن الحصول على محتوى فكرى جيد، يخلو من الأخطاء مكتمل الصفحات.

 

قوانين وعقوبات 

 ويشير د.أحمد سعيد، عضو لجنة حماية الملكية الفكرية بالمجلس الأعلى للثقافة، إلى أن تزوير الكتب واحدة من الجرائم التى يحاول القانون وضع آليات وضوابط  لمنعها والحيلولة دون تضرر أصحاب الحقوق الأدبية والمالية منها قدر المستطاع، ولعل أخطر صور تزوير الكتب هو إعادة طبع الكتب دون ترخيص أو تصريح من أصحاب الحقوق الأدبية والمالية.

ويوضح، أن المواد 179، 180، 181 من قانون حماية حقوق الملكية الفكرية تنص على عدد من الإجراءات والعقوبات التى تقررها المحكمة المختصة- المحكمة الاقتصادية- فى حال ثبوت واقعة التزوير؛ حيث تبدأ بتوقيع الحجز على المصنف المزور، وتصل إلى الحبس مدة لا تقل عن شهر وغرامة لا تقل عن5 آلاف جنيه ولا تجاوز 10 آلاف جنيه. 

ويضيف: إنه صدر قرار رئيس مجلس الوزراء فى أبريل 2020 لتشكيل لجنة لتفعيل المادة 69 من الدستور بإنشاء جهاز قومى للملكية الفكرية ولإعادة النظر فى تعديل قانون حماية حقوق الملكية الفكرية، وتتجه اللجنة إلى التوصية بتشديد العقوبات حال ثبوت تزوير الكتب وزيادة مدد الحبس ووجوبيتها لما تمثله هذه الجريمة من إهدار للحقوق المالية للمؤلف ودور النشر، مع زيادة مدة الحماية للحقوق المالية إلى 70 سنة بعد وفاة المؤلف بدلًا من 50 سنة وفق ما هو معمول به فى القانون حاليًا.‎