الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تستهدف النمسا وألمانيا تحت شعار «الأنشطة الشبابية»: تفاصيل خطة «ريمونتادا الإخوان» فى الغرب

على مدى سنوات طويلة لا يمكن لأى متابع للعلاقة بين الجماعة والغرب تجاهل حقيقة تغلغل الجماعة الإرهابية فى المجتمع الأوروبى وفى مراكز صنع القرار هناك على مدى سنوات طويلة، فحلم الجماعة منذ تأسيسها فى العام 1928 هو تجاوز الحدود المحلية سعيًا إلى تحقيق «حلم العالمية».



استغلت الجماعة طول تاريخها ستار الدعوة والأنشطة التاريخية لتمرير رسالتها فى الكثير من المجتمعات الغربية، فى الوقت الذى تواجه فيه انكشاف نواياها وخططها فى دول الشرق الأوسط، واندثار التأييد الشعبى لها، خاصة بعد تورطها فى أعمال إرهابية فى مصر بعد ثورة 30 يونيو، ما كشف وجه الجماعة الحقيقى أمام قطاع ضخم من الشعوب العربية، وأدى إلى تراجع الدعم الشعبى الذى كان يمثل إحدى الركائز الأساسية للجماعة فى تحركاتها، إذ يعد انهيار الجماعة فى مصر ضربة البداية لتداعيها فى باقى البلاد التى شهدت صعودًا لها وكان آخرها فى تونس.

فى الوقت نفسه تعد مراهنة الجماعة الإرهابية على الدعم الأمريكى مرة أخرى أمرًا مستحيلًا، خاصة بعد ما واجهته من صراع الأجنحة داخل التنظيم، بعد تداعى الجماعة فى مصر وهروب قياداتها للخارج ضربت سلسلة من الانشقاقات والصراعات قيادات الصف الأول للإخوان وتشكلت أجنحة تتصارع فيما بينها، ويأتى فى مقدمتها صراع إبراهيم منير المرشد العام للجماعة مع محمود حسين الأمين العام للجماعة، هذا بجانب سخط شباب الإخوان نتيجة انشغال القيادات بهذه الصراعات وقيادة الجماعة إلى مصير مجهول، وتشكل تلك الصراعات نقطة ضعف كبيرة للجماعة تجعل من الصعب مراهنة القيادة الأمريكية الجديدة عليها.

أيضًا يصعب من موقف الإرهابية، العلاقة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة، حيث ترتبط واشنطن مع القاهرة بعلاقات استراتيجية وثيقة على مدار سنين، كما تسعى إدارة بايدن إلى الحفاظ على استراتيجية هذه العلاقات ومتانتها انطلاقًا من الدور المصرى الفاعل فى المنطقة، وهو ما اتضح بشكل جلى خلال حرب غزة الأخيرة فى شهر مايو 2021، وما تابعناه من تركيز الجهد الأمريكى خلال الحرب على دعم التحركات المصرية مع كل من إسرائيل والفصائل الفلسطينية فى قطاع غزة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وهو الجهد الذى ثمنه الرئيس بايدن فى اتصال هاتفى مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، فضلاً عن الاتصالات الهاتفية بين وزيرى خارجية مصر والولايات المتحدة، ومن ثم فإن واشنطن لا يمكن لها أن تضحى بعلاقاتها مع القاهرة من أجل دعم جماعة الإخوان.

 وتدرك الإدارة الأمريكية أن الجماعة الإرهابية أصبحت مرفوضة فى المنطقة على الصعيدين الرسمى والشعبى، ولا يمكن لها أن تحقق من وراء دعمها مكاسب تذكر فى الوقت الراهن.

يأتى ذلك بالإضافة إلى محاصرة أنشطة الإخوان فى أوروبا وتصنيفها كجماعة إرهابية فى عدد من دول المنطقة، ففى يوليو الماضى أصدرت ألمانيا قرارًا يقضى بحظر استخدام الرموز والشعارات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين وعدد من التنظيمات الإرهابية الأخرى مع توقيع عقوبة مشددة تجاه المخالفين، وتبع هذا القرار موافقة البرلمان النمساوى على قرار يقضى بحظر الجماعة للمرة الأولى فى أوروبا، وجاءت هذه القرارات فى إطار الاستراتيجيات المستحدثة التى تنفذها ألمانيا والنمسا وعدد من الدول الأوروبية لمواجهة خطر جماعات الإسلام السياسى والتيارات المتشددة وفى مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية، فضلاً عن تصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية فى مصر والسعودية والإمارات والبحرين والأردن، وهو ما يصعب من عملية الدعم التى تسعى جماعة الإخوان للحصول عليه من الرئيس الأمريكى جو بايدن.

لكن على الجانب الآخر تسعى الجماعة الإرهابية لريمونتادا غربية خلال الفترة القادمة.. فما خطتها لتحقيق ذلك؟ بحسب تقرير حديث للمركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، فإن أوروبا بها اتحاد منظمات إسلامية تخضع به أكثر من 250 جماعة لتقييد الحصار على الجماعة الإرهابية، ولكن الجماعة الإرهابية تعمل الآن على محورين فى النمسا وألمانيا عن طريق منظمات قانونية، ومنظمات ترفع لافتات شبابية.

ويوضح التقرير أن هناك منظمات تحمل لافتات شبابية لا ترفع شعار الإخوان ولكن ترفع شعارات غير محرمة لتستغل أنشطتها فى العمل بأوروبا، بالإضافة إلى أن الإخوان تعمل فى كل أوروبا تحت شعارات قانونية ولا ترفع اسم الإخوان المسلمين. 

خطة تجنيد المهاجرين

 فى السياق نفسه، أكد ماهر فرغلى، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية خلال عدة مقالات له أن هناك منظمات حقوقية من المهاجرين يدخلون فى الأحزاب السياسية ويمارسون «الأخونة» سعيًا لخلق مجتمع متكافئ مع المجتمع الأوروبى يعمل لصالح الإخوان، فضلًا عن استقطاب المهاجرين الجدد داخل المساجد والفتوى الدينية لتجنيدهم بالجماعة، مشيرًا إلى أنه فى الفترة الأخيرة انتشرت أنشطة الجماعة الإرهابية على السوشيال ميديا بشكل كبير عبر تطبيقات ولجان إلكترونية لتجنيد الأشخاص لهم.

ويذكر فرغلى أن الإخوان يستغلون حالة الغربة وفقدان الهوية التى يعانى منها بعض المسلمين المهاجرين، وصعوبة اندماجهم فى المجتمعات الأوروبية، فيخلقون لهم كيانًا مغلقًا؛ يبدأ من خلاله الترويج لفكرة الخلافة الإسلامية، وبهذه الطريقة تستفيد الجماعة الإرهابية من قوانين الهجرة الأوروبية المرنة لممارسة أنشتطها العابرة للحدود.

ألمانيا.. محطة الإخوان فى الغرب! 

 فرغلى أكد أن خطة الجماعة لعودة أنشطتها فى الغرب الآن لا ترفع شعار الإخوان ولكن تعمل تحت ظل شعارات «قانونية» فى أوروبا، موضحًا أن ألمانيا تعد مركزًا ومحطة ضخمة لجماعة الإخوان الإرهابية.

وعن تفاصيل تحركات الإخوان فى ألمانيا، رصد فرغلى فى تقرير له أنها تتخذ إطارين للتحرك؛ الأول رسمى عن طريق 3 كيانات إسلامية كبرى هي: «المجلس المركزى للمسلمين فى ألمانيا»، و«المؤسسة الإسلامية لألمانيا» التى تتحكم فى نحو 60 مركزًا إسلاميًا، وإطار آخر غير رسمى يتمثل فى الأفراد المنتمين للإخوان من خارج الإطار التنظيمى، وهم يتولون مهمة إدارة عدد من الجمعيات والمنظمات الأصغر التى تقوم بأدوار بعيدة عن الإطار الدينى، بغية جذب تعاطف الأوروبيين مع أفكار الإخوان، عبر تسويقها فى إطار علمانى يستهدف الدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، مشيرًا إلى أن هذه هى نقطة اختلاف التنظيم الإخوانى عن بقية التنظيمات الإرهابية الأخرى.

تصريحات البرلمانى الألمانى ستيفان تومى، قبل شهور، تؤكد توغل الجماعة الإرهابية فى المجتمع الألمانى، حيث أكد على ضرورة فرض رقابة أمنية على جماعة الإخوان، قائلاً: «إن مراقبتها أصعب من مراقبة عناصر التنظيمات الإرهابية الأخرى مثل داعش والقاعدة، فالتنظيمان يعملان فى العلن لنشر الإرهاب، خلافًا لجماعة الإخوان التى تظهر عكس ما تبطن وتعمل فى دهاليز مظلمة وقنوات خفية».

وطالب ستيفان السلطات بتكثيف المراقبة على جماعة الإخوان الإرهابية، خاصة فيما يتعلق بأنشطتها المالية التى سوف تقود إلى منابع تمويلها وترابطاتها المشبوهة، وبالتالى كشف خططها التخريبية والتصدى لها.

فى السياق نفسه، أصدرت هيئة حماية الدستور الألمانية تقريرًا فى أبريل الماضى، يكشف بعض الأوراق التى يلعب بها الإخوان، ويبين حقيقة الإخوانى من أصول مصرية «سعد الجزار»، باعتباره شخصية مركزية للإخوان فى شرق ألمانيا، حيث يستكمل دور القيادى الإخوانى سعيد رمضان، باعتباره مؤسس فرع التنظيم فى ألمانيا.

 ومؤخرًا أوقفت السلطات الألمانية نشاط «ملتقى ساكسونيا للتبادل الثقافي» الذى أسسه الجزار، بعد أن رفض الإفصاح عن مصادر تمويله، مدعيًا أنها «تبرعات من مسلمى ألمانيا».

تكرار خطة 91 للانتشار فى الغرب!

 تعتمد مساعى جماعة الإخوان الإرهابية للانتشار فى مجتمعات غربية جديدة، على استراتيجيات مدروسة تم الإعداد لها بعناية من جانب الجماعة، خصوصًا أن هناك العديد من الوثائق التى تكشف ذلك بوضوح، أبرزها وثيقة بعنوان «مذكرة تفسيرية: الهدف الاستراتيجى العام للجماعة فى أمريكا الشمالية»، والتى أعدها القيادى الإخوانى محمد أكرم فى العام 1991.

وتشير هذه المذكرة بوضوح إلى أن الهدف الأساسى لجماعة الإخوان المسلمين هو تطبيق الشريعة الإسلامية فى أمريكا، تمهيدًا لإقامة الخلافة الإسلامية العالمية، وحسب هذه المذكرة، فإن الخطوة الأولى فى خطة الجماعة هى العمل على تعزيز نفوذ الجماعة فى المجتمع الأمريكى.

 وتوضح المذكرة أنه كى يتم تحقيق «التوطين» للإخوان فى الولايات المتحدة وأمريكا الشمالية بوجه عام، يجب تقييم المراحل التى مر العمل الإسلامى بها فى أمريكا، وتتمثل فى المراحل التالية: 

- مرحلة البحث عن الذات وتحديد الهوية.

- مرحلة البناء الداخلى وإحكام التنظيم.

- مرحلة المساجد والمراكز الإسلامية.

- مرحلة إنشاء المؤسسات الإسلامية.

- مرحلة إنشاء المدارس الإسلامية.

- مرحلة التفكير فى الحركة الإسلامية العلنية.

- مرحلة الانفتاح على الحركات الإسلامية الأخرى ومحاولة الوصول إلى التعامل معها.

- مرحلة إحياء إنشاء المؤسسات الإسلامية واستكمالها.

ونلاحظ أنها المراحل نفسها التى تحاول الجماعة تطبيقها اليوم للتوغل فى النمسا وألمانيا، حيث تحاول الآن تطبيق المرحلة الأولى «البحث عن الذات وتحديد الهوية» فى تجنيد المهاجرين، وكأن الجماعة الإرهابية تضع النبيذ القديم فى زجاجات جديدة، لإعادة إحياء أنشطتها فى الخارج!.