الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«أحمد الخطيب» فى حوار لـ«مجلة روز اليوسف»: أفكار سيد قطب السبب فى موجات العنف حول العالم

عندما تبحث عن المرجعية الرئيسية للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة كافة؛ ليس فى المنطقة فقط؛ بل والعالم أجمع، ستجد كل الطرق تؤدى إلى سيد قطب.



عن كيفية حدوث ذلك حاورنا الكاتب الصحفى أحمد الخطيب، رئيس التحرير التنفيذى لجريدة «الوطن»، المتخصص فى ملف الجماعات الإسلامية، والذى يرى أن «القطبية» و«ابن تيمية» هما الحاضن الفكرى الرئيسى للمتطرفين.

يقول «الخطيب» إن أفكار «سيد قطب» امتداد لأفكار حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية، مشيرًا إلى أن مراجعة هذا الفكر ضرورة لا بُد من إتمامها، ضمن ما يُعرف بـ«تجديد الخطاب الدينى»، إذ أن التنظيمات المتطرفة اعتبرت أفكار «قطب» و«ابن تيمية» على أنها «جزء من الدين»، رغم أن الدين برىء من كل ما يدعون إليه.  

وأوضح أن التنظيمات الإرهابية والمتطرفة والتكفيرية فى المنطقة، بل فى العالم أجمع، إذا جاز قول إن فكر «القطيبة» انتقل إلى تلك التنظيمات، وقود تصرفاتها الشاذة عن الفطرة السليمة هو «الفكر القطبى»، مؤكداً أن الدولة المصرية نجحت فى مواجهة التنظيمات الإرهابية، بعد اتباعها سياسة المواجهة الشاملة للتنظيمات الإرهابية، والتى تدرك أن الحل الأمنى ليس حل الأزمة بمفرده، ولكنه فكرى ودينى وتنموى واجتماعى وعلى كافة الأصعدة، وإلى نص الحوار:

 كيف ترى دور الفكر القطبى فى تحطيم رأى الشعوب والارتداد عن «الديمقراطية»؟

- سيد قطب أحد أقطاب جماعة الإخوان الإرهابية، الذين يؤمنون أنه «لا ديمقراطية» أو «اشتراكية»، وإنما الحكم والأمر للمرشد ويسير الجميع خلفه تحت منهج «لا تناقش ولا تجادل»، وسيد قطب نفسه ذكر ذلك فى كتابه الذى جاء بعنوان «العدالة الاجتماعية فى الإسلام»، حين قال: «لم أستسغ حديث من يتحدثون عن اشتراكية الإسلام، وديمقراطية الإسلام»؛ فهو هنا يشير إلى منهج الإخوان، بأنهم يريدون قطيعًا يسير خلفهم دون إعمال العقل، أو البحث عن مصلحة وطنية، أو توسيع المدارك والأفكار.

وحتى حين أنشأت جماعة الإخوان الإرهابية «مجالس شورى»؛ فهى مجالس شكلية، وإذا توصلت لرأى مخالف لرأى القائم على الجماعة لا يؤخذ به، مثلما ظهر مؤخراً على سبيل المثال حينما اختلف مجلس الشورى الذى يتبع محمود حسين، القيادى الإخوانى المتواجد فى تركيا فى الرأى مع إبراهيم منير المتواجد فى بريطانيا، إذ يرى المجلس أن «حسين» هو الأحق بكونه «المرشد»، ليرد «منير» بتشكيل مجلس شورى أخر جديد يقول لا، بل إنه «الأحق»، وهذا خير دليل على «الديمقراطية الشكلية» للجماعة الإرهابية، وهى إحدى الأفكار الرئيسية التى تربوا على أساسها من مبادئ وأفكار «سيد قطب».

تقصد أن الفكر الإخوانى يريد المجتمع أن يكون «قطيعا» يسير خلف رأيهم فقط؟

- هذا هو أحد أركان «الفكر القطبى»؛ فما حدث فى مصر وسوريا واليمن وغيرها من البلدان من دور للجماعة الإرهابية، وتحديداً فى تونس حين اتخذ الرئيس قيس سعيد مساراً تصحيحياً للخراب الذى اندفع فيه كوادر الإخوان هناك لمصالح الجماعة فقط دون النظر لمصالح الوطن، وأيد الشعب هذا الحراك، لكن الإخوان وقفوا ضد إرادة الشعب، وهو ما تحدث عنه «سيد قطب» أيضاً فى كتابه «العدالة الاجتماعية فى الإسلام»، إن «العدل من الحكام، والطاعة من المحكومين، والشورى بين الحاكم والمحكوم»؛ فلا يجوز للمحكوم أن يخالف الحاكم، ويجب أن يسير الجميع خلف إرادته أياً كانت.

 والحقيقة أن هذا الحديث لا يعبر عن فكر «سيد قطب» فقط، ولكن أيضاً حسن البنا، أو «حسن الساعاتى» مؤسس جماعة الإخوان الإرهابية، إذ يقول فى «مجموعة رسائل حسن البنا»، واصفاً العلاقة بين الحاكم والمجتمع أو الأمة، قائلاً: «وعليه أن يشاورها، وأن يحترم إرادتها، وأن يأخذ الصالح من آرائها»، فى ترسيخ إلى إهمال آراء وإرادة الشعب لو خالف رأى الحاكم، وهو أمر مخالف لتعليم كل الأديان، والثقافات، والعلوم السياسية حتى.

 ومن سيتقبل ذلك من الأساس؟

- الحقيقة إن هذا التساؤل لم يغب عن ذهن «قطب»؛ فتجده متبنيا لما يُعرف بـ«الحاكمية»، وهى أن «الحكم لله»، ومن ثم يعتبر كل ما يقوله الحاكم بأنه «حكم دينى»، ويجب اتباعه، حتى إن الفكر الإخواني يصف حتى الدول الإسلامية بـ«الجاهلية» إذا لم تطبق فكرهم.

 إذا كان هذا ما يحدث فى العلاقات بين المجتمعات وبعضها.. ماذا عن الدول؟

- الحقيقة إن سيد قطب كان صاحب ريادة حقيقية فى هذا الأمر، إذ وصف أى مجتمع يغلب عليه غير المسلمين بـ«الجاهلية الكافرة»، ومن ثم أى أساس أو مبادئ يمكن أن تنبع فى علاقات تعاون مشترك تحقق مصالح الشعوب فى هذا الأمر؛ فهل تنغلق المجتمعات والدول على بعضها، أم تحارب بعضها، ولا يكون هناك مجتمعــــــات صالحـــة للتعــاون سوى «الإخوانية» منها؛ فالإخوان لا يعملون إلا لتحقيق مصالح الجماعة تحت أى فكر أو مبدأ حتى لو كان ذلك ضد المصلحة الوطنية ذاتها؛ فهم لا يُؤمنون بحدود الدول، بين الدول الإسلامية وبعضها، حتى إن محمد مهدى عاكف، مرشد جماعة الإخوان الراحل، ذكر فى حديث صحفى له أن «منصب المرشد أكبر من رئيس الجمهورية فى المنصب والمهام، لأن الرئيس يسهر على راحة المواطنين فى إقليم بعينه، لكن المرشد كل العالم كما ذكر»، أو كما ذكر قبل ذلك أن الوطن ليس سوى حفنة من «تراب عفن»، تعبيراً عن فكر الإخوان بعدم وجود فاصل بين الدول وبعضها، والحقيقة هو فكر أيضاً أسسه «سيد قطب»؛ فنعزى عليه الكثير من «مصائب» هذا العصر، والتى زرعها فى عقول وأذهان المتطرفين.

 لكن نجد أن أفكار الكثير من التنظيمات الإرهابية والتكفيرية والمتطرفة تتبع المناهج التى تتحدث عنها؟

- تلك حقيقة؛ ففكر سيد قطب يعتبر أحد الأسس التى قامت عليها التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، ويمكننا أن نقول إن أدبياتهم وأفكارهم واحدة ومتشابهة للغاية، وأنهم إذا اختلفوا إلا أن «الفكر القطبى» ينتشر بين التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، والتى لا تريد إلا سيطرة «الأمير»، أو مسئول الجماعة الإرهابية أو المتطرفة.

 وهل يقتصر هذا الأمر على التنظيمات الإرهابية فى بعض الأماكن فى مصر؟

- الحقيقة إن الفكر القطبى هو الأب الشرعى للتنظيمات الإرهابية فى المنطقة، سواء فى مصر أو خارجها، وصولاً لمعسكرات أفغانستان، أو ليبيا فى وقت سابق، أو سوريا أو غيرها، حتى إن البعض عمد لتطوير تلك الأفكار عبر مزج الأفكار القطبية بـ«تراث ابن تيمية»، وغيرها، لتتشكل جماعات جهادية تقوم على فكر مزدوج خاطئ، وأن أى مقاتل فى صفوف التنظيمات الإرهابية حين تمت مراجعة، ظهرت الأفكار القطبية الخاطئة أساساً رئيسياً لفكره المتخلف عن ركب الحضارة، وسماحة الإسلام.

 ولماذا وجدت أفكار سيد قطب رغم خطئها قبولاً لدى البعض؟

- السر فى ذلك هو كتاباتها بأسلوب لغوى أحبه الكثيرون، وسهل فى الوصول إلى العقل وقلب البعض، رغم خطئه، وعدم التزامه بالجوانب الفقهية والدينية بل السياسية، ونجد أن التنظيمات الإرهابية تأثرت بفكر سيد قطب فى كتاب «فى ظلال القرآن»، حتى إنها أخذته كـ«عقيدة منزلة»، ولا يقبلون نقدها صراحة. أغلب الجماعات تأثرت بفكر قطب الخاطئ فيه، ودفعت منطقتنا العربية الثمن، من فكر مسموم لقطب على المجتمعات، والحكومات، والدول فى المنطقة.

 وكيف ذلك؟

- أبسط مثال على ذلك أن الحركات التكفيرية أخذت أفكار  ومبادئ سيد قطب أساسًا لتكفير قوات إنفاذ القانون من الجيوش والشرطة فى البلاد، والبعض يرى أن المرتضى أن يعيش فى الأوضاع الحديثة والديمقراطية بأنه «كافر»، مثلما كادت أن تكفر جماعة مصطفى شكرى العالم بأسره، سوى المتفقين معها بالفكر.

 وما رأيك فى أن فكر سيد قطب كان سيراجع لو لم يُعدم؟

- سأستدل برأى أحد المفتين المعروفين باسم «مفتى الدم»، وهو القيادى الإخوانى القرضاوى، والذى يرى أن «قطب» كان معتدلا، ثم انتقل إلى التكفير والتطرف فى كتابيه «فى ظلال القرآن»، و«معالم فى الطريق»، وأن تكفيره بإسراف هو أمر لا يمكن أن يطلق على الجميع بهذه الصورة؛ فحتى الخوارج لم يحكم أهل السنة والجماعة عليهم بـ«الكفر»، مثلما فعل «قطب»، وهذا هو رأى «مفتى الدم»، كما أن «القرضاوى» ذاته قال، إن قطب لو خرج من السجن لكان تراجع عن أفكاره، كما فعل أخوه محمد قطب بعدها.

 لكن رغم كل تلك الأخطاء إلا أنه وفق حديثك يبدو أن «قطب» لم يدعو لـ«حمل السلاح»؟

- الحقيقة أنه دعى لذلك، تحت مسمى تحقيق «الردع» عبر زرع الخوف فى قلب رموز الدولة ومرافقها، حتى إنه وصف البعض حتى وإن كان يصلى ويصوم بأنه لم يرق إلى درجة «المسلم المعصوم الدم والمال»، وهو نفس الفكر الذى أخذته منه التنظيمات الإرهابية.

 وكيف تُقيم جهود الدولة المصرية على سبيل المثال فى مواجهة هذا الفكر الشاذ؟

- الدولة المصرية نجحت بصورة كاملة فى مواجهة التنظيمات الإرهابية المتطرفة، بعد المنهج الفكرى الذى اتخذته الأجهزة الأمنية بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسى،حين أدرك أن الحل لن يكون فى المواجهة الأمنية فقط، مع مبدأ المظلومية التى تدعيه تلك التنظيمات الإرهابية، لتشويه صورة الأجهزة الأمنية، وجذب المزيد من المتعاطفين إليها، ومن ثم فإن الحل عبر المواجهة والتحركات الشاملة على كافة الأصعدة، مثل تجديد الخطاب الدينى، والخطاب الثقافى والفكرى، والتنموى،والاجتماعى،وعلـــى كــافة الأصعدة الأخرى.

 ماذا عن مستقبل الأفكار القطبية؟

- تلك الأفكار تجد فى الفقر والأمية مناخا مناسبا للانتشار فى ظل حالة عدم الوعى المتواجدة لدى المواطنين البسطاء، ومن ثم يستغلون حالة «الجهل» فى استخدام الحديث المعسول، وصبغ الحديث بصبغة الدين حتى يتم قبوله والسعى لتطبيقه دون تفكير، تطبيقاً للسياسة الإخوانية الرامية إلى خلق ثقافة «القطيع»، وأن يتم السمع والطاعة دون نقاش أو تفكير، وهو ما ينجحون فيه، ومن ثم فإن المشروعات المصرية لتطوير المناطق العشوائية على سبيل المثال وليس الحصر هى تدعيم للأمن القومى المصري؛ فأحد جوانب المشروع هو تجفيف البيئة الحاضنة للتنظيمات الإرهابية.

 وما الحل فى مواجهة هذا الفكر الخاطئ فى رأيك؟

- عبر تفعيل المواجهة الشاملة للتنظيمات الإرهابية، كما تتبع الدولة المصرية هذا المنهج، عبر تفنيد المفاهيم الخاطئة التى نشرها سيد قطب والتنظيم الإخوانى من بعده، وعدم إتاحة الفرصة لوصول كتب المتطرفين إلى يد الشباب والنشء، والعمل على الرعاية الرياضية للأطفال والشباب، والاجتماعية، وتفعيل دور الدولة فى مواجهة الأزمات المختلفة.

 ما هو تقديرك لموقف سيد قطب النفسي؟ 

- سيد قطب تبنى فكر تنوير المجتمع وتحرره ثم انتقل إلى التكفير والقتل.. نحن إذن أمام رجل مضطرب نفسيا وغير متزن.. لذلك لن تجد أحدا يؤمن بأفكار سيد قطب إلا وتجده مضطربا نفسيا ومختلا ومن ثم كان تكوين الجماعات الإسلامية عبارة عن مجموعات بشرية مرضى نفسيين عبروا عن أزماتهم الداخلية الحادة بأفكار ذلك الرجل.. لذلك وبضمير بحثى ومهنى مستريح أقول لك أن سيد قطب نبى العنف مريض نفسي ودفع العالم كله ضريبة عدم علاجه.