الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تقرير المخابرات المحلية الألمانية: الإخوان يغيرون جلدهم.. وينشرون التطرف باستغلال الرقمنة

كشف تقرير المخابرات المحلية الألمانية 2020 «هيئة حماية الدستور»، وهو تقرير غير متداول، تنفرد بنشره مجلة روزاليوسف، أن جماعة «الإخوان» والجماعات الراديكالية فى ألمانيا، قاموا بتعديل استراتيجية العمل، حيث بدأت المنظمات التابعة للجماعة الإرهابية، إما الإعلان بالتبرؤ من الجماعة فى العلن فقط، أو تغيير أسمائهم، وذلك لأمرين، الأول محاولة التشويش على متابعة الأجهزة الأمنية أنشطتهم المصنفة بـ«المتطرفة»، والثانى يأتى نظرا لرفض المجتمع الألمانى لهم خاصة بعد تقرير المخابرات الألمانية التى قالت فى 2019 أن جماعة «الإخوان» أخطر من «داعش» و«القاعدة» لأنها غير محددة المكان والعدد على عكس داعش والقاعدة.



وتعتبر الجماعة الإسلامية الألمانية التى يطلق عليها اختصارا «دى إم جى» أهم منظمة مؤيدة وتابعة لجماعة الإخوان فى ألمانيا، وهى من الأعضاء المؤسسين لاتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا، الذى غير اسمه هو الآخر، وبات يعرف اليوم بمجلس مسلمى أوروبا، الذى يعتبر بحسب التقرير، خزانا للمنظمات التابعة لـ«الإخوان» فى أوروبا، وبالإضافة إلى الـ«دى إم جى»، هناك العديد من المؤسسات والجمعيات الأخرى التى هى على الأقل تعمل ضمن أيديولوجية جماعة «الإخوان»، على الرغم من إظهارها الابتعاد عن الجماعة أو أنها قليلة الصلة بها، ومن ضمن هذه المنظمات، جمعية الثقافة الإسلامية فى مدينة بوخوم.

وفى السنة المشمولة بالتقرير 2020، نقلت الجماعة الإسلامية الألمانية «دى إم جى» أنشطتها بشكل متزايد إلى الإنترنت وسعت إلى تأهيل أو إنكار المعرفة بصلاتها بجماعة «الإخوان»، وفى ظل اتباع السلطات إجراءات الحماية من الوباء، قيدت بشدة أنشطة «دى إم جى» نتيجة لذلك، حيث تم إلغاء المؤتمر السنوى الذى كان من المقرر عقده فى السادس من يونيو 2020 فى هاغن، وكبديل لذلك، بذلت الجمعية محاولات لتقديم عروض مقابلة عبر الإنترنت، وبالإضافة إلى ذلك، شاركت «دى إم جى» وطاقم إدارتها فى مؤتمر فى أسطنبول هناك تقرر فيه رسميا إعادة تسمية اتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا، وهو اليوم مجلس مسلمى أوروبا بعد أن أعادت «دى إم جى» تسمية نفسها من جديد.

وفى محاولة لإظهار التبرؤ من جانب «دى إم جى»، الجمعية التى تعتبر رأس حربة «الإخوان» فى ألمانيا، من الجماعة ذاتها، فى إطار خطة المراوغة أمام الجهات الأمنية والمجتمع، أقامت الـ«دى إم جى» دعوى قضائية فى عام 2020 ضد الإدراج فى التقرير الدستورى للوزارة الاتحادية للداخلية والبناء والشئون الداخلية، كنوع من إنكار صلاتها بجماعة الإخوان على عدة مستويات وخلق شفافية مزعومة، وذلك كما جاء بالتقرير الذى لفت إلى أنه لم يكن من الممكن التأكد من أى أبعاد جديدة وأساسية عن أفكار الإخوان فى الفترة التى يغطيها هذا التقرير، ولكن يبقى أن نرى ما إذا كانت النقاشات العامة حول الجماعة وما ينتج عنها من ضغط متزايد على تلك الجمعيات والمنظمات لاسيما على الـ«دى إم جى» سيؤدى إلى نقاش داخلى ومواجهة دائمة مع أيديولوجية الإخوان المتطرفين، الأمر الذى قد يؤدى إلى إعادة تموضع لهم.

ويشير التقرير إلى أنه يمكن رؤية تأثيرات «الإخوان» فى ولاية شمال الراين الأكثر عددا من حيث السكان فى ألمانيا من خلال جمعية الثقافة الإسلامية فى مدينة بوخوم، والتى تعرضت إلى انتقادات علنية فى الفترة المشمولة بالتقرير بسبب صلاتها بجماعة الإخوان، ولذلك حاولت منع التأثيرات التى وضعتها فى تصنيف «المتطرفة» من خلال قائمة من الإجراءات والتدابير التى بدأتها الجمعية، ولكنها لم تفلح فى ذلك، فضلا عن حدوث انخفاض فى دخلها.

ويتحدث التقرير عن استراتيجية عمل جديدة فى غاية الخطورة، تتمثل فى استغلال «الإخوان» والجماعات الراديكالية، عالم الرقمنة فى فترة كورونا  للتأثير على الشباب بنشر فكرها المتشدد، وذلك لكونها الطريقة الآمنة والأرخص.

وفى هذا الصدد، يقول «حسين خضر»، وهو نائب رئيس الأمانة العامة للاندماج والهجرة بالحزب الاشتراكى الألمانى الفائز فى الانتخابات الأخيرة، إن العالم يعيش حالة من الأمان الافتراضى منذ أكثر من عامين، منذ أوائل 2020 ومازال الأمر مستمرا حتى الآن، بعد أن نسى العالم  الإرهاب ومدى خطورته، وذلك يعود إلى أن المجتمعات كشعوب انشغلت بالوباء، وبات الحديث فقط عن فيروس «كورونا».

 وتابع قائلا فى تصريحات لمجلة روزاليوسف: «فى البداية الحديث عن الفيروس الخطير ثم كيفية الوقاية منه، والانتقال إلى الأبحاث العلمية الخاصة باللقاح، وانتظار دواء للوباء، ثم الانتقال إلى الانشغال بالتبعات الاقتصادية وارتفاع الأسعار، فأصبح العالم كله يتحدث عن كورونا»، مشيرا إلى أنه وسط هذه الحالة، كان استغلال الجماعات المتطرفة بانشغال العالم بهذه الأزمة أفضل استغلال، حيث وجدت أن جميع الأعين الإعلامية والمجتمعية والأمنية، انشغلت عنها، إذ إن فى دول عدة فى العالم، يركز الأمن على متابعة مخالفى كورونا وليس العناصر المتطرفة.

وأوضح «خضر» أن أزمة «الوباء» أجبرت الجماعات المتطرفة ومنها «الإخوان» فى أوروبا، على اللجوء إلى الرقمنة وتغيير طريقة عملها، بعد أن باتت مراكز ومقار تلك الجماعات فى ألمانيا خالية بسبب إجراءات التباعد الاجتماعى، ولم يعد ذهاب ولجوء الأطفال والمراهقين والشباب إلى أماكن تلك الجمعيات قائما مثلما كان قبل أزمة الوباء، فبدأوا يبحثون عن طريقة عمل جديدة تتماشى مع ظروف الجائحة فكانت الرقمنة والاعتماد عليها فى نشر أفكارها، ولتأتى المفاجأة هى اكتشاف أن الرقمنة مفيدة للغاية لنشر استراتيجيتهم والاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعى بشكل أكبر والإعلام المرئى والمسموع وبرامج مثل التليجرام والتيك توك، والأهم من ذلك، أنهم وجدوا أن كل ذلك بتكلفة بسيطة ومجهود أقل، حيث استطاعوا الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المستهدفين، بل بالعكس تطرفهم أصبح عابرا للحدود،حيث إنه من الممكن على سبيل المثال، أن يخاطب شخص متواجد فى أفغانستان، عشرات الآلاف فى العديد من الدول على مستوى العالم، ولا يستطاع تحديد هويته أو معرفة مكانه أو الوصول إليه، ومن أحد الدلائل على ذلك أن الأجهزة الأمنية فى ألمانيا، اكتشفت قناة على تطبيق «تليجرام» يتابعها أكثر من 16 ألف مراهق، تابعة لأحد الجماعات المتطرفة.

ويقدم التقرير جماعة «الإخوان» على أنها حركة عالمية تستطيع الظهور من خلال عدد كبير من المنظمات التى تنتمى إليها، تأسست على يد حسن البنا فى مصر عام 1928، هى وإنها الأقدم والأكثر نفوذا بين الجماعات التى تستغل الدين ليس فقط فى الدول العربية والإسلامية ولكن فى العالم، بالتواجد فى 70 دولة، لافتا إلى أن أيديولوجية «الإخوان» هى أساس فى التكتيك والنهج الاستراتيجى لجماعات الإسلام السياسى،  وأنها تسعى فى العموم إلى إقامة نظام حكم، تقدمه على أنه قائم على الشريعة الإسلامية، وأنها تعلن فى هذا الصدد، إيمانها بمبادئ الديمقراطية واحترام الدستور وتصل فى إعلانها أيضا فى عدة مواقف إلى احترام العلمانية، للوصول إلى الحكم، ولكن مع وصولها ترفض تطبيق هذه المبادئ أو التعامل معها.

ويوضح التقرير، أنه تحقيقا للغاية الخاص بنشر أفكارها للوصول إلى الحكم، يتم اتباع استراتيجية «الأسلمة من الأسفل»، والتى تتناول فى البداية الفرد وتهدف إلى تغيير فى الوعى تجاه الحياة عبر أفكار تقدمها الجماعة على أنها تعاليم الدين، مشيرا إلى أنه يجب أن يكون للأفراد الذين تم تدريبهم بهذه الطريقة، القدرة فى التأثير على المجتمع والتأكد من أنه يقترب من أفكار «الإخوان» على المدى الطويل أو أنه يتم إنشاء مساحة تحرك ونشر على الأقل لأيديولوجية الجماعة.

وبحسب التقرير، يقدم مثالا لأفكار الجماعة أيديولوجيتها فى ولاية «شمال الراين»، وتظهر النتائج فيما يتعلق بالتفاعل المنظم بين الهياكل التنظيمية العامة وغير العامة بالجماعة الممثلة بشكل أساسى فى الولاية فى منظمة الـ«دى إم جى»، بأن الممثلين المحليين لها، يقدمون أنفسهم لمن يستهدفوهم بالانضمام إليهم أو الاقتراب من أفكارهم، بإظهار تقديم الدعم والمساعدة، وعادة لا يعبر الممثلون المحليون لـ«الإخوان» عن أنفسهم بأنهم متطرفون بشكل واضح، وتقدم الجمعيات التابعة لـ«الإخوان» نفسها على أنها منظمات إسلامية دينية  تدافع عن حق المسلمين فى المشاركة  فى المجتمع، ولكنها من الناحية الأيديولوجية، تقف بين السلفية الجهادية المتشددة من جهة والإسلام الحقيقى المعتدل من جهة أخرى، مما يظهر تناقضات الجماعة مع ما تدعيه بأنها مع الديمقراطية والحرية، وبالتالى يجب تقييمها على أنها متطرفة.

ويسرد التقرير عن «الإخوان» الإرهابية، بأنها أصل الإسلام السياسى الحديث، وهى أيديولوجية متطرفة تعرف أيضا بـ«الإسلاموية»، وأن البيان الرسمى والمطلب الأساسى لهذا الفكر، هو أن الجماعة صاحبة السيادة وليس الشعب من حيث المبدأ، وهو ما يتعارض مع فكرة سيادة الشعب وأن النظام الأساسى هو الديمقراطية، وأكد التقرير أن «الإخوان» لا يزالون ملتزمين  بالفهم الشمولى المتشدد للإسلام، والذى بموجبه يجب أن ينظم الدين جميع مجالات الحياة، بالشكل والمضمون الذى يتناسب مع غايتهم، بما فى ذلك النظام السياسى والاجتماعى،  وبالتالى فهى تخضع للمراقبة الاستخباراتية وفقا للفقرة الأولى من المادة الثالثة بقانون حماية الدستور بألمانيا.