الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لأول مرة منذ 15 عامًا زيارة الأمير تشارلز ولى عهد بريطانيا وزوجته كاميلا دوقة كورنوال محطة جديدة للعلاقات التاريخية بين البلدين

وسط احتفاء تاريخى بزيارتهما إلى مصر، غادر الأمير تشارلز، ولى عهد بريطانيا وزوجته كاميلا، دوقة كورنوال، مصر فى أول جولة خارجية لأحد أفراد العائلة الملكية البريطانية منذ جائحة كورونا، واستمرت لمدة يومين، إلا أنها كانت حافلة باللقاءات المختلفة والتجارب الجديدة التى مرّا بها؛ خصوصًا أن هذه الزيارة هى الأولى للأمير تشارلز منذ نحو 15 عامًا.



فى بداية جولتهما فى القاهرة استقبلهما الرئيس عبدالفتاح السيسى والسيدة قرينته بقصر الاتحادية، وكان فى استقبال الأمير تشارلز وزوجته لدى وصولهما إلى مطار القاهرة على متن طائرة ملكية خاصة، وزير السياحة المصرى خالد العنانى ومسئولون من السفارة البريطانية فى القاهرة.

ورحّب الرئيس عبدالفتاح السيسى بالأمير تشارلز ولى عهد بريطانيا فى زيارته لمصر، طالبًا نقل تحياته إلى الملكة «إليزابيث»، ومعربًا عن التطلع لأن تمثل هذه الزيارة محطة جديدة داعمة للعلاقات التاريخية بين البلدين، آخذًا فى الاعتبار ما تمثله دومًا الزيارات الملكية البريطانية من علامات بارزة تظل ماثلة فى الذاكرة السياسية والشعبية لكلٍ من مصر وبريطانيا.

من جانبه؛ أعرب الأمير تشارلز عن التقدير والامتنان لحفاوة الاستقبال وكرم الضيافة التى لاقاها فى مصر، ناقلًا إلى الرئيس تحيات الملكة «إليزابيث»، ومؤكدًا سعادته بالتواجد فى مصر مجددًا، وحرصه على زيارتها فى إطار الجولة الرسمية الأولى له خارج البلاد بالإنابة عن الملكة منذ بدء جائحة «كورونا»، وذلك فى ضوء خصوصية العلاقات التقليدية بين البلدين، بالإضافة إلى الدور المحورى والمتوازن الذى تضطلع به مصر فى التعامل مع العديد من القضايا الدولية بقيادة الرئيس، وكذا صون الأمن والاستقرار فى المنطقة.

الاهتمام المشترك بين البلدين

وشهد اللقاء التباحث حول عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك؛ خصوصًا ما يتعلق بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف؛ حيث أكد الرئيس «السيسى» تضامُن مصر مع بريطانيا وشعبها فى مواجهة الإرهاب الأسود عقب الحادث الإرهابى الأخير الذى وقع بمدينة ليفربول، ولتكثيف التعاون المشترك لتعزيز قيم التسامح والسلام وقبول الآخر، بما يُقوّض من التفسيرات المتطرفة التى تتبناها جماعات الإرهاب، فضلًا عن العمل على تبنّى المجتمع الدولى لاستراتيچية متعددة المستويات تشمل التعامل مع جميع العناصر والأطراف الداعمة للتنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى مواجهة الأيديولوچيات المتطرفة وتعزيز قيم التسامح والتعايش المشترك. 

وفيما يتعلق بقضايا المنطقة، أكد الرئيس «السيسى» أهمية ترسيخ المؤسّسات الوطنية فى دول المنطقة التى تعانى من أزمات؛ بهدف ملء الفراغ الذى يتيح الفرصة لنمو الإرهاب وانتشاره إلى باقى دول العالم، وهى محددات تمثل فى مجملها ثوابت ومبادئ سياسة مصر فى التعامل مع الأزمات القائمة بالمنطقة.

وثمّن الأمير تشارلز الجهودَ التى قامت بها مصر خلال السنوات الماضية على صعيد التصدى للأفكار المتطرفة ومكافحة الإرهاب؛ حيث أوضح الرئيس فى هذا السياق أن هناك نهجًا  فعليًا ترسّخ فى تعامُل الدولة مع حرية ممارسة الشعائر الدينية، وكذا إعلاء مبادئ المواطنة والمساواة وعدم التمييز بين المواطنين على أى أسُس دينية أو طائفية أو غيرهما، فضلًا عن ترسيخ ثقافة التعددية وقبول الآخر. 

وأكد الأمير تشارلز اهتمامَ بريطانيا بتعزيز التعاون المشترك مع مصر فى هذا الإطار للاستفادة من تجربتها فى ترسيخ دور الأديان كحاضنة للتطور الاجتماعى الإيجابى الذى ينمى وعى الفرد بدوره وواجباته تجاه مجتمعه واستقراره وتنميته.

كما شهد اللقاء التباحث بشأن سُبل تعزيز التعاون الثنائى فى عدد من المجالات؛ خصوصًا على مستوى التعليم الجامعى والصحة، بالإضافة إلى التنسيق فى موضوعات تغيُّر المناخ، فى ضوء المبادرات المتعددة التى يرعاها الأمير تشارلز فى هذا المجال، إلى جانب استضافة مصر عام 2022 للدورة المقبلة الـ27 لمؤتمر الأمم المتحدة لتغيُّر المناخ؛ وذلك بهدف تأمين تحقيق نتائج إيجابية للوصول إلى الأهداف التى وضعها المجتمع الدولى للتعامل مع هذا الملف المهم الذى يمس مصالح الإنسانية بأسْرها؛ لا سيما ما يتعلق بتفعيل دور القطاع الخاص بإمكاناته الضخمة للمساهمة فى الحد من الانبعاثات.

وأعرب الجانبان عن الارتياح للتطور الإيجابى الملموس الذى تشهده علاقات التعاون بين البلدين الصديقين فى الفترة الحالية، والتشاور المستمر فى جميع المجالات سواء على مستوى القيادة السياسية أو المستويات التنفيذية، بما فى ذلك التنسيق لمواجهة التحديات المستجدة والتى تهدد الإنسانية بشكل مشترك.

 السيدة انتصار السيسى: لقائى مع صاحبة السمو الملكى حول تمكين المرأة وخطوات الدولة لتعزيز دورها  ومن جهتها أعربت السيدة انتصار السيسى، قرينة رئيس الجمهورية، عن سعادتها بلقاء السيدة صاحبة السمو الملكى الدوقة كاميلا، دوقة كورنوال بصحبة صاحب السمو الملكى الأمير تشارلز، أمير ويلز.

وكتبت السيدة انتصار السيسى على صفحتها الرسمية بموقع «فيسبوك» قائلة: «سعدت باستقبال صاحبة السمو الملكى الدوقة كاميلا، دوقة كورنوال، اليوم، بصحبة صاحب السمو الملكى الأمير تشارلز، أمير ويلز، فى بلدهما الثانى مصر».

وأضافت: «وقد كان لقائى مع صاحبة السمو الملكى فرصة للحديث حول تمكين المرأة وخطوات الدولة لتعزيز دورها سواء داخل الحكومة أو البرلمان وتأهيل جيل جديد من الشابات المصريات، فضلاً عن جهود الدولة فى توفير حياة كريمة لكل المصريين عبر سلسلة من المبادرات والبرامج الرئاسية، وكانت كلمات الدوقة معبرة بحق عن حب لمصر وسعادة بالعودة إليها لأول مرة منذ سنوات طويلة».

واختتمت كلماتها قائلة: «تمنياتى لضيفة مصر العزيزة بقضاء وقت ممتع فى مصر، مجددة الترحيب بسموها وبصاحب السمو الملكى الأمير تشارلز».

 فى جامع الأزهر الشريف

كما زار الأمير تشارلز أمير تشارلز وقرينته دوقة كورنوال، جامع الأزهر الشريف، وكان فى استقبالهما الأمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب. وتُعَد هذه الزيارة هى الثانية للأمير تشارلز وقرينته للجامع الأزهر؛ إذ قاما بالزيارة الأولى فى عام 2006.

وبحث فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، مع الأمير تشارلز، ولى العهد البريطانى أمير ويلز، أزمة تغيُّر المناخ وما تفرضه من تحديات كبيرة تهدد العالم، والحلول الممكنة لمواجهتها.

وقال فضيلة الإمام الأكبر، إن نتائج القمة العالمية للمناخ «COP26» لم تأتِ على قدر الحاجة والمستوى المرجو منها. معربًا عن أمله فى أن تسهم جهود المنصفين أمثال الأمير تشارلز فى الدفاع عن حقوق الدول الفقيرة، وحث المجتمع الدولى أن تأخذ تلك الدول ومصالحها فى الحسبان للتخفيف من معاناتها. مضيفًا إنه قد شارك مؤخرًا فى القمة العالمية التحضيرية لمؤتمر المناخ «COP26» بحضور عدد كبير من رموز وقادة الأديان فى ضيافة البابا فرانسيس على أمل الإسهام فى وضع الحلول المناسبة لتلك الأزمة العالمية، إلا أن النتائج لم تكن على المستوى المطلوب.

وأوضح ولى العهد البريطانى، أنه قضى ما يزيد على الأربعين عامًا فى البحث عن حلول لتلك الأزمة العالمية، مؤكدًا أنه قد وجّه دعوة صريحة إلى الحكومات المشاركة فى COP26 وقمة مجموعة العشرين وغيرهما من القمم العالمية ذات الشأن بأن توجه استثماراتها نحو مشاريع البنَى التحتية، والمشروعات التى تساعد فى الحفاظ على البيئة والتصدى للتغيُّر المناخى، مؤكدًا أنه لمس حرصًا كبيرًا فى الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث فى تعاليم الإسلام وتعاليم الأديان الأخرى.

وخلال الزيارة التقى الأمير تشارلز فى المسجد بعلماء الأزهر الذين يدرسون الدراسات الإسلامية فى الجامعات البريطانية قبل أن يعود إلى جامعة الأزهر، وهى من أقدم المؤسّسات التعليمية فى العالم؛ ليعملوا كأعضاء هيئة تدريس.. استضاف صاحب السمو الملكى، طلابًا من البرنامج فى كلارنس هاوس فى عام 2018».

كما تفقّد الأمير تشارلز وقرينته دوقة كورنوال وبرفقتهما الإمام الأكبر أحمد الطيب صحن الجامع الأزهر، قبل أن يتم التقاط الصور التذكارية فى صحن الجامع وأمام صهريجه، الذى أنشأه الأمير تاج الدين الشوبكى (والى القاهرة آنذاك) فى عام 818 هجريًا.

الدوقة كاميلا فى عزبة خير الله

وبعد انتهاء زيارة المشيخة، أجرت الدوقة كاميلا بمفردها زيارة إلى عزبة خير الله، كما تفقدت إحدى المبادرات المجتمعية لتطوير حياة الأسر الأكثر احتياجًا والتى تقام تحت إشراف المجلس الثقافى البريطانى منذ عدة سنوات والتى تساعد على تمكين النساء، ودعم الشباب.

وفور وصول الدوقة كاميلا إلى عزبة خير الله استقبلها بعض الأطفال القاطنين بالمنطقة وقاموا بتحيتها ثم صعدت إلى أحد الأسطح واستمعت لشرح حول كيفية ابتكار النساء المعيلات لعائلاتهن وطرُق لدعم أنفسهن وإعالة عائلاتهن، وأيضًا تجارب بعض الشباب وجهودهم لتشجيع حماية الطبيعة كإعادة استخدام وتدوير الأدوات وصناعة شنط صديقة للبيئة وزراعة الأسطح؛ وذلك للحد من تأثير تغيُّر المناخ، وهو جزء من برنامج التواصل المناخى الذى يقوم بتنفيذه المجلس الثقافى البريطانى على مستوى العالم.

وشاهدت دوقة كورنوال مسرحية قام بأدائها بعض النساء لسرد قصصهن الناجحة.

واستمعت الدوقة لتجارب نسائية وتفاصيل مبادرة التواصل المناخى- والتى تشتمل على سبع مبادرات- وهو برنامج عالمى يقوم به المركز الثقافى البريطانى لتمكين الشباب والمرأة من خلال توفير تدريبات وفرص تعليم.

 الأمير تشارلز والدوقة كاميلا فى منطقة الأهرامات وأبو الهول

وزار الأمير تشارلز والدوقة كاميلا منطقة الأهرامات وأبو الهول وكان فى استقبالهما عدد من الأهالى والعاملين بالمنطقة الأثرية. 

وعند سفح الأهرامات دعا الأمير تشارلز العالم للحفاظ على كوكب الأرض وحماية البيئة والطبيعة. مشيرًا إلى أن الأديان السماوية تدعو للحفاظ على محيطنا وتركه بصورة جيدة للأجيال التالية.

وبدأ الأمير تشارلز كلمته بإلقاء التحية متحدثا عن أهمية مصر، وقال إن لديه ذكريات رائعة عن مصرأ مرددًا بالعربية «مَن يشرب من النيل يرجع لمصر مرة ثانية»، مؤكدًا قوة العلاقة بين مصر وبريطانيا رُغم التحديات، والتى ازدهرت بشدة فى صورة صداقة وشراكة وطيدة.

وقال الأمير تشارلز، إن واجبنا أن نبذل كل ما بوسعنا من أجل حماية البيئة، ويجب أن نسعى لحماية إرث أسلافنا، الذين حرصوا على الطبيعة. مشيرًا إلى مهارة القدماء المصريين الذين بنوا الأهرامات إحدى عجائب الدنيا.

وقال إن الأديان السماوية الثلاثة تدعونا للحفاظ على البيئة المحيطة بنا، والحفاظ عليها من أجل الأجيال القادمة. موضحًا أن هذه الفكرة كانت فكرة خطاب ألقاه قبل سنوات فى جامعة أوكسفورد، بعنوان «الإسلام والبيئة».

 التحرش.جاء ذلك خلال حوار ولى العهد البريطانى مع سلمى مدحت وأحمد هشام مؤسّسى تطبيق «ماتخافيش» لدعم السيدات نفسيًا وقانونيًا فى مواجهة حالات التحرش الجنسى والمساعدة على تحسين جهود الدولة فى هذا المجال، فى إطار زيارته إلى الحرم اليونانى بالتحرير.

أمّا دوقة كورنوال، فزارت مستشفى بروك للحيوانات بالسيدة زينب، وأبدت إعجابها بالمستشفى وآلية العمل بداخله؛ حيث تفقّدت أقسام المستشفى وتجاذبت أطراف الحديث مع المسئولين به والأطباء.

وأعطى أحد العاملين بالمستشفى هدية تذكارية لدوقة كورنوال، لتختتم فيما بعد زيارتها التفقدية بصورة تذكارية مع طاقم عمل المستشفى وتوقع فى دفتر كبار الزوار قبل مغادرتها.

ويقع المستشفى بالسيدة زينب، وتأسّس سنة 1934م فى القاهرة، ويعمل فى جميع أنحاء العالم، ومقرها المملكة المتحدة.

 الإسكندرية آخر محطات الجولة الملكية

وكانت الإسكندرية آخر محطات الجولة الملكية؛ حيث زارا المركز الثقافى اليسوعى، الجزويت؛ حيث بدأت الزيارة بجولة داخل كنيسة المركز أعرب خلالها الأمير عن إعجابه بها واستمع إلى شرح من خادم الكنيسة عن تاريخ الكنيسة ودورها المجتمعى والدينى. وأهدى القائمون على العمل بالمركز هدية تذكارية لهما عبارة عن مفتاح الحياة المصنوع من التين الصعيد.

وقام ولى العهد البريطانى بالتجول فى معرض تحت عنوان «بورتوريه إسكندرانى» يروى تاريخ شخصيات جذورها إسكندرانى مثل هند رستم وتوفيق الحكيم؛ حيث صمم المعرض مجموعة من الأطفال السودانيين اللاجئين الذين رسموا بروفايلات للأشخاص مستخدمين فن الموزايك.