الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إذا كان أجرها ومنصبها أعلى منك.. هل تقبل؟ مراتك مديرك!

بعد أن أصبح تمكين المرأة واستقلالها وتحسين وضعها السياسى والاجتماعى والاقتصادى والصحى هدفًا فى غاية الأهمية، وبعد أن أدرك المجتمع أن تمكينها ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة، وأن المشاركة والشراكة الكاملين لكل من النساء والرجال مطلوبان فى الحياة الإنتاجية والإنجابية بما فى ذلك تقاسم المسئوليات من رعاية الأطفال وتربيتهم إلى إعالة الأسرة، لا تزال بعض النساء تواجه تهديدات لحياتهن الشخصية ورفاهيتهن من قِبَل الأزواج نتيجة لنجاحهن الكبير فى العمل وامتلاكهن القوة والتأثير.



 

  وغالبًا ما لا يتم الاعتراف بنجاحهن وقدراتهن على التطور والتقدم والقيادة وحتى استقلالهن المادى، الأمرُ الذى يتطلب تغييرًا حقيقيًا من خلال إجراءات سياسية وبرامجية من شأنها تحسين وصول المرأة إلى سُبُل عيش حياة شخصية آمنة، وأن يكون لديها موارد اقتصادية مستقلة وتخفيف مسئولياتها الشديدة فيما يتعلق بالأعمال المنزلية التى يستغلها بعض الرجال من أجل إحباط إرادة زوجاتهم، بمعنى أوضح كلما زاد دخل الزوجة زادت العقوبة فى المنزل وإزالة العوائق القانونية التى تحول دون مشاركتها فى الحياة العامة، وزيادة الوعى الاجتماعى من خلال برامج فعالة للتثقيف والاتصال الجماهيرى، الأمرُ الذى من شأنه أن يُحسّن وضع المرأة، ويُعزز قدرتها على اتخاذ القرار على جميع المستويات وفى جميع مجالات الحياة؛ خصوصًا فى حياتها الخاصة وتربية جيل صحى سوى، وهذا بدوره ضرورى لنجاح البرامج السكانية على المدى الطويل.

  الابتزاز الزوجى

لا تزال فجوة الأجور بين الجنسين واحدة من أكثر الموضوعات الساخنة فى المجتمع المصرى؛ حيث يكسب الرجل تقريبًا ضعف ما تكسبه المرأة فى نفس المجال بسبب موروثات اجتماعية بالية، كقدرته على التحمل والعمل تحت الضغط والقيادة، والعمل لساعات إضافية وغيرها مما يُخسر المرأة فرصة الحصول على المكافآت والحوافز والأوفر تايم، ولكن هناك بعض النماذج من النساء اللائى يتغلبن على الصور النمطية من خلال كسب المال أكثر من أزواجهن، الأمرُ الذى يؤثر بشكل أو بآخر على علاقتهم الزوجية.. ومن بين هذه النماذج زينب فؤاد، وهى سيدة مصرية تعمل مديرة فى إحدى شركات الاتصالات، تتعرض للتنمُّر الزوجى والابتزاز المستمر من قبَل زوجها بعد أن أصبح دخلها الشهرى 3 أضعاف دخله.. وتقول زينب: فى بداية الزواج كنت أنا وزوجى فى نفس المستوى الوظيفى، وزوجى يعرف طبيعة عملى جيدًا لكنه لم يتخيل أن أصبح فى يوم من الأيام مديرته بعد أن قررت استغلال فترة الجائحة، بشكل مفيد قمت بتطوير ذاتى وقدراتى من خلال الدورات المجانية على الإنترنت، وبالفعل استطعت الترقى حتى وصلت إلى أن أكون مديرة على زوجى، ومنذ اليوم الأول فى منصبى الجديد تغيرت طريقة زوجى فى معاملته بنسبة كبيرة، وأصبح أكثر عصبية وعنفًا فى المنزل، وكلما تشاجرنا يطلب منّى ترك العمل بحجة التقصير فى واجباتى المنزلية والزوجية، وكان دائمًا ما ينهكنى فى الأعمال المنزلية ويطلب منّى الكثير من الأكلات الصعبة حتى أذهب إلى العمل مجهدة، وأخفق بأى شكل من الأشكال حتى كدت فى إحدى المرّات أن أفقد الوعى من كثرة التعب والإجهاد، ووصلنا إلى طريق مسدود حين طلب منّى ترك العمل وخيّرنى بين العمل أو البيت بحجة أنه مُحرَج من زملائه فى العمل كون زوجته مديرته، وأن نظام العمل بالشيفتات لا يتناسب مع الحياة الزوجية.

 رفضت الاستسلام     

بينما رفضت هدير ثابت، التى تعمل فى إحدى الهيئات الحكومية المهمة، ترك عملها بعد جولات من الابتزاز الزوجى، وتقول: كنت أثق كل الثقة فى زوجى ونعمل سويًا فى نفس المؤسّسة، بينما أنا أعمل فى القسم الميدانى كان زوجى يعمل بالقسم الإدارى، ترقّى كل منّا حتى كنا فى نفس الدرجة، لكن الراتب الشهرى مختلف، فكنت أتقاضى ضعف ما يتقاضاه زوجى بسبب أن عملى ميدانى، لكنى لم أكن أعلم، وذلك بسبب أنى كنت دائمًا ما أعطى له الكارت الخاص بى لكى يقبض، وعندما ذهب زوجى إلى مأمورية عمل علمت أنى زوجى يأخد من راتبى ولا يُخبرنى، وأنه كان يغار من عملى وابتزنى، ولكنى رفضت كل أشكال الابتزاز وقررت الانفصال عنه بعد أن وصلنا لطريق مسدود.

 وراء كل امرأة عظيمة رجل 

وعلى النقيض تمامًا هناك نماذج كثيرة ناجحة ومشهورة، وصلن إلى مناصب مرموقة بدعم أزواجهن ومساندتهن، ومنهن من اضطر أزواجهن إلى السفر أو الهجرة والبحث عن عمل فى دول أخرى حتى يقفوا بجانب زوجاتهم.. تقول إسراء عطية، وهى تعمل طبيبة فى الولايات المتحدة الأمريكية أنها لولا موافقة زوجها على السفر ما كانت وصلت إلى وصلت إليه الآن، وتضيف: كنت أعمل فى مصر طبيبة وعضو هيئة تدريس فى إحدى الجامعات الحكومية، وزوجى كذلك، وقدمت على بعثة عن طريق الإنترنت فى الولايات المتحدة الأمريكية، وبالفعل وافقت الجامعة التى تواصلت معها، وعندما أخبرت زوجى شجعنى على السفر ومواصلة التقدم فى العمل والسعى من أجل الوصول إلى أحلامى، وبالفعل سافرت ولحق بى زوجى وأبنائى، وظل يبحث عن عمل لفترة تجاوزت الثلاثة أشهر حتى تمكن من العمل فى أحد المستشفيات الأمريكية، ولا يزال يدعمنى بكل قوة ماديًا ومعنويًا حتى بعد أن تخطيته بدرجة علمية.

ومن ضمن النماذج الناجحة أيضًا التى تفوقت بسبب دعم زوجها ووقوفه وراءها المصممة المصرية الشهيرة هدى قنديل، التى تحولت بفضل زوجها وتشجيعه من مصممة ديكور صغيرة إلى صاحبة مصنع أثاث وديكور يُعد من أكبر المصانع، وأصبحت من الملهمات فى هذا المجال؛ حيث درسا سويًا فى نفس المجال ورفض الزوج عمل زوجته فى وظيفة روتينية، وهو على علم بإمكاناتها وقدراتها الفنية، وشجعها ووقف بجانبها حتى نجحت فى مجالها وترقت من المجال خطوة خطوة.

 الغيرة من النجاح ظاهرة جديدة توصّل الأزواج محكمة الأسرة 

 ترى أسماء عبدالعال، المحامية بالنقض، أن موضوع تفوُّق المرأة على الرجل سواء ماديًا أو عمليًا بات على وشك أن يصبح ظاهرة سلبية تملأ أروقة محاكم الأسرة فى مصر بقضايا الطلاق والخُلع إذا لم يتم التدخل السريع من خلال الحملات التوعوية الموجهة للرجال، وغالبًا ما تكون الأسباب الجذرية لهذه المشاكل هى الغيرة مع تقدم الشريك؛ خصوصًا إذا كان تقدم الزوجة يفوق تقدم الزوج فى العمل؛ خصوصًا الذين يعملون فى نفس المجال، فدائمًا ما يتساءل الرجل كيف يمكن أن تكون زوجتى أفضل منّى فى العمل؟ كيف تكون محبوبة أكثر منّي؟ هل هى أكثر ذكاء منّى؟ هل هى أفضل منّى؟ ففى بعض الأحيان وليس دائمًا يمكن أن يكون التنافس فى العمل أمرًا جيدًا للزواج، لكن تفوق الزوجة يجلب الغيرة ويمكن أن يجلب الدمار على العلاقة الزوجية، وبالبحث والتدقيق وجدت العديد من الأبحاث والدراسات وآخرها دراسة جديدة تفيد أن الرجال يشعرون بالسوء فى أعماق العقل الباطن عندما تنجح زوجاتهم، ونشرت هذه الدراسة فى مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعى، وأظهرت هذا التأثير حتى عندما لا يتنافس الزوجان فى نفس مجال العمل، وتوقع مُعدو الدراسة أن الرجل قد يشعر بالتهديد النفسى إذا تفوقت عليه زوجته؛ خصوصًا لو فى نفس مجال العمل؛ حيث فوجئوا بالعثور على دليل على أن تقدير الذات اللا واعى للرجال ينخفض ​​بشكل كبير بعد نجاح زوجاتهم، وذلك يرجع لعدة أسباب، أولًا إن الزوج  يفسر تلقائيًا نجاح زوجته على أنه فشل له لأن نجاحها يتحدى الصورة النمطية للنوع الاجتماعى بأنه يجب أن يكون الرجل أكثر كفاءة وقوة وذكاءً نسبيًا من شريكته الأنثى، وثانيًا إن أفكار الرجل حول نجاح شريكه تثير الخوف من أنه ليس جيدًا بما يكفى لها وقد يَفقدها، كما وُجدت دراستان أخريان أجريتا عبر الإنترنت على 284 رجلًا و373 امرأة من دول مختلفة معظمها دول عربية، تفيد أن الرجال قد تدهور مفهوم الذات لديهم أكثر عندما اعتقدوا أن زوجاتهم قد نجحوا فى شىء فشلوا فيه وأصبحوا مديرين عليهم.