الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

توقعات باستمرار ارتفاع الأسعار: شبح التضخم يجتاح العالم

‎بدأت موجاتُ التضخم فى الانتشار فى كل بلدان العالم، ما جعل البنوك المركزية العالمية تستدعى أدواتها لمواجهة هذه الارتفاعات فى أسعار السلع عن طريق رفع أسعار الفائدة، وبالتالى تقييد الوصول إلى الائتمان وإبطاء الطلب، ولكن توقعات وكالة بلومبرغ لأسعار البنوك المركزية، أظهرت أن جميع البنوك المركزية لا ترى أن الإجراءات المضادة فى الوقت الحالى ضرورية.



‎فى خلفية هذا التحوُّل، ظهرت الكثير من التوقعات على أنَّ ارتفاع التضخم الذى انتشر مؤخرًا لن يختفى قريبًا وسط أزمات سلاسل الإمداد والتوريد، وارتفاع أسعار السلع الأولية، وزيادة الطلب بعد انتهاء الإغلاق، واستمرار عمليات التحفيز النقدى، ونقص الأيدى العاملة.

‎مما يزيد مهمة صنَّاع القرار تعقيدًا؛ هو احتمال تباطؤ معدلات نمو الاقتصاد، الأمر الذى دفع بعضهم إلى التحذير من تَشكُّل بيئة اقتصادية تتسم بالركود التضخمى.

قادة البنوك المركزية فى مأزق

‎وهذا وضع قادة البنوك المركزية فى مأزق، إذ يتناقشون حول أى الأخطار التى لها الأولوية فى المواجهة. فاستهداف التضخم بتطبيق سياسة نقدية متشددة يضيف ضغوطًا على الاقتصاد، ومحاولة تحفيز الطلب، ربما تؤدى إلى مزيد من اشتعال الأسعار فى هذه اللحظة يشعر كثير من قادة البنوك المركزية أنَّ خطر ارتفاع التضخم استمر أكثر مما توقَّع معظمهم.

‎البنك المركزى الأوروبى والاحتياطى الفيدرالى يبقيان على أسعار الفائدة المنخفضة.

‎ومن المرجح أن يحافظ البنك المركزى الأوروبى وكذلك بنك الاحتياطى الفيدرالى على أسعار الفائدة المنخفضة حتى نهاية العام المقبل. هذا رُغم أن الهدف من سياستهم النقدية هو الحفاظ على معدل التضخم ثابتًا عند نحو 2 %؛ حيث لا يُنظر إلى الارتفاع الأخير فى أسعار المستهلكين فوق الهدف البالغ 2% كسبب حتى الآن لتدخل البنوك المركزية.

‎وترى رئيسة البنك المركزى الأوروبى، كريستين لاغارد، أن إجراءات مكافحة جائحة فيروس كورونا أدت إلى نقص الإمدادات فى قطاعات معينة، وبمجرد أن تهدأ هذه الآثار، فى نظر البنوك، يجب أن ينخفض التضخم مرة أخرى.

 بلومبرغ تتوقع استقرار أسعار الفائدة فى أستراليا والهند واليابان وسويسرا

‎ووفقًا لتوقعات وكالة بلومبرغ، من المتوقع أيضًا أن تظل أسعار الفائدة مستقرة فى أستراليا والهند واليابان وسويسرا، ومع ذلك يمكن للبنوك المركزية الأخرى أن تنهى عصر الائتمان الرخيص بسرعة أكبر. وهذا يشمل، على سبيل المثال، بريطانيا العظمى؛ حيث يتوقع محللو بلومبرغ أن يرفع البنك المركزى سعر الفائدة من 0.1 % إلى 0.25 % بنهاية عام 2022.

 

 مخاطر أمام الاقتصاد الصينى

وبدأ البنك المركزى فى الصين خفضًا تدريجيًا فى حركة توسيع الائتمان بهدف السيطرة على المخاطر المالية خلال العام الحالى، بمجرد أن حقَّق التعافى الاقتصادى من تأثير جائحة كورونا تقدُّمًا بوتيرة سريعة.

غير أنَّ أداء الاقتصاد يكشف عن دلائل ضعف خلال النصف الثانى من العام؛ مما دفع السُّلطات إلى أن تغيّر اتجاهها فجأة فى يوليو الماضى عبر تخفيض كمية النقود التى تحتفظ بها البنوك فى أرصدة الاحتياطى جزئيًا لمساعدة البنوك فى توفير احتياجاتها من السيولة، ولكن أيضًا لزيادة إقراض الشركات الصغيرة التى تضرَّرت من ارتفاع أسعار السلع الأولية، ومنذ ذلك الوقت تزايدت المخاطر التى تواجه النمو الاقتصادى سوءًا. وبسبب إجراءات السيطرة الشديدة فى مواجهة فيروس كورونا بهدف احتواء بؤر العدوى المتفرقة، أصبح المستهلكون الحذرون فعلًا أكثر حذرًا فى إنفاق أموالهم.

‎ومؤخرًا، أجبرت المصانع على الإغلاق بسبب نقص الكهرباء، الأمر الذى كان له توابعه بالتأثير سلبًا على سلاسل التوريد العالمية.

‎وتعنى هذه التوقُّعات السلبية أنَّ البنك المركزى قد يقوم بتخفيض نسبة الاحتياطى الإلزامى على البنوك مرة أخرى، كما يتنبأ بذلك الاقتصاديون، وربما خفض أسعار الفائدة الأساسية أيضًا.

خفض مفاجئ للفائدة فى تركيا

فيما تتعرض السياسة النقدية للرئيس التركى رجب طيب أردوغان للنقد من قبل المحللين، والتى يصفونها بـ «غير التقليدية»؛ حيث ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة تصل إلى 19 %، فيما خفض البنك المركزى التركى مؤخرًا سعر الفائدة الرئيسى، ومع ذلك، وفقًا لتوقعات بلومبرغ، سوف يفعل ذلك مرة أخرى بحلول نهاية عام 2022؛ حيث يرى أردوغان أن أسعار الفائدة المرتفعة من شأنها أن تغذى التضخم، بينما تحفز الأسعار المنخفضة القروض والاستثمارات.

حيث أطلق البنك المركزى التركى فترة اضطرابات جديدة فى السوق عبر تخفيض أسعار الفائدة بطريقة غير متوقَّعة خلال الشهر الماضى، بما يعكس التأثير طويل الأجل للرئيس رجب طيب أردوغان على السياسة النقدية. وجاء الخفض المفاجئ لأسعار الفائدة رغم ارتفاع الأسعار، وبَعد أن دعا أردوغان إلى تخفيض تكاليف الاقتراض، مما جعل الليرة أسوأ عملات الأسواق الناشئة أداءً مرة أخرى خلال العام الحالى.

التضخم فى بريطانيا سيقفز إلى أعلى مستوياته خلال الـ12 شهرًا المقبلة

ويبدو الوضع أسوأ بكثير فى بريطانيا بسبب تبعات البريكست ووفقًا لاستطلاع مشترك لـCiti Bank ومؤسّسة يوغوف للأبحاث فأكدت أن التضخم فى بريطانيا على مدى 12 شهرًا المقبلة سيقفز إلى أعلى مستوى منذ 2008 ليسجل 4.4 % وهى أعلى من توقعات سبتمبر الماضى التى أشارات إلى 4.1 %.

ولكن الاستطلاع أشار إلى تراجع توقعات التضخم فى غضون خَمس إلى عَشر سنوات إلى 3.7 % بعد أن كانت عند 3.8 % فى شهر سبتمبر الماضى.

‎وهذا ما أكده هيو بيل كبير الاقتصاديين فى بنك إنجلترا أنه يتوقع أن التضخم فى بريطانيا قد يتجاوز 5 فى المائة، أى أكثر من ضعف المستهدف عند 2.

 صندوق النقد الدولى يتوقع نسب تضخم تتراوح بين 18 و31 % فى الدول العربية

‎ويتوقع صندوق النقد الدولى ارتفاع معدلات التضخم فى مصر والجزائر وتونس والسودان بنسب تتراوح بين 6 وأكثر من 10 بالمائة هذه السنة. وفى الدول العربية التى تعيش أزمات سياسية أو حروبًا مثل اليمن وليبيا، فيتوقع الصندوق نسب تضخم تتراوح بين 18 و31 بالمائة، أمّا فى لبنان وسوريا فقد وصل التضخم إلى مستويات مفرطة تراوحت بين 50 و100 بالمائة خلال السنة الماضية 2020 على صعيد السلع التى لا تدعمها الدولة أو رفعت عنها الدعم.

‎زادت معدلات التضخم عالميًا بشكل غير مسبوق،  فقد وصل حجم التضخم فى الولايات المتحدة الأمريكية إلى 3.5 % حاليًا فى حين أنها كانت فى حدود 2/1 % من قبل وأيضًا معدلات التضخم فى أوروبا تجاوزت حاليًا لأكثر من 4 %، وفى بعض الدول الأوروبية تجاوزت 4.7 % فى حين أنها كانت فى حدود 1 % ووصل التضخم إلى أعلى مستوى له منذ 13 عامًا فى منطقة اليورو. 

‎وفى رؤيته التحليلية لما يحدث فى العالم يؤكد لنا د.عبدالمنعم السيد رئيس مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والاستراتيچية، أن التضخم زاد على مستوى العالم بنسبة 300 % تقريبًا، وهى معدلات غير مسبوقة، مما تسبب فى زيادة الأسعار. مشيرًا إلى أن هناك عدة أسباب أدت إلى (التضخم) عالميًا، ومنها زيادة الطلب على السلع الأساسية والغذائية بشكل كبير؛ خصوصًا بعد بدء التعافى من فيروس كورونا وانتشار المصل واللقاح فى أمريكا ودول الاتحاد الأوروبى.

‎فى حين أن العرض لا يزال لم يصل إلى ما كان عليه قبل أزمة فيروس كورونا لأن المصانع والشركات لم تعد للعمل بكامل طاقتها.

‎كما أن زيادة أسعار النفط والذى تجاوز سعر برميل النفط حاليًا 85 دولارًا ومرشح أن يصل إلى 90 دولارًا للبرميل؛ حيث إن سعر برميل البترول كان فى حدود 70 دولارًا منذ الـ 3 شهور الماضية من أهم الأسباب وراء زيادة الأسعار، فضلًا عن ‎ارتفاع تكاليف الشحن والنقل كما حدث فى بريطانيا، مما أدى إلى زيادة تكلفة الإنتاج، وبالتالى زيادة السعر مع عدم.

‎وجود استعدادات كافية من قبل منتجى الطاقة (البترول والغاز) بالوفاء بحجم الطلب بعد الفتح الاقتصادى.

‎هذا بالإضافة إلى التغير المناخى الذى أثر على المنتج الزراعى بشكل كبير، مما أدى إلى تغير الخصائص الزراعية والتربة، وبالتالى انخفض بعض المحاصيل، مما أدى إلى زيادة الأسعار بسبب المناخ السيئ، وقد أعلنت منظمة الأغذية العالمية (الفاو) ارتفاع أسعار الغذاء وقد وصل ذروته فى شهرى سبتمبر وأكتوبر 2021 وزادت أسعار الغذاء بنسبة 33 %.

‎مع توجُّه الصين إلى زيادة الطلب والشراء للسلع الأساسية وأيضًا المواد الخام لزيادة حجم الإنتاج لديها ورغبتها فى زيادة المخزون السلعى لديها.

‎فالصين تساهم بنسبة 17 % من الناتج القومى الإجمالى العالمى وتقوم بالتحكم فى 27.5 % من تجارة العالم، ‎فضلًا عن الاضطرابات السياسية والتوتر بين روسيا وأوروبا والتى أثرت على أسعار الغاز الطبيعى فى الارتفاع.