الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أصدرت حكمًا نهائيًا بإلغاء قرار وزير التعليم العالى فى عهد «الإرهابية»: بـ 6 مبادئ «الإدارية العليا» تحصن الجامعات من «الأخونة»

قضت المحكمة الإدارية العليا فحص فى العام الحالى 2021 بإجماع الآراء برفض الطعن الذى أقامه وزير التعليم العالى فى مايو 2013 فى عهد الجماعة الإرهابية وتأييد الحكم التاريخى الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية برئاسة المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة فى 26 مارس 2013 فى أوج حكم الجماعة الإرهابية بحظر الأخونة بالجامعات وبإلغاء قرار الوزير بفرض التقارير الذاتية لصرف بدل الجامعة الذى تم رفعه لأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية؛ حيث وضعت «الإرهابية» شروطًا لصرفه لإجبارهم على الانتماء للجماعة الإرهابية.



 

أكدت المحكمة برئاسة الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، أن رفع قيمة بدل الجامعة تم ربط صرفه بأخونة أعضاء هيئة التدريس بالجامعات.

وشددت المحكمة على ستة مبادئ لحماية استقلال الجامعات، مؤكدة أن بدل الجامعة حق لأعضاء هيئة التدريس دون قيد وليس منحة من الوزير، وأن الإخوان استحدثوا أداة غير قانونية تحمل مهانة لكبرياء أستاذ الجامعة المنارة المضيئة وإهانة لمكانة الأستاذية عند الشعب، كما أنهم اغتصبوا سُلطة المشرّع وقيّدوا حرية العلم والفكر والإبداع ولا يجوز إجبار الأساتذة للانضمام لفصيل سياسى معين، بالإضافة إلى أن أساتذة الجامعات لا يخضعون لتقارير الوزارة وإنما للتقارير العلمية وضمير الأستاذية، كما أن مفهوم مبدأ استقلال الجامعات منهجيًا من النواحى الفكرية والإبداعية والاجتماعية وليس استقلالًا ماليًا وإداريًا وعلميًا فحسب، وأيضًا فإن الأستاذ هو وحدة لا سُلطان عليه إلا لضميره العلمى ولا يجوز التسلط على أدق بيانات العلماء الشخصية.

وتعود وقائع القضية إلى تقدم العديد من أساتذة جامعة الإسكندرية من كليات التربية والحقوق والطب والزراعة والهندسة فى مارس 2013 وقت حكم الجماعة الإرهابية بدعوى قضائية طالبوا فيها بإلغاء قرار وزير التعليم الإخوانى الذى أخضع أساتذة الجامعات المصرية لتقارير أداء ذاتية تتحسّس هويتهم للانضمام للإخوان كشرط لصرف بدل قيمة الجامعة.

وترافع الأساتذة بأنفسهم، وهم: الدكتور مختار على نمير بكلية الزراعة، والدكتورة ماجدة شفيق والدكتور عبدالله سرور بكلية التربية، والدكتور يحيى إكرام ورفعت عبدالوهاب بكلية الحقوق، والدكتور عمر عبدالعزيز بكلية الهندسة، والدكتور ياسر زكى بكلية الطب، والدكتور وائل بهجت بكلية الطب البيطرى، والدكتورة أمانى رمضان.  وأوضح الأساتذة، أن التقرير يتضمّن سبع صفحات عن البيانات الشخصية مثل الرقم القومى والبريد الإلكترونى ورقم المحمول ورقم التليفون الأرضى وإلزامهم بإرسال النسخ الإلكترونية لموقع الوزارة الإلكترونى وربط كل ذلك بصرف بدل الجامعة. 

وطلب الدفاع الحاضر عن وزير التعليم أجلًا لمدة شهر، إلا أن القاضى قرر أن يقدم الحاضر عن الوزير الرد والمستندات حتى الساعة الرابعة عصر يوم الجلسة، ثم نطق القاضى بالحكم فى اليوم ذاته بعدها بساعة ليقابل هذا الحكم التاريخى بتصفيق من أساتذة الجامعات بالقاعة.

وقال الدكتور مختار نمير فى ذاك الوقت: إن حكم القاضى العادل تاريخى غير تقليدى يُدرس أعاد فيه القاضى كرامة عضو هيئة التدريس مرة أخرى وأكد عليها تأكيدًا عظيمًا.

وطلب «نمير» من وزير التعليم حينها أن يقرأ هذا الحكم ليتعلم منه كيف يحترم العلماء وأساتذة الجامعات.

وأضاف الدكتور «نمير»: إن قضاء مصر شامخ لا تستطيع جماعة النَّيْل منه وأن مصر لا تستطيع أى جماعة أن تخطفها، ونحمد الله على أنه وهبنا مثل هذا القاضى العادل الشجاع فى هذا الظرف الصعب الذى تمر به البلاد وأعاد بحكمه التاريخى للجامعات كرامتها كما أعاد للأحكام القضائية قدسيتها.

وقالت المحكمة  فى حيثيات حكمها: إن المشرّع جعل الجامعات هيئات عامة ذات طابع علمى وثقافى ولكل منها شخصيتها الاعتبارية المستقلة، وأعطى فى سبيل إدارة المنظومة الجامعية العديد من الاختصاصات المتتالية لمجالس الجامعات والكليات والأقسام ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات ورؤساء مجالس الأقسام، كل له دوره المرسوم له قانونًا، وعقد السُّلطة لرؤساء الجامعات فى إدارة شئون جامعاتهم العلمية والإدارية والمالية وألقى عليهم المسئولية الكاملة عن تنفيذ القوانين واللوائح، ونظرًا لأن عمل عضو هيئة التدريس قائم على العلم والبحث والإبداع فقد ألزمه المشرّع بأن يقدم تقريرًا سنويًا عن نشاطه العلمى والبحثى - منشورًا كان أو محل البحث - إلى رئيس مجلس القسم المختص للعرض على مجلس القسم، ومن ثم فلا يجوز إجبار عضو هيئة التدريس على تقارير أخرى غير تلك التى عناها المشرّع ورمَى إليها. 

وأضافت المحكمة: إن المشرّع قرّر زيادة بدل الجامعة لأعضاء هيئة التدريس والوظائف المعاونة بالجامعات بالنسب الواردة بالجدول المرفق بالقانون، واشترط شرطين لصرف ذلك البدل: أولهما التفرغ الكامل لأعضاء هيئة التدريس للعمل بجامعاتهم بحد أدنى أربعة أيام أسبوعيًا للقيام بالمهام والواجبات المنصوص عليها فى قانون تنظيم الجامعات، وثانيهما عدم تقاضيهم أى مستحقات مالية عن عمل خلال أيام التفرغ من أى مصدر داخل الجامعة أو خارجها خلاف ما نصت عليه اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، ولم يفوّض المشرّع رئيس مجلس الوزراء أو وزير التعليم العالى أو المجلس الأعلى للجامعات وضع شروط أخرى لاستحقاق هذا البدل، ومن ثم فلا يعتد بأى ضوابط أو توجيهات أو تعليمات تصدر من أى جهة على خلاف ما قرّره المشرّع. 

وشددت المحكمة على أنه، لا يصح أن يكون للدولة مَذهب محدد للكافة؛ بل يجب عليها أن تحترم التعددية فى المذاهب العلمية التى تنشأ فى المجتمع العلمى ، ولا يجوز بعد ثورة الشعب بكل أطيافه وطوائفه فى 25 يناير 2011 أن تتخذ الحكومة من سُلطتها وسيلة لتقييد حرية العلم والفكر والإبداع وأن أى تدخّل بأىّ صورة أو خرق بأى شكل لمبدأ استقلال الجامعات يُعد تعارُضًا صارخًا مع القيم الحضارية والأخلاقية للمجتمع، ويمثل تهديدًا حقيقًا لمستقبل الوطن والمواطنين بما يؤدى إلى التدهور والاضمحلال على نحو يغل يد التقدم نحو الحرية والديمقراطية ويعطل نمو المجتمع ويعوق مسيرته إلى الأمام. 

وذكرت المحكمة، أن وزير التعليم العالى فرض على أعضاء هيئة التدريس التقارير الذاتية عن الأنشطة والإنجازات لصرف الزيادة فى بدل الجامعة وفى سبيل إحكام الوزير لقبضته لنفاذ تلك التقارير أوجب عليهم رفع النسخة الإلكترونية لموقع الوزارة مباشرة http://www.highedu.eg؛ متغولًا بذلك على مبدأ استقلال الجامعات.

وأشارت إلى أن وزير التعليم العالى أصدر قراره المطعون فيه فى شأن التقارير الذاتية ليعطل صرف استحقاقهم بدل الجامعة بالشروط التى قررها القانون، واستحداثه لأداة غير قانونية تحمل مهانة لكبرياء أستاذ الجامعة.

وانتهت المحكمة، إلى أن وزير التعليم العالى الإخوانى يغتصب السُّلطة المعقودة للمشرّع وصدر من غير مختص قانونًا؛ باعتبار أن وزير التعليم العالى لا ولاية له فى إصداره مما ينحدر به إلى حد العدم لا تقوم له قائمة ولا يعدو أن يكون مجرد فعل مادى معدوم الأثر قانونًا لا تلحقه ثمّة حصانة تعصمه من ملاذ المواطنين بالقضاء العادل العاصم من القواصم، وبحسبان أن أساتذة الجامعات لا يخضعون لتقارير الوزارة وإنما للتقارير العلمية وضمير الأستاذية، ولأن منع أعضاء هيئة التدريس بالجامعات من الارتزاق وتعليق صرفه على تقارير ذاتية لمنح البعض ومنع الآخرين هو كالحريق يتعين إخماده والوقت حرج فيه مما ينعكس أثره السلبى على نفوسهم وعلى حياة أسرهم المادية والاجتماعية.