الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أسباب الحشد الجماهيرى لحفل «ويجز»

عندما نجد آلاف المستمعين محتشدين أمام مسرح «ويجز» فى مركز المنارة، فيجب ألا نتفاجأ لأن هذه الشعبية الجارفة لها الكثير من الأسباب.



ولكن قبل الحديث عن «ويجز»، دعونا نلقى نظرة على تاريخ الراب فى مصر الذى ظهر على استحياء فى أغنية «محمد منير»، (سيه سيه) من ألبوم (الفرحة) عام 1999، ثم بعد ذلك بعامين فى أغنية (حبيبى ولا على باله) لـ«عمرو دياب»، ولأن محاولات النجمين الكبيرين كانت قائمة لمغازلة «موضة» الراب وزيادة شهرتها عالميًا، لم تظهر هذه المقاطع بلهجة العامية المصرية، وهذا دليل على عدم شهرة هذا النوع من الغناء فى مصر.

الشرائح الأوسع من الجمهور عرفت «الراب» عن طريق فريق «إم تى إم»، وبأغنيتهم الشهيرة (أمى مسافرة) والتى كانت عنونًا لألبومهم الأول، هذه التجربة كانت قائمة على صناعة «الإفيهات الغنائية»، وكان مَرْضيًا عنها إعلاميًا، وفى التوقيت نفسه كانت هناك محاولات «مستقلة» لصناعة أغانٍ تعبر عن أحلام الشباب المتمرد على نوعية الأغانى العاطفية المسموح بظهورها على المنصات الإعلامية، وهذا يظهر فى أغنيات «واى كرو» بالاسكندرية، الذى توقف عن الغناء ولم يتبقَّ منهم سوى «العبقرى شاهين»، صاحب النجاحات الجماهيرية وآخرها أغنية (سيرى)، وكذلك «إيجى راب سكول» من المحافظة نفسها، و«محمد أسامة»، «مودى راب» و«إم سى أمين» فى المنصورة، و«إسماعيلية سولجرز» من مدن القناة، و«إسفلت» من القاهرة، هذه التجارب أطلق عليها الـ«أولد سكول»، لنقصان شعبيتها وعدم قدرة صناعها على الخروج من خصوصية جمهور الراب «المحدود» والانتقال لشرائح أوسع.

ومع ظهور «ويجز» و«مروان بابلو»، استطاع هذا الثنائى اجتذاب شرائح أوسع «من خارج جمهور الراب»، وصارت شعبيتهما فى ارتفاع متصاعد.

ولذلك يبقى «ويجز» هو صاحب البصمة الأهم فى مشروع الراب المصرى.. ولكن لماذا؟

بداية من المَظهر، فهو ليس «مروان موسى» الذى يقلد «جى بالفين» فى طريقة تصفيف شعره وألوان ملابسه، ولا يستخدم اللغة الإنجليزية بشكل مفرط مثل «بابلو»، ولإصراره من وقت إلى آخر استخدام إيقاعات مصرية؛ بعيدًا عن إيقاعات الـ«تراب» المستوردة من الولايات المتحدة الأمريكية كما يفعل غالبية زملائه.

ويتطرّق إلى الكثير من القضايا المهمة بكل سلاسة، مثل الهجرة غير المشروعة فى أغنية (واحد وعشرين) والوحدة فى (سكرتى)، وعن الشعور بعدم الرضا على الأوضاع الاجتماعية فى أغنية (منحوس)، أو حتى فى استخدامه لـ«الشتائم» التى يعترض الكثيرون على تواجدها، ولكنها تظل تعبيرًا عن واقع نعيشه، فهى نوع من أنواع الصدق الفنى المعبر عن المشاعر الإنسانية، ونحن بشر ولسنا ملائكة، نحقد، ونكذب، ونشتبك مع غيرنا. وهذه التناقضات هى التى تعطى المصداقية للراب.

أيضًا لديه أسلوب «بليغ» فى الكتابة مثل (7 مليار وأنا فى وحدة)، (مفيش وقت لو همشى لابس ٥ ساعات)، وذات مرة حدثنى أحد الشعراء من أصحاب النجاحات الجماهيرية الكبرى مع نجوم البوب مثل «عمرو دياب» و«تامر حسنى» و«محمد حماقى»، وناقشنى فى أسلوب كتابته لإحدى أغنياته، وعندما اعترضت على «كلمة» لظنى أن غالبية الجمهور لن يفهم معناها، فكان رده بـ«الجمهور فهم بافتنا تعاشر المظابيط» - كلمات أغنية (دورك جاى)- ومن هنا يتضح تأثير الرابر الشاب.

لديه أيضًا بصمة موسيقية فى طريقة استخدامه لـ«second voice» فى معظم أغانيه مثل (دورك جاى) والذى أعطى لنا شعورًا وكأننا فى حلقة ذكر صوفية عندما تردد صوته فى الخلفية وهو يقول «حى».

هو أكثر «رابر» يقوم بتجارب مختلفة، مثل تعاونه مع «حسن شاكوش» فى (سالكة)، ومع نجم المهرجانات «السادات العالمى» فى أغنية (خربان)، وفى أحدث أغنياته مع فريق «ديسكو مصر» المتخصص فى صناعة الموسيقى الإلكترونية (كيفى كده) والتى يمكن تصنيفها كأغنية «بوب» بامتياز، بسبب استخدامات الإيقاعات المشابهة لـ«كودورو» مع الـ«أفرو هاوس»، فربط ذكر اسمه بقالب معين يكون مجفًا لطموحه الفنى.

ويبقى أهم ما يميزه تداخله فى صناعة أغانيه بالكلمات والتلحين، ويشتبك مع الموزعين الموسيقيين صناع أغانيه، ولذلك تظهر شخصيته وبصمته، وهذا عكس ما يحدث مع المغنين التقليديين؛ حيث تقتصر مهمتهم على اختيار الكلمات والألحان والتوزيعات من مبدعين آخرين وكل ما يقومون به فقط هو الأداء الصوتى، ولذلك يحتاجون إلى سنوات طويلة لكى تتضح هويتهم الفنية.