الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كيف سقط صـُناع هوليوود فى دائرة القتل الخطأ؟ وماذا نفعل فى مصر؟ على من يطلق الرصاص.. فى السينما!!

 ضَجَّة كبيرة سيطرت على الرأى العام الأمريكى خلال الأسبوع الماضى، بَعد  مقتل مديرة التصوير «هاليانا هاتشينز»، وإصابة المُخرج «جول سوز» يوم الخميس الأسبق، أثناء تصوير أحد مَشاهد فيلم (Rust) أو (صدأ)، عبر رصاصة أطلقت من مسدس النجم الشهير «أليك بالدوين»، مما أثار حالة من الذعر بين طاقم العمل، واستنكار واسع لصُناع السينما فى هوليوود.



ومع ذلك، لم توجَّه أى تهمة رسمية إلى «بالدوين»، إذ وُضع الحادث داخل دائرة قتل الخطأ؛ حيث كان النجم يستعمل ما يُعرَف بـ«مسدس الدعامة»، الذى يستعين به صُناع السينما، من أجل إيحاء المُشاهدين أن الطلقات واقعية. ولكنها، تحتوى فقط على مواد مثل: حشوة القطن، أو الورق، أو الشمع المُلحقة بالجزء الأمامى لتقليد الذخيرة الحية، بما فى ذلك الضجة العالية، والارتداد الواقعى. بصورة أسهل، «مسدس الدعامة» هو سلاح حقيقى بطلقات نارية مفرغة ومعدلة، من أجل محاكاة المسدس الحقيقى. ولكن، فى حالة فيلم (Rust) كانت الطلقة حقيقية عن دون قصد!

فقد خلصت وثائق المَحكمة هناك إلى أن مساعد المُخرج سَحَب مسدسًا من السيارة، وسلمه إلى «بالدوين»، موضحًا له أن السلاح لا يحتوى على ذخيرة حية، وعندما سَحب الممثل الزنادَ قتل دون قصد «هاتشينز»، وأصاب المُخرج «جول سوزا» الذى كان يقف خلفها داخل المبنى الخشبى. أصاب هذا الحادثُ طاقمَ العمل بالأسَى الشديد، كما غرّد «بالدوين» عبر حسابه الشخصى على «تويتر»، قائلًا: «لا توجد كلماتٌ تُعبر عن صدمتى وحُزنى على الحادث المأساوى، الذى أودَى بحياة «هالينا هاتشينز»، زوجة، وأمّ، و زميلة لنا تحظى بحب عميق».

وعليه؛ دعا صانعو الأفلام فى هوليوود إلى وضع حد لاستخدام مثل هذه الأسلحة الدعائية. كما شدد العديد من صانعى الأفلام أن الوقت قد حان للتوقف عن استخدام مسدسات الدعامة فى الأفلام، ومنهم: المُخرج «كريج زوبيل» الذى غرّد على موقع «تويتر» قائلًا، إنه من الضرورى حظر هذه الأسلحة؛ لأن هناك أجهزة كمبيوتر الآن. مشيرًا إلى الطلقات النارية التى أطلقت فى مسلسله (Mare of Easttown) كانت صُناعة إلكترونية. فيما أعربت المصورة السينمائية «ريتشل موريسون» عن استيائها قائلة: «إنه لا يوجد سبب مفهوم لمواصلة استخدام هذه الأسلحة، فى الوقت الذى يكلف إضافة إطلاق نار فى المونتاج نحو 50 سنتًا». ثم تهجمت على صُناع الأفلام قائلة: «إنْ لم يتمكنوا من إيجاد تمويل كافٍ لصُنع فيلم بأمان؛ فلا داع لهذا؛ لأن تصوير لقطة أو مَشهد أو فيلم لا يستحق خسارة الأرواح».

إن هذه الدعوات الغاضبة لم تأتِ من فراغ؛ بل نظرًا لحوادث قَتْل الخَطأ السابقة عن طريق «مسدسات الدعامة» فى أفلام هوليوود، وأشهرها تلك التى توفى فيها ابن الفنان «بروس لى» أثناء تصويره أحد الأفلام. فقد توفى «براندون لى» فى موقع تصوير فيلم (The Crow) أو (الغراب) فى عام 1993، بعد إصابته برصاصة بالقرب من العمود الفقرى، حينما كان يصور المَشهد الذى كان من المفترض أن تموت فيه شخصيته عندما أصيب.

وقبلها بتسع سنوات أطلق الممثل «چون إريك هيكسم» النارَ على نفسه عن طريق الخطأ فى موقع تصوير فيلم (Cover Up) فى عام 1984. ووفقًا لمجلة «نيوزويك»، كان «هيكسم» يمسك بالسلاح النارى على رأسه مازحًا للشكوَى من التأخير ثم أطلق النار، مما أصاب جمجمته على الفور، وأدى إلى نزيف خطير فى دماغه، ومن ثم توفى بعد ستة أيام.

وبشكل عام؛ يتشكك العديدُ من إجراءات السلامة داخل استوديوهات هوليوود؛ خصوصًا أن وكالة «أسوشيتد برس» أعلنت فى أحد تقاريرها، أنه توفى ما لا يقل عن 43 شخصًا فى مجموعات الإنتاج فى «الولايات المتحدة»، فيما أصيب أكثر من 150 شخصًا بإصابات غيرت حياتهم، وذلك بين عامَىْ 1990 و 2016 فقط. مما يشير إلى أن عدد الحوادث أعلى بكثير مما هو معلن.

لا تزال تساؤلات الصحف الغربية والرأى العام على مواقع التواصُل مستمرة، حول ما إذا كانت تلك الحوادث واردة، وهل يمكن أن يتحول المسدس السينمائى إلى سلاح قاتل، وغيرهما من الأسئلة التى تدور حول إجراءات السلامة أثناء تصوير مَشاهد الأكشن.

وعليه، سألت «روزاليوسف» مصممى المعارك فى السينما المصرية، عن بعض تلك الأسئلة لكن فى إطار السينما المصرية؛ لنعرف ما يدور فى كواليس مَشاهد الأكشن المصرية.

فكشف «محمود الطاحون» مصمم المعارك، أن ما حدث مع الممثل «أليك بالدوين» من المستحيل أن يحدث فى مَشاهد الأكشن والمعارك فى «مصر»؛ لعدة أسباب، منها: منع استخدام الرصاص الحى فى مَشاهد السينما تمامًا، بجانب منع استخدام الأسلحة النارية الحقيقية. وبدلًا من ذلك، تستخدم مسدسات صوت، الذى تختلف رصاصته عن الرصاص الحى. مؤكدًا أنه مستحيل وضع رصاص حقيقى داخل مسدسات الصوت؛ نظرًا لضيق ماسورة المسدس.

ثم أوضح أن هذه المَشاهد تحتاج إلى بروفات قبل التصوير، قائلًا: «أرفض تصوير مَشهد كهذا دون بروفات مع الممثل، وتجربة المسدس قبل المَشهد مباشرة، من أجل إرشاد فريق العمل حول سلاح الصوت المستخدَم، ومدَى قوة صوته».

كما أكد أنه فى مثل هذه المَشاهد تُترَك مساحة بين الممثل الذى يحمل السلاح، ومَن يُطلق عليه الرصاصة لا تقل عن ثلاثة أمتار، ويكون اتجاه المسدس فى زاوية محددة حسب مساحة موقع التصوير. وفيما يخص القنابل المتفجرة؛ فقد أوضح أنها تُستخدَم فى مساحة آمنة تبلغ 25 مترًا، وتُضاعَف إلى 50 مترًا. 

أمّا مَشاهد الحريق فلها تكنيك خاص بها، وقد استدل «الطاحون» بفيلم (إبراهيم الأبيض) حينما أُشعلت النيران فى «أحمد السقا». مؤكدًا أن النجم لم يشعر بأى حرارة فى جسده؛ حيث يستخدم (چل) مُعَين على جسم الفنان يعزله تمامًا عن حرارة النار، ولا يسبب له أى حروق، وفى الوقت ذاته يتم تصوير مَشهد مدته ثلاث ثوانٍ فقط، بتكنيك التصوير البطىء، أى يظهر المَشهد على الشاشة لمدة دقيقة من خلال ثلاث زوايا مختلفة.

وأوضح أن المتبع فى السينما المصرية، هو طلب تصريح من وزارة الداخلية بأسلحة الصوت المستخدَمة بأرقامها وأنواعها.

ومن جانبه كشف «عصام الوريث» مصمم المعارك، أن نسبة الخطأ فى هذه المَشاهد واردة. لكن؛ الخطأ المحتمَل يكمن فى كدمات بسيطة، أو خدوش، وتعود أسبابُها إلى عدم اتباع الممثل كلام مصمم المعارك، مما يحدث خطأ. مشيرًا إلى أن عمل مصمم المعارك فى المقام الأول هو الحفاظ على سلامة الممثلين، وعدم  تنفيذ تلك المَشاهد دون بروفات، أو ما يُسمَّى باختبار الأمان.

ثم أضاف إن أغلب الأسلحة المستخدَمة فى مَشاهد السينما تكون مسدسات خشب، أو بلاستيك فى حالة التصوير من مسافة بعيدة، أمّا إذا كان التصوير عن ذى قرب فيستخدم مسدس صوت؛ لأنه يشبه المسدس الحقيقى أمام عدسات الكاميرًا.

واتفق معهما «أحمد كاظم»، الذى يعمل بالحراسات الخاصة، تخصص مدن حرب وخطورة عالية، وتتم الاستعانة به فى تدريب مصممى المعارك، قائلًا إن ما يتبع فى السينما المصرية- الآن- هو تكنيك يُسمَّى «بى.إف.إكس»، الذى يقوم فيه الممثل باستخدام سلاح من البلاستيك، وأثناء المَشهد يتم إطلاق بعض الدخان كأنه دخان إطلاق الرصاصة، ومن ثم تبدأ عملية الجرافيك على هذا المَشهد من تركيب صوت الرصاصة، وخروجها من المسدس. 

وكشف أنه يُحَضّر - فى الوقت الحالى- فيلم يُسمى (360)، وهو فيلم وثائقى قصير من إنتاج شركة دنماركية، يتناول فيه كيفية تصوير مَشاهد أكشن أشبه بالحقيقة، واستخدام أسلحة ورشاشات بلاستيك تظهر على الشاشة بأسلوب حقيقى.