السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ع المنصة.. آفة نفوسنا الـ«فوتوشوب»

كم مَرّة تمسك هاتفَك وتلتقط صورةً ولم يعجبك عيوبٌ مُعينة بها أو بمعنى أكثر دقة عيوبٌ فى شكلك تريد إخفاءَها، أى تريد تجميل مَظهرك، وكم مَرّة تقابل أناسًا جُدُدًا سواء فى مكان عمل أو ساحة جامعة أو مَدرسة ويسألونك عن أهلك أو بيتك أو مصروفك ويكون ردُّك مُخادعًا نوعًا ما، يحمل الكثيرَ من الكذب وإخفاء الحقيقة، وكل ذلك حتى تصل لهدف واحد متفق عليه من قِبَل علماء النفس أنه الهدفُ الأهم بالنسبة لكل إنسان على وجه الأرض، وهو القبول.



تَقبَّل الآخرَ لك، ذلك الهدف الذى يبنى عليه البَشر معظم تصرفاتهم وأحاديثهم وأفكارهم ويرتكبون باسمه كوارث تصل للجرائم، وإن كنت لا تعتبر تجميل واقعك سوى إخفاء لتشوهاته فتلك خدعة تضحك بها على عقلك ونفسك؛ لأن فكرة «الفوتوشوب» آفة تنتشر كالجراد فى نفس كل منّا، وأكبر خدعة مجتمعية لا يسلم منها أحدٌ؛ خصوصًا فى مرحلة المراهَقة والشباب.

موضوعٌ شائك تناولته حكاية (فوتوشوب) من مسلسل (زى القمر) الذى يُعرض على شاشة cbc ومنصة watch it، وكشف بدوره عمّا وراء ذلك التصرف من صراعات نفسية داخلية يتعذب بها صاحبُها بين واقعه والعالم الذى يحلم به، ووصل به الأمْرُ أن يخدع ويتلوّن ويرتدى أقنعة لا تشبهه حتى تقبله وتقع فى حُبّه الفتاة التى أحَبَّها.

مشكلة تتكررُ يوميًا بدرجات متفاوتة وتتسبب فى فشل علاقات وزيادة نسبة الطلاق؛ لأن الخداعَ وإخفاءَ الواقع وارتداء قناع المثالية لن يدوم طويلاً وسيأتى عليه يومٌ ويسقط. وحينها لا تلوم رد فعل الطرَف الآخر، كما يناقش العمل الفرْق بين الخداع والتجميل وإسقاط كل منهما على مواقف حياتية نَمر بها، خرج كل ذلك فى شكل عمل فنّى جذاب مؤثر، بداية من الفكرة لترتيب الأحداث وروعة السَّرد واختيار الحوار والمواقف التى نعيشها جميعًا يوميًا فى حياتنا، فتُطلقُ إنذارًا أو تحذيرًا لكل مَن يتبع نفسَ طريق بطل العمل «خالد» الذى يجسّد شخصيته «محمد مهران»، ورُغْمَ قدرته على التلوُّن وتوصيل صراعه النفسى بشكل مؤثر للمُتلقى؛ فإن بعض المَشاهد لم تخرج متقنة بسبب أدائه المتصنع نوعًا ما ومبالغته فى تعبيرات وجهه وافتعال البكاء على عكس الفنان «صلاح عبدالله» فى دور «رمزى»؛ حيث جسّد الشخصية بصدق وسلاسة وتماهَى معها مما يجعلك تتأثر به ومعه بكل ما يمر به، أمّا «ملك قورة» فى شخصية «ليلى» فقد أتقنت تجسيدها بحِرفية ونلاحظ معها تطورًا كبيرًا فى أدائها التمثيلى.

إلى جانب الموسيقى التصويرية التى تساعدك كمتلقٍ على التأثر بالشخصيات والاندماج معها؛ فقد اعتمدت على الآلات الوترية مما يناسب حالة المُشاهد والتقلبات النفسية التى يمر بها الأبطال. (فوتوشوب) حكاية تلمس واقعَنا وأيامَنا ونفوسَنا وطريقة تفكيرنا، حتى أصبح من يخرج عن صفوف مريدينه شاذًا غريبًا لأنه حقيقى فى زمن التلوُّن والتجميل وإخفاء الواقع وإظهار ما ليس فينا أو ما نتمنّى أن نرسمَه لحياتنا لو أتيحت لنا الفرصة.>