الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«Santé»..هدية «ستروماى» للطبقات المهمشة

بعد ألبوم (راسين كارى) الصادر فى عام 2013، والنجاح الجماهيرى المدوى الذى صاحبه واحتفاء الجمهور به من مختلف بلدان العالم، والذى أكده المغنى البلجيكى «بول فإن هوفر» الشهير بـ«ستروماى» فى حفلاته الجماهيرية الكبيرة والتى اعتمدت على الإبهار البصرى فى المقام الأول والرقصات الأكروباتية شديدة الصعوبة لدرجة جعلت الكثيرين من نقاد الموسيقى فى العالم يتوقعون له مسيرة غنائية متميزة.



 بل إن بعضهم توقع أن يكون هو «مايكل جاكسون» هذا العصر، خاصة وإذا كانت أغنياته تحمل رسائل نقدية اجتماعية شديد الوضوح، وفى الوقت ذاته لا يتخلى عن «الترفيه» الفنى والإبهار البصرى، والإيقاعات الموسيقية الراقصة، ولكن لأسباب مرضية توقف «ستروماى» عن الغناء ولم يظهر سوى فى عام 2019 بالتعاون مع «كولد بلاى» فى ألبوم (الحياة اليومية).

«ستروماى» شارك «كولدبلاى» فى أغنية حملت عنوان (أرابيسك) والتى تعبر عن العديد من الثقافات المختلفة بداية من الأسم «أرابيسك» والذى يعنى «الزخرفة العربية»، وكلماتها التى تؤكد على وحدة الترابط بين الشعوب وأننا نشبه «قطرات المطر التى تسقط فى نفس البحر» مهما كانت اختلافتنا، وعلى الجانب الموسيقى فالأغنية «ديو» بين «كريس مارتن»مغنى «كولدبلاى»، الذى يؤدى بالإنجيليزية وبين البلجيكى «ستروماى» الذى يغنى بالفرنسية، أما التوزيع الموسيقى فبجانب عزف «كولد بلاى» لموسيقى الروك، كان هناك تواجد مميز لمجموعة الوتريات بقيادة المايسترو الإيطالى «دفيدى روسى» وتواجد قوى لفرقة الهورن النيجيرية باستخدام الالات النحاسية بقيادة «فيمتى كوتى»، وأخيرا الثلاثى الفلسطينى المعروف باسم «الأخوة جبران» فى حالة مزج موسيقى بين العديد من الثقافات المختلفة حتى تنتهى الأغنية برسالة واضحة وهى رسالة الألبوم، بأن «الموسيقى هى سلاح المستقبل».

ثم عاد منذ أيام قليلة «ستروماى» بأغنية (Santé) التى يهديها لـ«المهمشين الذين لا يملكون أى شخص يحتفلون معه بالأوقات السعيدة»، رغم أن عملهم الأساسى يكون مرتكزًا على إسعاد الآخرين مثل الطباخين والصيادين و«جرسونات» المطاعم والبارات، وموظفى الـ«كول سنتر» والمسئولين عن تنظيف الملابس والمراحيض فى الفنادق، وما إلى ذلك من المهن المهمة والتى لا تلقى الترحيب الكافى من عامة المواطنين.

ولأن الأغنية فى الأساس تخطاب «المهمشين»، فكان من المنطقى، أن يكون الفيديو المصور يعتمد بشكل رئيسى على قصص هؤلاء ولا يعتمد على ظهور «ستروماى» نجم الأغنية، إلا فى مشاهد معدودة لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، أما باقى المشاهد فهى مخصصة للطبقة العاملة المهمشة، ليصل إلينا شعور الاحتفاء بهم، ومن هنا يظهر معدن الفنان الحقيقى المشغول بحقيقة ما يقدمه للجمهور بشكل واقعى، بعيدًا عن المتاجرة بأحلامهم لكسب التعاطف أو الانتشار الجماهيرى.

«ستروماى» عبر مسيرته سنجد أغانية معتمدة على الايقاعات الموسيقية الإلكترونية الراقصة، فهو يدرك من يخاطب، ودائما ما تنتشر أغنياته فى الملاهى الليلية، ويراعى هذا الأمر فى تصوير أغانيه المرتكزة على الابهار البصرى ورقصاته الاستعراضية المبهرة، ولكن فى أغنية (Santé) كان الإبهار البصرى أقل، وجرعة الرقص أقل تعقيدًا من الأغنيات الأخرى، بل كانت بسيطة للغاية، وهو أمر مقصود، لكى يتمكن أبطال الأغنية «الطبقة العاملة المهمشة»، من تأديتها.

وإذا نظرنا إلى تكوين ونشأة هذا الفنان البلجيكى، فسنجد أنه ولد لأم بلجيكية وأب رواندى قتل فى إبادة جماعية شنتها الأغلبية «الهوتو» ضد الأقلية «التوتسى» فى روندا، ولذلك اختار أن تكون مواضيع أغانيه تخاطب المستضعفين دائما، وأن يكون صوته معبرا عن النقد الاجتماعى وأحيانا السياسى لمن لا يظهر صوتهم بالشكل الكافى!