الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد توقف الشركات العالمية عن الإنتاج أزمة الطاقة فى الصين تُجْبر الشركات العالمية على التفكير Out of Box

أجبرت أزمة الطاقة الأخيرة فى الصين كبرى الشركات العالمية فى مجالات عديدة مثل السيارات والتكنولوچيا والغذاء على التفكير خارج الصندوق، والاستعداد للتحول فى الصناعة بحيث لا تصبح معتمدة على مصدر طاقة لدولة أو طاقة غير متجددة.



وقد دخلت المصانع فى جميع أنحاء الصين فى أزمة بسبب  نقص المعروض من الطاقة فى الصين، والذى قلص حجم الإنتاج بسبب خسائر التشغيل، فضلًا عن موجة الجفاف التى ضربت العالم، وقلصت كميات الطاقة الكهرومائية المولدة.

وتكمن المشكلة أن ثلثى الطاقة الكهربائية فى البلاد يتم إنتاجها من محطات تعمل بالفحم الحجرى، ومع الاهتمام بالاعتبارات البيئية، عمل الرئيس الصينى شى چين بينغ، على الحد من تطوير مناجم جديدة للفحم.

ورُغم مساعى الصين نحو خفض الانبعاثات الكربونية؛ فإن مخاوف تباطؤ ثانى أكبر اقتصاد فى العالم أجبر بكين على مطالبة مناجم الفحم بزيادة الإنتاج بشكل عاجل؛ حيث تهدد أزمة الطاقة المصانع، الأمر الذى من شأنه أن يجعل الصين تتخلف عن وعدها بخفض الانبعاثات وبالأخص مع اقتراب مؤتمر الأمم المتحدة لتغيُّر المناخ بمدينة غلاسكو فى سكوتلندا.

وبحسب تقرير صادر عن صحيفة Securities Times فإن مسئولًا فى الطاقة بمنغوليا وهى إحدى أكبر المناطق المنتجة للفحم فى الصين قد أصدر تعليمات لـ 72 منجمًا محليًا بزيادة الطاقة الإنتاجية بمقدار 100 مليون طن.

 أوروبا تكافح لتأمين ما يكفى من الغاز قبل فصل الشتاء

ارتفع سعر الغاز الأوروبى إلى رقم قياسى  بلغ  100 يورو لكل ميجاوات/ ساعة، وقالت بلومبرج إنه فى التداولات المتقلبة، ارتفعت العقود الآجلة القياسية بنسبة تصل إلى 2.3 % اليوم قبل أن تتراجع.

وأمرت الصين شركات الطاقة المملوكة للدولة بتأمين الإمدادات لهذا الشتاء على الإطلاق بجميع التكاليف، وسيؤدى ذلك إلى تكثيف المعركة من أجل شحنات الغاز الطبيعى المسال والفحم تمامًا، كما تداعت التدفقات إلى ألمانيا عبر خط أنابيب روسى رئيسى.

وارتفعت أسعار الطاقة من الولايات المتحدة إلى أوروبا وآسيا مع تعافى الاقتصاد من الوباء العالمى والعودة إلى العمل.

وتكافح أوروبا من أجل تأمين ما يكفى من الغاز والفحم قبل فصل الشتاء، ومع ارتفاع الأسعار اضطرت بعض الشركات الصناعية العملاقة المنتجة للأسمدة والمواد الكيميائية إلى إغلاق مصانعها أو تقليص إنتاجها.

 شركات السيارات

أشارت وكالة بلومبرج الأمريكية إلى أن نقص الطاقة الذى تشهده الأسواق الصينية فى عدد من المقاطعات أثر على إنتاج بعض مصانع السيارات فى البلاد.

وقالت شركة تويوتا موتور اليابانية للسيارات، إن عملياتها فى الصين تضررت بفعل نقص الطاقة الذى يزداد سوءًا، الذى يؤثر الآن فى أكثر من نصف مقاطعات البر الرئيس الصينى، وتنتج «تويوتا» أكثر من مليون سيارة سنويًا فى الصين، وتتركز مصانعها حول تيانجين وشنغهاى.

وأوضحت الشركة عبر موقعها على الإنترنت، أن شركة صناعة السيارات الأولى فى العالم تمتلك إمكانات إنتاج سيارات واسعة النطاق فى الصين، بما فى ذلك شركات تصنيع مشتركة محلية، وموزعين.

وأضافت شيورى هاشيموتو، المتحدثة باسم تويوتا، فى بيان، أن نقص الطاقة يؤثر فى بعض إنتاج تويوتا فى الصين. ورفضت هاشيموتو الإدلاء بمزيد من التفاصيل عن حالة المصانع، وقالت: إن «تويوتا» لا تقدم توقعات فى هذا الوقت؛ لأن الوضع «يتغير باستمرار».

من جهة أخرى، أعطت مجموعة فورد الأمريكية دافعًا كبيرًا لعملية انتقالها إلى السيارات الكهربائية معلنة عن مشروع لإنشاء أربعة مصانع فى الولايات المتحدة مع شريكها الكورى الجنوبى «إس كاى إينوفيشن»، فى استثمار قدره 11.4 مليون دولار سيوفر 11 ألف وظيفة بحلول 2025.

وأوضحت فورد، أنه سيتم إنشاء مصنعين للبطاريات فى ولاية كنتاكى فى وسط الولايات المتحدة، على أن يشيّد مصنع ثالث فى غرب ولاية تينيسى، إضافة إلى مصنع للسيارات يبدأ بإنتاج سيارات كهربائية بحلول 2025.

ولفتت فورد إلى أن هذا أضخم استثمار فى تاريخها الممتد منذ 118 عامًا من أجل إقامة مصانع إنتاج جديدة. وأوضحت أن هذا الاستثمار يأتى دعمًا «لهدف الشركة الأبعد مدى، القاضى بإقامة بيئة لصناعة أمريكية مستديمة وتسريع التطور نحو الحياد الكربونى طبقًا لاتفاق باريس حول المناخ». ورفعت «فورد» أهدافها بشأن إنتاج السيارات الكهربائية متوقعة أن تمثل السيارات الكهربائية بالكامل 40 إلى 50 فى المائة، من حجم مبيعاتها فى العالم بحلول 2030، مقابل 40%، فى توقعاتها الربيعية.

وعَلّق بيل فورد، الرئيس التنفيذى للمجموعة، بحسب البيان: «إنها لحظة تحول؛ حيث ستقود فورد انتقال أمريكا إلى السيارات الكهربائية وستفتتح عهدًا جديدًا من الصناعة النظيفة والمحايدة للكربون». وأضاف: إن المجموعة ستوفق بين ما كان يعد فى الماضى متعارضًا، وهو حماية الكوكب وبناء «سيارات كهربائية رائعة ستعجب الأمريكيين» مع الإسهام فى ازدهار الولايات المتحدة.

 أسعار الغذاء عالميًا

وتثير الأزمة الحالية مخاوف من أن الصين ستواجه صعوبة فى التعامل مع المحاصيل، بما فى ذلك الذرة وفول الصويا والفول السودانى والقطن، خلال العام الجارى، بعد الطلب من بعض المصانع تعليق أو خفض الإنتاج للحفاظ على الكهرباء.

على مدى الأسابيع الأخيرة، وجدت العديد من المصانع نفسها مضطرة إلى الإغلاق أو الحد من مستويات الإنتاج بغية ترشيد استهلاك الكهرباء، مثل محطات معالجة فول الصويا التى تسحق الحبوب لإنتاج أعلاف لتغذية الحيوانات وزيوت الطهى.

أخذت أسعار الأسمدة، وهى من بين أهم عناصر العملية الزراعية، فى الصعود بطريقة هائلة، مما وجّه لطمة عنيفة إلى المزارعين الذين يعانون أصلًا من الضغوط جرّاء زيادة التكاليف.

وحسب ما كتبه محللو شركة «رابو نك» فى تقرير لهم خلال الأسبوع الماضى، فمن المنتظر أن يكون التأثير الذى يطال قطاع التصنيع أشد من تأثر السلع الاستهلاكية الأساسية مثل الحبوب واللحوم.

وعلى صعيد قطاع الألبان قد يسفر انقطاع الكهرباء عن توقف آلات الحلب عن العمل، فى الوقت الذى سيواجه فيه موردو لحوم الخنازير ضغوطًا جرّاء نقص الإمدادات من أعمال تخزين اللحوم الباردة.

وخلال عام 2020، استوردت الصين كمية قياسية من المنتجات الزراعية بسبب النقص محليًا، ما دفع الأسعار وتكاليف الغذاء عالميًا إلى أعلى مستوياتها، وحتى الآن أجبر نقص الكهرباء مصانع معالجة فول الصويا فى المناطق الشمالية على الإغلاق، ما أثر على بعض عمليات شركة «لويس دريفوس» (Louis Dreyfus) و«بونغ» (Bunge Ltd) ووحدة «يهاى كيرى» التابعة لـ«ويلمار إنترناشيونال» (Wilmar International Ltd).

وقالت شركة الوساطة الصينية «هواتاى فيوتشرز» (Huatai Futures Co) إن هناك مخاوف أيضًا من أن أزمة الكهرباء قد تخفض معدلات تشغيل مصانع معالجة الذرة التى تصنع منتجات مثل النشا والعصائر، وتحتاج الصين إلى ضمان إمدادات كهرباء كافية لمواكبة توقعات موسم حصاد وفير.

بحسب «فيوتشرز ديلى»، إحدى وسائل الإعلام المدعومة من الدولة، فإن ما يحدث «سيؤثر على المعروض من المنتجات الزراعية وأسعارها، وهى مسألة ذات أهمية بالنسبة للاقتصاد الوطنى ومعيشة الناس». وأفادت «فيوتشرز ديلى» نقلًا عن التجار والمنتجين، أن بعض الشركات اشترت مولدات احتياطية لمواجهة انقطاع التيار الكهربائى لفترة طويلة.

 سلاسل التوريد

تعتبر دول الجوار مثل تايوان وكوريا سريعة التأثر، علاوة على أن الدول المصدِّرة للمعادن مثل أستراليا وتشيلى، والشركاء التجاريين الرئيسيين على غرار ألمانيا، معرّضون للخطر نسبيًا.

الآثار الضارة على صعيد سلاسل التوريد قد تسفر عن عرقلة نمو الاقتصاد العالمى الذى يجد صعوبة فى الخروج من تداعيات وباء فيروس كورونا.

لويس كويجس، كبير خبراء الاقتصاد الآسيويين فى شركة «أكسفورد إيكونوميكس» قال: «إذا استمرت أزمتا نقص الكهرباء وتراجُع الإنتاج فقد تضيفان أحد العوامل الأخرى التى تخلق مشكلات إلى جانب أزمة نقص المعروض العالمية؛ خصوصًا إذا وصل تأثيرها إلى عمليات إنتاج المنتجات المخصصة للتصدير».

وقال كريغ بوثام، كبير خبراء الاقتصاد الصينى فى شركة «بانثيون مايكروإيكونوميكس»: «يبدو ذلك الأمر نوعًا آخر من صدمة الركود التضخمى لقطاع التصنيع، ليس فقط بالنسبة إلى الصين ولكن على مستوى العالم بأسره».

وأضاف: «تُعَدّ الارتفاعات فى الأسعار حاليًا ذات نطاق واسع نسبيًا، وهى نتيجة مترتبة على المشاركة الواسعة للصين فى سلاسل التوريد العالمية».

 إغلاق المصانع

قررت العديد من المصانع فى الصين خفض الإنتاج بمناسبة عطلة «الأسبوع الذهبى» خلال الأسبوع الماضى، فيما يتابع خبراء الاقتصاد من كثب ما إذا كانت عودة الإنتاج مرة أخرى ستتسبب فى تجدد أزمة نقص الطاقة.

وقال خبراء اقتصاد فى شركة «سوسيتيه جنرال»، إنه نظرًا إلى رد فعل الحكومة الصينية القوى فإن «أسوأ مراحل أزمة الطاقة الحالية - ولكن ليست الأزمة كلها- قد تنتهى فى وقت قريب».

وقالوا إنه رُغم ذلك فإن القيود المفروضة على استخدام الطاقة فى القطاعات الأكثر كثافة من حيث استهلاك الطاقة، مثل مصانع الصلب والألمنيوم والإسمنت من المنتظر أن تستمر لعدة أشهُر، وستواصل الصين بقوة تحقيق المستهدف من واردات الغاز الطبيعى، وهو ما يضيف مزيدًا من الضغوط على الأسعار عالميًا.

 صناعة الورق

واجهت عمليات إنتاج العبوات المصنعة من الكرتون ومواد التغليف أزمة بالفعل جرّاء نموّ الطلب خلال فترة تفشى فيروس كورونا فى الوقت الحالى، ألقت عمليات الإغلاق المؤقتة فى الصين بظلالها على الإنتاج بدرجة أشد، وهو ما سيتسبب فى تراجع محتمل فى الإمدادات الخاصة بشهرَى سبتمبر وأكتوبر بنسبة تتراوح من 10% إلى 15%، حسب شركة «رابو بنك». سيزيد ذلك من الصعوبات التى تواجه الشركات فى ظل معاناتها بالفعل من أزمة نقص المعروض من الورق على مستوى العالم.

 الصوف

بعيدًا عن الصين، يُعِدّ مربّو الأغنام فى أستراليا أنفسهم لتراجع الطلب فيما يسعون إلى إتمام عمليات بيع الأصواف الخاصة بهم عبر مزادات.

وحسب هيئة الإذاعة الأسترالية فإن القطاع شهد هبوط إنتاج المصانع فى الصين بما يصل إلى نسبة 40% جرّاء عمليات انقطاع الكهرباء التى حدثت الأسبوع الماضى.

 التكنولوچيا (آبل)

قد يشهد عالم التكنولوچيا أيضًا خسارة كبيرة، باعتبار أن الصين هى أكبر قاعدة للإنتاج فى العالم بالنسبة إلى الأجهزة، بداية من «أيفون» ووصولًا إلى معدّات التحكم فى الألعاب، كما أنها تعتبر مركزًا أساسيًا لتغليف أشباه الموصّلات التى يجرى استخدامها فى صناعة السيارات والأجهزة.

مرّت شركات كثيرة بالفعل بفترات توقف للإنتاج فى منشآتها الصينية نظرًا إلى امتثالها للقيود المفروضة محليًا. قالت شركة «بيغاتورن كورب»، الشريك الأساسى لشركة «آبل»، الشهر الماضى إنها شرعت فى اتخاذ إجراءات تهدف إلى توفير استهلاك الطاقة، فى حين علّقت شركة «إيه إس إى تكنولوچى هولدينغ»، أكبر شركة لتغليف الرقائق الإلكترونية فى العالم، عمليات الإنتاج لعدة أيام.

حتى الآن، كان إجمالى التأثير فى القطاع التكنولوچى محدودًا بفضل الإغلاق الاعتيادى المرتبط بالعطلة التى استمرت لأسبوع واحد، فى حال تدهور أزمة نقص الطاقة، قد يوجّه ذلك ضربة إلى عملية الإنتاج قُبيل موسم التسوق الحيوى فى نهاية العام.

لا يستطيع عمالقة القطاع تحمّل صدمة أخرى بسبب نقص الإمدادات، ويشمل ذلك شركتى «ديل تكنولوچيز» و«سونى غروب»، وذلك بعد أن أسفر الاضطراب بسبب الجائحة عن حدوث نقص عالمى فى الرقائق الإلكترونية، ينبغى أن يمتد حتى عام 2022 وما بعده. 