الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

قال إن اختياراته أصبحت أصعب لأن مستقبله أصبح خلفه: دريد لحام: أقابل شائعة وفاتى بابتسامة

عندما تنظر له عن قرب ترى علامات التاريخ العربى قد حُفرت على وجهه الشامخ، فالفنان السورى الكبير «دريد لحام» من النجوم القلائل بالوطن العربى الذين يملكون ذلك الوجه البشوش ذا الملامح الهادئة المألوفة والتى تصيبك بارتياح فور النظر إليها، ولكن بنظرات حادة تكمن بها خبراته الحياتية الطويلة. تلك أيضًا كانت السِّمة الغالبة لأعماله الفنية، والذى ظهر معظمها فى شكل كوميدى، كان الواقع الأليم يسكن فى طياتها.



وبعد غياب عن السينما يعود «لحام» بفيلم (الحكيم)، الذى انتهى من تصويره مؤخرًا، ويتناول من خلاله وضع الشعب السورى والعربى، وبعد منحه وسامًا كأحد النجوم المؤثرين بالوطن العربى من مهرجان الإسكندرية السينمائى، كان لـ«روزاليوسف» معه هذا اللقاء.

> بعد غياب ثلاث سنوات عن السينما ما سبب قبولك لفيلم (الحكيم)؟

- الفيلم يناقش قضايا المجتمع الريفى السورى، من خلال قصة «حكيم» أو طبيب يسافر ليعمل بالريف، والجميل فى قصة هذا الطبيب أنه نذر حياته من وقت تخرُّجه فى الجامعة لخدمة أهالى القرية الفقراء.. فهو يقوم بخدمة الفقراء مجانًا ويحصل على قوت يومه من الأغنياء فقط، وكما زرع خيرًا يجنى الخير، فبَعدما يقع بمشكلة يقف بجانبه أهل البلدة كلهم.. وموضوع الفيلم يمس المجتمع السورى عن قرب ويناقش القضايا الاقتصادية والسياسية التى تمس الفقراء وأحوالهم من جهل ومرض وظلم وغيرها.. وقد انتهينا من تصويره منذ فترة قصيرة، والعمل يحتاج حاليًا نحو شهرين للانتهاء من عمليات المونتاج والميكساج ووضع الموسيقى التصويرية وتصحيح الألوان وغيرها من التقنيات التى يتم العمل عليها لخروج الفيلم بشكل لائق.. ولكنه لن تتم مشاركته بأى مهرجان إلا فى الدورة المقبلة لمهرجان الإسكندرية لأفلام دول البحر المتوسط.

> هذا هو العمل الثانى مع المخرج السورى «باسل الخطيب»، فهل توجد بينكما كيمياء خاصة؟

- تعاونى الأول معه كان خلال فيلم (دمشق- حلب)، وهو مخرج هادئ ويعلم جيدًا ما الذى يريده بالضبط، أى أنه يأتى على الاستوديو ويكون مخططًا لكل شىء ولا يقوم بالتغيير المفاجئ فى منتصف التصوير.. ويتعامل بإنسانية كبيرة مع كل شخص بالاستوديو من الكبير للصغير؛ ويحاول الاهتمام بهم والاطمئنان عليهم، وهو هادئ ولا يصرخ، على عكس بعض المخرجين الحاليين الذين يعملون بارتفاع نبرة الصوت ونشر التوتر داخل مكان التصوير.

> هل توافق على العمل مع المخرجين الجُدُد رُغْمَ تاريخك الفنى؟

- بالطبع، فأنا لا أقف عند جيل معين، فلو كان المخرج واعدًا ولديه وجهة نظر وحبكة ودراية بعمله جيدًا فسوف أعمل معه، ولكن لا أقوم بالمشاركة فى العمل الأول لأى مخرج فيجب أن يكون له ولو تجربة واحدة أختبر رؤيته بها؛ لأننى عندما أعمل مع أى مخرج أصبح طوع أمره ولا أعترض على قراراته.. فأنا تعودت على أن المخرج صاحب العمل والرؤية وأنا أنفذها فقط، أى نعم أقوم بطرح وجهة نظرى ولكن فى النهاية الاختيار له.. لذلك يجب على اختبار أفكاره ورؤيته لأقتنع بالعمل معه.

> كيف تجد مستقبل السينما السورية؟

- بدأت تعود تدريجيًا، فخلال العام الحالى مؤسّسة السينما السورية قامت بإنتاج 4 أفلام، وهذا رقم يعد كبيرًا مقارنة بالأعوام السابقة؛ خصوصًا فى وطن يعانى من حصار وأزمة اقتصادية كبيرة، فهذا يعتبر انتصارًا وأتطلع لارتفاع عدد الأفلام فى الفترة المقبلة. وبالمناسبة كل هذا الإنجاز يعود لتضامن الفنانين السوريين مع مؤسّسة السينما، وهى الجهة المنتجة؛ حيث إن هناك من يخفّض أجرَه ويتنازل عن جزء كبير منه لتستمر عَجلة السينما بالعمل.

> هل تجد أن الدراما تراجعت عن دورها فى الدفاع عن الأزمة السورية مقارنة بالأفلام؟

- المسلسلات الدرامية تُنتج فى ظروف خاصة، لذلك يهتم صناعها أكثر بالموضوعات الرومانسية والاجتماعية دون الخوض فى تفاصيل الأزمة، على عكس السينما التى تستطيع أن تنتقل لمكان الحدث أو التفجير وقد تم تقديم 4 أو 5 أفلام عن الأزمة السورية؛ خصوصًا فى الحرب على الإرهاب.

> هل أنت متابع للمنصات الرقمية؟ وما رأيك فى فكرتها؟

- أنا حتى الآن جاهل بالتكنولوچيا حتى على المحمول الخاص بى لا أعرف إلا كيفية إغلاقه وفتحه فقط، حتى الاتصالات ابنتى تساعدنى فى إجرائها، ولكنى أعرف فكرتهم وهى خطيرة جدًا، ومن هنا أحب مناشدة وزارة الإعلام للانتباه من هذا الموضوع جيدًا؛ لأن بوسائل التواصل الاجتماعى وعالم الإنترنت يمكن لأى فرد أن ينشئ قناة خاصة ويبث فيها الأفكار أو الموضوعات التى يريدها.. لذلك يجب أن تنتبه إليهم وتراجع على المحتوى المقدم؛ بل تكون أكثر صدقًا مع جمهورها حتى لا ينصرف عن الإعلام الخاص ويلجأ للمنصات الرسمية أو غيرها.

> هل تجد أن فرض المزيد من القيود الرقابية على المحتوى الفنى هو السبب فى إقبال الجماهير على مثل تلك المنصات؟

- بالطبع، فهى أتاحت محتوى خاليًا من الرقابة والمراجعة والكثير من القيود التى تفرض علينا.. (ضاحكًا) ولكنْ الكُتّاب والفنانون أصبحوا يعلمون حدودهم دون الحاجة لرقابة.. أو قيود فنحن بداخل كل منّا (بوليس) أو شرطة خاصة تحكمه فيما يقدمه ونعلم جيدًا المسموح به والمرفوض.

> هل من الممكن أن تقدم عملاً مع إحدى المنصات الرقمية المعتمدة؟

- على حسب العمل الذى سيُعرض علىّ وفكرته وكيف سيقدمنى للجمهور، فأنا عندما أفكر فى أى عمل أفكر دائمًا بأن مستقبلى «خلفى» وليس أمامى، أى أن ما سأقدّمه يجب أن يحافظ على تراثى وتاريخى الفنى، من أجل هذا السبب اختياراتى لأعمالى صعبة جدًا، فلو شعرت أن أى عمل قد يؤثر على رصيدى لدى الجمهور فلن أقبله أبدًا.

>هل تقوم بكتابة عمل جديد فى الفترة الحالية؟

- نعم هناك عمل سينمائى أعمل على كتابته ولكنى لا أستطيع الكشف عن تفاصيله فى الوقت الحالى، ولكنه سيكون عملًا اجتماعيًا وسيكون من إخراج «باسل الخطيب» أيضًا.

> هل تفكر بتقديم سيرتك الذاتية بفيلم روائى؟

- لا، أبدًا، لم أفكر بهذا الأمر، ولكن تم تقديم فيلم تسجيلى عنّى منذ سنوات وكان اسمه (المنتمى)، فأنا منتمٍ لوطنى ولأهلى. ولكنى لن أقدّم عملاً روائيًا عنّى بأى شكل، وبالفعل بدأتُ بكتابة سيرتى الذاتية بنفسى حتى أقوم بتوثيقها ولكن لن أقدّمها للسينما.. وإذا تم تحويلها لفيلم فأنسب من يجسّدنى يكون «ثائر» ابنى الكبير، الذى يعمل مهندسًا ولا يمثل من الأساس.

>كيف تستقبل الشائعات المتكررة حول وفاتك؟

- أستقبلها بابتسامة، فمَن يطلق هذه الشائعات يكرهنى بالتأكيد ويحاول تنفيذ أحلامه من خلال تلك الشائعات السخيفة.. والأمر بالنهاية لا بيده ولا بيد غيره، العمر بيد رب العالمين.

> ما سبب عدم عملك بالسينما المصرية إلا بمشاركات قليلة؟

- بالفعل شاركت مع فنانين مصريين فى أعمال قليلة لأننى أشترط أن أظل بلهجتى السورية، فأنا أرى أن لهجة الفنان جزء من هويته ولا يمكننى أن أكون مقنعًا للجمهور بتغيير لهجتى وثقافتى، ومع احترامى لكل الزملاء الأعزاء ولكنى لا أستطيع التنازل عن هويتى التى تميزنى، حتى إن الأعمال المدبلجة لا تقنعنى تمامًا.

> ماذا يمثل لك تكريمك من مهرجان الإسكندرية السينمائى لأفلام البحر المتوسط؟

- هذا التكريم أعتبره وسامًا كبيرًا لأن علاقتى بمهرجان الإسكندرية لم تبدأ هذه الدورة فقط؛ بل أنا من المتابعين له، وهو يهتم بالسينما والفن العربى بشكل خاص، وأتعمد الحضور له سنويًا سواء للمشاركة بفعالياته بعمل فنى أو بمشاهدتى للأعمال. وهذا المهرجان من مصر وهى الدولة الراعية للفنون بالوطن العربى وأنا أحبها وأحب الحضور لها كثيرًا وسعيد أيضًا بمحبة الجمهور المصرى لى.

> هل هناك تكريم من جهة معينة قمت برفضه؟

- لا، لم يتم علىّ عرض تكريم أو وسام إلا من الجهات التى تتبنى وجهة نظرى وتحترم فنى، وهناك وجهة نظر وتفكير وقناعات مشتركة فيما بيننا؛ أمّا الجهات التى تقف ضد آرائى فلن يطرحوا اسمى للتكريم من أساسه؛ لأنهم يعلمون أننى لن أتسلم تكريمًا ضد مبادئى.

> أيهما الأقرب لقلبك؛ تكريم الجمهور أمْ المؤسّسات؟

- بالطبع أى تكريم يأتى من الجمهور يكون هو ما ينتظره الفنان؛ لمعرفة نجاحه فى الوصول إليهم، وبالمناسبة الاثنان واحد، فتكريم المؤسّسات أو المهرجانات يأتى بناءً على حب الجمهور للفنان، أى أنه لن يتم تكريم فنان والجمهور لم يقبله أو لا يقبل أعماله ولم تؤثر به.>