السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

‏Squid Game.. قسوة حياتنا التى تشبه لعبة الحبـّار

أتذكر منشورًا ينتمى لنوعية الكوميديا السوداء انتشر لفترة على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك يقول: «لو خُيّرتك بين مليون دولار وتبيع صاحبك تختار إيه؟»، وانهالت التعليقات بين الضحك والسخرية الممزوجة بشىء من حقيقة النفس البشرية التى تختار الأنا فوق كل شىء فى أغلب الأحوال.. فهنا نتحدث عن شهوة المال، تلك الشهوة التى تحرك الكون أجمع، ولكن إذا أُتيحت لك الفرصة لإضافة غريزة البقاء التى تُعد الأقوى على الإطلاق مع شهوة المال، ماذا تختار؟ الإجابة واضحة لا تحتاج لتفكير طويل، فبالتأكيد سوف تضحى بأى شىء وأى شخص إذا خُيّرت بين بقائك حيًا ومعك الملايين وبين موتك.



منظور يتصف بالقسوة والسوداوية قامت على أساسه فكرة مسلسل (squid game أو لعبة الحبار) الذى يُعرض على منصة «Netflix»، والذى خرج قويًا فنيًا فاضحًا إنسانيًا ومجتمعيًا، شخصياته مستعدة لفعل أى شىء مقابل البقاء حية مَهما كانت درجة نقائها داخليًا، فمنهم من يَخدع بالكلام ويستخدم الحيلة، ومنهم من يكذب ويستغل ضعف الآخر، ومنهم من يقتل صديقه حتى يبقى ويفوز بالملايين، وإن وجدت شخصية أو اثنتين تختار الآخر وتبديه على نفسها، تذهب حياتها سُدًى.

مسلسل يُعتبر عالمًا مصغرًا لما يمكن أن تصل إليه البشرية من قسوة، أو بالأحرى ما وصلت إليه بالفعل، خرج بشكل متقن فنيًا بداية من الفكرة الجذابة التى تمّت صياغتها فى حوار وتسلسل أحداث متصاعد يمهد لظروف الشخصيات ودوافعهم، ثم اختيارهم بمحض إرادتهم المخاطرة بحياتهم، ثم تحوّلهم فى كل موقف وكل مرحلة من اللعبة لشخص أكثر قسوة وأنانية، وصولاً للنهاية التى أعطت بعض الأمل فى انتصار الخير مَهما كَثُرَ الشرُّ وتَجَبَّر.

خروج كل تلك الصراعات النفسية الداخلية للشخصيات وتطورها بأداء تمثيلى قوى مبهر يجعلك فى كل مرّة وكل مرحلة يمرون بها تضع نفسك محلهم وتختار معهم وتتفاجأ أيضًا باختياراتهم؛ خصوصًا بطل العمل «لى جانج جاى» فى دور «سيونج» الذى يمثل التحول الحقيقى للشخصية وتكشفها والاختبار الذى وضعت نفسها به طوال الأحداث، ويجعلك تتعايش معه وتصدقه وتلتمس له الأعذار وتبكى معه وتقلق وتتوتر وتعيش معه انتصاره وقوته، وأيضًا «أو سيونج سو» فى دور «أو أيل نام» الرجل العجوز الذى يحاول أن يقنعك بوجهه البرىء وضعفه الظاهر وأدائه المتلون بوجهة نظره التى حوّلت البشر المحتاجة لأدوات متعة، كالخيل الذى تراهن عليه فى السباق وتشعر معه بنشوة النصر أو وجع الهزيمة، إلى جانب الموسيقى التصويرية التى اعتمدت فى مَشاهد كثيرة على تكات الساعة المثيرة للتوتر وتوحى بالترقب الشديد لما يمكن أن يحدث، وأيضًا حركة الكاميرا وكادرات وزوايا التصوير التى دمجتك كمُشاهد داخل اللعبة كأنها 3d، «ثلاثية الأبعاد» فتتحرك معهم بعقلك ومشاعرك كأنك أحد لاعبيها.

(لعبة الحبّار) أو لعبة تحريك البشر كقطع الشطرنج والرهان عليها فى سباق كسباق الخيل يكشف القيمة الأساسية للخليقة، وهى كيفية تقدير الذات وعدم السماح لأى شىء أن يشوهها ويحوّلها لمسخ وأيضًا فن اختيار الأولويات، كل ذلك يجعلك تملك مفتاح التحكم بذاتك وحياتك.>