الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

48 عامًا على أكبر إعجاز عسكرى فى القرن العشرين لغة الأرقام تحسم جدل حرب أكتوبر المجيدة

بعد مرور 48 عامًا على حرب التحرير «أكتوبر73» والتى استطاع الجيش المصرى العظيم  من خلالها تحقيق أول وأكبر نصر عسكرى على الأرض ضد «إسرائيل». 



وبحلول ذكرى النصر من كل عام يحدث نفس الجدل العقيم بين مصر وإسرائيل على أهمية هذا النصر الكبير، فدائمًا  تنكر  إسرائيل هزيمتها فى حرب أكتوبر؛ بل على العكس فإنها دائمًا ما تنسب هذا النصر لها وتنكر دائمًا أن المصريين قد لقَّنوها درسًا عسكريًّا لم تعرفه منذ نشأة الكيان الصهيونى فى أرض فلسطين المحتلة.

ولكن تأتى لغة الأرقام والتى لا تعرف الكذب أو الزور  لتحسم كل هذا الجدل الدائر عن حرب أكتوبر المجيدة.

وتعد حرب أكتوبر هى الأكبر بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك فى كل المعارك التى حدثت على أرض سيناء، فمعارك الدبابات هى الأكبر فى التاريخ العسكرى، وكذلك حجم القصف النيرانى عن طريق المدفعية هو الأكبر أيضًا فى التاريخ استطاع المصريون بمهارة قلب موازين القوى العالمية، فى إحدى جولات الصراع العربى - الإسرائيلي؛ حيث خطَّطت القيادتان المصرية والسورية لمهاجمة إسرائيل على جبهتين فى وقت واحد بهدف استعادة شبه جزيرة سيناء والجولان والتى احتلتهما إسرائيل فى 1967.

وكانت الخطة تعتمد على مفاجأة إسرائيل بهجوم من كلا الجبهتين المصرية والسورية، وخداع  أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية، من أجل استرداد الأرض التى احتلتها إسرائيل بالقوة، بهجوم موحد مفاجئ، فى يوم 6 أكتوبر الذى وافق عيد الغفران اليهودى.

وقامت القوات السورية بالهجوم على تحصينات القوات الإسرائيلية فى مرتفعات الجولان، بينما هاجمت القوات المصرية تحصينات إسرائيل بطول قناة السويس وعمق شبه جزيرة سيناء.

بدأت الحرب يوم السبت 6 أكتوبر 1973 فى تمام الساعة الثانية وخمس دقائق ظهرًا بهجوم مفاجئ من الجيشين المصرى والسورى على القوات الإسرائيلية، وحقَّقت الهدف من وراء المباغتة العسكرية لإسرائيل، وتوغلت القوات المصرية 20 كم شرق قناة السويس، وتمكَّنت القوات السورية من الدخول فى عمق هضبة الجولان.

وبدأت مصر الحرب بضربة جوية تشكَّلت من 222 طائرة مقاتلة عبرت قناة السويس وخط الكشف الرادارى للجيش الإسرائيلى مجتمعة فى وقت واحد، استهدفت محطات الشوشرة والإعاقة فى أم خشيب وأم مرجم ومطار المليز ومطارات أخرى ومحطات الرادار وبطاريات الدفاع الجوى وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة فى خط بارليف ومصافي البترول ومخازن الذخيرة.

و بعدها بخمس دقائق قامت أكثر من 2000 قطعة مدفعية وهاون ولواء صواريخ تكتيكية «أرض أرض» بقصف مراكز التنظيم والإدارة والنقط الحصينة وتجمعات وتمركزات الجيش الإسرائيلى على الجانب الشرقى لقناة السويس لمدة 53 دقيقة صانعة عملية تمهيد  نيرانى من أقوى عمليات التمهيد النيرانى فى التاريخ.

وبدأت بعدها عمليات عبور مجموعات اقتناص الدبابات  لقناة السويس، لتدمير دبابات العدو ومنعها من التدخل فى عمليات عبور القوات الرئيسية وعدم استخدام مصاطبها بالساتر الترابى على الضفة الشرقية للقناة.

وفى الساعة الثانية وعشرين دقيقة، أتمت المدفعية القصفة الأولى لمدة 15 دقيقة، وفى توقيت القصفة الثانية بدأت موجات العبور الأولى من المشاة فى القوارب الخشبية والمطاطية.

حيث عبر أكثر من 2000 ضابط   و30000   جندى من 5 فرق مشاة إلى الضفة الأخرى للقناة واحتلال رؤوس الكبارى تمهيدًا لبدء إنشاء الكبارى والمعديات. 

ومع تدفق موجات العبور بفاصل 15 دقيقة لكل موجة وحتى الساعة الرابعة والنصف مساء تم عبور 8 موجات من المشاة وأصبح لدى القوات المصرية على الشاطئ الشرقى للقناة خمسة رؤوس كبارى.

ومع عبور موجات المشاة كانت قوات سلاح المهندسين تقوم بفتح ثغرات فى الساتر الترابى لخط  بارليف، وحين فتُحت الثغرات قامت وحدات الكبارى بإنزالها وتركيبها من 6-9 ساعات.

وفى خلال الظلام، أتمت عملية العبور حتى أكملت 80 ألف مقاتل مشاة و 800 دبابة ومدرعة ومئات المدافع.

ونجحت مصر فى تحقيق النصر؛ حيث تم اختراق خط بارليف، خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة وأوقعت القوات المصرية خسائر كبيرة فى القوة الجوية الإسرائيلية، ومنعت القوات الإسرائيلية من استخدام أنابيب النابالم، كما حطَّمت أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يُقهر، كما تم استرداد قناة السويس وجزء من سيناء فى مصر، والقنيطرة فى سورية.

وعلى الفور اضطرت أمريكا للدخول فى الحرب بشكل مباشر، فى محاولة منها لإنقاذ حليفتها الصغرى  من انهيار تام لجيشها؛  إذ تدخلت فى اليوم الرابع عن طريق تشكيل جسرى جوى لنقل الجنود والسلاح ولكن جميع محاولاتها باءت بالفشل.

وتحقق هذا الإنجاز بأقل خسائر ممكنة، فقد بلغت خسائر القوات المصرية 5 طائرات،  20 دبابة، 280 شهيدًا ويمثل ذلك 2.5% من الطائرات و 2 % فى الدبابات  و3 % فى الرجال وهى خسائر قليلة بالنسبة للأعداد التى اشتركت فى القتال.

فيما بلغت خسائر العدو 25 طائرة  و 120 دبابة وعدة مئات من القتلى مع خسارة المعارك التى خاضها وسقط خط بارليف الذى كان يمثل الأمن والمناعة لإسرائيل، وهزيمة الجيش الإسرائيلى الذى رددوا عنه أنه غير قابل للهزيمة.

وبسقوط «خط بارليف» فى يد القوات المسلحة المصرية يعتبر وحده كارثة عظمى ذلك الخط الذى تكلف إنشاؤه أكثر من 500 مليون دولار أمريكى وهو رقم مهول بحسابات تلك الأيام. 

كل هذا التناغم بين القيادة وكل هذه القوات على الأرض كان نتيجة عمليات تدريبية كبيرة جدًا ومجهود خرافى أثناء فترة إعداد وتجهيز الجيش المصرى لذلك اليوم المجيد

وكان شعار القوات المسلحة المصرية «أن العرق فى التدريب يحفظ الدم فى الحرب»

وأن أسطورة «الجيش الإسرائيلى الذى لا يقهر» قد سقطت تمامًا أمام قدرة رجال الجيش المصرى فى زمن قياسى قُدِّر بست ساعات فقط، كما أكد على ذلك الرئيس المصرى «محمد أنور السادات» فى خطابة الشهير أمام مجلس الشعب المصرى بعد النصر.

وليس هناك أبلغ من تصريحات «موشى ديان» بعد بدء الحرب فى سيناء حينما أبلغ الصحفيين الإسرائيليين وذلك بعد عودته من الجبهة. حيث إن  الصحفيين سألوه ماذا أنت فاعل.. قال: 48 ساعة تعبئة و48 ساعة لدحر الجيش المصرى والجيش السورى و48 ساعة نحتل فيها القاهرة ودمشق!. ديان بعد 72 ساعة من هذه التصريحات قال: أطلب الانسحاب إلى خطوط خلفية لأننا غير قادرين على مواجهة المصريين!. أليس هذا انتصارًا؟.