الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الرئيس شدد على أن الغذاء حق أساسى للشعوب مصر تقود أفريقيا لموقف موحد فى مواجهة خطر المجاعة

حذر الرئيس عبد الفتاح السيسى، من خطر المجاعة الذى بات يشكل تهديدًا كبيرًا على كثير من المناطق خاصة دول إفريقيا، وهو ما يتطلب حلولا عاجلة لإنقاذ ملايين من البشر.



وقال الرئيس السيسى فى كلمته، فى قمة الأمم المتحدة بشأن النظم الغذائية:  «أدركت «مصر» منذ وقت مبكر ما تمثله هذه القصة من فرصة مواتية لطرح أفكار وحلول لتلك التحديات، فضلاً عن الدور الذى يمكن أن تضطلع به فى تعزيز التعاون الدولى، وحشد التمويل اللازم فى هذا الصدد. وعليه؛ فقد سارعت «مصر» بالقيام بدورها فى إطار العملية التحضيرية للقمة وطنيًا وإقليميًا..».

 

وأكد الرئيس السيسى حرص الدولة المصرية على الاهتمام والمشاركة فى إحدى أهم القضايا التى تواجه العالم فى الفترة الحالية، وهو الحق فى الغذاء كأحد الحقوق الأساسية للشعوب.

كانت قمة الأمم المتحدة للأنظمة الغذائية عُقدت هامش انعقاد الجمعية العامة للأمَم المتحدة فى «نيويورك» يوم الخميس الأسبق؛ بهدف تعظيم الفوائد المشتركة لنهج النظم الغذائية، عَبْر خطة عام 2030 بأكملها، ومواجهة تحديات تغيُّر المناخ، وزيادة الوعى بمركزية النظم الغذائية فى جدول أعمال التنمية المستدامة بأكمله؛ لا سيما فى أعقاب تفشّى جائحة كورونا.

إن الصراع، وعدم الاستقرار، أكثر ما يخيف المنظمات التابعة للأمم المتحدة؛ نظرًا لعواقبهما الوخيمة على حياة البشر والمجتمعات. لهذا- عادة- ما تكون (المساعدات)، أول ما يفكر به المسئولون حول العالم. لكن، خلال العام الماضى، زادت قائمة المخاطر بظهور تهديدات لم تكن فى الحسبان، فقبل تفشى فيروس كورونا، الذى شل الحياة على الكوكب لفترة، ولا يزال يُقيّد الحركة بشكل ملحوظ، بدأت الطبيعة تكشر عن أنيابها، بعد تغيُّر المناخ الذى أدى لحدوث الكثير من الكوارث الطبيعية حول العالم.

 أسباب التحرك الدولى للأمن الغذائى

جاء هذا التحرك الدولى، بعد أن وجَّه الأمين العام «أنطونيو جوتيريش» نداءً عاجلًا منذ فترة؛ لتوفير تمويل 5.5 مليار دولار، من أجل منع كارثة تصيب 34 مليون شخص فى أكثر من ثلاثين دولة على بُعد خطوة واحدة فقط من المجاعة، التى سببها النزاع المسلح، والتغيُّر المناخى الدراماتيكى، ووباء كورونا؛ وفقًا لتقديرات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO)، وبرنامج الأغذية العالمى (WFP). 

وقال «جوتيريش» فى اجتماع لمجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، إن: «أكثر من 88 مليون شخص كانوا يعانون من (الجوع الحاد) فى نهاية عام 2020، بسبب الصراع، وعدم الاستقرار، أى زيادة 20 % فى عام واحد فقط. وتشير التوقعات لعام 2021 إلى استمرار هذا الاتجاه المخيف».

ومن جانبه، حذّر المدير التنفيذى لبرنامج الأغذية العالمى «ديفيد بيزلى» من وجود 270 مليون شخص يعانون بشكل حاد من سوء التغذية. واصفًا وضعهم بأنهم على شفا (المجاعة)؛ كما قدّر البنك الدولى أن 71 مليون شخص سيُدفعون إلى براثن (الفقر المدقع) فى جميع أنحاء العالم نتيجة للوباء؛ فيما قدّر برنامج الغذاء العالمى، أن 130 مليون شخص إضافى، يمكن أن يندرجوا فى فئة (انعدام الأمن الغذائى)، بالإضافة إلى 820 مليون شخص مصنفين بالفعل على هذا النحو فى تقرير حالة (انعدام الأمن الغذائى) لعام 2019 فى التقرير العالمى.

من الواضح أن السبب الرئيسى لزيادة أعداد الجياع لهذا العام، هو انتشار (COVID-19) العام الماضى، الذى خَلق ـ بدوره ـ  أزمة غذائية لا مثيل لها؛ حيث ضاعفت عواقب الجائحة عدد الجياع والفقراء فى جميع أنحاء العالم، وتركت أكثر من 265 مليون شخص على حافة البقاء على قيد الحياة؛ وفقًا لتقرير نُشر بجريدة «تيليجراف» فى يوليو الماضى. 

وأضاف التقرير إن الوباء كشف عن الفشل المدمر للأنظمة الغذائية المحلية لبعض الدول؛ بسبب القيود المفروضة على الحركة، والعمل، وتدابير الحَجْر الصحى، وعمليات الإغلاق، مما أدى إلى تقويض الأمن الغذائى فى العديد من البلدان، وعطل سلسلة الإنتاج، والنقل، والاستهلاك الزراعى بأكمله، التى تطورت على مدار العقود الماضية.

وتقع معظم النقاط الساخنة للأمن الغذائى فى «إفريقيا»، فقد حدّد تقريرٌ تابع للأمم المتحدة، نُشر فى يوليو الماضى، 23 نقطة ساخنة للجوع فى العالم، وهم: «أفغانستان، أنجولا، جمهورية إفريقيا الوسطى، منطقة وسط الساحل، تشاد، كولومبيا، جمهورية الكونغو الديمقراطية، إثيوبيا، السلفادور مع هندوراس، وجواتيمالا، وهايتى، وكينيا، ولبنان، ومدغشقر، وموزامبيق، وميانمار، ونيجيريا، وسيراليون، وليبريا، والصومال، وجنوب السودان، وسوريا، واليمن».

وعَلق موقع «بلومبرج» إن تضخم الغذاء، هو دائمًا عامل سلبى، وستكون الموجة الجديدة من التضخم شديدة؛ إذ ظهرت مخاوف جدّيّة، بشأن الجوع، وسوء التغذية، حتى فى أغنى دول العالم. مثل: «الولايات المتحدة»، التى ارتفع فيها عدد الأشخاص الذين يعانون من مشاكل غذائية بمقدار 13.2 مليون، بزيادة قدرها 35٪ منذ عام 2018، وفقًا لمنظمة «Feeding America»، وهى  أكبر منظمة للإغاثة من الجوع فى البلاد. 

كما توقعت منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، أنه فى عام 2030، قد يظل نحو 660 مليون شخص يواجهون الجوع.       

 استغلال الأزمة

لم تكن الأسباب السابقة، التى تسببت فى ارتفاع الأسعار على نطاق واسع، وتحديدًا أسعار المواد الغذائية، هى المحرك الوحيد للأمم المتحدة فحسب؛ بل استغلال الأزمة سياسيًا، أو للربح، من قِبَل بعض الشركات، والنخب الغربية لرفع السعر العالمى بشكل مصطنع، من أجل إثرائهم الإضافى، أو مصالحهم الخاصة.

فعلى سبيل المثال: ذكر «Bloomberg» أن أسعار القمح العالمية قفزت بعد أن صدمت «الولايات المتحدة» الأسواق، فى بداية شهر أغسطس الماضى، من خلال التنبؤ بانخفاض كبير فى الحصاد فى «روسيا»؛ ثم خفضت وزارة الزراعة الأمريكية - بشكل حاد- تقديراتها لمحصول القمح للعام الزراعى (2021-2022) فى أغسطس، بمقدار 12.5 مليون طن، مقارنة بالشهر الأسبق.

وعليه؛ عَلق أستاذ قسم السياسة التجارية فى جامعة «بليخانوف الروسية للاقتصاد»، البروفيسور «إبراجيم رمضانوف»، أن التراجع الحاد لوزارة الزراعة الأمريكية فى محصول القمح، وتوقعاتها بعمليات التصدير من «روسيا» يُعد (تلاعبًا). مرجحًا أن التلاعب جاء نتيجة لمعرفة الجانب الأمريكى أن «روسيا» ستحتفظ بالريادة العالمية من صادرات القمح، وأن مشاكل المناخ لن تؤثر على النتائج النهائية للحصاد الإجمالى للحبوب والقمح فى «روسيا». لهذا؛ أخذت وزارة الزراعة الأمريكية بيانات قديمة للسوق، ومن غير المحتمل أن ترتكب الوزارة الأمريكية مثل هذا الخطأ عن طريق الصدفة!!

ثم قال، إن: «أى معلومات سلبية عن غلات الحبوب تعزز الأسعار فى السوق العالمية، ما يؤدى بدوره إلى زيادة الطلب على القمح الأمريكى الأكثر تكلفة، والذى ينخفض ​​الطلب عليه، بسبب زيادة إنتاج وصادرات القمح من «روسيا»، و«أوكرانيا».

واعتقد الخبير الروسى أن وزارة الزراعة الأمريكية، هى أحد أصحاب المصلحة فى سوق الحبوب العالمية. لذلك؛ من المرجح جدًا أن تحاول التلاعب برد فعل السوق على توقعاتها، من أجل رفع أسعار الحبوب.

ولإخفاء محاولاتهم للتلاعب، ورفع أسعار بعض المواد الغذائية، استخدمت بعض الشركات الغربية- بشكل متزايد- ما يسمى بطريقة (الانكماش)؛ حيث قد تظل الأسعار كما هى، ولكن يتم تقليل حجم المنتَج نفسه؛ وفقًا للكاتب «فلاديمير أودينستوف».

على صعيد آخر من استغلال الأزمة سياسيًا، فقبيل قمة الأمم المتحدة للأنظمة الغذائية، قالت وزارة الخارجية الروسية، إن: «العقوبات الأحادية، لا يمكن أن تستخدمها دول للضغط على دول أخرى». ثم أيدت «روسيا» دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى تعليق مثل هذه العقوبات أحادية الجانب؛ وعلى وجه الخصوص، استذكرت «موسكو» الفكرة التى طرحها الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين»، حول (الممرات الخضراء)، التى يجب أن تكون خالية من الحروب التجارية والعقوبات؛ خصوصًا على المواد الغذائية والإمدادات الطبية.

يُعد استغلال تلك الأزمة الإنسانية والوجودية سياسيًا واقتصاديًا أكثر ما يؤرق مسئولى الأمم المتحدة، وهو ما دفعهم لعقد هذا المؤتمر فى هذه الساعة الحالكة، التى وصفها أغلب الخبراء بـ(منعطف حرج). 

 الوضع المصرى من هذه الأزمة

لا تزال «مصر» محتفظة بمكانتها، رُغم الظروف المريرة التى يمر بها العالم.. فقد أكد تقرير (مؤشر الجوع العالمى) لعام 2020، أن معدل «مصر» طبيعى لا يحتاج إلى القلق؛ إذ يستمر مؤشر الجوع فى الهبوط، بعد أن كان المؤشر عند (15.3) عام 2012، ووصل إلى (11.9) عام 2020، وهو ما يشير إلى التحسن الملحوظ فى سنوات قليلة.

جديرًا بالذكر؛ أن بداية مؤشر (الخطر) تبدأ عند درجة (20)، وهو ما وصف به أغلب دول «إفريقيا»، وجنوب «آسيا»؛ أمّا مؤشر (الإنذار بالخطر) فيكون أكثر من (35)، وقد وصف بها عدد من دول منتصف «إفريقيا»، ودولتا «سوريا، واليمن»؛ فيما يبدأ مؤشر (شديد الخطورة) من (50) فأكثر.

المثير للريبة فى تقرير (مؤشر الجوع العالمى) لعام 2020؛ عدم احتوائه على إحصائيات أو مؤشرات عن بعض دول العالم الأول، مثل: «الولايات المتحدة»، وأغلب دول «أوروبا»، و«أستراليا» بحجة أنها غير معروفة!!