الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

العزلة واليأس ورفض الحياة أبرز علامات الخطر د. نبيل القـط لـ«روزاليوسف»: علموا أولادكم حب الحياة

أكد استشارى الطب النفسى الدكتور نبيل القط، أن 20% من المكتئبين يحاولون الانتحار، حيث تؤدى أمراض نفسية كثيرة إلى رفض الحياة ومن ثم إقدام المريض على التخلص منها.



وقال د.القط، فى حوار أجرته معه «روزاليوسف»: إن نسب الانتحار فى مصر تبلغ 1.3 شخص لكل 100 ألف نسمة فى العام الواحد، وهذا يعنى أن هناك نحو 10 آلاف حالة انتحار كل عام، وهذا أمر مقلق يستوجب التوعية المجتمعية.. ورصد الدكتور القط، أسباب الانتحار، كما وضع روشتة للعلاج، وكيفية التعرف على «إشارات» ما قبل الفاجعة، للذين ضاقت بهم الحياة فقرروا طواعية أن يلقوا بأنفسهم لما يراه الكثيرون «تهلكةً»، ويرونه هم «طريق الخلاص». وفيما يلى نص الحوار:

حدثنا عن الانتحار وأسبابه؟

ــ الانتحار هو رفض الحياة، وأن الحياة لم تعد قابلة للعيش بالنسبة للبعض، فلا يوجد من يُفضل الموت، والمقبل على الانتحار لا يفكر فيه بقدر تفكيره بأنه لم يعد قادرًا على الاستمرار فى حياته، لذا يفضل التخلص منها؛ لأنه يصبح رافضاً لها.

رفض الحياة قد يحدث نتيجة أمراض نفسية كثيرة أبرزها الاكتئاب، فوفقًا للإحصائيات 20% من المكتئبين يحاولون الانتحار، كذلك الإدمان بصوره كافة، وبعض أنواع الاضطرابات الشخصية كاضطراب الشخصية الحدية، وكذلك الأمراض الجسدية كالأمراض المزمنة أو غير القابلة للعلاج كالسرطان والإيدز، أو الأمراض المصاحبة لآلام مزمنة، بالإضافة للمشكلات الاجتماعية، التى أصبحت سببًا رئيسيًا للكثير من الحالات خلال الفترة الماضية، كالطلاق، والتفكك الأسرى، والفقد، والعنف، والتعثر المالى الشديد، والأزمات الاجتماعية العنيفة كالفضيحة وقضايا الشرف، أو فقدان العذرية لدى الفتيات، كلها أسباب تؤدى للانتحار، خاصة لو أن هذا الشخص لم يجد دعمًا اجتماعيًا من أسرته أو المحيطين به، أو ليس لديه مرونة نفسية كافية لحل مشكلاته بطرق أخرى، فيتخذ من إنهاء حياته حلًا للخلاص.

كم تبلغ معدلات الانتحار فى مصر، وفى العالم، وهل المعدل لدينا مقلق؟

- نشرت منظمة الصحة العالمية تقريرًا عن ظاهرة الانتحار حول العالم، وجاء فيه أن شخصًا واحدًا ينتحر كل 40 ثانية، فهناك 800 ألف شخص ينتحرون كل عام فى العالم، وفى مصر تظهر الإحصائيات أن نسب الانتحار 1.3 شخص لكل 100 ألف نسمة فى العام الواحد، وهذا يعنى أن هناك ما لا يقل عن 10 آلاف حالة انتحار كل عام، وهذا مقلق بكل تأكيد.

مع الأخذ فى الاعتبار أن تقرير الأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية، رصدا أن الدول النامية والمتوسطة الدخل هى الأعلى فى نسب الانتحار، لكنها الأقل تسجيلًا لتلك الحالات بصورة دقيقة، على عكس الدولة المتقدمة التى ترصد وتسجل الوفيات بصورة أدق، وهذا يفسر أسباب ارتفاع نسب معدلات الانتحار فى الدول المتقدمة عن النامية.

فى حالات كثيرة ومنها فتاة المول أبلغت صديقتها أنها ستنتحر.. كيف نتعامل مع من لديه أفكار انتحارية؟

ــ للأسف صديقتها تركتها ولا لوم عليها، فهى غير مدركة لكيفية التصرف فى مثل تلك المواقف، فى تلك الحالات لا بد من ملازمة الشخص والتودد إليه، والاستماع لكل ما بداخله «ببساطة أسيبه يفضفض، يقول ويحكى عن كل ما بداخله، وأحسسه إنى مهتم أسمعه، دون توجيهه أو انتقاده أو أقوله حرام عليك ليه تعمل كده فى نفسك.. وقتها هيطمن لصديقه، وفى اللحظة دى ممكن تعرض عليه الذهاب لمتخصص لمحاولة حل المشكلة». 

هل هناك نماذج مشابهة لأصدقاء لجأوا إليك؟ 

ــ بالطبع حالات كثيرة أجد صديقًا بصحبة آخر حاول الانتحار، وهناك بعض الأسر تلجأ لى لمساعدة أحد الأبناء، لكن للأسف هناك الكثيرون أيضًا ممن لا يهتمون، فهى مسألة وعى من الدرجة الأولى.

كيف يمكن اكتشاف أن بيننا شخصا يفكر فى الانتحار، هل هناك إشارات؟

ــ للأسف من الصعوبة اكتشاف ذلك وقت تنفيذ الفعل، لأن حالة المقبل على الانتحار حينها لا تخضع لقاعدة، فمنهم من يحدث ضجة وهذا يمكن إنقاذه-، إلا أن هناك من ينهى حياته فى صمت - وهذا من الصعب لحاقه-، لكن هناك إشارات للفترة ما قبل ذلك، «كالعزلة، وحديثه بأنه أصبح عبئاً على نفسه ومن حوله، وأنه سيريح نفسه ويريح الناس منه، أو إن الدنيا متستاهلش والمستقبل مظلم، وأن يسيطر عليه اليأس، وقتها لازم نقلق، ونعرف أن هذا الشخص بحاجة للمساعدة».

هل تسلط الأسرة أو الأزواج قد يكون قاتلاً؟

ــ بالطبع شيء مؤذى للغاية، فالهجوم والانتقاد والعنف والمنع والتسلط والحرمان من الحرية والحقوق، قد يكون قاتلاً.

كم تبلغ نسبة النجاح مع الحالات التى قابلتها وكانت تحاول الانتحار سواء بطريقة علاجية أو سلوكية؟

ــ هناك حالات ننجح فى مساعدتها والتخلص من الرغبة الانتحارية لديها، لكن صعوبة الأمر أن مع كل حادثة انتحار، هناك فى المقابل 20 حالة تحاول الانتحار، وهذا يعنى أن الأمر يحتاج لمجهود كبير وتضافر الجميع، وخاصة الأسر «خلوا بالكم من ولادكم.. أنقذوهم».

ظهر مؤخرًا ادعاء الانتحار لركوب التريند، ما تأثيرات ذلك؟    

ــ هذا أمر خطير، فمدعو الانتحار يموت منهم الكثير، لأنهم يجازفون دون إدراك؛ لذلك نتعامل معهم كمنتحرين؛ لأننا لن نستطيع التمييز بين المنتحر والمدعى الذى يتوفى.

البعض يقول أن المنتحر بعيد عن ربنا؟ هل الانتحار يرتبط بأسباب دينية أم عقلية؟

ــ أحيانًا تكون علة عقلية فى حالات مثل الاكتئاب، الذى ينجم عنه تغيير فى كيمياء المخ ويحتاج للعلاج، أو أسباب اجتماعية كما ذكرناها تحتاج لتعديل سلوك، أما عدم التدين أو البعد عن الله ليس سببًا للانتحار، فهناك أشخاص متدينون ينتحرون، مع الإشارة إلى أن الدين قد يكون عاملًا مساعدًا للتراجع عن الأفكار الانتحارية.

هل الحديث عن أن المنتحر عاص وقاتل يمكن أن يكون رادعاً؟

ــ لا أعتقد؛ لأن من يفكر فى الانتحار «مش بيكون فارق معاه».

ما صور التوعية التى نحتاجها؟ 

ــ نحن بحاجة لتضافر مجتمعى، لنشر توعية نفسية واجتماعية ودينية، ولابد من الاهتمام بالأسر التى بها حالة انتحار، لأن هناك دراسات أظهرت أن حالات الانتحار قد تتكرر داخل الأسرة الواحدة، وهذا مرتبط بعامل وراثى، لذا نحتاج لتسليط الضوء على هذه النقطة لأنها غاية فى الأهمية.

المجلس الأعلى للإعلام وضع كودًا جديدًا لتغطية حوادث الانتحار، ما رأيك؟

ــ قرار موفق جدًا، وأتفق معه.

أخيرًا، المنتحر ضحية أم مذنب؟

ــ ضحية ويحتاج المساعدة. 

روشتــة وقائيــة

وضع استشارى الطب النفسى الدكتور نبيل القط، روشتة علاج وقائية للحفاظ على السلامة النفسية بشكل عام وللأشخاص الذين قد يكونوا عرضة للانتحار بشكل خاص، ناصحاً إياهم بأن يكون لديهم مجموعة يثقون فيها، ويتواصلون معها باستمرار، وألا ينعزل الشخص عن الناس والمجتمع، وأن تخصص فترات لقضاء أوقات لطيفة بالخروج والتنزه، وأن يكون لدى الانسان روتين شبه ثابت فى حياته للعمل والنوم والخروج، وأخيرًا المشي كثيرًا.