الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

رغم مبالغات السوشيال ميديا وتضخيمها لبعض حوادث الانتحار مصر صاحبة أقل معدل فى العالم

الكود الإعلامى لتغطية حوادث الانتحار نقلة نوعية



 

ستبدأ مصر قريبًا، ممثلة فى المجلس الأعلى للإعلام، تطبيقَ الكود الإعلامى للتعامل مع قضايا الانتحار، التى يجب تناوُلها بشكل يكفل عدم التسبب فى زيادة مثل هذه الحالات، وكذلك احترام آلام الأسَر، وعدم المتاجرة بمثل هذه القضايا.

ولعل الخطورة فى التناوُل الخطأ لحوادث الانتحار، تكمن فى طريقة صياغة العناوين، وزوايا التناوُل، التى قد تؤدى  دون أن يدرك كاتب الخبر ـ إلى التشجيع على الانتحار بدلاً من التحذير من مَخاطر هذه الآفة.

وتشير بعض الدراسات إلى أن محررى الصحف أنفسهم قد يكونون عرضة للجنوح نحو الانتحار أثناء تغطيتهم لمثل هذه الحوادث وتشبعهم بما وُرد فى تفاصيلها من مشاكل ودوافع لدَى المنتحر ربما تتشابه مع مشاكل لديهم.

لذلك فإن تطبيق هذا الكود يمثل نقلة مهنية نوعية مهمة فى تنظيم العمل الإعلامى وكيفية تناوُل مثل هذه القضايا بشكل يواكب التطورات العصرية فى مهنة البحث عن المتاعب.

 

أعادت واقعة الانتحار المأساوية لطالبة طب الأسنان فى أحد المولات الشهيرة بمدينة نصر، تسليط الضوء على هذه الظاهرة التى تخطف أرواح 703 آلاف شخص سنويًا فى العام، بما يوازى ضحية كل 40 ثانية؛ حيث تأتى فى المرتبة الأولى عالميًا دولة جيانا فى أمريكا اللاتينية، وفق تقرير منظمة الصحة العالمية، تليها كوريا الجنوبية، ثم ليتوانيا، وسورنامى،  وروسيا، وجويانا، وأوكرانيا، وبيلاروسيا، ثم كازاخستان، والمجر فى المرتبة التاسعة، بينما تحل اليابان فى المرتبة العاشرة، فى حين جاءت مصر فى المرتبة الـ 150 من أصل 183 دولة وفق تقرير للبنك الدولى لعام 2019، مما يؤكد أن معدلات الانتحار فى مصر منخفضة جدًا مقارنة بدول العالم.

 

ومع دخول العالم مرحلة مضطربة فى العديد من المجالات خلال انتشار جائحة كورونا، وتأثيرها القوى على النواحى الاقتصادية والاجتماعية عالميًا نرى أن الظاهرة انتشرت بصورة كبيرة العام الماضى؛ خصوصًا فى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل؛ حيث إن %79 من حالات الانتحار العالمية سجلت فى هذه البلدان، إلا أنه وفق آخر تقرير لـ «مركز السيطرة على الأمراض والوقاية» Center for Disease Control and Prevention أوضح أن عددًا مفاجئًا من البلدان المتقدمة والغنية للغاية شهدت أيضًا ظاهرة الانتحار بشكل بارز؛ خصوصًا فى الدول التى يصنف شعبها ضمن «الشعوب الأكثر سعادة فى العالم».

2022 عامًا للصحة النفسية 

نتيجة لتزايُد حالات الانتحار فى الفترة الأخيرة؛ خصوصًا بين المراهقين فى مصر، لأسباب عديدة منها نتيجة الثانوية العامة والأزمات النفسية؛ أعلنت الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان بوزارة الصحة عام 2022 «عامًا للصحة النفسية للمراهقين»؛ بهدف توعية المراهقين وأسرهم.

وسيتم تكوين مجموعات دعم من الشباب أنفسهم لنشر الرسالة من خلال مجموعة دعم الأقران المنفذة فى المدارس والأندية والجامعات، وعمل مجموعة من الندوات التثقيفية داخل الأندية الرياضية ومراكز الشباب وتوزيع مطبوعات لنشر الوعى المجتمعى، مع عمل تدريبات للأسر عن كيفية تربية المراهق والتغلب على تحديات فترة المراهقة.

اليوم العالمى

حددت منظمة الصحة العالمية والرابطة الدولية لمنع الانتحار فى فيينا «IASP» 10 من سبتمبر من كل عام يومًا عالميًا لمنع الانتحار، وذلك بعد زيادة نسب المقبلين على إنهاء حياتهم بصورة متزايدة، وفى عام 2014 نشرت منظمة الصحة العالمية تقريرها الأول عن الانتحار بعنوان «الوقاية من الانتحار: ضرورة عالمية»؛ بهدف زيادة الوعى بأهمية تلك الظاهرة والأسباب التى قد تؤدى البعض لإنهاء حياتهم من منظور الصحة العامة، كذلك جعل الوقاية من الانتحار أولوية قصوى على جدول أعمال الصحة العامة العالمية.

ويهدف التقرير أيضًا إلى تشجيع البلدان ومساعدتها على تطوير أو تعزيز استراتيچيات شاملة للوقاية من الانتحار، والتزمت الدول الأعضاء فى المنظمة بموجب خطة عمل منظمة الصحة العالمية للصحة النفسية (2013 - 2030) بالعمل من أجل تحقيق الهدف العالمى المتعلق بخفض معدل الانتحار فى البلدان بمقدار الثلث بحلول عام 2030.

ووفق آخر إحصائيات لمنظمة الصحة العالمية؛ فإن نسب الانتحار قد تتفاوت بين البلدان والأقاليم، وبين الذكور والإناث؛ حيث إن عدد الذكور الذين يلقون حتفهم بسبب الانتحار يزيد بأكثر من مرتين على عدد الإناث 12.6 من كل 100 ألف ذكر، مقارنة بـ5.4 من كل 100 ألف أنثى.

وتعد معدلات الانتحار بين الرجال أعلى عمومًا فى البلدان ذات الدخل المرتفع 16.5 من كل 100 ألف، أمّا بالنسبة للإناث فتسجل أعلى معدلات الانتحار فى بلدان الشريحة الأدنى من الدخل المتوسط 7.1 من كل 100 ألف.

وجاءت معدلات الانتحار فى أقاليم المنظمة لإفريقيا 11.2 لكل 100 ألف، وأوروبا 10.5 لكل 100 ألف، وجنوب شرق آسيا 10.2 لكل 100 ألف، أعلى من المتوسط العالمى 9 لكل 100 ألف فى عام 2019، فيما سجل أدنى معدل للانتحار فى إقليم شرق المتوسط 6.4 لكل 100 ألف.

كورونا والانتحار

أمّا فيما يتعلق بالبلدان صاحبة أعلى نسبة عالمية فى الانتحار؛ فتسجل اليابان أعلى معدل انتحار فى دول العالم المتقدم، وعلى مدى العقد الماضى نجحت البلاد فى تقليل معدلات الانتحار بنحو الثلث؛ إلا أنه خلال العام الماضى؛ خصوصًا بسبب انتشار جائحة كورونا، ارتفعت حالات الانتحار مرة أخرى؛ خصوصًا بين النساء، ففى أكتوبر 2020 وحده تم تسجيل 879 حالة انتحار بين النساء، ووفق إحصائيات الحكومة اليابانية؛ فإن معدل النساء زاد بنسبة %15 خلال العام الماضى، فى حين انخفضت حالات انتحار الذكور بشكل طفيف.

فى عام 2019 أصدر مجلس الوزراء المصرى بيانًا تحدّث فيه عن «الشائعات» بخصوص تصدّر مصر المرتبة الأولى فى معدلات الانتحار، واعتمد المجلس فى بيان له على آخر الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء والصادرة فى العام 2017 والتى ذكرت أنه خلال العام المذكور (2017) وقعت 69 حالة فقط؛ حيث يؤكد الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن «كل ما يتردد فى هذا الشأن (بخصوص زيادة معدلات الانتحار) شائعات تستهدف النيل من الاستقرار المجتمعى».

واستند بيان مجلس الوزراء أيضًا إلى أن تقرير البنك الدولى لعام 2019 الذى  أظهر نسب معدلات انتحار منخفضة جدًا فى مصر مقارنة بدول العالم، وأن القاهرة تأتى فى المرتبة الـ150 من أصل 183 دولة فى معدلات الانتحار العالمية.

 

أسباب الانتحار

وفق مجلة Scientific American  العلمية؛ فإن السلوك الانتحارى يأتى نتيجة التفاعل بين العوامل البيولوچية والنفسية والاجتماعية والثقافية. وتبقى الأسباب النفسية والإدمان على رأس الأسباب المؤدية إلى الانتحار، وهناك حالات بها تاريخ عائلى من الانتحار، وأصحاب الأمراض المزمنة لديهم قابلية للانتحار أكثر من غيرهم، إضافةً إلى مَن يتعرضون لأزمات نفسية واقتصادية.

كما أوضحت المجلة العلمية، أن الأزمات السياسية يختلف تأثيرها وفق نوعيتها؛ فعندما يكون هناك عدوٌ خارجى متفق عليه يتوحد المجتمع ويتماسك وتقل حالات الانتحار، ولكن عندما تكون هناك صراعات داخلية وحروب أهلية تزيد حالات الانتحار؛ خصوصًا عندما يرتبط ذلك بالإقصاء والهجرة القسرية والاضطرار إلى ترك الأوطان، والنموذج واضح فى الصومال واليمن وسريلانكا بسبب الحرب الأهلية، ولا ننسى أن الانتحار زاد فى الاتحاد السوفيتى بعد تفكيكه.

أمّا عن العوامل النفسية والفردية؛ فتوضح المجلة العلمية أن هناك أسبابًا عديدة تدفع الأشخاص للتفكير فى الانتحار، ففقدان الأهل والعمل، وإدمان الكحوليات والمخدرات مثل الحشيش والهيروين والكوكايين، أحد أهم الأسباب المسجلة لدفع الأفراد على فكرة الانتحار، كما تؤدى العوامل البيولوچية والوراثية  دورًا فى إقدام الشخص على الانتحار؛ إذ ترتبط المستويات المنخفضة من هورمون السيروتونين بمحاولات الانتحار الخطيرة لدى المرضى الذين يعانون من اضطرابات المزاج والفصام.