الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

سبقت الشرق الأوسط وإفريقيا باتباع سياسات وبرامج واضحة فى مختلف المجالات: نجاحات مصرية رائدة فى «المناخ» والحوكمة أذهلت الأمم المتحدة

لم تكن قضايا البيئة ضمن مَحاور اهتمام الدولة فى التاريخ الحديث، إذ لم تكن على قائمة أولوياتها على الإطلاق. فيما تسبب غياب الحوكمة عن العديد من الملفات داخل مصر فى إهدار الموارد، وتكبيد خزانة الدولة خسائر مالية.. وجاء تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية فى مصر عام 2021، الذى يمثل رأى مجموعة مستقلة محايدة، كأول تقرير يتطرّق إلى هاتين القضيتين المهمتين «الحوكمة، والبيئة وتغيُّر المناخ»، الأمر الذى يعكس اهتمام القيادة المصرية بهاتين القضيتين ووضعهما ضمن أولوياتها خلال السنوات القليلة الماضية وقطع أشواط كبيرة فيهما رُغم الظروف العصيبة التى يمر بها العالم بأكمله، الأمر الذى فاجأ ممثلى الأمم المتحدة، الذين بدورهم أشادوا بهذه الإنجازات فى هذين الملفين المهمين.



 

 البيئة والمناخ

تُعَد قضية المناخ، القضية العالمية المحورية، بجانب مواجهة فيروس كورونا، إذ تحاول الأمم المتحدة، وبعض دول العالم، تنبيه غيرهم من البلاد لقضية تغيُّر المناخ، وتأثيره السلبى على البيئة، وما ينتج عنه من عواقب، وهو ما انتبهت إليه مصر مبكرًا، لتشارك دول العالم، وتنادى معهم بضرورة التنمية فى ظل الحفاظ على البيئة، ومراعاة تغيُّر المناخ.

وأثنى مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائى «آخيم شتاينر»، فى رسالة مسجلة أذيعت أثناء فاعليات تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية فى مصر عام 2021، على استجابة مصر لأزمات المناخ، بعد أن أنشأت فى عام 2019، المجلس الوطنى للتغيرات المناخية.

وأكد أن الأمم المتحدة ستدعم جهود مصر الحاسمة، من خلال دعم استراتيچيتها تجاه أزمة تغيُّر المناخ. مشيدًا بالجهود المصرية المبذولة، رُغم الأزمات، والحقائق القاسية، التى تواجهها كبقية العالم. ومع ذلك، فهى تستجيب على نحو استباقى للأزمة، التى يواجهها الجميع فى مجالات: المناخ، والبيئة، والطبيعة.

من جهتها لفتت الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى فى مصر «راندة أبو الحسن»، إلى اهتمام مصر الكبير بالحفاظ على أصولها البيئية الحيوية؛ خصوصًا مواردها المائية فى سعيها لإيجاد حلول مبتكرة، من أجل تأمين احتياجاتها المائية المستقبلية، وإجراء الحكومة المصرية إصلاحات لمنظومة الطاقة، وتحسين كفاءتها وتحويلها إلى مصادر مستدامة.

من جانبه، قال مساعد الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى، الدكتور «محمد بيومى»، إن مصر تلعب دورًا كبيرًا فى المفاوضات الخاصة بالاتفاقيات البيئية الدولية، وجاء تقرير التنمية البشرية الوطنى، ليؤكد اهتمام مصر البالغ بأصولها البيئية.

وأضاف- خلال كلمته أمام الرئيس «عبدالفتاح السيسى»: إن دمج البُعد البيئى فى خطة التنمية الوطنية، يمثل عنصرًا لاستدامة المردود الاقتصادى والاجتماعى؛ حيث إن البيئة النظيفة تؤدى إلى استخدام الموارد الطبيعية بشكل جيد.

وأشار إلى تصاعُد الضغوط البشرية على الموارد الطبيعية، إذ أن الموارد الموجودة لن تكون كافية لبلوغ التنمية المستدامة، فهناك توافق، وإجماع دولى على أن الأرض لن تتحمل المزيد من الانبعاثات الكربونية، وحققت مصر طفرة كبيرة فى تحسين مصادر الطاقة.

وبالفعل، أوضح التقرير أن مصر عكفت على تعظيم الاستفادة من أصولها الطبيعية، وشرعت فى تبنّى نهج الإدارة الواعية بالمخاطر البيئية، إذ أكدت (استراتيچية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030) أهمية الأبعاد البيئية للتنمية المستدامة، وضرورة دمجها فى مختلف القطاعات الاقتصادية.

كما عُرض (فيديوجراف)، أوضح أن الدولة المصرية عملت على ترشيد استهلاك المياه، والمضى فى مشروع تبطين الترع، ودراسة حلول غير تقليدية لتأمين الاحتياجات المستقبلية من المياه، وإصلاح منظومة الطاقة، وتبنّى مشروع كفاءة استخدام الطاقة، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتعددة، ناهيك عن إصدار مصر سندات حكومية خضراء؛ من أجل التصدى للمخاطر البيئية.

وشدد الـ(فيديوجراف) على أن مصر بذلت جهودًا كبيرة، من أجل الحفاظ على أصولها الطبيعية، وإدارة مواردها بفاعلية وكفاءة؛ لضمان حقوق الأجيال القادمة فى التنمية.

جدير بالذكر، أن الحكومة المصرية نفذت خلال السنوات القليلة الماضية، إصلاحات لمنظومة الطاقة، بدأت بنظام لترشيد دعم الطاقة، يضبط أنماط الاستهلاك غير المستدامة لمصادرها التقليدية، ويسعى لتحقيق العدالة فى توزيع الدعم، وضمان وتوجيهه لمستحقيه. 

كما تبنت مصر مشروعًا رائدًا لتحسين كفاءة استخدام الطاقة فى المنشآت جميعها، إذ ذكر التقرير أنها زادت من اعتمادها على مصادر الطاقة المتجددة، على سبيل المثال: أنشأت محطة «بنبان»، التى تُعد واحدة من أكبر المحطات عالميًا  لإنتاج الطاقة الشمسية.

على جانب آخر، أطلقت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية هذا العام «دليل معايير الاستدامة البيئية: الإطار الاستراتيچى للتعافى الأخضر»، بالتعاون مع وزارة البيئة، وبالتنسيق مع الجهات الحكومية ذات الصلة، ليصبح الدليل الأول من نوعه، الذى يهدف إلى التوعية بالقطاعات ذات التأثير الإيجابى المباشر على البيئة، ويوجّه القطاعين العام والخاص تجاه الاستثمار فيها.

وقالت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، الدكتورة «هالة السعيد»، منذ أيام، إن هذا الدليل سيكون الإطار الحاكم فى إعداد خطة الدولة المصرية، بدءًا من العام المالى الحالى (2021-2022)؛ حيث يتضمن المعايير العامة للاستدامة البيئية الواجب مراعاتها فى مراحل تنفيذ جميع المشروعات التنموية، والتى يتسع نطاقها لتشمل 14 مجالًا ونشاطًا، ذات تأثير إيجابى مباشر على البيئة.

كما عززت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية التقدير الاستثمارى للعام المالى (2021-2022) بمبلغ 350 مليون جنيه، من أجل حماية المناطق الساحلية المهددة، فى ظل تنامى الآثار السلبية لظاهرة التغيرات المناخية، وما يصاحبها من ارتفاع منسوب سطح البحر، وزيادة كثافة العواصف البحرية.

بالإضافة إلى ما سبق، هناك مشاريع خضراء أخرى ترعاها الحكومة المصرية، تخدم مجالات: البنية التحتية، وتحلية مياه البحر، والطاقة المتجددة، وإعادة التدوير، وتوفير الاستهلاك، والنقل، والزراعة، ومعالجة الصرف الصحى، وغيرها.

ولعل ما يميز مصر فى هذه القضية، دخولها بقوة هذا المجال، قبل معظم دول الشرق الأوسط وإفريقيا، وهو ما يزيد من فرصها فى جذب الاستثمارات، ورءوس الأموال.

 الحوكمة

دفع غياب الحوكمة عن العديد من الملفات الرئيس «السيسى» لتوجيه الحكومة المصرية، بالإسراع بحوكمة عدد من الملفات الحيوية؛ لتطبيق آلية منضبطة وشديدة، من أجل ضمان استعادة حقوق الدولة.

وأكد رئيس فريق إعداد تقرير التنمية البشرية فى مصر لعام 2021، الدكتور «خالد زكريا أمين»، أن أداء مصر فى الحوكمة الدولية والإقليمية شهد تنوعًا، وجرى التعامل مع قضايا الإصلاح الإدارى بشكل شامل، وكذلك التعرف على الجهود المبذولة، من أجل إعادة هيكلة جهاز الدولة، وتنمية الموارد البشرية داخل هذا الجهاز.

كما وثّق تقرير التنمية البشرية فى مصر 2021، سعى الدولة لتعزيز الحوكمة من خلال سياسات وبرامج واضحة فى مختلف المجالات، والقضايا، والقطاعات، من أجل تطوير وإصلاح الجهاز الإدارى للدولة- ونظم الإدارة المالية- لرفع كفاءة أدائه وفعاليته فى تقديم الخدمات الأساسية.

ونجد أنه فى عام 2014، تبنت مصر رؤية الإصلاح الإدارى، من أجل الوصول إلى جهاز إدارى كفء وفعال، يتسم بالحوكمة، ويخضع للمساءلة، ويُسهم فى تحقيق الأهداف التنموية الوطنية، ويُعلى من مستوى رضاء المواطن. 

ويُعد الانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة إحدى طرُق السعى لإحداث نقلة نوعية فى المنظومة الإدارية المصرية. 

كما عملت مصر على تعزيز آليات المساءلة، ففعّلت دورًا أكبر لنظم متابعة وتقييم الأداء الحكومى، وطورت نظم الإدارة المحلية، لتعزيز اللا مركزية، ورفع جودة تقديم الخدمات فى ربوعها. واتخذت أيضًا خطوات جادة، لتعزيز الشفافية، وتحسين التواصل مع المواطنين فى مختلف الأمور، وبوسائل متعددة، لتعزيز المساءلة، ومكافحة الفساد. ثم طورت آليات جديدة لمشاركة الشباب فى صنع وتنفيذ السياسات العامة، وتأهيلهم لقيادة العمل السياسى، والإدارى، والمجتمعى.

و خطت مصر خطوات مهمة نحو التحول الرقمى، والشمول المالى، وتعميم التكنولوچيات المالية، وإدماجها عبر جميع معاملاتها، فتبنت إصلاحات تشريعية ومؤسّسية، ووجهت استثمارات كبيرة إلى قطاع الاتصالات، وتكنولوچيا المعلومات، من أجل تعزيز البنية التحتية المعلوماتية.

وأوضح التقرير أنه يمكن مواجهة التحديات التنموية، من خلال ترتيب الأولويات، وتعزيز قدرات مصر العملية؛ لاستكمال مسيرتها التنموية، سعيًا لكفالة الحق فى التنمية لكل المصريين خلال عقد جديد من الإنجاز (2021-2030) فى ضوء توافق رؤية «مصر» له، مع رؤية خطة 2030 للتنمية المستدامة العالمية، وأجندة إفريقيا 2063.

جدير بالذكر، أيضًا، أن  الدولة اتخذت العديد من السياسات، والتشريعات، التى من شأنها تعزيز مبادئ الحوكمة، خلال السنوات القليلة الماضية، فعلى صعيد الإصلاح الإدارى، شُكلت الأمانة الفنية للجنة العليا للإصلاح الإدارى، ولجانها الفرعية،  واستُحدث تقسيمات تنظيمية جديدة بالجهاز الإدارى للدولة، تتمثل فى إنشاء وحدات التخطيط الاستراتيچى والسياسات، والتقييم والمتابعة، والمراجعة الداخلية، والموارد البشرية، والدعم التشريعى، ونظم المعلومات والتحول الرقمى،  ناهيك عن إطلاق «جائزة مصر للتميز الحكومى»، من أجل تحفيز روح التنافس، والتميز على مستوى الموظفين، والمؤسّسات الحكومية، وغير ذلك.

وفيما يخص التطور الرقمى، أنشأ المجلس القومى للمدفوعات والمجلس الأعلى للمجتمع الرقمى، والمنظومة الآلية الموحدة للتحول الرقمى، ومنظومة المدفوعات الإلكترونية الحكومية، بجانب إنشاء مراكز تكنولوچية بالمحافظات؛  لتسهيل تقديم الخدمات للمواطنين، كما أطلق مركز المعلومات ودعم واتخاذ القرار، التابع لرئاسة الوزراء، بالإضافة إلى وضع آليات لتحليل ورصد الواقع فى المجتمع، وتوفير معلومات صحيحة لمتخذى القرار، مثل: الرصد الميدانى، واستطلاعات الرأى، وإنشاء بوابة الشكاوى الحكومية، وقطاع إدارة الأزمات والكوارث، ومرصد أحوال الأسرة المصرية، كما قامت وزارة التخطيط للمرة الأولى بتصميم قاعدة بيانات لمؤشرات الأداء على مستوى المحافظات، وغير ذلك.

وبالنسبة لتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين، تم التوسع فى تقديم خدمات إلكترونية للمواطنين، وتحسين مستوى الخدمات فى مجالات الجوازات، والهجرة، وتصاريح العمل، واستخدام الرصد الإلكترونى الأوتوماتيكى للمَركبات، ومراقبة حركة المرور وإدارتها بالطرُق الذكية. كما تبنت الدولة المنظومة المتكاملة لإعداد ومتابعة الخطة الاستثمارية إلكترونيًا؛ لضمان متابعة وتقييم أداء المشروعات الاستثمارية، وتنفيذ أهدافها التنموية. فيما طُبق برنامج مكثف لتطوير، ودعم، ورفع كفاءة البنية التحتية، والطرُق، والكبارى؛ لتعزيز كفاءة بيئة الأعمال، بالإضافة إلى تعديل عدد من القوانين فيما يخص تعزيز الشفافية، وسيادة القانون، ومكافحة الفساد.

ما ذكر خلال السطور السابقة، هو- حرفيًا- نقطة فى بحر من التحركات المصرية الأخيرة، بعد أن اُكتشف أهمية تطبيق مبادئ الحوكمة، وتبنّى السياسات الخاصة بالإصلاح الإدارى، وتحسين الأداء الاقتصادى، وبيئة الأعمال، وما يترتب عليه من رفع جودة المؤسّسات العامة، وزيادة فعاليتها، وخَلق بيئة استثمارية تنافسية، والمحافظة على المال العام، وتحسين جودة الخدمات المقدمة، وتعزيز الصالح العام للدولة والمواطنين.