الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد فراغ 13 شهرًا: الحكومة اللبنانية بين الأزمات والاتفاقات

بَعد أكثر من عام أعلن «ميشال عون» رئيسُ الجمهورية اللبنانية، أخيرًا عن تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتى، وذلك بعد 13 شهرًا على استقالة حكومة «حسان دياب» شهد فيها لبنان العديد من الأزمات غير المسبوقة، اقتصاديًا ومعيشيًا وسياسيًا وأمنيًا.



وخلافًا للرئيس «سعد الحريرى» الذى استمر فى مهمة التكليف 9 أشهُر، وقبله أيضًا «مصطفى أديب» الذى اعتذر هو الآخر.

 

صاغ «ميقاتى» اتفاقًا مع الرئيس «عون» وفريقه نتجت عنه حكومة وصفها كثيرون بـ«حكومة المحاصصة السياسية»، ورُغم أن معظم الوزراء لا ينتمون إلى أى تيار سياسى علنًا؛ فإن تسميتهم تمّت من أحزاب وقادة سياسيين بارزين، ما يجعلهم محسوبين على هؤلاء.

 وزراء «المحاصصة السياسية»

يترأس نجيب ميقاتى (65 عامًا) حكومته الثالثة المؤلفة من 24 وزيرًا، بعد حكومتى عام 2005 و2011، وفى يوم الجمعة 10 سبتمبر الجارى، أعلن «ميقاتى» من قصر بعلبك الجمهورى عن الأزمات التى تنتظر الحكومة اللبنانية الجديدة متحدثًا عن أزمات الأدوية والكهرباء وغياب أفق المستقبل، ودعا الجميع إلى التعاون، مؤكدًا أن الحكومة لا تريد الغرق فى التسييس.

والمعروف عن «نجيب ميقاتى» أنه رجل أعمال ثرى يحمل الطابع البرجماتى والوسطى ويجيد حياكة التسويات السياسية بين الأحزاب والقوى اللبنانية.

وفى المؤتمر الصحفى الذى أقيم على هامش الإعلان عن الحكومة الجديدة، لم ينكر «ميقاتى» أن يكون بعض الوزراء من أصحاب الاختصاص ذوى انتماءات سياسية، لكنه قال «سنعمل ضمن مبدأ وطنى، ولن أدع فرصة إلا وأطرُق أو أفتح أبواب العالم العربى الذى نحن بحاجة إليه، وأنا متأكد أن العلاقة لم تنقطع أصلاً ولبنان ينتمى إلى العالم العربى وفخور بأشقائه الذين لن يتركوه أبدًا».

فى المقابل قال الرئيس ميشال عون: «هذه الحكومة هى أفضل ما توصلنا إليه، وسنعمل بالتأكيد لحل مشاكل الناس، وهذه أولوية لدينا وعلينا مسئوليات كبيرة للخروج من الأزمة».

 انتماءات سياسية وتوافقات

ووفق الحقائب الوزارية أوضحت وسائل الإعلام اللبنانية، أن رئيس الوزراء حاز على توافق على حقيبتى الداخلية (بسام مولوى)، وحقيبة الاقتصاد (أمين سلام) توافقيًا بينه وبين الرئيس «عون»، وجاء الوزيران بتوافق سياسى بين الإدارة اللبنانية وباريس، فيما ذهبت وزارتا المالية والثقافة (يوسف خليل ومحمد مرتضى) لفريق رئيس البرلمان نبيه برى، والعمل والأشغال العامة (مصطفى بيرم وعلى حمية) لحزب الله، أمّا حقيبة الزراعة (عباس الحاج حسن) فكانت توافقًا بين فريقى برى وحزب الله، وعلى صعيد حقيبة التربية (عباس حلبى) فآلت لصالح رئيس الحزب التقدمى الاشتراكى وليد جنبلاط، فيما حاز طلال أرسلان على حقيبة المهجرين (عصام شرف).

وجاء توافق الرئيس «عون» فى الحقائب الوزارية ممثلة فى وزارة الخارجية (عبدالله أبو حبيب)، السياحة (وليد نصار)، العدل (هنرى خورى)، الشئون الاجتماعية (هكتور حجار)، الطاقة (وليد فياض) والدفاع (موريس سليم)»، فى حين نال «تيار المردة» (برئاسة سليمان فرنجية) الاتصالات والإعلام (جورج قرداحى)، أمّا نائب رئيس الحكومة (سعادة الشامى) فهو يحسب على الحزب السورى القومى الاجتماعى، بينما يعتبر وزيرا الصحة (فراس الأبيض) والبيئة (ناصر ياسين) محسوبين على «تيار المستقبل» برئاسة الحريرى، أمّا الشباب والرياضة (جورج كلاس) فهو مستقل وبتوافق فرنسى، والصناعة (جورج بوشكيان) للطاشناق، والتنمية الإدارية (نجلا رياشى) مستقلة وبتوافق فرنسى أيضًا.

ووفق محللين؛ فإن حكومة ميقاتى ينطبق عليها صفة «الاختصاص»، وبهذه الطريقة تكون امتثلت لأحد بنود المبادرة الفرنسية، ولو أن الجهات السياسية هى التى أسمتهم.

 أزمات مرتقبة

تقع على حكومة لبنان الجديدة عدد من الأزمات والتحديات لم تشهدها لبنان فى تاريخها من قبل، ورغم تشكيك بعض المحللين فى حكومة ميقاتى أنها تستطيع أن تنهى الأزمات المتوالية على البلاد؛ فإن التوصل لحكومة توافقية ربما تكون بداية شعاع من الآمال فى نهاية نفق الجمود الطويل المستمر منذ أكثر من عام، تردت خلاله مستويات معيشة اللبنانيين إلى حد شح المواد الضرورية للبقاء على قيد الحياة.

ووفقًا لتقرير إذاعة «دويتشه فيله» الألمانية، تفاقم الانهيار المالى فى لبنان بصورة سريعة الشهر الماضى مع إصابة معظم البلاد بالشلل بسبب نقص الوقود الذى تسبب فى وقوع حوادث أمنية فى جميع أنحاء لبنان. 

 الاقتصاد

وسيكون على رأس أولويات الحكومة الجديدة كبح الانهيار الاقتصادى فى لبنان الغارق فى أزمة وصفها البنك الدولى بأنّها الأسوأ منذ عام 1850، وقالت مهى يحيى، مديرة مركز كارنيجى فى الشرق الأوسط، إنّ «الأولوية للحكومة هى فى احتواء الانهيار».

ويأتى استئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولى للحصول على مساعدات مالية ضرورية، أولى الخطوات المُلحة لاحتواء بعض آثار الأزمة الاقتصادية؛ حيث توقفت المحادثات، التى انطلقت فى مايو 2020، وانتهت بعد شهرين من الخلافات فى الجانب اللبنانى حول الخسائر التى سيقع على الدولة تكبّدها والخسائر المترتبة على دائنيها الرئيسيين - البنك المركزى والبنوك التجارية على وجه الخصوص.

وتشمل لائحة التحديات الاقتصادية أيضًا تحقيق استقرار العملة الوطنية، ومكافحة التضخم المفرط والشحّ الذى يطال المواد الأساسية للحياة. 

وبحسب مرصد الأزمات فى الجامعة الأمريكية فى بيروت، قفزت تكلفة الغذاء بنسبة 700 % فى العامين الماضيين. كما يعيش 78 % من اللبنانيين حاليًا تحت خط الفقر فى مقابل أقل من 30 % قبل الأزمة، بحسب الأمم المتحدة.

كما سيتعين على الحكومة معالجة النقص الخطير فى الأدوية والوقود والكهرباء والذى يُعرّض الصحة العامة للخطر ويشلّ نشاط المستشفيات والشركات والصناعات.

الأمن

أدى نقص الوقود إلى وقوع مواجهات عنيفة بين بعض الفئات المجتمعية، وكادت تحدث مواجهات بالأسلحة خلال مشاجرات على الوقود. وتحوّل أحد الخلافات على الوقود فى جنوب لبنان إلى مواجهة طائفية بين قرى شيعية ومسيحية متجاورة، فقد شجع تراجع مكانة الدولة على الخروج على القانون فى بعض المناطق من لبنان. 

وحذرت قيادات أمنية من تأثير الأزمات على مؤسَّسات الدولة بما فى ذلك الجيش مع انخفاض قيمة رواتب الجنود ومع تراجع الليرة. وحث اللواء «عباس إبراهيم» المدير العام للأمن اللبنانى ضباطه على الوقوف بحزم فى مواجهة الأزمة، محذرًا من الفوضى التى ستنجم عن انهيار الدولة.

ثقة الشعب

على الصعيد السياسى، يقول خبراء إنه سيتعين على الحكومة الحالية استعادة الثقة المفقودة تمامًا فى الدولة وتمهيد الطريق للانتخابات التشريعية المقررة فى مايو 2022