الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

غشاء البكارة والترقيع.. أزمة عادات

أثير مؤخرًا الحديثُ عن قضية ترقيع غشاء البَكارة، وزاد الأمْرُ سخونة عندما تم تقديم بلاغ للجهات المختصة، ضد الدكتورة «هبة قطب» بسبب تصريحات الأخيرة عن غشاء البَكارة يطالب خلالها بمحاكمتها وفقًا لقانون مكافحة الآداب؛ وذلك لإدلائها بتصريحات مستمدة من فتوَى شرعية قالت خلالها بأنه لا يوجد ما يسمى بغشاء البَكارة وعلينا غض الطرف عنه بحسب نص البلاغ.



 

وجاء بتفاصيل البلاغ ضد «هبة قطب»، أن تصريحاتها أثارت ردود أفعال غاضبة من عموم الشعب المصرى. بعد التصريحات بعدم وجود ما يسمى غشاء البَكارة سواء فى العلم والدين وأنه ليس دليلاً للعفة والشرف وعلينا غض الطرف عن ذلك الموروث الشعبى. وأردف البلاغ: «إن هبة قطب صرّحت بأن أغلب الفتيات عملاء عيادتها الخاصة لهن علاقات منحرفة وتطالب بغض الطرف عن مسألة غشاء البَكارة بأسانيد باطلة، وهذا ما يوصم كل هؤلاء الفتيات بالشك فى سلوكهن ويُعد إفشاءً لأسرار طبية مفترض أنها لا تذاع وتمثل جريمة طبقًا لما نصت عليه المادة 310 عقوبات والعقوبة الحبس والغرامة.

ووفقًا لآراء بعض العلماء؛ فإن قضية غشاء البَكارة إنما هى نابعة من عادات وتقاليد لا علاقة لها بالشرع ولا تفسد عقود الزواج وهو ما أكدته فتاوَى عديدة سابقة، منها  فتوَى دار الإفتاء رقم  4287 بتاريخ يناير 2006 أكدت أنه من المقرر فى الفقه أن الرجل إذا تزوّج امرأة بشرط أنها بكر فوجدها ثيبًا صح النكاح ولزمه كل المَهر للدخول كما نُصّ على ذلك فى «الفتاوَى المهدية» (1/ 28)، وقد قضت المحكمة الجزئية الشرعية فى حكمها رقم 1369 لسنة 33-1934م بتاريخ 25/2/1933م أن الدعوَى بطلب فسخ العَقد لانعدام شرط البَكارة غير مقبولة، وجاء فى نص الحُكم: [ومن حيث إن المدعى معترف بالدخول فالنكاح صحيح، ولا يمنع من صحته عدم البَكارة كما يزعم؛ لأن البَكارة لا تصير مستحقة بالنكاح كما نص على ذلك فى «الأشباه» فى باب النكاح، ولأن عدم البَكارة لا اعتبار له فى صحة النكاح لتعلقه بالمحل، والمحل فى حُكم الشروط، والشروط تبع، وقد اتفق الخصمان على الأصل، والاتفاق على الأصل اتفاق على التبع، فالمنكر له بعد موافقته على الأصل كالراجع عنه، فإذا دخل بها كان الدخول رضاءً بذلك النكاح] اهـ.

ولفتت الفتوَى إلى أن إثبات البَكارة والثيوبة بوثيقة الزواج لا يُعد اشتراطًا للبَكارة أو الثيوبة؛ فإن لائحة المأذونين لم تبح للمأذون تدوين أى شروط  للزوجين أو أحدهما مقترنة بعقد الزواج فيما عدا المَهر والكفالة؛ لأن وثيقة الزواج قد أعدت أصلًا لإثبات العقد فقط؛ حماية لعقود الزواج من الجحود، ولم تعد لإثبات هذه الصفة. ومن هنا جرَى حُكم محكمة النقض على أن إثبات أن الزوجة بكر على خلاف الحقيقة بوثيقة الزواج لا يُعد تزويرًا.

الداعية الشيخ «خالد الجندى» من جانبه، قال إنه عند الحديث فى قضية غشاء البَكارة؛ فإننا نكسر عادات خاطئة عند الناس، لا بُدّ من تصحيحها وإفهامها لهم. مُعقباً: «اللى عايزة تمشى غلط، غشاء البَكارة مش هيعطلها».

وأكد «خالد الجندى»، أن الذى يصون المرأة ليس غشاء وإنما يصونها خُلق وتربية ودين وعفة وأدب، وأن البَكارة المقصود بها التى لم يسبق لها الزواج.

 وقال الجندى: «إن ما يثار عن فض غشاء البَكارة فى ليلة الزفاف ما هو إلا فلكلور جاء عن جهل وعدم علم، فإذا كان للبكارة غشاء؛ فإن للشرف علامة، والله سَتّير كيف مَن يستر الناس يضع علامة للشرف!. متابعًا: «الناس اتدبسوا فى مفاهيم خاطئة زى غشاء البَكارة وبنات كتير ماتت بسببها والجهل هو مَن صنع هذه المعلومة، وبالتالى فى الأوساط الجاهلة لديهم عادات التباهى بالدماء التى تسال بسبب ما أثير خطأ عن غشاء بَكارة، فطبيًا هناك 6 أنواع منها نوعان لا يتم فضهما، حسب الأطباء فبالتالى، وجوده لا يدل على طهر، أو عدم وجوده يدل على فُجر».

وأضاف: «هل رتّب الشرعُ أحكامًا لغشاء البَكارة؟! مُعقبًا: «هذا لم يحدث.. ربنا منع البشر من الحُكم على البشر فهيجيبلهم غشاء بَكارة علشان يحكموا على بعض؟!.. ده مش صحيح».

الدكتور «مبروك عطية» الأستاذ بجامعة الأزهر، أكد كذلك أنه لا يوجود شىء اسمه ترقيع غشاء البَكارة. 

 وأضاف إنه يتوفر الكثير من الطرُق لفض الغشاء دون إقامة علاقة جنسية. موضحًا أن الغشاء يمكن أن يُفض عن طريقة الوثبة، بمعنى أن تقفز البنت من مكان مرتفع، أو الإصبع أثناء عملية التنظيف، أو نتيجة العادة الشهرية الشديدة.

 العفة والبَكارة 

وحول ترقيع غشاء البَكارة كانت هناك فتاوَى أجازت لمَن فقدت عُذريتها بالإجبار أن تقوم بترقيع غشاء البَكارة، ومنها فتوَى د. «محمد سيد طنطاوى» شيخ الأزهر الراحل، نشرتها دار الإفتاء المصرية عام 1988 ردًا على سؤال يقول (ما رأى الدين فى إجراء عملية جراحية لأنثى تعيد لها عذريتها- غشاء البَكارة- التى فقدتها لسبب أو لآخر: هل هى حلال أو حرام؟ علمًا بأن السائل يتقاضى عن هذا العمل أجرًا)، وقال حينها الدكتور «محمد سيد طنطاوى» أثناء توليه منصب الإفتاء، مفرّقًا بين أن يكون سبب فض غشاء بَكارة الفتاة بفعل خارج عن إرادتها، كتعرُّضها لحادث أو عملية وبين أن يكون بسبب ارتكابها الفاحشة أو الزنَى باختيارها ورضاها، إذ أجاز العملية فى الحالة الأولى وحرّمها فى الحالة الثانية. مؤكداً أنه لا يؤيد إجراء عملية جراحية لإعادة بَكارة فتاة فقدتها بسبب ارتكابها الزنَى باختيارها؛ لأنه يفتح بابًا للغش والخداع ويؤدى لإشاعة فاحشة الزنَى فى المجتمع مما يتعارَض ويتنافَى مع روح الشريعة الإسلامية.

ونصح «طنطاوى» الطبيب إذا عُرضت عليه هذه الحالة أن يتعرّف على الأسباب والملابسات؛ فإن رأى بعد اجتهاده وتقديره للظروف أن إجراء الرتق يؤدى إلى ضرر أقل من عدمه فعليه أن يرتكب أخف الضررين بأن يقوم بإجرائها، أمّا إذا رأى عكس ذلك فعليه أن يمتنع عنها. مؤكداً أن المسألة تخضع لضمير الطبيب ودينه وتقديره وما سيترتب عليها من آثار. موضحًا أنه فى هذه الحالة مجتهد مأجور على اجتهاده ما دام يُغَلب الحق والمصلحة العامّة.

الدكتور «على جمعة» عضو هيئة كبار العلماء والمفتى السابق فى فتوَى له أكد أيضًا أن عدم العذرية لا يفسد عَقد زواج البكر وأن غشاء البَكارة علامة مؤقتة وغير يقينية ومختلفة بين الفتيات، وأن السكوت عن الإخبار بفقدان العذرية للستر ليس بكذب، وأنه يجوز للفتاة التائبة عدم الإخبار بفقدان العذرية للستر.

وقال فى فتواه إن طلاق الفتاة لفقدانها العذرية قبل الزواج لا يسقط حقوقها، وأن اجراء عملية ترقيع البَكارة يختلف حُكمها باختلاف الحالات. لافتًا إلى أن البَكارة علامة مؤقتة وغير يقينية ومختلفة بين الفتيات، وأن السكوت عن الإخبار بفقدان العذرية للستر ليس بكذب، وأنه يجوز للفتاة التائبة عدم الإخبار بفقدان العذرية للستر.

أضاف: إن زوال غشاء البَكارة بسبب الاغتصاب لا ينفى صفة البكر للفتاة، وإن عَقد الزواج بالبكر لا يبطل بسبب اكتشاف عدم بكارة الفتاة، وإن البكر لا يلزم معها بقاء غشاء البَكارة، وإن هناك فرقًا بين البكر والعذراء.

أشار إلى أن الإسلام دعا للعفاف والابتعاد عن الفاحشة، وأن العفة مطلوبة للفتاة والولد معًا، كما أن الشريعة لا تميز بين الرجل والمرأة والمحرمات واحدة.

 الترقيع والستر 

وحول قضية الستر على الفتاة بترقيع غشاء البَكارة يرفض د. «أحمد كريمة» أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، أن يتم فتح الباب لترقيع غشاء البَكارة للفتات اللاتى أخطأن، وقال: إن إصلاح غشاء البَكارة لا يجوز إلا للمُغتَصَبة فقط. مردفًا: المُغتصَبة لا ذنب لها ولا مؤاخذة عليها فى الدنيا أو الآخرة ولها أن تستر على نفسها.

وشدد «كريمة» على أهمية توعية المجتمع بأهمية ستر المسلم والعمل بحديث النبى أن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام. موضحًا أن إجراء الطبيبات أو غير الطبيبات لعملية إصلاح غشاء البَكارة للسيدات اللاتى لم تتعرضن للاغتصاب بدعوَى الستر ممنوع شرعًا.

قال د. «أحمد ممدوح» مدير إدارة الأبحاث الشرعية، أمين الفتوَى فى دار الإفتاء: إن دار الإفتاء المصرية لها رأىٌ وبحث قديم فى ترقيع أو رتق غشاء البَكارة.

وقال: «فى بعض الأحوال الترقيع مطلوب ومشروع أن يكون لفتاة تم اغتصابها أو تم التغرير بها وتريد أن تتوب وتفتح صفحة جديدة، ودار الإفتاء أفتت بجواز ذلك من باب الستر وليس فيه تغرير بأحد.

واستطرد: «الستر مطلوب وإشاعة الفاحشة فى المجتمع مرفوض، والإصرار على إذلال العاصى بمعصيته سَد لأبواب الرحمة أمام الناس، وتأييس لهم من رحمة الله، وتشجيع لهم على ممارسة الرذيلة».

فيما اتفقت الدكتورة «آمنة نصير» أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر الشريف، مع رأى دار الإفتاء؛ لأن الأصلح للمجتمع هو نشر فضيلة الستر وعدم نشر الفاحشة فى عموم الناس، والأضرار التى قد تنتج عن فضح المغتصبة أو مَن غُرّر بها وخُدعت أكبر بكثير من سترها.