الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

خبراء تعليم: زمن كليات القمة «ولى».. والمجموع ليس كل شىء روشتة المختصين لاختيار الكلية المناسبة

كيـف تختــار كليتك؟



سؤال يلح على كل طالب بعد حصوله على الثانوية العامة، وهو: أى كلية يختار للالتحاق بها؟

فى هذا الملف تقدم «روزاليوسف» أفكارًا جديدة خارج هذا الصندوق المتوارث، وروشتة لكل طالب كى يختار الكلية الأفضل لمستقبله.

فالعبرة ليست بدخول كلية بعينها، بل العبرة بمدى تفوق الطالب فى أى كلية يلتحق بها، فالذين نجحوا وأبدعوا فى مجالات كثيرة لم يكونوا مهندسين أو أطباء فقط.

كما أنه لا يوجد فى العالم ما يسمى بكليات القمة، حيث يكون خيار الطلاب مرتبطًا بالطموح والإمكانيات وما هو مناسب لسوق العمل.

لذا على كل طالب أن يُدرك أن نتيجتى الثانوية والتنسيق لن تحددا هويته أو مستقبله، بل يتوجب عليه أن يكون هو القمة فى كليته، ثم فى عمله.

فمصر فى حاجة لكل مجتهد فى أى مهنة وليس الطب والهندسة فقط.

 

يثار الجدل كل عام حول نتائج التنسيق بالجامعات، وما يشعر به بعض الطلبة وأسرهم من قلق الوقوع فى الفشل عند الاختيار، وإضاعة سنوات من العمر فى التنقل من كلية لأخرى.

فالكثير من الطلاب يظل مترددًا فى الاختيار بين الكليات، إما خوفًا من صعوبتها أو عدم احتياج سوق العمل لمثل هذه الكليات.. أو عدم توافق الكلية مع قدراتهم، والبعض يقوم بتغيير الكلية بعد مرور عام من التحاقه بها لاكتشافه أنها غير مناسبة لميوله ليفقد سنة دراسية.

وفى ظل هذه الأجواء ومع تردد الطلبة وأسرهم بين الكليات والتخصصات المختلفة، دائمًا ما ينصح الخبراء والمختصون فى مجال التعليم كل طالب باختيار التخصص المناسب لقدرته على النجاح فيه ليكون مهنته الأساسية فى المستقبل.

 

 نداءات تحذيرية

وفى الوقت ذاته يطلقون نداءات تحذيرية للمسئولين بإعادة النظر فى آليات القبول فى الكليات بحيث تكون وفقًا للأعداد المطلوب قبولها فى كل كلية، وليس وفقا للحد الأدنى (درجات الثانوية العامة) للقبول فيها، بصرف النظر عما ينتج عن ذلك من أعداد الدارسين فى كل كلية، مؤكدين على أن معيار القبول فى الجامعات إذا ارتبط بعدد مطلوب ومحدد وفقًا لمعايير عديدة وليس المجموع فقط سيُنهى أكذوبة ما يسمى كليات القمة والتهافت الشكلى عليها، وهذا فى حد ذاته تفريغ وعلاج لمواضع احتقان مجتمعية عديدة.

 حتى لا تنضم لطابور العاطلين

فى هذا الصدد يسلط أشرف البهی، مدرب التنمية الذاتية وإعداد القادة الضوء على معايير اختيار طلبة الثانوية العامة للكليات المناسبة، موضحًا ضرورات الاختيار الصحيح للكلية، وعلاقة ذلك بسوق العمل.

فمن أجل حل أزمة الانفصال التام بين التعليم فى مجال ما وممارسة مهنة هذا المجال بعد التعليم، يشير البهى إلى عدة معايير ينبغى أن يختار على أساسها الطالب الكلية المناسبة، قائلاً: من فضلك صديقى الطالب لا داعى أن تخسر عامًا من عمرك دون داعٍ.

فالإحصائيات أكدت أن الطلاب المصريين والعرب يبدلون كلياتهم بعد السنة الأولى بنسبة قد تصل إلى 35%، وهذه بلا شك نسبة كبيرة جدًا، ولا داعى للحيرة بين الكليات الأدبية والعلمية وإياك أن تجرب أولاً ثم تغير رأيك بعد عامك الأول، وأؤكد لك أن الكلية ليست مجرد شهادة جامعية، لكنها خطوتك الأولى لبناء مستقبل ناجح.. احرص على أن يكون اختيارك متوافقًا مع متطلبات سوق العمل حتى لا تنضم إلى طابور العاطلين, نجاحك فى الثانوية العامة مهم، لكن الأهم أنك تنجح فى اختيار كليتك. اختيارك الصحيح هو بداية لحياة مليئة بالنجاح المبهر والتفوق الملهم.

وهناك عدة معايير يجب أن تختار على أساسها كليتك أولها هو تحديد ميولك لأن الميول الشخصية تحدد وبشكل فعال الكلية المناسبة لك.

وثانيها هو مقدرتك العقلية، إذ إن احترام الشخص لمقدرته العقلية من أهم الخطوات التى يجب وضعها بالاعتبار عند اختيار الكلية التى سيكمل بها تعليمه.

وثالثها وهى الأهم بدراسة متطلبات سوق العمل.

ويضيف البهى أنه على الطالب أن يعى جيدًا متطلبات سوق العمل، بالتوافق مع إمكاناته وميوله، وأن يعلم أن هناك مهنًا تزداد قوتها فى المستقبل مثل البرمجة والكمبيوتر والتشفير والتعامل مع الداتا الرقمية بشكل عام، وهناك مهن تظهر وتختفى كل 50 عامًا، ومهن أخرى تتغير طبيعتها كل 20 عامًا، بحيث لا تستمر بشكلها التقليدى.

 أفكار خارج الصندوق

ويرى البهى أنه يتوجب فى هذا الإطار التفكير خارج الصندوق، لافتًا إلى أنه من المهم أن يتجه الطلاب نحو الكليات التى تؤهلهم للمهن الجديدة أو المتطورة مثل مجال البرمجة، حيث يعتبر الدخل السنوى لهذا التخصص الأعلى ربحاً فى السنوات القليلة المقبلة.

ووجه البهى نصيحة للطلاب بهذا الشأن، قائلاً: البرمجة تعد من أفضل المجالات والأكثر طلباً فى سوق العمل، وكذلك مجال تطوير الويب، وهو مصطلح واسع يضم كل الأعمال المشتقة من تطوير المواقع الإلكترونية للإنترنت عامة أو لموقع خاص، كما يجب أن تعلم وأنت تختار كليتك المستقبلية أنه يجب أن تفكر فى ماذا ستعمل بعد التخرج، لأن هذا السؤال مهم جدًا بالنسبة إليك، فالكلية ستؤهلك لتخصص معين بالتأكيد، هذا التخصص يجب أن يؤهلك لسوق عمل تبدع وتنجح وترقى فيها، ومن خلالها وإلا يكون اختيارك للكلية من الأساس اختيارًا خاطئًا.

كما يجب ألا تغفل القدرة المادية المتوافرة لدى أسرتك فهى من أهم العوامل التى يجب أخذها فى الحسبان عند التقدم لأى كلية، فقبل الإقدام على اختيار كلية بعينها، يجب عليك حساب الماديات، والتى ستُحدد مقدرتك على استكمال الدراسة فى هذه الكلية أم لا.

وفى النهاية ادخل الكلية التى تحبها مهما كان مجموعك، فتحقيق طموحك هو أكثر شىء يجب أن تهتم به وتسعى لتنفيذه، لا تستمع لتقاليد مجتمعنا العقيمة فى اختيار كليات ذات مجاميع عالية.

ولا تنس أن تفكر فى التخصص المهنى والعملى الذى ستعمل فيه بعد التخرج، لأنه هو ما سيؤهلك لسوق عمل محددة، ولا تنس أن تسأل نفسك ماذا سأعمل بعد التخرج. 

 ظاهرة مصرية فقط

فى السياق ذاته، أشار الدكتور عباس علام، أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة بورسعيد، إلى أن صراع الآباء والأمهات حول أسطورة لقب مهندس وطبيب وما يسمى كليات القمة، التى يلحق بها من هم أكثر قدرة على الحفظ والاسترجاع هى ظاهرة تحدث فقط فى مصر. 

 ثنائية الطبيب والمهندس 

وحذر د. علام من فكرة استمرار التركيز على ثنائية الطبيب والمهندس، وحصر آمال الأسر بها قائلاً: لقد حدد تقرير «وظائف المستقبل «2040» الصادر عن مؤسسة استشراف المستقبل فى أبو ظبی، 157 مهنة جديدة فى 20 قطاعًا وليس من بينها الطب والهندسة ستسيطر على وظائف المستقبل، وأكد الباحثون فى مجال المستقبليات ذلك.

 وظائف المستقبل

وأضاف: الوظائف الجديدة هى: أنظمة الروبوتات، والبيانات الضخمة، وطواقم العمل الخاصة بقيادة الطائرات بدون طيار، وأنظمة الذكاء الاصطناعی، والنقل ذاتى القيادة، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وتصميم أنظمة الاستشعار، والتعدين الفضائی، والطب الجينومی، وأنظمة التنقل الذكى عبر الأنابيب، والواقع الهجين، واللحوم المزروعة معمليًا، وتكنولوجيا إنترنت الأشياء، لافتا إلى أنه رغم أن هناك وظائف لا نعرفها، ولكن ستتغير طبيعة الوظائف المتاحة فى أسواق العمل لدينا وفى العالم، وهناك وظائف لدينا ستختفى تمامًا، وستنشأ بدلاً منها الوظائف السابقة، بعضها نعرفه والبعض فى عالم الغيبيات.

ولهذه الأسباب، ينصح د. علام بضرورة تطوير تعليمنا بحيث يُعلم الأبناء ولا يلقنهم، وأن يتفهم أولياء الأمور لهذه الرؤية وأن يؤمنوا بضرورة التغيير ومساندته.

 الكليات الجديدة وسوق العمل

وعن كيفية اختيار كل طالب لكليته، وضع د.علام عدة معايير خاصة أهمها: الميول والاستعدادات الشخصية ومدى حب الطالب لنوع معين من العلوم، وعدم الجرى وراء بريق أسماء الكليات، مشيرا إلى أن الدراسات أثبتت أن من يلتحق بكلية وفق ميوله يتفوق فيها، وأن التفوق لا يرتبط بكليات معينة بدليل أن الكثيرين ممن التحقوا بكلية الحقوق وصلوا إلى مناصب عليا فى الدولة لأن الكثير منهم دخل الكلية بدافع رغبته وليس بسبب المجموع.

وأوضح د.علام أهمية الكليات والتخصصات الجديدة وأهمها الكليات التكنولوجية، قائلاً: هناك فرق شاسع بين الدراسة النظرية والتطبيق، ولذلك هناك الآلاف من الخريجين الشباب سنويًا الذين تلفظهم سوق العمل، لكن أصبح لدينا الآن كليات تكنولوجية وجامعات أهلية بها تخصصات رائعة وجديدة وهى جامعة الملك سلمان والجلالة والعلمين والمنصورة الجديدة ومعظمها تكنولوجية وتعتمد على التواصل والاتصالات والبرمجيات، وهى تخصصات مطلوبة حاليًا لسوق العمل، وبالتالى أصبح لدينا تنوع متمثلاً فى الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية الجديدة، وهذا تطور مهم لنظام التعليم الجامعى فى مصر. 

وأضاف: بالإضافة إلى ذلك فقد ألقت نتيجة تنسيق كليات المرحلة الأولى للكليات بظلالها الإيجابية على تطوير التعليم فى مصر، فقد عاد تنسيق القبول بالكليات إلى المجاميع الموضوعية بعيدًا عما أسميه عواصف المجاميع المزيفة التى كانت تتجاوز الـ100 %، لنعود إلى المجاميع القديمة التى تعبر عن المجهود الحقيقى للطالب وليس مجهود المدرس الخصوصى، فقد تعمد واضعو الامتحانات أن يقيسوا معرفة الطالب بأسئلة لم تخطر على أذهان المدرسين الخصوصيين وتقيس مدى الاستيعاب لدى الطلاب، وهذا يؤكد أن تطوير التعليم فى مصر يسير حاليًا فى الاتجاه الصحيح. 

وقد كانت المفاجأة فى التنسيق لطلاب علمى العلوم اختيار المتفوقين كليات طب الأسنان قبل الطب البشرى، وارتفاع العلاج الطبيعى عن الصيدلة.

ودلالة ذلك هى دخول الأبناء حسب استعداداتهم وليس حسب المجموع، وهذا ما طالبنا به بفضل الله.

وبقراءة سريعة فى الأرقام والنسب والمقارنة يمكن القول بأن الأمور تعود إلى نصابها، والعام القادم سنجد النسب ستقل أيضًا، حتى نعود إلى ما كانت عليه المجاميع قبل 20 أو 30 عامًا.. ولعلنا نذكر أنه رغم انخفاض المجاميع عن الأعوام السابقة، ستمتلئ كليات الطب بـ11 ألف طالب.

 الجامعات الأهلية

من جانبه، تحدث الأكاديمى د.سامح كمال حسن عن نموذج الجامعات الأهلية الجديدة فى مصر، والتى تعتبر خيارًا جديدًا أمام الطلاب الذين لم يخططوا أو فاجأ التنسيق توقعاتهم، مشيرًا إلى أن استخدام التكنولوجيا بشتى أشكالها وتطويعها لخدمة العملية التعليمية والبحثية والإدارية يعد شيئًا مهمًا.

ووصف د.سامح التجربة بالطموحة وخطوة مهمة اتخذتها الدولة لتطوير العملية التعليمية، فهى تقدم تعليمًا يتناسب مع سوق العمل وتعمل بتكنولوجيا متقدمة، وبالتالى ستؤدى إلى تطوير التعليم.

وأضاف: فعلى أرض الواقع سوف تشهد هذه الجامعات الأهلية إقبالاً كبيرًا من الطلاب، وعلى رأسها جامعة الملك سلمان الدولية وجامعة العلمين الدولية وجامعة الجلالة وجامعة المنصورة الجديدة، حيث يصل الحد الأدنى لتقدم الطلاب لكليات وبرامج هذه الجامعات الأهلية إلى أقل من الحد الأدنى للقبول بالكليات المناظرة فى الجامعات الخاصة والأهلية بـ5 %.

وأوضح أن تلك الجامعات الأهلية بعيدة عن أهداف تحقيق الربح، وهى مختلفة عن الجامعات الخاصة، فهى جامعات تساهم فى جودة مرحلة التعليم الجامعى من خلال برامج تعليمية متطورة، فضلاً عن أن فائض الدخل السنوى للجامعة، سيدخل فى ميزانية الجامعة للعام الجديد. 

 نوعية الدراسة المطلوبة

وفيما يتعلق باختيار الطالب للتخصص الذى يخدم طموحاته بعد التخرج قال: على الطالب عند اختيار الكلية أن يفكر جيدًا فيما يتعلق بمرحلة ما بعد الكلية وهى العمل، بمعنى ماذا ستؤهله كليته فى المستقبل، فالكلية ستحدد بدورها تخصصه الذى يجب العمل به بعد ذلك، فلا يمكن أن يدخل كلية تؤدى به إلى عمل يكرهه أو يشعره بخيبة الأمل أو لا يستطيع أن يبدع فيه، ولذلك عليه أن يحاول تدارك هذا الأمر قبل فوات الأوان.

وأضاف: وبالإضافة إلى مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعی، فإن أكثر الوظائف المطلوبة فى العالم اليوم مرتبطة بالاقتصاد والمال ومنها على سبيل المثال وظائف: عالم بيانات، محلل بيانات، مستشار اقتصادی، محلل مالی، أخصائى عمليات، مستشار مالى شخصى، خبير اكتوارى وخبير بشئون التأمين، إحصائى، محرر اقتصاد وأعمال، باحث، محلل أبحاث سوق. 

وكلها تخصصات ليس لها مسار أكاديمى محدد داخل الجامعات، لكنها تتطلب دراسة تخصص يتعلق بالاقتصاد، وتنمية المهارات المتعلقة به.