الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الاستخبارات الأوروبية تحذر من تدهور الأوضاع وعدم وضوح استراتيجية واشنطن لتأمين المنطقة ولاية خراسان المحطة الأولى لعودة شبح الإرهاب

يثير المشهد الحالى فى أفغانستان الكثير من القلق ويطرح العديد من التساؤلات فى دوائر الإدارات الأوروبية والأمريكية على حدٍ سواء، خاصة بعد أحداث تفجير مطار كابول ومقتل 13 من الجنود الأمريكيين، بالإضافة إلى إصابة 85 مدنيًا.



وأربك إعلان تنظيم «داعش خراسان» مسئوليته عن هذا التفجير، دوائر صنع القرار داخل حلف الناتو والولايات المتحدة، خاصة مع صدور بعض التقارير الاستخباراتية عن عودة تنظيم «القاعدة» مرة أخرى، بالإضافة إلى إمكانية توغل عناصر تنظيم «داعش» فى المنطقة وفى المنطقة الحدودية المعروفة بـ«ولاية خراسان»، وهو الأمر الذى تحاول الإدارات الغربية تفادى حدوثه خاصة بعد خروج القوات الأمريكية بصورة كاملة.

ووفق دراسة للباحث فريد لخنش، المختص فى دراسة الجماعات الإرهابية، فإن المشهد فى أفغانستان تطور بصورة متسارعة فاقت جميع تقارير الاستخبارات الغربية والأوروبية الواردة خلال عامى 2020-2021، خاصة فيما يتعلق بعودة العمليات الانتحارية الخاصة بتنظيم «داعش»، رغم إبرام اتفاق بين الإدارة الأمريكية و«طالبان» بعدم المساس بالقوات الأمريكية حتى يتم إجلاؤها بصورة كاملة.

 

تقارير الاستخبارات

أوضحت دراسة الباحث الأوروبى، أنه فى 27/03/2020 نشرت صحيفة «نيويرك تايمز» تقريرًا استخباراتيًا حذر الإدارة الأمريكية من أن أفغانستان قد تقع إلى حد كبير تحت سيطرة طالبان فى غضون عامين أو ثلاثة أعوام بعد انسحاب القوات الدولية، وذالك حال عدم التوصل لتسوية لتقاسم السلطة بين طالبان والحكومة الأفغانية، مما يفتح الباب أمام تنظيم القاعدة لإعادة بناء قوته داخل البلاد.

وفى 01/02/2020 أشار رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية برنار إيمييه، إلى أن تنظيم القاعدة فى منطقة الساحل الإفريقى يعد حاليًا «مشروع توسع» باتجاه خليج غينيا، خصوصًا ساحل العاج وبنين، وعرض رئيس الإدارة العامة للأمن الخارجى صورًا لاجتماع عُقد فى فبراير 2020، ضم كبار المسئولين المحليين فى هذا التنظيم الإرهابى بوسط مالى، كان الهدف منه التحضير لعمليات واسعة النطاق على القواعد العسكرية.

من جهه أخرى، كشفت الدراسة الأوروبية أنه فى 16/09/2020 حذر تقرير استخباراتى أمريكى أن طالبان حققت أو على وشك تحقيق الاستقلال المالى والعسكرى، وهو سيناريو قد يسمح للجماعة السنية المتطرفة بالتراجع عن الالتزامات الرئيسية التى تعهدت بها بموجب خطة سلام بوساطة الولايات المتحدة تهدف لإنهاء الحرب التى استمرت 20 عامًا، ومن ثم فإن هذا الاستقلال المالى قد يمكّن حركة طالبان الأفغانية من تمويل تمردها ذاتيًا دون الحاجة لدعم من الحكومات أو مواطنى الدول الأخرى.

وفى 17/08/2021 نقلت شبكة CNN الإخبارية عن مصادرها، أن وكالة الاستخبارات الأمريكية أكدت خلاله أن إيران وروسيا قدمتا مكافآت لمقاتلى طالبان لاستهداف القوات الأمريكية وقوات التحالف فى أفغانستان، وأن هذه المكافآت ترتبط بست هجمات على الأقل نفذتها الجماعة المتشددة فى العام 2019 وحده، بما فى ذلك تفجير انتحارى فى قاعدة جوية أمريكية فى ديسمبر 2020.

وحسب وثيقة إحاطة للبنتاجون، اطلعت عليها CNN، فإن المكافآت التى تم تقديمها من «حكومة أجنبية»، إلى شبكة حقانى، وهى جماعة إرهابية يقودها ثانى أعلى زعيم لطالبان، وذلك على هجومهم على قاعدة باجرام الجوية فى 11 ديسمبر. 

 طالبان وولاية خراسان 

فى 18/08/2021 أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية تقريرًا يوضح أن طالبان وفرت ملاذا لتنظيم «القاعدة» الإرهابى فى أراضى أفغانستان فى الفترة من أبريل إلى نهاية يونيو2021.

وأوضح البنتاجون فى تقريره الربع سنوى للكونجرس الأمريكى: «واصلت طالبان الحفاظ على العلاقات مع القاعدة، وتوفير ملاذ آمن لجماعة إرهابية فى أفغانستان». وذكر التقرير أيضًا أن تنظيم «داعش خراسان» نفذ هجمات على البنية التحتية فى الأشهر الأخيرة بهدف النيل من مصداقية الحكومة الأفغانية وإظهارها على أنها عاجزة عن توفير الأمن.

ويرى بعض المختصين فى شئون الحركات الإسلامية أن مبايعة القاعدة لطالبان أمر حتمى، فإلى جانب توافقهما عقائديًا ومذهبيًا، كذلك يوجد بينهم علاقات مصاهرة بأسر بعضهما، كما يدعم هذه العلاقة النظام الإيرانى الذى يستضيف قيادات بارزة من تنظيم القاعدة ويقومون على تدريب أعضاء التنظيم وتقديم الدعم المادى والعسكرى لهم، رغم وجود خلافات عقائدية «فإن الغاية تبرر الوسلية».

أما فيما يتعلق بعلاقة طالبان وتنظيم ولاية خراسان، فيوضح التقرير الأوروبى أن هناك احتمالات ضئيلة لتفاهم طالبان وولاية خراسان والذى لا يزال من أكبر وأخطر فروع الشبكة العالمية لداعش ويحافظ على علاقة مباشرة مع قادة داعش فى العراق وسوريا، مع العلم أن هناك الكثير من المنشقين عن حركة طالبان الذين لم يوافقوا على الاتفاق المبرم بين أمريكا وطالبان فى الدوحة، فانضموا مباشرة لتنظيم داعش فى خراسان.

وهناك اعتقاد بأن العلاقة بين كلا الطرفين ستحدد مستقبلًا وفقًا لمدى نجاح أمريكا فى إقامة قواعدها العسكرية فى آسيا الوسطى، فإن هى وفّقت على الأقل فى إقامة قاعدة أو اثنتين كحزام أمنى توجه من خلاله ضربات جوية لتنظيم داعش فإن حركة طالبان قد تعمل على محاصرة ولاية خراسان بالتعاون مع أمريكا، وإن فشلت فى ذلك فمن المرجح أن يكون هناك دعم أمريكى لطالبان على الأرض مع وجود قنوات اتصال وتنسيق بين الطرفين، حيث ثبت وجود علاقة بينهما حاليًا بدت فى تقارير الاستخبارات الأمريكية عن وجود تهديدات بشن هجمات إرهابية على مطار كابول.

 خيارات استراتيجية

عقب استيلاء حركة طالبان على السلطة فى أفغانستان، ظهرت مخاوف أمريكية من منافسى أو خصوم الحركة، إذ أعلن مستشار الأمن القومى بالبيت الأبيض جيك سوليفان، أن الحكومة الأمريكية «تركز بشدة» على احتمال شن جماعة مثل ولاية خراسان، التابعة لتنظيم «داعش»، هجومًا إرهابيًا فى أفغانستان، واصفًا عملية إخراج الأمريكيين من أفغانستان بأنها «عملية محفوفة بالمخاطر» نتيجة عدم معرفة ما إذا كانت حركة طالبان ستسمح بمرور آمن للمطار وحالات طارئة أخرى مثل هجوم محتمل من جماعة متطرفة مثل ولاية خراسان.

يعتقد محلل أمن جنوب آسيا فى جامعة ستانفورد «أسفانديار مير» أن أمريكا تعتبر القاعدة الإقليمية مهمة لرصد واستهداف التهديدات الإقليمية والعابرة للحدود التى قد تظهر بعد الانسحاب الأمريكى من أفغانستان خاصة فى ولاية خراسان، وهو الأمر الذى يطرح فكرة انشاء قواعد أمريكية فى بعض الدول المجاورة «باكستان وطاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان» إلا أن المتحدث باسم طالبان «ذبيح الله مجاهد»، أصدر بيانًا على «تويتر» يُحذر فيه من إنشاء قواعد أمريكية فى أى دولة مجاورة لأفغانستان معتبرًا ذلك بمثابة «خيانة» للاتفاقات المبرمة، لذا فإن احتمالات إقامة قاعدة عسكرية أمريكية فى باكستان ضئيلة حسب المعطيات الحالية.

وحسب تقارير استخباراتية أمريكية، فإن واشنطن لديها خياران فقط لإقامة قاعدة أمريكية فى «طاجيكستان وأوزبكستان» كما أن «البنتاغون» يتطلع إلى هذين البلدين كمرشحين محتملين لقواعد جديدة، على غرار قيرغيزستان التى تعد مرشحًا محتملاً آخر، بالنظر لقربها من أفغانستان، إذ إن احتمالات الفوضى واستعادة تنظيم «القاعدة» لنشاطها فى أفغانستان ستشمل تداعياتهما الدول الحدودية، ما يعد تهديدًا مباشرًا لكل من طاجيكستان وأوزبكستان، نتيجة انضمام بعض مواطنيها للجماعات الإرهابية فى شمال أفغانستان.. كذلك ربما يكون تهديدًا آخر للدول الأوروبية والولايات المتحدة نفسها.. فحتى الوقت الراهن لا يوجد دليل قاطع لدى دوائر الإدارات الأوروبية والأمريكية يؤكد عدم حدوث «11سبتمبر» آخر فى أى من الدول الحليفة.