الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عدد خاص من مجلة INSIGHT يتصدى للمفاهيم الخاطئة حول القوامة والاغتصاب الزوجى: من دار الإفتاء إلى العالم: هكذا يرى الإسلام المرأة

أصدرت دارُ الإفتاء المصرية مؤخرًا عددًا جديدًا من مجلة «Insight» التى تحرّرها باللغة الإنجليزية، تناوَل العديدَ من القضايا التى تهم المرأة المسلمة، وتصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة والصور النمطية المشوّهة حول حقوق المرأة فى الإسلام؛ من أجل إحداث حالة من اليقظة عن قضايا حقوق المرأة فى المجتمع، وإعطاء القراء فهمًا مُبَسَّطًا حول حقوق المرأة التى أقرّها الإسلامُ قبل أكثر من 1400 سنة، ولدعم الضحايا والناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعى.



 

وتأتى أهمية هذا العَدد من كونه تناوَل باللغة الإنجليزية العديد من العادات والمفاهيم الخاطئة التى تنسب زورًا للإسلام، كزواج القاصرات وموقف الإسلام منه، التى يتخذها البعضُ لاسيما فى الغرب مدخلاً للهجوم على الإسلام وزيادة ظاهرة «الإسلاموفوبيا».

وحول فكرة العدد أوضح الدكتور إبراهيم نجم ـ مستشار مفتى الجمهورية، والأمين العام لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم - أن دار الإفتاء رصدت العديد من الأفكار المغلوطة لدى المجتمعات الغربية عن حقوق المرأة المسلمة، وأن هناك الكثير من المفاهيم التى تم تشويهها أو عدم فهمها على النحو الصحيح؛ مما تسبب فى هذه الصورة الذهنية المشوهة التى تتهم الإسلام بهضم حقوق المرأة والإساءة إليها.

واستطرد: «إنه من هنا جاءت فكرة إصدار عدد جديد من مجلة «Insight» باللغة الإنجليزية حول حقوق المرأة فى الإسلام؛ من أجل تصحيح هذه الصورة الذهنية المغلوطة، وإزالة الكثير من الشبهات التى علقت بقضايا المرأة المسلمة، وكذلك تبيان الحقوق التى كفلها الإسلام للمرأة.

وأشار إلى أن العدد اهتم بأكثر الموضوعات شيوعًا فيما يتعلق بحقوق المرأة، ومن بينها زواج القاصرات، وهو أمْرٌ مرفوضٌ شرعًا وقانونًا لأن فيه أذًى نفسيًا وبدنيًا للفتيات والشرع الشريف قد نهى عن جميع أنواع الأذى، فضلًا عن أن الفتاة القاصر ليس لديها القدرة على تحمُّل مسئولية الحياة الزوجية والقيام بالأعباء المادية والمعنوية اللازمة لاستمرارها؛ مما ينتج عنه الكثير من الأضرار والمَفاسد التى تؤدى لفشل هذه الزيجات وانتشار حالات الطلاق المُبكر.

كما لفت د.إبراهيم نجم- مستشار مفتى الجمهورية- إلى أن فريق التحرير كان حريصًا أيضًا ضمْن موضوعات العدد أن يُبَيّن معنى «القَوَامَة» الحقيقى للرجل على المرأة، وإزاحة اللبس فى هذا المعنى الذى يفهمه الكثيرون بشكل خاطئ، مبينًا أن القَوَامَة تعنى أن الرَّجُل يجب أن يعتنى بمن يعولهم ويزوّدهم بالاحتياجات المادية والعاطفية، وليس معانها التسلط وفرض الرأى كما يفعل البعض، فالقَوامَة مسئولية وليست شرفًا على الرجال كما يظنون خطأ! وذلك مصداقًا لقول الله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ).

 قضايا مهمة عن المرأة 

ومن بين القضايا التى اهتم بها العددُ ضرب المرأة؛ حيث يروج البعض أن من حق الزوج ضرب زوجته، وهو أمْرٌ غير صحيح وإهانتها إذا خالفته، وهو ما حذرت منه دارُ الإفتاء فى عددها؛ حيث تُعتبر إهانة الزوج لزوجته واعتداؤه عليها سواء كان بالضرب أو بالسَّب، أمْرًا محرمًا شرعًا، وفاعل ذلك آثمٌ، ومخالفٌ لتعاليم الدين الحنيف.

وأكد أنه لم يرد عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قد أهان أو ضرب أحدًا من زوجاته أبدًا، فعن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها قالت: «مَا ضَرَبَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا قط بيده، ولا امرأةً ولا خادمًا».

ومن الشبهات التى تمّت معالجتها داخل عدد المجلة «أن المرأة لا يحق لها التعليم أو تولى المناصب القيادية، وأن مهمتها الأساسية هى القيام بمهام المنزل وتربية الأطفال فقط، وهو أمْرٌ غير صحيح؛ حيث حث الإسلام على التعليم والتعلم للرجال والنساء، والتاريخ الإسلامى زاخر بالكثير من النماذج النسائية التى كان لها أثرٌ كبيرٌ فى الحياة العلمية؛ بل وتعلم على أيديهن عددٌ من العلماء الكبار؛ بل إن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قد أوصى الصحابة الكرام على أخذ العلم من أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها فقال: «خذوا نصف دينكم عن هذه الحُمَيراء»، وكان لها رضى الله عنها استدراكات فقهية على بعض آراء الصحابة.

كما شددت دارُ الإفتاء فى مجلة « Insight» أن الإسلام أباح للمرأة تولى المهام القيادية ما دامت مؤهلة لذلك، وهو ما أدركه الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه عندما عين «الشفاء» فى منصب الحسبة على الأسواق، وهو ما يعادل منصب وزير المالية فى العصر الراهن.

فيما تناول العددُ كذلك مفهومَ «ناقصات عقل ودين» والتى يرددها البعض انتقاصًا للمرأة وتقليلًا من شأنها، وهو عكس مراد النبى صلى الله عليه وآله وسلم من قوله هذا؛ حيث بيّن هو نفسه أن ذلك لا علاقة له بمكانة المرأة، فقد أوضح النبى صلى الله عليه وآله وسلم أن ذلك يرجع إلى أسباب فسيولوچية وبيولوچية لا يَد لها فيها، وهى مرتبطة بأداء بعض العبادات مثل الصلاة والصوم وهى مأجورة على ذلك، ولكن لا علاقة لها برجاحة عقل المرأة لأن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان يستشير زوجاته ويستمع لنصحهن فى بعض المواقف.

ومن القضايا المهمة التى تناولها العددُ لفت إلى أن قضية الحجاب تحتل قدرًا كبيرًا فى العقلية الغربية؛ حيث يعتبرها البعض نوعًا من القَمع، مؤكدًا أن الحجاب فى الإسلام هو وسيلة لتحقيق الأمر الإلهى للمرأة بستر جسدها، ولا يُعتبر من باب الوصاية أو الاضطهاد كما يتصور البعض.

وأوضح أن ستر العورة لا يقتصر على النساء فقط؛ ولكن مأمور به الرجال كذلك، ولكنه يختلف من حيث الرَّجُل للمرأة، وهذا الاختلاف ليس بطبيعة الحُكم، ولكن بطبيعة اختلاف كل من جسد الرَّجُل والمرأة.

 تبرير التحرُّش

وحول تبرير البعض التحرُّش بالنساء بسبب ملابسهن؛ أكد د.«نجم» أن عدد «Insight» عند تناوله لهذه القضية بيّن أن هذا ليس مبررًا للتحرُّش، والتحرش أمرٌ محرمٌ على جميع الأحوال، وهو يشمل أى كلمة أو فعل ذى صبغة جنسية ينتهك جسد أو خصوصية أو مَشاعر الآخرين أو التى تجعلهم يشعرون بعدم الارتياح والتهديد وعدم الأمان أو الخوف أو الإهانة أو عدم الاحترام وما إلى ذلك، وهو أمْرٌ محرمٌ شرعًا.

وعن شبهة التفرقة بين الرَّجُل والمرأة وعدم المساواة قال نجم: «كنا حريصين على أن نزيل هذه الشبهة؛ حيث إن الإسلامَ أكد على المساواة بين الرَّجُل والمرأة فى الحقوق والواجبات، فقد قال الله تعالى: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»، كما أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ».

أمّا فيما يخص الميراث فأوضح د.«نجم» أن العدد حرص على بيان أن الشريعة الإسلامية لم تظلم المرأة بعدم مُساواة ميراثها بميراث الرَّجُل فى بعض الحالات، والمتأمل فى الشرع الشريف يجد أنه ضَبَط أمرَ الميراث، ولم يجعله مستندًا إلى تمييز الذكورة على الأنوثة؛ وإنما جعل له حِكَمًا ومعاييرَ موضوعيةً، وهذا التفاوُت الحاصل فى أنصبة الميراث بينهما تظهر حكمته فيما بينهما من التفاوُت فى الأعباء المالية المقرَّرة على كل منهما، ومن هنا نجد أنَّ المرأة فى أكثر حالاتها ترث أكثر من الرَّجُل أو تساويه؛ بل إنها فى بعض الحالات ربما ترث ولا يرث نظيرها من الرجال، وبذلك يكون إعمالُ مبدأ المساواة بين الرَّجُل والمرأة فى الميراث- فى كل الحالات- ظلمًا لها؛ فإنَّ العدل ليس هو المساواة على الدوام.

ولفت د.«نجم» إلى أن العدد تحدّث أيضًا عن وضع المرأة فى فترة الحيض، وبيّن أن اعتقادَ البعض أنه يجب تجنُّب التعامُل مع المرأة فى فترة الحيض أمرٌ غير صحيح.لافتًا إلى أن الأمْرَ الإلهى للمرأة بالامتناع عن بعض العبادات فى فترة الحيض جاء لرفع المشقة عنها فى هذه الفترة التى تعانى فيها أغلب النساء من ضعف بدنى، وليس بسبب أنها «نجسة». مستشهدًا بقول السيدة عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان يتكئ على حِجْرها ويقرأ القرآن وهى فى فترة حيضها. 

 الاغتصاب الزوجى 

ومن بين القضايا التى أثيرت حديثًا شُبهة الاغتصاب الزوجى، وهو ما أشيع مؤخرًا من أن الرَّجُل يحق له إقامة العلاقة الجنسية مع زوجته بالإجبار، وهو ما تناوله عدد المجلة بالتأكيد على أنه أمْرٌ مرفوض ومحرَّمٌ فى الإسلام؛ لأن الحياة الزوجية فى الإسلام تقوم على أساس الرحمة والمَحبة والطمأنينة، والاهتمام بشكل كبير بمَشاعر الطرفين دون اختزال العلاقة فى مجرد المطالبة بالحقوق فقط. مشيرًا إلى أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم كان يتفهم مشاعر زوجاته واحتياجاتهن.

كما تناول العددُ قضيةَ «جرائم الشرف» التى تقع فى كثير من المجتمعات باسم الدين، وهو أمْرٌ مرفوض شرعًا، والإسلام قد أمَرَ كلًا من الرجال والنساء بحفظ الفروج وعدم الوقوع فى كبيرة الزِّنَى، مما يعنى أن كلا الجنسين يتقاسمان المسئولية وليس النساء فحسب، ولهذا فإن الزِّنَى يعاقَب عليه الرَّجُل والمرأة على حد سواء وفقًا للقانون.

 جريمة «ختان الإناث»

كما تحدَّث العددُ عن جريمة «ختان الإناث» وموقف الشريعة الإسلامية منها، وأوضح مستشار مفتى الجمهورية أن عدد «Insight» تناوَل هذه القضية المهمة التى حرّمتها الشريعة وجرّمها القانون لما فيه من انتهاك لجسد المرأة، فهى ليست قضية دينية تعبدية كما يظن البعض؛ ولكنها من قبيل العادات السيئة التى تسبب الكثير من الأضرار الطبية والنفسية للمرأة وهو أمْرٌ مرفوض شرعًا.

وعن عدم حق المرأة فى طلب الطلاق أوضح العددُ أن هذه الشبهة غير صحيحة فى الإسلام، فالله أعطى للزوجين الحق فى أن يطلبا الطلاق إذا استحالت العِشْرَة بينهما، رُغْمَ أن الطلاق من الأمور غير المستحبة؛ فإنه حق للزوجين إذا توافرت الأسباب لذلك.

ومن الأمور التى يثار حولها الشبهات بما يخص حقوق المرأة أيضًا مسألة سَفر المرأة لوحدها من دون مُحرم؛ حيث أوضح العددُ أن الشريعة الإسلامية لا تمنع سَفر المرأة خارج البلاد لوحدها إذا كان الطريق آمنًا ولا يشترط لها أن تصطحب مُحرمًا لها أثناء سَفرها سواء داخل بلدها أو خارجه.