الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

ليثيوم كابول يوازى احتياطات البترول فى كبرى الدول النفطية 3 تريليونات دولار ثروات أفغانية تحت تصرف الإرهابيين

3 تريليونات دولار من الثروات المعدنية غير المستغلة باتت تحت أقدام حركة طالبان، وفى متناول  يدها، إثر سقوط أفغانستان فى قبضتها، الأمر الذى أسال لعاب عدد من الدول والقوى الإقليمية للحصول على أكبر حصة ممكنة  من هذه الثروات عبر الاستثمار فى استخراجها، وفى المقدمة منها يقف التنين الصينى والدب الروسى بالإضافة إلى باكستان كل منها تتحين الفرصة للانقضاض على الفريسة.



وتخوض الصين حربها للفوز بتلك الكنوز، حيث تعد  حاليا أكبر مستثمر أجنبى فى أفغانستان، وتقود السباق لمساعدة كابول فى بناء نظام تعدين يهدف فى المقام الأول لتلبية احتياجات بكين الكبيرة من هذه المعادن.

تتمتع أفغانستان بميزة اقتصادية  وجيوسياسية كبيرة جعلت حركة طالبان بعد سيطرتها الثانية على السلطة محل اهتمام الدول التى تتطلع للاستثمار فى هذا البلد.

 

فى أعماق الأراضى الأفغانية يوجد ما يقدر بنحو التريليون دولار من المعادن غير المستغلة من مناجم الذهب، كذلك نحو 400 نوع من الرخام، كما تحتوى أراضيها على كمية ضخمة من عنصر «الليثيوم»، الذى يُعد من المعادن النادرة ويُستخدم فى صناعة السيارات والبطاريات، ويدخل فى صناعة %97 من الأسلحة الذكية والأجهزة الكهربائية، كذلك صناعات الطاقة النظيفة منها توربينات توليد الطاقة الكهربائية، اختصارًا فإن الليثيوم يدخل فى صناعة كل أركان الدول الحضارية الحديثة والجيوش العظمى، وتقدر قيمة «الليثيوم» الأفغانى بنحو تريليون دولار أمريكى.

ليس هذا فحسب؛ بل تملك أفغانستان ثانى أكبر اختياطى فى العالم من النحاس بقيمة تقدر بـ88 مليار دولار، هذا بالإضافة إلى نبات الأفيون والتى تعتبر كابول الأولى عالميًا فى تصديره.

ويذكر أنه فى عام 2010، أشار تقرير أعده مجموعة من الخبراء العسكريين والچيوسياسيين من الولايات المتحدة، إلى أن أفغانستان التى تعد أحد أفقر بلدان العالم، تمتلك ثروة معدنية تقدر بقرابة تريليون دولار، أى ما يعادل 820 مليار يورو بسبب ما تزخر به من خام الحديد والنحاس والليثيوم والكوبالت ومعادن أخرى.

وقد ارتفعت قيمة هذه المعادن بشكل كبير على وقع التحول والتوجه العالمى صوب الطاقة النظيفة. وخلال العقد الماضى، لم يتم استغلال هذه الموارد والثروات الطبيعية بسبب الصراع الذى مزق أفغانستان.

وفى عام 2017، قال تقرير صادر عن الحكومة الأفغانية إن الاكتشافات المعدنية الجديدة فى العاصمة كابول بما فى ذلك الوقود الأحفورى تصل قيمتها إلى نحو 3 تريليونات دولار.

تزامَن هذا مع الطلب العالمى غير المسبوق على الليثيوم بنمو سنوى يصل إلى نسبة 20 % مقارنة بنسبة كانت تتراوح ما بين  5 إلى 6 % فى الأعوام القليلة الماضية.

ودفع هذا الأمر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إلى القول بأن «ما تمتلكه أفغانستان من الليثيوم يشبه ما تمتلكه السعودية من احتياطات النفط العالمية»، إذ توقع البنتاجون أن رواسب الليثيوم الوفيرة فى أفغانستان قد تتساوى مع ما تمتلكه بوليفيا التى تعد واحدة من أكبر مصادر استخراج الليثيوم فى جميع أنحاء العالم.

 حرب السيطرة على الثروات

وفى الوقت الذى هددت فيه الدول الغربية بعدم العمل مع طالبان عقب سيطرتها على العاصمة كابول، تتزاحم الصين وروسيا وباكستان للبدء فى تدشين أعمال تجارية مع طالبان ما يزيد من إذلال الولايات المتحدة وأوروبا على الساحة الدولية على خلفية سقوط أفغانستان.

ونظرًا لأن الصين تُعد الدولة التى تصنع نصف البضائع الصناعية فى العالم، فهى تعمل على تأجيج الطلب العالمى على هذه السلع، ومن المرجح أن تقود الصين- التى تُعد حاليًا أكبر مستثمر أجنبى فى أفغانستان- السباق لمساعدة أفغانستان فى بناء نظام تعدين فعال لتلبية احتياجاتها الكبيرة من المعادن.

ووفق تصريحات للباحث مايكل تانشوم، زميل فى المعهد النمساوى للسياسة الأمنية الأوروبية، لوكالة «دوتشيه فيليه» الألمانية، أوضح أن سيطرة طالبان على أفغانستان «تزامنت مع نشوب أزمة فى المعروض من هذه المعادن فى المستقبل المنظور فيما تحتاج الصين إلى هذه المعادن». وأضاف: «الصين بدأت تخطو خطواتها داخل أفغانستان من أجل تعدين هذه المعادن».

وقالت الصين مؤخرًا إنها مستعدة للبدء فى «علاقات ودية وتعاونية» مع طالبان، وذلك فى الوقت الذى كانت تستعد فيه الحركة لإعادة اسم أفغانستان القديم بإعلانها قيام «إمارة أفغانستان الإسلامية».

 كلمة السر.. طريق الحرير

وفى غضون ذلك، سَلط الإعلامُ الصينى الرسمى الضوءَ على الاستفادة التى يمكن أن تحققها أفغانستان من مبادرة الحزام والطريق الضخمة التى أطلقتها الصين، وهى مشروع ضخم مثير للجدل للتجارة والبنية التحتية لربط آسيا بأوروبا من خلال سلسلة من الموانئ وخطوط السكك الحديدية والطرُق.

لكن يجب التعاطى مع المخاوف الإقليمية إذ قد تكون شبكة خطوط الأنابيب التى تزود الصين بالكثير من النفط والغاز، فى دائرة الخطر فى حال امتداد أعمال العنف إلى دول آسيا الوسطى الأخرى.

ونقلت وكالة «دوتشيه فيليه» الألمانية عن تقرير لمعهد الشرق الأوسط MEI أوضح أن عمليات التعدين الصينية قد عانت كثيرًا جراء حالة عدم الاستقرار فى أفغانستان بسبب القتال بين طالبان والحكومة الأفغانية السابق، إلا أن طالبان فى حال استطاعت توفير بيئة أكثر استقرارًا فى المنطقة؛ فإن هذا يمكن أن تدر عمليات تعدين النحاس وحدها عائدات تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، وهو الأمر الذى سيحفز تطوير عمليات التعدين الخاصة بالمعادن الأخرى فى أفغانستان.

كما أن باكستان فى الجوار الأفغانى ربما تتسارع للانخراط فى سباق الدخول فى مشاريع التنقيب، بالنظر إلى أن إسلام أباد قد حافظت على علاقات جيدة مع طالبان خلال الوجود الأمريكى فى أفغانستان، ما دفع واشنطن فى حينه إلى اتهام باكستان بإيواء مقاتلى طالبان.

وأوضح تقرير معهد الشرق الأوسط، إن لدى باكستان «مصلحة محققة إذ من المحتمل أن يتم نقل المواد على طول الطريق التجارى من باكستان إلى الصين».

ما يحدث الآن من صراع على تلك الثروات أثار العديد من التساؤلات حول هذا البلد الذى عانى ويلات الفقر والحرب، كما يكشف فشل القوات الأمريكية وقوات حلف الناتو على مدار 20 عامًا من تفكيك هذه الحركة المسلحة؛ بل أكد أن هذه المدة لم تؤثر على خططها فى السيطرة على البلاد؛ خصوصًا بعد التقارير الاستخباراتية الأوروبية التى أكدت أن عدد ميليشيات طالبان لم يكن 60 ألف مقاتل فقط؛ بل تجاوز الـ 200 ألف، وذلك بعد انضمام عدد من أبناء القبائل والعشائر الأفغانية إلى طالبان، وبسبب عدم توحيد صف الجيش الأفغانى وتفشى الفساد به.

ومع كل هذه التداعيات السريعة لوصول «طالبان» إلى سدّة الحُكم، تبقى الأسئلة الأهم: من أين جاء تمويل طالبان على مدار كل هذه الأعوام؟ وما سيحدث فى اقتصاد هذه الدولة الهشة.. والمحملة بالعديد من الكنوز داخل أراضيها؟ هل تنازلت أمريكا عن عرش دول آسيا الوسطى وما تحمله من معادن وثروات لصالح الصين وروسيا؟ ولمن ستمنح «طالبان» ثروة «الأرض الضائعة» فى أفغانستان؟

تمويل ملغوم

فتح التقدم السريع لعناصر طالبان فى مختلف أنحاء أفغانستان بابَ التساؤلات حول تمويل الحركة، التى تتراوح إيراداتها من جمع الأموال بين 300 مليون دولار إلى 1.6 مليار دولار بحسب ما نقله موقع «صوت أمريكا» عن وكالات استخباراتية.

وبحسب موقع «صوت أمريكا» تحصل حركة طالبان على جزء من أموالها من خلال جمع التبرعات، كما توضح وكالات الاستخبارات أنه فى حين أنه من المستحيل إجراء قياس دقيق لمقدار الأموال التى تمكنت طالبان من جمعها بدقة، لكنها تتراوح بين 300 مليون دولار إلى 1.6 مليار دولار سنويًا.

ووفقًا لتقرير الأمم المتحدة الصادر فى يونيو 2021 استنادًا إلى معلومات استخباراتية للدول الأعضاء؛ فإن معظم أموال الحركة تأتى من نشاط إجرامى مثل إنتاج الأفيون وتهريب المخدرات والابتزاز والخطف والحصول على فدية.

وقالت إحدى وكالات المخابرات إن تهريب المخدرات وحده ربما يكسب طالبان 460 مليون دولار سنويًا. وذكر تقرير الأمم المتحدة أن قادة طالبان حصلوا على ما يصل إلى 464 مليون دولار العام الماضى من عمليات التعدين فى المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

من جهه أخرى، نقل موقع «صوت أمريكا» عن مسئولين أمريكيين أوضحوا أن طالبان حصلت على الأموال والأسلحة والتدريب من روسيا، وفى رسالة بريد إلكترونى للموقع الأمريكى فى أغسطس 2018، ذهب الجنرال جون نيكلسون، قائد القوات الأمريكية فى أفغانستان آنذاك، إلى حد اتهام موسكو باستخدام مثل هذا الدعم «لتقويض المكاسب العسكرية الأمريكية فى أفغانستان».

ونفت موسكو هذه الاتهامات، بينما قال البيت الأبيض فى أبريل الماضى، إنه سيرد على تقارير تفيد بأن روسيا قدّمت مكافآت لمتشددين مرتبطين بطالبان لقتل جنود أمريكيين فى أفغانستان. مشيرًا إلى أن الأمر سيعالج عبر «القنوات الدبلوماسية والعسكرية والمخابراتية»، وفقًا لوكالة رويترز.