الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إنهاء الغزو الرقمى لفتاوى التطرف مفتى الجمهورية: استخدمنا الطفرة الإلكترونية للوصول لأكبر عدد حول العالم وبمختلف اللغات التحول الرقمى سلاح الإفتاء الجديد

لا تزال ساحة الفتوَى من أهم المجالات التى تشغل اهتمامات العالم الإسلامى؛ لاسيما مع ظهور ملايين الفتاوَى الإلكترونية لجماعات ظلامية وأخرى لغير متخصصين، فمع تزايُد التطور التكنولوچى فى عملية التواصُل عبر العالم وانتشار الفكرة أو الكلمة فى لحظات بين مختلف الشعوب.. أصبح التحدّى كبيرًا فى مجال الفتوَى؛ لاسيما مع ظهور فتاوَى حروب الجيل الخامس والخطابات المتطرفة  التى جعل من مواجهتها أمرًا مستحيلاً ما لم يتم اتخاذ الطريق نفسه فى المواجهة، وإنهاء هذا الغزو الرقمى لفتاوَى الجماعات المتطرفة والمتشددة، وفتاوَى غير المتخصصين.



 

هذا التحدّى جعل من التحول الرقمى واستخدام الذكاء الاصطناعى سلاحًا لا بُد منه لمؤسّسات الفتوَى.. وكعادتها اتخذت «الإفتاء المصرية» المبادرة وقامت بتأسيس وحدات إلكترونية ومجموعات عمل نشطة تعمل على مدار الساعة للوصول إلى النتيجة المرجوة من التحول الرقمى للفتوَى.

ففى عام 2019 أعلنت دار الإفتاء المصرية عن تأسيس أول أرشيف عملاق للفتاوَى على مستوى العالم فى بادرة هى الأولى من نوعها على المستوى الدينى بشكل عام والمجال الإفتائى على وجه الخصوص؛ حيث أعلنت وحدة الدراسات الاستراتيچية التابعة لدار الإفتاء المصرية عن إطلاق أول محرك بحثى خاص يعنى بجمع الفتاوَى وأرشفتها، معتمدًا على خدمات التحول الرقمى والذكاء الاصطناعى؛ وذلك بهدف الخروج بمؤشرات تفيد صناع القرار وجميع المعنيين، وإيجاد آليات لمواجهة التحديات المقبلة.

الدكتور «شوقى علام» مفتى الجمهورية لفت إلى اهتمام دار الإفتاء بعملية التحول الرقمى للفتوَى.. وأكد أن دار الإفتاء استغلت أيضًا الطفرة الإلكترونية الهائلة ووسائل التواصل الحديثة للوصول إلى أكبر قطاع ممكن من الناس من مختلف الدول وبمختلف اللغات؛ حيث أطلقت العديد من الصفحات الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعى للرّد على المتطرفين، والتى تزيد على عَشر صفحات يتابعها ما يقرب من ١٢ مليون مستخدم، فضلًا عن الموقع الإلكترونى للدار الذى ينشر الفتاوَى والمقالات والأبحاث ومقاطع الفيديو بعَشر لغات.

أضاف إن الدار أطلقت أيضًا صفحة إلكترونية بعنوان «داعش تحت المجهر» باللغتين العربية والإنجليزية؛ لتصحيح المفاهيم الخاطئة التى تسوقها التنظيمات الإرهابية، هذا فضلاً عن إطلاق مجلة إلكترونية «بصيرة» باللغتين العربية والإنجليزية لنشر الإسلام الوسطى المعتدل، وترجمة أكثر من 1000 فتوَى باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية، ونسبة كبيرة من هذه الفتاوَى متعلقة بتفنيد مزاعم التيارات المتطرفة وما تسوقه من مفاهيم وتصدّره من فتاوَى مغلوطة.

وحول أهمية الرقمنة فى عالم الفتوَى يؤكد الدكتور «ناظر الدين محمد ناصر» مفتى سنغافورة: «إن التكنولوچيا الرقمية تعزز الوسائل التى تمكِّن المُفتين ومؤسّسات الفتوَى من الوصول إلى جمهور المسلمين ومجتمعاتهم بطرُق مباشرة، ويجعلنا نستطيع ذلك من خلال تحليلات وحلول حسابية رقمية معقدة».

وأوضح قائلاً: «نأمل أن تكون الفتاوَى والتوجيهات الدينية الصادرة من مؤسّسات الفتوَى المعتمدة المتصفة بالوسطية فى مقدمة القائمة عند البحث والتصفح لأى قارئ أو باحث على الإنترنت بدلاً من المواقع الأخرى التى قد يكون لها توجهات متطرفة».

كما يشدد الدكتور «على جمعة» رئيس اللجنة الدينية بالبرلمان، وعضو هيئة كبار العلماء: إن المؤتمر يُمثل إجراءً فاعلاً وكاشفًا عن أهمية التقنية الرقمية فى العملية الإفتائية.. موضحًا أن إدخال المؤسّسات الإفتائية فى العصر الرقمى وتحديات تطبيق الرقمنة داخلها، وكيفية الاستفادة بالتقنيات الحديثة فى إقامة جسور التعاون بين هذه المؤسّسات أصبح أمرًا مطلوبًا بشكل عاجل فى ظل التحول الرقمى الذى تشهده المؤسّسات جميعًا.

أرشيف فتوَى عالمى

وفى بادرة هى الأولى من نوعها فى الحقل الدينى بشكل عام والمجال الإفتائى على وجه الخصوص؛ جاء الإعلان عن إنجازات وتجربة «محرك بحث المؤشر العالمى للفتوَى» التابع لدار الإفتاء المصرية كأول محرك بحث متخصص فى رصد وتتبع الفتاوَى وتحليلها عالميًّا، والذى يُعَد نواةً لأكبر قاعدة بيانات للفتوَى المُصنفة فى العالم.

وقد تم تدشين محرك بحث الفتاوَى الإلكترونى وقاعدة بياناته انطلاقًا من تأكيد الرئيس «عبدالفتاح السيسى» بأهمية التحول الرقمى وتوطين التكنولوچيا لسرعة تنفيذ «رؤية مصر 2030» للتنمية المستدامة، واتساقًا مع رسالة مؤتمر دار الإفتاء التى تدعو مؤسّسات الفتوَى إلى الاتجاه إلى الرقمنة، وتنفيذًا لمبادرات المؤشر العالمى للفتوَى.

وقال «طارق أبوهشيمة»، مدير المؤشر العالمى للفتوَى ورئيس وحدة الدراسات الاستراتيچية بدار الإفتاء المصرية، إن تلك البوابة الرقمية تعتمد على التقنيات الحديثة فى جمع الفتاوَى وتتبع الجديد منها أولًا بأول وعلى مدار الساعة، وذلك من جميع المَصادر الرسمية وغير الرسمية، سواء كانت تقليدية أو مواقع تواصل اجتماعى؛ لاستخراج التقارير والتوصيات التى تفيد صُناع القرار وجميع المتخصصين، من خلال استخدام خصائص الذكاء الاصطناعى، بما يوفر الجهد البشرى والوقت والتكلفة المستخدمة فى رصد الفتاوَى وتفنيدها يدويًّا.

وأكد مدير المؤشر العالمى للفتوَى أن أهم أسباب إنشاء هذا المحرك هو سرعة انتشار المحتوَى الرقمى، والذى يتطلب فى المقابل سرعة التحليل والرد على الآراء الشاذة والخطابات المنحرفة، وكذلك اتجاه أغلب المؤسّسات والهيئات إلى النشر الرقمى كبديل عن الطرُق المعتادة والكلاسيكية، وسهولة الوصول إلى المحتويات الرقمية وتحليلاته الدقيقة.

كما أعلن «أبوهشيمة» أن محرك البحث يتضمن 16 شاشة رقمية تعمل وفقًا لتقنيات الذكاء الاصطناعى فى جمع البيانات وتحليلها وتصنيفها، بداية من شاشة «مستجدات الفتوَى» والتى تستعرض ما يقرب من (1500) فتوَى يوميًّا من مصادرها الأصلية، وإمكانية البحث خلالها بالمَصدر الناقل للفتوَى، أو التاريخ، أو التصنيف الموضوعى للفتاوَى بشكل سهل ودقيق.أكبر قاعدة معلومات لفتاوَى وإصدارات التنظيمات الإرهابية.

وتطرَّق رئيسُ وحدة الدراسات الاستراتيچية بدار الإفتاء إلى نقطة غاية فى الأهمية، ألا وهى تجميع المنصة لجميع فتاوَى حروب الجيل الخامس، والإصدارات والتصريحات الصادرة من قادة التنظيمات الإرهابية المختلفة، وتصنيف فتاواهم وفقًا لكل تنظيم، أو بحسب مُنظريهم وقادتهم. ولفت إلى أن محرك البحث يحتوى أيضًا على قاعدة بيانات بجميع المُفتين وجنسياتهم، وجهة عملهم، ومواقعهم، وحساباتهم الموثقة على مواقع التواصل الاجتماعى، وسيرة ذاتية عن كل منهم.

وأشار «أبوهشيمة» إلى أن محرك البحث يضم ما يقرب من 500 دار إفتاء رسمية ومواقع المجالس والمؤسّسات المعنية بالفتوَى، والمواقع الإسلامية المتخصصة، والصفحات الدينية فى الصحف والمواقع الإخبارية، كما يضم ما يقرب من 1500 حساب موثق عبر مواقع التواصل الاجتماعى، مثل: «تويتر» و«فيسبوك». 

أضاف إن هناك عددًا من المنتجات المستقبلية المقترَح تنفيذها من خلال قاعدة بيانات محرك البحث والتى تستهدف خدمة جميع المهتمين بالحقل الإفتائى، أبرزها (سيرة ومسيرة)، وهو بروفايل شهرى يتضمن سيرة ذاتية لأى مُفتٍ فى أى دولة فى العالم وبداية دخوله مجال الإفتاء، مرورًا بجميع الفتاوَى مصنفة موضوعيًّا التى أصدرها زمانًا ومكانًا، و(تحت المجهر) وهو عبارة عن تقرير شهرى يوضح مدى تفاعُل وسائل الإعلام المختلفة والسوشيال ميديا بالمؤسّسات الدينية والإفتائية، وكذلك المراكز الإسلامية عبر فترة زمنية محددة، و(عين على الغرب) وهى نشرة إفتائية أسبوعية تستهدف المسلمين فى الخارج، وتعرض كل ما يهم مسلمى الغرب والجاليات الإسلامية ومصادرهم التى يستقون منها فتاواهم.. إلخ، و(إرهابيون) وهى عبارة عن مجلة أسبوعية تحتوى على كل الفتاوَى الصادرة عن أى تنظيم إرهابى وكذلك منتجاته الدورية الأخرى من مجلات وإصدارات وبيانات إعلامية..إلخ وتحليلها.