الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مـصر.. بيت العروبة و سند الأشقاء

منذ 8 يونيو 2014 ومع بداية فترة رئاسة الرئيس المصرى «عبدالفتاح السيسى» كانت أهم أهدافه هى توحيد صفوف مجتمع الأشقاء العرب والأفارقة؛ حيث كانت هذه الفترة من أحرج الفترات على مجتمعاتنا بعد توالى الأزمات العربية واحدة تلو الأخرى فى سوريا، العراق، اليمن، ليبيا، ورُغْمَ الصعوبات التى كانت تواجه الدولة المصرية فى تلك الفترة بعد نجاح ثورة 30 يونيو من محاربة الإرهاب وإصلاح ما أتلفته جماعة الإخوان خاصة، بتوتر العلاقات مع أشقائها العرب، كان من أهم أهداف الرئيس المصرى هو إعادة مَدّ الجسور بين الأشقاء مرّة أخرى وفتح صفحة جديدة يعم فيها السلام على المنطقة وإعادة بناء الدول الشقيقة ومساندتهم فى حروبهم ضد قوات الإرهاب اللعينة.



 

الأشقاء العرب

«مسافة السّكة» وعد الرئيس «السيسى» للأشقاء العرب أمام أىّ من التحديات التى واجهتها المنطقة خلال الأعوام الماضية؛ حيث اتخذ الرئيس المصرى مبدأ الدفاع عن القضايا العربية وتعزيز الأمن القومى العربى وتطوير كل مجالات التعاون بين الأشقاء والتنسيق المستمر معها إزاء التحديات المختلفة، جزءٌ أساسى من أچندة السياسة الخارجية المصرية لاعتبارات التاريخ والجغرافيا والاستراتيچية، فالأمن القومى العربى جزءٌ أساسى من الأمن القومى المصرى، كما أن مصر بحُكم ثقلها السياسى والاقتصادى تمثل قاطرة العمل العربى المشترك وترسيخ الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية فى المنطقة العربية.

وبعد تولى الرئيس «السيسى» مهامه الرئاسية كانت الجزائر هى أولى محطاته الخارجية فى 24 يونيو 2014 لتصبح أول زيارة لرئيس مصرى منذ خمس سنوات، ومن خلال هذه الزيارة ظهَر مدَى اهتمام الدبلوماسية الرئاسية بتمديد أواصر العلاقات «المصرية- العربية- الإفريقية»، كما امتد هذا الاهتمام إلى دول الخليج، كما شهد تطورات كبيرة على صعيد التفاهمات السياسية وأيضًا التعاون الاقتصادى والعسكرى، وأبرزت القيادة السياسية المصرية مفهوم الأمن القومى العربى كأحد المفاهيم الضامنة لاستقرار الإقليم، وأخذت الدبلوماسية أيادى الأشقاء جميعًا نحو تعزيز الدولة الوطنية ودعم مؤسَّساتها وإحداث مصالحات داخلية بين الأطراف والفصائل المختلفة.. هذا بجانب رفض التدخلات الخارجية فى الشأن العربى والمساس بسيادة الدول، ما عزّز الدفع بالحلول السياسية سواء فى ليبيا أو فلسطين، والذى أولى لها الرئيس «السيسى» أهمية خاصة ظهرت أبعادُها فى الدور المصرى الرصين تجاه التطورات الأخيرة بقطاع غزة.

فلسطين 

فيما يتعلق بقضية العرب الأولى فلسطين، أعلنت مصر منذ مجىء الرئيس «السيسى» إلى السُّلطة، أن هذه القضية على رأس أولوياته، وأن إيجاد حل لها يعيد الاستقرار إلى المنطقة؛ حيث تبنت القاهرة موقفًا ثابتًا يسعى إلى التوصل إلى حل عادل وشامل يضمن الحقوق الفلسطينية، ويقوم على الأسُس والمَرجعيات الدولية، وتؤدى إلى إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وبذلت مصر أيضًا جهودَها من أجل استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، فضلاً عن جهودها مع الأطراف الفلسطينية من أجل رأب الصدع وإنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية فى الضفة الغربية وقطاع غزة.

وعقب اندلاع الأزمة الأخيرة بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال يوم 8 مايو الماضى، وقف الرئيسُ داعمًا ومساندًا للقضية بالفعل قبل القول؛ حيث عملت مصر على تقديم جميع السُّبل والمساعدات فى إعلان الهدنة ووقف إطلاق النار فى غزة، كما عملت على تقديم مبلغ 500 مليون دولار كمبادرة مصرية تخصص لصالح عملية إعادة الإعمار فى قطاع غزة، نتيجة الأحداث الدامية.

ليبيا

شهدت القاهرة إطلاق المبادرة «الليبية- الليبية» لوقف القتال وإلزام الأطراف المختلفة بتحمُّل مسئولياتها فى استعادة الدولة الليبية سيطرتها على مقاليد الأمور وطرد الميليشيات، وكانت قد أكدت عمليًا أن قضية ليبيا بالنسبة لمصر قضية «أمن قومى»، وهو ما اتضح من خلال الأسلوب الذى تعاملت به الإدارة المصرية مع الجريمة الإرهابية التى تعرّض لها المصريون فى ليبيا، وكذلك جميع محاولات تهديد أو اختراق الحدود «المصرية- الليبية».

سوريا

أيّدت مصر جهود التسوية السلمية للوضع فى سوريا، ودفع جهود إنهاء الصراع، وفقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2254، بما يحفظ وحدة واستقلال التراب السورى؛ وبخاصة من خلال عضوية مصر فى المجموعة المصغرة للدول المَعنية بالعملية السياسية السورية، وأيضًا عبر تواصلها مع المعارضة السورية المعتدلة، وعلى رأسها مجموعة القاهرة، مع التأكيد مرارًا على ضرورة التصدّى الحاسم للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، والأطراف الإقليمية الداعمة لها، وتبنّت مبدأ أنه «لا يمكن أن يكون هناك حل عسكرى للأزمة»، كما شدّد الرئيس «السيسى» على أن «الشعب السورى هو المسئول عن اختيار مستقبله، وأن الجيش الوطنى هو من يكون مسئولاً عن بسط الأمن والاستقرار فى بلده».

العراق

أولى الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى اهتمامًا كبيرًا نحو العراق، حيث أعلن صراحة أن مصر تدعم بغداد وجيشه فى محاربة الإرهاب، كذلك موقف مصر بضرورة الحفاظ على وحدة العراق وسيادته، ورفض جميع أشكال التدخلات الخارجية فى شئونه، أو الاعتداءات غير الشرعية داخل حدوده، ودائمًا ما تشدد مصر فى الوقت نفسه على تفهمها الكامل للخصوصيات السياسية والتاريخية والجغرافية للعراق، والتى تؤهله لأن يكون ساحة لتلاقى المصالح وليس لتعارضها، أو للتنافس الإقليمى والدوليّ.

وفى الآونة الأخيرة ظهر عمق العلاقات المصرية – العراقية من خلال توقيع 15 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرتوكول تعاون فى مجالات عدة، وذلك خلال اجتماعات «اللجنة العليا المشتركة» بين الجانبين، كما شاركت مؤخرًا الشركات المصرية فى تطوير البنية الأساسية، وجهود إعادة الإعمار، وتنمية وتطوير قطاع الإنشاءات والإسكان فى العراق، حيث أسهمت عمليات الإعمار فى توفير فرص العمل، ونقل خبراتها للكوادر العراقية فى هذا المجال، كذلك العمل فى عدة مجالات أخرى منها الطاقة والثروة المعدنية والبترول والنقل وغيرها من المجالات.

إفريقيا وعودة جسور الأشقاء

عملت الدبلوماسية الرئاسية على إذابة الجليد بين القاهرة وجميع العواصم الإفريقية وتواجدت مصر فى إفريقيا عبر أدواتها الدبلوماسية، وأيضًا قوتها الناعمة لإعادة مصر إلى حضنها الأفريقى، ومع تولى مصر لرئاسة الاتحاد الإفريقى عام 2019، حرصت لتقديم جميع الجهود لإنجاح علاقاتها مع أشقائها الأفارقة، واستطاعت القاهرة تحقيق نجاحات غير مسبوقة مثل إطلاق اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية، أو تفعيل مبادرة إسكات البنادق وغيرها من الإنجازات المصرية الكبيرة، وعلى صعيد العلاقات مع الدول الإفريقية كانت هناك بعض المحطات البارزة من أهمها:

السودان

تعد العلاقات المصرية السودانية علاقات استراتيجية وأزلية حيث الرابط الحيوى والتاريخى بين شعبى وادى النيل، ويمتد التعاون بين البلدين ليشمل جميع القطاعات، وقد دعمت مصر بقوة مسار السلام فى السودان، إذ شاركت القاهرة فى فعاليات التوقيع على اتفاقية السلام بين الحكومة السودانية والفصائل المسلحة فى جوبا فى أكتوبر الماضى، كما أجرى الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 6 مارس الماضى زيارة للخرطوم، وفى 11 من الشهر ذاته قام باستقبال رئيس الوزراء السودانى عبدالله حمدوك فى القاهرة، ويكثف البلدان التعاون إزاء التحديات المشتركة، وفى مقدمتها ملف سد النهضة الإثيوبى، حيث تتطابق الرؤى بين القاهرة والخرطوم فى أهمية التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل السد، وانعكس ذلك التوافق على مسارات التحرك إقليميًا ودوليًا إزاء تلك القضية الحيوية والمصيرية. كما تعزز التعاون بين البلدين فى شتى المجالات بما يدعم جهود التنمية فى السودان.

جنوب السودان

فى 28 نوفمبر الماضى، أجرى الرئيس عبدالفتاح السيسى زيارة إلى دولة جنوب السودان هى الأولى من نوعها منذ الإعلان عن تأسيس جنوب السودان. كما حرصت مصر على دعم جوبا فى شتى المجالات والمشروعات الأساسية والتنموي

أوغندا

تكثف التعاون بين مصر وأوغندا عبر العديد من المشروعات المصرية فى شتى المجالات؛ الصناعة والزراعة والتشييد والبناء والصحة، والتى تسهم فى دفع الاقتصاد الأوغندى، كما تدعم الحكومة المصرية إنشاء محطة «بوسيا» للطاقة الشمسية، وتوفر برامج تدريب للكوادر المتخصصة فى مجال الكهرباء، وذلك أيضًا بجانب تنسيق وتعاون على المستوى الأمنى والعسكرى والاستراتيجى، ضمن مقاربة شاملة للتعاون المصرى مع أوغندا يواكبها حرص من كامبالا على تعزيز العلاقات مع القاهرة.

الكونغو الديمقراطية

شهدت العلاقات المصرية الكونغولية، تطورًا إيجابيًا وتناميًا ملحوظًا على جميع الأصعدة، سواء سياسيًا أو اقتصاديًا وكذلك ثقافيًا. وفى الثامن من مايو الماضى، استقبل الرئيس السيسى، نظيره الكونغولى فيليكس تشيسيكيدى، حيث تناول اللقاء بالأساس التباحث حول آخر تطورات قضية سد النهضة، إذ أكد الرئيس تقدير مصر جهود الرئيس الكونغولى والثقة فى قدرته للتعامل مع ملف سد النهضة، وحرص مصر على دعم تلك الجهود فى إطار المسار التفاوضى برعاية الكونغو الديمقراطية الرئيس الحالى للاتحاد الإفريقى ومشاركة الشركاء الدوليين بهدف الوصول إلى اتفاق قانونى ملزم بشأن قواعد عملية الملء والتشغيل لسد النهضة.