الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

من أزمة تحرش «عمرو وردة» إلى لاعب المنتخب الأوليمبى بطوكيو: ثقافة الستر.. وتطبيع العنف ضد المرأة

لم يكن الأداء الكُروى لمنتخب مصر الأوليمبى وحده مُخيبًا للآمال فى أهم بطولة رياضية بالعالم؛ حيث ودّع مبكرًا منافسات أوليمبياد طوكيو من الدور ربع النهائى بعد الخسارة من البرازيل بهدف دون رد، ولكن توازى معه أداء أكثر إخفاقًا وسقوط إنسانى وأخلاقى من لاعب المنتخب الأوليمبى والنادى الإسماعيلى عبدالرحمن مجدى، بعد خضوعه للتحقيقات من الشرطة اليابانية على خلفية اتهامه بالتحرّش الجنسى بإحدى العاملات فى فندق الإقامة التى تقدمت بشكوى للجهات المسئولة. 



ولأن تركيز المنتخب وإبعاد أى مَصادر للتشويش ومصلحة الكرة أهم وأولوية يجب أن تسير على أجساد النساء فى صمت؟!، ولنا فى نموذج بطولة الأمم الإفريقية لعام 2019 نموذج عندما تم الهجوم آنذاك على استبعاد اللاعب «عمرو وردة» من المشاركة مع فريقه بالمنتخب إثر ما نُسب له من اتهامات بالتحرّش الجنسى، مُعللين تأثيره الضار والسلبى على فرقته!

 

تكتّم الاتحاد المصرى لكرة القدم هذه المرّة على تفاصيل الواقعة طوال فترة إقامة المُنتخب باليابان؛ ليُفاجئنا بعد عودة بعثة المنتخب لمصر، ببيان غير مفهوم شديد الميوعة وعدم الوضوح حتى وإن استهلوا بعبارات رنانة كالحرص على الشفافية. 

 وجاء نص بيان اتحاد الكرة كالتالى: «فى إطار سياسة الشفافية التى ينتهجها الاتحاد المصرى لكرة القدم فإنه أثناء تواجُد المنتخب الأوليمبى فى اليابان وقبل المباراة الثانية بساعات قليلة تلقينا شكوى من فندق الإقامة ضد اللاعب عبدالرحمن مجدى فحواها الإساءة لإحدى العاملات بالفندق، وعلى الفور تم استبعاد اللاعب نهائيًا رُغم تأكيده بأنه لم يقصد الإساءة ومن الممكن أن يكون سوء الفهم حدث بسبب اختلاف اللغة والثقافة». 

وأضاف البيان إنه: «تم التحقيق بعد المباراة وتم احتواء الأمر حرصًا على التركيز وتوفير الاستقرار لباقى اللاعبين وانتقلنا لبلدة أخرى لخوض المباراة الثالثة أمام أستراليا ثم للقرية الأوليمبية فى طوكيو لخوض مباراة رُبع النهائى ثم توجَّهنا للمطار ومنه للقاهرة».

واختتم الاتحاد بيانه: «بعد عودة الفريق بسلامة الله فإننا قررنا إيقاف اللاعب عبدالرحمن مجدى لحين انتهاء التحقيق واتخاذ القرار النهائى بشأنه؛ وذلك لعدم التزامه واختراقه للقواعد».

ولم نفهم من البيان ما هى الإساءة التى ارتكبها اللاعب ودفعت العاملة بالفندق بتقديم شكوى ضده، وهل الاتحاد يدين فى البيان اللاعب أمْ يبرّر له عندما استخدم عبارات مثل اختلاف اللغة والثقافة، ولماذا اختتم الاتحاد البيان بتوقيع عقوبة على «عبدالرحمن مجدى» بالإيقاف طالما هناك تحقيقات جارية؟!

التساؤلات الكثيرة كانت إجابتها فى الكواليس على ألسنة مَصدر رسمى من الاتحاد تداولت الصحف تصريحاته ولكن من دون ذكر اسمه، وسنعلم فيما بعد خلال السطور التالية منطقية روايته، التى انتهت بقرارات رسمية نهائية اتخذها اتحاد الكرة ضد اللاعب المتهم؛ بإيقاف اللاعب مَحليًا لنهاية الموسم الحالى وعدم مشاركته مع الإسماعيلى حتى انتهاء مسابقة الدورى العام، وحرمانه من مكافأة تأهُّل المنتخب للدور الربع النهائى، ولا أعلم هنا أى مكافأة يحصل عليها منتخب فاشل عاد بُخفى حنين من اليابان، من دون ميدالية، هل أصبحت الخسارة تكافَأ فى بلادنا الآن؟!. هذه قضية أخرى نناقشها فيما بعد.

 أنا معملتش حاجة

فيما رد اللاعب المتهم عبدالرحمن مجدى البالغ من العمر 23 عامًا على بيان الاتحاد مستنكرًا على حسابه على الانستغرام: «غريب جدًا التوقيت وغريب انتشار شائعات وأكاذيب لا أساس لها بهذا الشكل، أنا معملتش حاجة وردّى مساء اليوم»

 250 جنيهًا بقشيش للعاملة اليابانية!

الأزمة بدأت مع الأيام الأولى للبعثة بالتزامُن مع مباراة مصر وإسبانيا التى كانت الأولى لمنتخب مصر فى أوليمبياد طوكيو، فبعد عودة اللاعبين لغرفهم صعدت إحدى العاملات فى الفندق لتقوم بتنظيف غرفة عبدالرحمن مجدى، وهنا بدأت الواقعة، وفقًا لمَصدر مسئول بالاتحاد.

خرجت الفتاة وعليها ملامح القلق والاضطراب، وعلى الفور ذهبت إلى الشرطة وقامت بتحرير شكوى ضد اللاعب، فاصطحبها عددٌ من أفراد الأمن إلى الغرفة واحتجزوا عبدالرحمن مجدى وزميله فى الغرفة عمار حمدى وتم التحقيق معهما لساعات.

ادّعت الفتاة أن لاعب الإسماعيلى قام بالتحرّش بها والاعتداء عليها، وهو ما أنكره «مجدى» جملةً وتفصيلاً وقال إنه أراد منحها مبلغًا ماليًا هو 250 جنيهًا مصريًا مقابل تنظيف الغرفة. بينما تقدّم عمار حمدى بشهادة غير حقيقية بعدم حدوث أى شىء بين زميله وفتاة الفندق، وذلك على الرغم من عدم وجوده خلال الواقعة من الأساس، وهو ما كان سيضع الثنائى فى مأزق كبير ويُعَقّد الأمور لولا تدخُّل البعثة المصرية.

وخرج عمار حمدى من القضية بعد تأكيد الفتاة أن عبدالرحمن مجدى كان وحيدًا فى الغرفة، وقد رفضت ما قاله اللاعب المتهم قائلةً إنه حاول الإمساك بها واحتضانها.

واستمرت التحقيقات لساعات طويلة مع «مجدى» أعقبها تقديم البعثة المصرية اعتذارًا مكتوبًا للفيفا وللجنة الأوليمبية وموقّعا عليه من اللاعب نفسه. 

 مو صلاح.. عمار حمدى.. والكمامات الودرية لفريق السلاح الأمريكى 

يبدو أن نصيحة «مو صلاح» بإعطاء المتحرّشين فرصة ثانية وعدم عقابهم والتى دَوّنها فى تغريدته الشهيرة :- «علينا أن نؤمن بالفرصة الثانية، نحتاج للنصح والإرشاد، والإبعاد ليس الحل»- بعد أزمة استبعاد زميله فى المنتخب المصرى اللاعب «عمرو وردة» إثر اتهامات بالتحرّش الجنسى أثناء بطولة الأمم الإفريقية 2019، يسير على خُطاها واستلهمها اللاعب عمار حمدى، الذى تطوّع للإدلاء بشهادة خاطئة لمجرد إنقاذ زميله المتهم بالتحرّش، فى أسوأ وأحط أشكال التضامُن الذكورى المزعوم، التضامُن الباطل الذى لا يعترف بجريمة واضحة يعاقب عليها القانون فى معظم بلاد العالم المتحضر اسمها «التحرّش الجنسى».

ولم يكن عمار حمدى وحده مطالبًا بالفرصة الثانية؛ فقد خرجت معظم الأبواق الإعلامية الذكورية فى الإعلام الرياضى وعلى رأسهم أحمد شوبير يطالب بالسماح والعفو عن «عبدالرحمن» نظرًا لصغر سنّه وأن يَعتبره المجتمع ابنًا من أبنائه؟! ويخرج مدير أعمال ووكيل اللاعب نادر شوقى مستنكرًا عقوبة الاتحاد قائلاً: «السَّتر حلو مش كدة؟»، كما انطلقت السوشيال ميديا تدعم اللاعب المتحرّش عبر هاشتاج (#ادعم_عبدالرحمن_ مجدى).!

 

وهنا نُقدم لشوبير وعمار حمدى ومو صلاح وكل أبواق الفرص الثانية التى يرحب بها المجتمع فقط لرجاله ويحرمها على نسائه فى قضايا كثيرة، موقف منتخب فريق «سلاح الإيبيه الأمريكى» المشارك فى ذات الأوليمبياد طوكيو 2020 

 الكمامات الودرية تُحارب التحرّش فى الأوليمبياد

فوجئ المشاهدون لفريق المنتخب الأمريكى للسلاح الذى يتكون من أربعة أفراد بارتداء ثلاثة فقط منه كمامات وردية على عكس زميلهم الرابع الذى كان يرتدى كمامة سوداء المدعو «آلان هادزيتش»؟! ما السبب.

بعد نجاح «آلان هادزيتش» فى مايو الماضى فى التأهل لأوليمبياد طوكيو، ظهرت ضده ادعاءات من 6 من زميلاته بوقائع تحرّش جنسى تعود إلى ما بين أعوام (2013 - 2015)، وفى ضوء شهادة الناجيات من التحرّش صدر قرار بحرمان «هاذريتش» من السفر للأوليمبياد، الذى تظلَم ضده 29 يونيو الماضى، وربح التظلم بالفعل واستعاد بطاقته الأوليمبية.

رُغم براءة «هاذريتش»؛ فإن مشاركته الأوليمبية أثارت استياء الكثيرين فى الولايات المتحدة، الذين يعتقدون أن حق الأمان للرياضيات لم يُكفَل بفرض مشاركته، وأبدى زملاؤه بالفريق تعاطفهم مع الناجيات وقرروا ارتداء كمامات وردية تضامنًا معهن ورسالة لرفضهم للتحرّش الجنسى.

ولكن يبقى السؤال: ماذا بعد أزمة «عمرو وردة» « وعبدالرحمن مجدى»، كيف يمكن مكافحة تكرار مثل هذه الحوادث، كيف يلفظ الجسد الرياضى الصحى والسليم لسرطان التحرّش الجنسى، وما هى آليات المنظومة الرياضية فى مصر سواء من نوادٍ أو اتحادات للتصدّى لهذه السلوكيات السلبية لبعض اللاعبين؟

الدكتور رانى بهجت أستاذ مساعد بكلية التربية الرياضية للبنين جامعة حلوان قسم علم النفس والاجتماع والتقويم الرياضى، قال إن ظاهرة التحرّش الجنسى منتشرة فى الوسط الرياضى مثلما توجد فى المجتمع بصفة عامة،وأضاف «بهجت» فى تصريحات خاصة لمجلة «روزاليوسف» : إن العقوبات والإبعاد الذى لجأ لها اتحاد الكرة للاعبين المنسوب إليهم اتهامات بالتحرّش الجنسى ليست حلا كافيًا لمعالجة الظاهرة داخل المجتمع الكروى؛ ولكن العلاج هو الحل، من خلال التأهيل النفسى والاجتماعى لللاعب، وهو ما تفتقده المؤسَّسات الرياضية المصرية».