الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تزامنًا مع مخططات الإخوان ضد تونس: خيانة الوطن باسم الدين جريمة شرعية

مع تزايُد الحراك الشعبى فى الأوطان، التى كان آخرها تونس، تزايدت نبرة التهديدات الإخوانية للسيطرة على مقدرات الوطن، واستقراره، من أجل البقاء على مصالح التنظيم الإخوانى على حساب مصلحة الوطن ومقدراته.



«بدرة قعلول»، رئيس المركز الدولى للدراسات الاستراتيچية فى تونس أكدت، فى تصريحات إعلامية عقب الحراك التونسى ضد التيار الإخوانى متمثلاً فى حزب النهضة، عدم رغبة الإخوان فى تحسين أوضاع الشعب التونسى، وأن الأيديولوچية الخاصة بهم تنتمى إلى تنظيم وليس الشعب التونسى. وقالت: «إن الإخوان دخلوا تونس على أنه فى خطر باسم الدين وأنهم حُماة الديار لكنهم اغتنموا ما يمكن اغتنامه منهم وفتحوا أبواب البلاد لدخول السلاح»..

 

 تلك التصريحات أكدت حرص الإخوان على تحقيق مصالح تنظيمهم على حساب الوطن، ولا أدَل على ذلك من الحشد الإخوانى خارج تونس لدعم حزب النهضة الإخوانى. 

الدكتور «محمد مختار جمعة» وزير الأوقاف، أكد أن جماعة الإخوان وجماعات التشدد لا يؤمنون بوطن ولا بدولة وطنية، والوطن فى منظورهم مجرد حفنة تراب، ويبنون استراتيچيتهم على إفشال الدول؛ لأنهم يرون أن كل ما يقوّى الدولة يضعف الجماعة، وكل ما يُضعف الدولة يقوى الجماعة، فمصلحة التنظيم عندهم فوق مصلحة الدولة، ومصلحة الجماعة فوق مصلحة الأمّة؛ بل فوق مصلحة الدين. وقال: «إن هذه الجماعات الضالة المأجورة العميلة المستخدمة ضد أوطانها لا تقوم ولا تتغذى إلا على أنقاض الدول وحطامها».

أضاف: إن جماعات التطرّف والإرهاب والإفساد والتخريب أين حلت لا تأتى بخير، وأنها عبءٌ على الدين والوطن، وأن اتباع هذه الجماعات الضالة المنحرفة خيانة للدين والوطن. مشددًا أن هذه الجماعات الضالة قد وقعت فى براثن الخيانة والعمالة من جهة واحترفت الكذب والافتراء والعمل على بث الشائعات وترويجها ظلمًا وزورًا من جهة أخرى، مما يتطلب منا جميعًا التكاتف والوقوف صفًا واحدًا فى وجه هذه الجماعات المارقة، وبيان زيفها وزيغها وإفكها وبهتانها، وتعريتها أمام العالم أجمع.

كما يرى وزير الأوقاف، أن خيانة الجماعات الإرهابية والمتطرفة للوطن شملت محاولة وضع الناس فى مغالطة إمّا أن تكون مع الدين، وإمّا أن تكون مع الوطن، مع أن الذى ندين لله به، ونلقى الله (عز وجل) عليه: هو أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان، وقد قالوا: إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل وأصالة معدنه، فانظر إلى مدى انتمائه لوطنه، واعتزازه به، وولائه له وانتمائه إليه، وقد قالوا: رجل فقير ضعيف فى دولة غنية خيرٌ من رجل غنى فى دولة فقيرة؛ لأن الأول: وهو الرجل الفقير فى دولة قوية غنية له دولة تحمله وتحميه وتحافظ على حقوقه فى الداخل والخارج، والآخر: مَهما كان غنيًا فى دولة ضعيفة لا أمان له فى الداخل ولا فى الخارج؛ لأن الدولة الضعيفة لا تستطيع حماية أبنائها لا فى الداخل، ولا أن تحافظ على حقوقهم فى الخارج، فهذا الذى لا دولة له فاقد لمعنى الأمن والأمان.

وشدد د.«محمد مختار جمعة» أن الوطن تاج على رؤوس الوطنيين الشرفاء، لا يعرف حقيقة الوطن إلا من فقد وطنًا آمنًا مستقرًا، ولا يعرف فضل الأوطان إلا الشرفاء من أبنائها، وقال: «إنه عبر التاريخ الإنسانى ما عمل أحد لوطنه إلا ربح الدارَيْن، وعلى مدار التاريخ الإنسانى لم يجد الناس فى صف الوطن خاسرًا، ولم يجدوا إنسانًا خان وطنه أو كان عميلاً لأعدائه إلا كانت نهايته فى الذل والهوان وعليه فإن خيانة الأوطان هى الخيانة الكبرى، وهى أشد ألوان الخيانة».

 الدكتور «شوقى علام» مفتى الجمهورية، يؤكد كذلك أن الدفاع عن الوطن ومصالحه ضد المتربصن به واجب شرعى. مشددًا على ضرورة إدراك التحديات والمكائد التى تحاك للوطن، وأن حب الوطن ثابت وراسخ فى النفس بالفطرة، والإسلام لا يتعارض مع الفطرة..

وقال مفتى الجمهورية إن مفهوم قوله تعالى: «وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ» يمتد إلى كل طوائف المجتمع وليست القوة العسكرية فقط. مطالبًا الجميع بتحمُّل المسئولية تجاه الوطن والقيام بالدور المكلف به على أكمل وجه.

ووصف مفتى الجمهورية ادعاء البعض أن الوطن ما هو إلا حفنة من التراب بالعبث، مستشهدًا بمحبة النبى- صلى الله عليه وسلم- لوطنه مكة فى قوله: «اللهم حبب إلينا المدينة كحُبنا مكة أو أشد». وتابع مفتى الجمهورية: إن الأوطان إذا كانت حفنة من تراب كما يزعم البعض فإنه تراب اختلط به العَرَق والعمل والمَشاعر والذكريات التى تجعله ترابًا عزيزًا علينا.

وأوضح د.«علام» أن حماية الوطن والدفاع عنه واجب على كل حُرّ شريف يحب وطنه ويرعاه؛ بل إن الشهادة فى سبيل الوطن والدفاع عنه من أعلى مراتب الشهادة، فقد شُرع الجهاد فى سبيل الله؛ دفاعًا عن الدين والوطن والأرض والعرض، ومَن قُتل فى سبيل الدفاع عن وطنه كان شهيدًا فى سبيل الله.

بدعة إخوانية 

الدكتور «مجدى عاشور» المستشار العلمى لمفتى الجمهورية، يرد من جانبه على وضع جماعة الإخوان الدين فى مواجهة الوطن قائلاً: «إن حب الوطن واجب، والقول بعدم حب الوطن هو بدعة محرمة تنشرها جماعات التطرف والإخوان؛ لأنها تعنى عدم الحفاظ على أى شىء». مشددا أن الحفاظ على الوطن تعنى الحفاظ على النفس وعلى الآخرين، والحفاظ على كرامتى ودينى وكرامة ودين مَن معى فى الوطن.

أضاف إنه لا بُد من معرفة أن الحفاظ على الوطن من مقاصد الدين؛ لأنه يدخل فى الحفاظ على النفس والحفاظ على الدين، وهذا هو الأمر الذى يحقق الاستقرار. مؤكدًا أن القرآن جعل الوطن شقيق الروح حيث قال تعالى: «وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ»، كما جاءت الديانة مع الوطن فى قوله تعالى: «لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ».

د.«إبراهيم الهدهد» رئيس جامعة الأزهر السابق، المستشار العلمى للمنظمة العالمية لخريجى الأزهر، يرى أن من المغالطات محاولة جماعات التطرف أن تبث بين الناس أن الدين لا يعرف مفهوم الوطن وأنه لا يوجد سوى مفهوم واحد هو الأمة. وشدد «إن الوطن هو الإطار العام الذى يحمى الدين والنفس والعقل والمال، فهو الذى يحفظ كيان الإنسان، وحب الوطن أمر فطرى غريزى، بل هو واجب شرعى».

وأوضح «الهدهد» أن الحفاظ على الوطن مسئولية كل مواطن؛ حاكمًا أو محكومًا، صغيرًا أو كبيرًا. مبينًا أن الإسلام قد حث أتباعه على الدفاع عن الأوطان وحمايتها من كل معتدٍ.

 إسقاط الجنسية عن الخائنين

من جانبه يؤكد د.«جمال النجار» عضو مجمع البحوث الإسلامية وأحد علماء الأزهر التنويريين، أن من يأخذ طريق الهجوم عليها ويدعو إلى التكالب ضدها يتبغى أن يحرم من جنسية هذا البلد؛ حيث إن إسقاط الجنسية عن المفسدين فى الأرض للصالح العام.

ويذهب د.«النجار» إلى أبعد من قضية إسقاط الجنسية؛ حيث يؤكد أن ومن يفسد ويخرب فى وطنه لا توبة له. وقال: «من أفسدوا وخربوا وقتلوا لا نقبل توبتهم فقط لأن من ارتكب جريمة أو سفك دمًا لا يمكن أن نقبله مرة أخرى إلا بعد أن يُقتص منه لجريمته، خصوصًا أن التوبة من شرطها أن التائب إن كان ممن أفسد فى الأرض أو قتل فعلى صاحب تلك الجرائم أن يؤدى ما عليه أولاً». 

الدكتور «أحمد حسين» عميد كلية الدعوة بجامعة الأزهر، يعتبر أن الوطن والجنسية شىء ملتصق بالإنسان مثل الأبوّة لا يمكن أن تنتفى عن الإنسان مَهما حدث. إلا أنه يرى أن هناك فرقة ضالة تعادى البلد لا تستحق الانتماء للبلد. موضحًا إن كان هناك فعلاً شخصٌ خرج من الوطن ثم يعاديه ويحرّض عليه لا يختلف اثنان من العقلاء أن يحرم من جنسية البلد».