وسط إجراءات احترازية مشددة للحد من انتشار فيروس كورونا إقامة نهضة صوم العذراء بحضور 25 % فقط

وسط إجراءات احترازية مشددة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد تقيم بعض الكنائس التى تحمل اسم السيدة مريم العذراء النهضة السنوية لها، التى تستمر 15 يومًا كاملة.

كانت نهضة السيدة العذراء قد توقفت العام الماضى بسبب فيروس كورونا، إلا أن هذا العام قررت بعض الكنائس إقامتها على أن يكون الحضور لعدد محدود يمثل نحو 25 %، على أن يكون عن طريق الحجز المسبق إلكترونيًا ويكون الحضور للشخص مقصورًا على يوم واحد فقط حتى يتسنى لأكبر عدد من الشعب حضور النهضة؛ خصوصًا أن نهضة السيدة العذراء تُعد من أهم المناسبات التى يحرص الجميع لحضورها، بل ويتشارك فيها الأقباط والمسلمون على حد سواء؛ حيث من المعروف أن هناك عددًا كبيرًا من المسلمين يصومون صوم العذراء كاملاً، بل منهم من يصوم مع بداية شهر أغسطس حتى نهاية النهضة، وهناك من يصومه بالماء والمَلح فقط.

 بعض الكنائس تقيم النهضة  على مدار اليوم

وهناك بعض الكنائس التى قررت أن تقيم النهضة على مدار اليوم كما تفعل بالقداسات حتى يتسنى لأكبر عدد من الشعب الحضور مع التأكيد على ارتداء الكمامة واستخدام الكحول بشكل دورى، وسيكون للكشافة دورٌ كبيرٌ؛ حيث سيقومون بقياس درجة الحرارة عند الدخول وإرشاد الحضور لأماكن الجلوس التى ستراعى التباعد الاجتماعى؛ حيث لا يتواجد فى المقعد الواحد أكثر من شخص ويكون بشكل تبادلى مع الذى قبله وبعده.

 صوم السيدة العذراء مريم

يُعد صوم السيدة العذراء مريم من أهم مواسم الصيام لدى المصريين جميعًا، وهو الذى يبدأ فى الأسبوع الثانى من شهر أغسطس ولا يتعدى الـ15 يومًا، وتأتى أهميته من مكانة السيدة العذراء لدى المسلمين والأقباط على حد سواء، فالسيدة العذراء تُعد من أقوى النساء اللاتى ذُكرن فى الأديان، وقوتها تكمن فى قوة تحمُّلها للمَصاعب التى عاشتها رُغْمَ صغر سنّها، فهى تحمّلت ما قيل عنها عندما حبلت بالمسيح، بل أكدت للمَلاك المُبشر «هوذا أنا أمة الرّب؛ ليكن لى كقولك».

كما أنها تحمّلت ما فعله اليهود بابنها وليدها لتكون تلك الأحداث كسكين حاد يغرس فى قلبها، ولذلك أصبحت مُكرَمة من الجميع حتى يومنا هذا ليتحقق ما قالته «فهوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى».

وصوم السيدة العذراء دائمًا ما يرتبط بنهضة روحية كبيرة تقام فى جميع الكنائس والأديرة التى تحمل اسمها، وفى أعلى القائمة يأتى دير السيدة العذراء بجبل درنكة، الذى يذهب إليه الجميع من كل حدب وصوب.

 فتح حجز غرف الإقامة بدير السيدة العذراء من يوليو الماضى

أعلن دير السيدة العذراء عن فتح حجز غرف الإقامة بالدير فى يوليو الماضى؛ وذلك تمهيدًا لنهضات صوم العذراء مريم. وشدّد الدير، على ضرورة الحجز للمَبيت خلال تلك الفترة مع ضرورة اتباع الإجراءات الاحترازية المتبعة، وذلك فى ظل أجواء فيروس كورونا.

 دير درنكة

ويُعد دير درنكة من الأماكن التى لم تتوقف فيها نهضة السيدة العذراء نهائيًا؛ وذلك لأنه يكون مقصدًا للعديد من المصريين فى تلك الفترة.

ودير درنكة يشتهر بزفة العذراء؛ حيث يخرج الشمامسة حاملين أيقوناتها ويطوفون بها أنحاء الدير كله؛ حيث يتبارك منها الحضور، وفى المعتاد يقوم الكشافة هناك مع الخدام والكهنة بتنظيم النهضة وعمليات الدخول والخروج.

وفى المعتاد يصاحب النهضة مولد كبير، فتجد خارج أسوار الدير أو فى حوش الكنائس مَن يفترشون الأرضية ويعرضون بضائعهم من ملابس وحلويات كالحُمّص والحلاوة وملابس كهنوتية ودق صلبان وصور للقديسين وشرائط ترانيم وعظات وإكسسوارات وصلبان وفسيخ وغيرها من تجارة تُعد مَصدر رزق لكثيرين ودخلاً للكنيسة والأديرة.

 كنيسة السيدة العذراء  مريم بالزيتون

بعد دير درنكة تأتى كنيسة السيدة العذراء مريم بالزيتون التى شهدت ظهورها على قبابها فى أبريل 1968 وكتبت عنه جميع الصحف فى ذلك الوقت وحدثت معجزات كثيرة مع التقليب؛ ولذلك لها مكانة خاصة فى قلوب الأقباط بصفة خاصة وأصبحت مزارًا مُهمًا لهم؛ ولذلك يحرصون على حضور النهضة الخاصة بها كما يحرصون على إقامة تسبحة كيهك أيضًا بها

 الدير المحرق بالقوصية

كذلك من أهم الأماكن التى تقيم نهضة السيدة العذراء هو الدير المحرق، والموجود بالقوصية، وعُرف منذ القدم باسم دير السيدة العذراء، واشتهر بدير المحرق وأيضًا بدير جبل قُسقام، وترجع شهرته بدير المحرق إلى أن الدير كان متاخمًا لمنطقة تجميع الحشائش والنباتات الضارة وحرقها، ولذلك دُعيت بالمنطقة المحروقة أو المحترقة. ومع مرور الوقت استقر لقب الدير بالمُحرق. كما أنه اشتهر بدير جبل قسقام، وقُسقام اسم قديم منذ عصر الفراعنة وهو يتكون من مقطعين:

«قُس»... وهى اسم مدينة اندثرت حاليًا كانت عاصمة الولاية الرابعة عشرة من الولايات الـ 22 التى كان مقسمًا بها صعيد مصر ولم يبقَ منها حاليًا إلا البربا (المَعبد) ومعناها الدينى المكان العلوى، ومعناها المدنى تكفين أو تحنيط جثة الميت ولفها بالكتان لتحضيرها للدفن.

«قام»... اسم كانت تختص به المنطقة التى تقع غرب الولاية الرابعة عشرة، ومعناها الدينى اللا نهاية إلى الأبد، ومعناها المدنى كما يقول المؤرخ أبو المكارم مكفن بالحلفاء للصعاليك (فقراء). ولقرب «قام» من «قُسْ» اشتهرت المنطقة والجبل المجاور بـ«قُسْقام» وبالتالى اشتهر الدير بدير جبل قُسقام.

وأكثر ما يميز دير المحرق هو لجوء العائلة المقدسة له ومكوثها به نحو 6 أشهُر أثناء هروبها إلى مصر من بطش هيرودس المَلك، ويضم الدير عددًا من الكنائس، أهمها كنيسة السيدة العذراء مريم الأثرية، وهى البيت المهجور الذى عاشت فيه العائلة المقدسة وبقى على مساحته حتى القرن 19، بَعدها تحوّل فى العصر المسيحى إلى كنيسة، وأنشئت حجرتان على جانبَىْ الهيكل، وأهم ما فى الهيكل المَذبح الحَجَرى وهو الحَجَر الذى جلس عليه السيد المسيح وهو طفل.

وهناك أيضًا طقوس فلكلورية خاصة بصوم العذراء؛ حيث يشتهر صومها بأكل الشلولو؛ وذلك لسهولة تحضيره واعتماده على الماء فقط؛ حيث تؤكل الملوخية المجففة مع الثوم والبصل والفلفل والطماطم بعد وضع الماء عليها، وتنتشر تلك الأكلة، لأن الكثيرين يصومون بالماء والملح فقط، وهو السبب نفسه الذى جعل أكل «الدقة» منتشرًا أيضًا خلال صوم السيدة العذراء.