الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عن قرب .. سهير القلماوى.. عميدة الأدب!

رسم الأدب طريقها فى الريادة، لتصبح رائدة بمعنى الكلمة؛ دراسة وتدريسًا، وتشق طريقها الثقافى والسياسى بثبات، وتتقلد أكبر المناصب وتقتنص أرفع الجوائز، لترسم بعدًا جديدًا لكفاح المرأة المصرية، منذ أن كانت من الرائدات اللواتى ارتدن جامعة القاهرة، حتى أصبحت أول امرأة مصرية تحصل على الماجستير والدكتوراه فى الآداب، وأول مُحاضِرة فى الأدب العربى.



 

أول رئيسة لقسم اللغة العربية فى الجامعة، ثم توالت عليها المسئوليات والمهام، لكنها أجادت فى كل موقع، وكتبت اسمها بحروف راسخة فى التاريخ الثقافى والنسائى والسياسى المصرى.

سهير القلماوى، تلك الفتاة الصغيرة التى ظلت تحلم بدراسة الطب، لتسلك ذات الطريق الذى سلكه والدها، لكنها اصطدمت بالواقع الصعب عندما تخرجت من الكلية الأمريكية للفتيات، ورفضت فى مدرسة الطب، لكن والدها كان يدرك جيدًا ثقافة ابنته التى تربت على القراءة والاطلاع، فشجعها على التخصص فى الأدب العربى، لتصبح أول فتاة ترتاد جامعة القاهرة، وأول امرأة بين أربعين رجلًا تدرس الأدب العربى، وتتلمذت على يد طه حسين، الذى عينها مساعدة رئيس التحرير فى مجلة جامعة القاهرة عام 1932، وبعد تخرجها باتت أول محاضرة فى الجامعة.

كان أول وأشهر أعمالها؛ مجلد للقصص القصيرة نشر عام 1935، وهو «أحاديث جدتى» أول مجلد قصص قصيرة أيضًا تنشره امرأة فى مصر، وفيه تسرد الجدة لحفيدتها ذكريات الماضى، وتستنبط الأخلاق والعبر من الأحداث وترسم مقارنة بين الماضى والحاضر، لتؤكد فى مجلدها أن قصص الجدات يمكن أن تحمل رسالة نسوية عميقة، وأساسًا لتغيير الثقافة الذكورية فى المجتمع.

وبجانب «حكايات جدتى»، كانت الكاتبة الرائدة، واحدة من أصحاب أمهات الكتب فى الأدب المعاصر، ومن أهم مؤلفاتها «ألف ليلة وليلة» و«أدب الخوارج»، والتى صدرت منها طبعات حديثة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب فى عام 2010، بجانب كتب «فى النقد الأدبى» و«الشياطين تلهو» و«ثم غربت الشمس» و«المحاكاة فى الأدب» و«العالم بين دفتى كتاب»، وترجمت العديد من الكتب، بجانب عشر مسرحيات لشكسبير، وأكثر من 20 كتاباً فى مشروع الألف كتاب.

تلقت أعمالها ترحيبًا كبيرًا من النقاد، ووصفت بأنها علامة أدبية بارزة فى الحركة الثقافية المعاصرة فى مصر، ليس بسبب أعمالها الأدبية المميزة فقط، لكن لدورها فى المناخ الثقافى المصرى، فلم تبخل أبدًا عن إعطاء الفرصة لمن يستحق، حيث فتحت الباب أمام 60 كاتبًا لتقديم مؤلفاتهم عندما قامت بإصدار سلاسل أدبية سُميت «مؤلفات جديدة»، وكانت تؤمن أيضًا بحق القراء فى إتاحة الكتب التى يبحثون عنها بأسعار مخفضة، فأنشأت مكتبة فى صالة مسرح الأزبكية لبيع الكتب بنصف ثمنها.

وتوازيًا مع إنجازاتها الأدبية والثقافية، بدأت «القلماوى» مسيرتها السياسية عندما ترأست الاتحاد النسوى المصرى، ورابطة خريجات جامعة المرأة العربية، وساهمت فى النضال لأجل حقوق المرأة ليس فقط عبر عملها الأدبى، حيث شاركت فى مؤتمرات المرأة العربية، ونادت بمساواة الحقوق.. ولعلمها بأهمية السياسة فى تغيير المناخ الثقافي؛ حصلت على عضوية البرلمان المصرى عام 1958، ونجحت فى الدخول إلى عام الثقافة من الباب الإدارى، حيث ترأست الإدارة التابعة للهيئة المصرية للنشر والتوزيع، وفى عام 1967 أسست معرض القاهرة الدولى للكتاب؛ أول معرض كتاب فى الشرق الأوسط، لتستعيد القاهرة دورها كمنارة الثقافة فى الشرق الأوسط، كما ترأست الهيئة المصرية العامة للسينما والمسرح والموسيقى، والهيئة العامة للكتاب وهيئة الرقابة.

وتقديرًا لدورها الأدبى والقيادى، وريادتها بين بنات جنسها، حصلت سهير القلماوى على عدة جوائز وأوسمة، من بينها جائزة مجمع اللغة العربية، عن موضوع رسالة الدكتوراة «ألف ليلة وليلة»، وكانت أول امرأة تحصل على جائزة الدولة التقديرية فى أدب الشباب عام 1955، وفى ذات العام حصلت على جائزة الدولة التشجيعية، بجانب جائزة ناصر المهداة من الاتحاد السوفييتى السابق، وجائزة الدولة التقديرية فى الآداب عام 1977، وحصلت فى العام نفسه على ميدالية التقدير، وفى العام التالى تم منحها وسام الجمهورية من الدرجة الأولى، بالإضافة إلى وسام الإنجاز، كما حصلت على الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة.

إنجازات سهير القلماوى، تبقى علامة على نجاح المرأة المصرية وقدرتها على إثبات جدارتها فى كل المواقع.>