الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الدكتورة بدرة قعلول مديرة المركز الدولى للدراسات الاستراتيجية بتونس: النهضة حاولت تكرار سيناريو رابعة فى تونس لكن دون جدوى

بعد أكثر من عشر سنوات من الثورة على زين العابدين بن على ونجاحها فى إسقاط نظامه والإطاحة به، يعود الشعب التونسى ليثور على نظامه السياسى من جديد بعد أن ساءت أوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتدهورت بشكل غير مسبوق.



الجماهير التونسية الغاضبة والمحبطة هاجمت مقرات حركة النهضة الإخوانية فى عدد من المدن التونسية الرئيسية بعد أن طفح الكيل بها، لكنها لم تعد قادرة على الاستمرار فى دفع ضريبة هذا الفشل الحكومى المزمن والذى تعتبر حركة النهضة التى يرأسها الغنوشى المسئولة عنه والمتسببة فيه.

فى حوارها معنا أيدت الدكتورة بدرة قعلول؛ مديرة المركز الدولى للدراسات الاستراتيجية بتونس القرارات التى أعلنها الرئيس التونسى، قيس سعيد بإقالة الحكومة وتعطيل عمل البرلمان، واصفة إياها بأنها خطوة تمثل ضربة للمشروع الإخوانى فى تونس.

وقالت إنها تعبر عن الإرادة الحقيقية للشعب التونسى الذى طفح الكيل به مع تدهور حالة البلاد ووصولها إلى حالة الإفلاس على جميع المستويات.

ووجهت د.بدرة قعلول اتهامات إلى حركة النهضة الإخوانية وأنها السبب وراء هذا الواقع السياسى المأزوم، مشيرة إلى فشل الحكومة فى إدارة أزمة جائحة كورونا التى حصدت أرواح التونسيين بصورة مروعة وبمعدلات قياسية غير مسبوقة. وإليكم نص الحوار:

 

 كيف ترين قرارات الرئيس التونسى قيس بن سعيد الأخيرة، ورد فعل الشعب التونسى عليها ؟ 

الرئيس قيس سعيد اتخذ قرارات صائبة فى مرحلة دقيقة للغاية، وفى وقت وصلت فيه تونس إلى مرحلة من الإفلاس فى جميع المجالات بسبب كل السياسيين الفاسدين وفى مقدمتهم عناصر حركة النهضة الإخوانجية، حيث لم يكن فى تونس سياسيون، ولكن مافيا.

ولكن جاءت هذه القرارات لصالح شعبنا، وأعادت بلادنا إلى المسار الصحيح، وهو أمر كنا ننتظره ونأمله منذ فترة.

فالشعب التونسى كان لديه من الوعى ما يجعله يدرك أن «النهضة» قد أفلست ولم تقدم حلولاً لمشاكله المختلفة، وجاء ترحيب الشارع التونسى بالقرارات ليثبت أن هذه المرحلة قد انتهت بالفعل وأن هذه الحركة السياسية البائسة قد أفلست تونس وكادت أن تقضى على أى مستقبل يحلم به أى شاب تونسى.

فالشباب خرج ليقول لهم كفى أنتم مفلسون ويجب أن تخرجوا لأنكم لم تقدموا حلولاً إلى تونس ولم تقدموا شيئًا، بل أفلستم الدولة. 

 بم تصفين رد فعل حركة النهضة فى تونس على هذه القرارات وما السيناريو المتوقع من جانبها؟

حركة النهضة الإخوانجية سقطت وهى تعيش الآن حالة من التخبط، فهى تدرك منذ فترة أنها سقطت بسبب الوضع الوبائى الكارثى فى البلاد.

حتى إن زعيمها راشد الغنوشى خرج وحده فى عيد الجمهورية ليحتفل بمفرده، بعدما جعل من تونس سجنًا كبيرًا بإغلاق جميع المنافذ بالآلة الأمنية.

ومع ذلك أتوقع من هذه الحركة أى شىء، فقد تقوم النهضة بالتصعيد فى الشارع عبر استغلال بقايا قاعدتها الشعبية، وقد يدفع ذلك إلى تصدعات فى الوحدة الشعبية، وهو سيناريو قد تكون نتيجته إحلال فوضى عارمة فى البلاد، فحركة النهضة الإخوانية لديها أذرع إرهابية لإحداث الفوضى وإشعال الفتنة.

 ما تعليقك على تصريحات الرئيس السابق منصف المرزوقى لقناة الجزيرة، بأن القلعة الأخيرة من ثورات الربيع العربى وهى تونس قد سقطت وأن الرئيس وراءه قوى تحميه وتحرضه؟ 

أقول له إنكم لن تستطيعوا بعد الآن أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه فى عام 2011، لن يصدقكم أحدً بعد اليوم.. يكفى حالة الاختناق السياسى التى عاشتها تونس، لوجود الإخوان فى السلطة منذ 10 سنوات. 

 وبِمَ تردين على تصريحات رئيس حزب النهضة راشد الغنوشى بأن قرارات الرئيس تمثل انقلابًا على الحريات والثورة والدستور؟ 

سأرد عليه بجملة واحدة وهى أن قرارات الرئيس التونسى قيس سعيد هى انتصار للإرادة الشعبية، وإذا كان يراها انقلابًا فهى بالفعل انقلاب على تجار الدين الإخوان الإرهابيين.

كما أقول له إن الشعب التونسى يعيش سعادة عارمة برحيل حركة النهضة الإخوانية الإرهابية لأنها وباء، وأن 11 مليون تونسى يؤيدون قرارات الرئيس ويطالبون بتنفيذها فعليًا وإخراج الدولة من عثراتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التى تعيشها منذ 2011.

 كيف تقرئين تعاطى المجتمع الدولى مع المشهد فى تونس الآن؟ 

العالم يدرك مدى الاختلال الذى وصلت إليه الدولة التونسية على مدار السنوات الماضية، وبأن الشعب والجيش يدعمان قرارات الرئيس قيس سعيد، كما أن الرئيس اتخذ هذه القرارات وقام بواجبه بنص المادة رقم 80 من الدستور كرجل دولة، أقدم عبر اتخاذ هذه القرارات لإنقاذ البلاد مما آلت إليه من تردٍ فى الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

 كان لك ملاحظات على أداء الحكومة التونسية برئاسة هشام المشيشى، حيث قلت فى تصريحات مؤخرا إن الانهيار الصحى فى تونس انعكاس للأزمة السياسية والاقتصادية.. فهل ترين أن أزمة الوباء فى البلاد عجلت بالإطاحة بالحكومة؟

بالتأكيد، فالحكومة التونسية برئاسة هشام المشيشى، ساهمت فى تأزم الوضع الوبائى فى البلاد، بسبب تساهلها فى عدم اتخاذ إجراءات من شأنها الحد من تفشى وباء كورونا فى تونس، كإعلان الحجر الصحى وإغلاق الحدود إلى جانب توفير الأدوية والمستلزمات الطبية والأوكسجين لمجابهة الجائحة، إلى جانب التأخر فى توزيع لقاحات على الشعب التونسى.

 

 لك موقف واضح وصريح من حزب النهضة، وقولتِ صراحة إن حزب النهضة قام منذ وصوله إلى السلطة فى تونس بتجييش الشباب العاطل عن العمل ودفعهم للانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابى؟ بم تصفين إخوان تونس؟

حركة الإخوانجية هى السبب وأصل الداء فى كل ما آلت إليه أحوال البلاد، فقد أغرقت تونس فى المصائب والكوارث وفى الأزمات والفساد..هم تنظيم يستغل الدين من أجل الوصول إلى السلطة ولا يملك مشروعًا تنويريًا حداثيًا، ودائمًا ما يلجأ لـتخوين كل من يخالفه الرأى، وينتشر فى داخل الأحياء الشعبية الفقيرة لاستقطاب الشباب وإعدادهم للقتال مع التنظيمات الإرهابية.

 وما تقييمك لتجربتهم فى الحكم؟ 

منظومة خراب جاءت منذ عشر سنوات أهلكت كاهل الدولة التونسية حتى وصلنا إلى طريق مسدود، وأزمات بالجملة فى كل المناحى اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا وصحيًا، ثم دخلنا فى المنعرج الأخير وهو أزمة الوباء فوصل بنا الحال كدولة تعدادها 11 مليون نسمة أن تسجل أعلى حصيلة وفيات جراء فيروس كورونا مع حدوث 317 حالة وفاة بشكل يومى.

هذا بالإضافة إلى تهميش الشباب وارتفاع معدلات البطالة بينهم، أعداد كبيرة منهم التهمتهم الأسماك فى البحار بسبب الهجرة غير المشروعة غير المسبوقة وآخرون تم الزج بهم فى مستنقعات الإرهاب، حتى التعليم فى تونس الذى نعطى له الأولوية وصل إلى مستوى متدنٍ للغاية.

 إلى أى مدى تغلغل الإخوان فى تونس فى مفاصل الدولة وما تأثير ذلك على المرحلة المقبلة؟

عقب 2011 تأسس فى تونس مشهد سياسى يمسك بتلابيبه ومفاتيحه الإخوان من خلال واجهتهم السياسية حزب النهضة، كانوا فى البدايات لهم قاعدة شعبية أوصلتهم لأغلبية برلمانية مكَّنتهم من الحكم، وبعد سنوات من فشلهم الذريع فى إدارة البلاد، تقلصت شعبيتهم بعدما اخترقوا مفاصل الدولة.

لكن قد يكون لذلك تأثير أيضًا بأنه فى ظل رفض قسم من الطبقة السياسية لقرارات قيس سعيد  واعتبارها انقلاباً على الشرعية وطعنًا للديمقراطية، من المحتمل أن تستغل حركة النهضة قوة دعم سياسية لإلغاء قرارات رئيس الجمهورية، والعود لبرلمان ما قبل 25 يوليو.

 ذكرت أن الأمن التونسى أحبط محاولة حركة النهضة خلق رابعة جديدة، بعد قرارات الرئيس قيس بن سعيد، ماذا كنت تقصدين؟ 

لقد سعى الإخوانجية لعمل حالة من الهرج والمرج وخرجوا فى ولايات الجمهورية التونسية قرابة العشرين ولاية ليوزعوا لافتات كما شهدتم، وسعى بعضهم لنصب الخيام فى الشارع والاعتصام والاصطدام برجال الأمن، على غرار ما فعله إخوان مصر فى ميدان رابعة بعد نبذهم من الشعب، وقاموا برشق قوات الأمن التى تصدت لهم وواجهتهم بحزمٍ شديد، لكن السلطات الأمنية مستيقظة وتعمل على إحباط مخططاتهم قبل تنفيذها.

هل يمكن القول إن ما تشهده تونس من حراك الآن يشبه ما حدث فى مصر فى 30 يونيو ؟

هناك بالطبع أوجه تشابه فالشعب التونسى خرج هو الآخر ليعبر عن رفضه لسياسة الإخوانجية فى تونس وتدهور الوضع الاقتصادى والقدرة الشرائية، والتدهور على جميع المستويات.

وفى مقابل تراجع الدولة وهيبتها خرج الشباب يعبرون عن رأيهم، لم يكن بالعنف ولكن هاجموا مواقع ومقار النهضة فلم ير أى منهم ما يهيئ له حياته، أو يحقق طموحاته، فخرجوا ليعبروا عن رفضهم لبقاء الإخوان فى السلطة.

 ما الخطوة القادمة التى يجب أن يتخذها الرئيس بعد هذه القرارات من وجهة نظرك؟ 

نحن ندعم الدولة التونسية ولا نريد لها أن تسقط، وللأسف هؤلاء متمكنون من كل مؤسسات الدولة، ولذلك نطالب رئيس الجمهورية أن يأخذ على عاتقه هذه المهام ويخرج المؤسسة العسكرية ومجلس الأمن القومى ليأخذا بزمام الأمور، ونطالبه أيضًا بأن يحمى المتظاهرين لأن ربما هناك من يريد أن يدخل المواجهات بين الأمن والشعب وهذا لا نريده ولا نرضاه، وهو السيناريو الذى تبحث عنه حركة النهضة.

أيضًا نبحث عن حلول سياسية، والأولوية بالطبع هى الحفاظ على مؤسسات الدولة فلا للخراب أو لدمار هذه المؤسسات، وفى الوقت نفسه حمايتها ويتكفل بذلك الرئيس، نذهب لتجميد البرلمان والعمل بقوانين معينة من رئاسة الجمهورية ورئاسة الأمن القومى ومحاسبة الفاسدين. فنحن لم نكن لدينا سياسيون، ولكن مافيا وتجار دين.

 هل من المحتمل أن يتدخل الجيش التونسى إذا استدعى الأمر ذلك؟ 

القوات المسلحة التونسية جاهزة لأى سيناريو قد يتم الإعداد له، وقيس سعيد هو الرئيس المنتخب وصاحب الشرعية الشعبية المباشرة ورمز الدولة، وتطبيق التدابير الاستثنائية من صميم واجبات الرئيس.

 برأيك.. تونس إلى أين؟ 

الأولوية الآن لتعيين رئيس الحكومة الجديد لانتظام العمل بالدولة، والبدء فى المسار الجديد، وأتوقع أن يتم تمديد فترة تجميد البرلمان لحين حله، وإجراء انتخابات جديدة؛ لأننا بحاجة إلى شخصيات يكون ولاؤها الأول والأخير إلى تونس.