الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد أن نجحت تل أبيب فى دخول «الاتحاد الإفريقى» كمراقب هل تتغير الصيغة الإفريقية تجاه القضية الفلسطينية-الإسرائيلية؟!

يوما تلو الآخر، يستمر المسئولون الإسرائيليون فى تطويق المساعى الفلسطينية على المستوى الإقليمى والدولى، إذ لا يترك الجانب الإسرائيلى متنفسا لمسئولى «فلسطين» لعرض قضيتهم، إلا وقد أغلقوا الأبواب أمامهم بطرق شتى. وكان الهدف الإسرائيلى هذه المرة، هو التوغل داخل القارة السمراء، فى محاولة لتغيير وجهات النظر الإفريقية، التى لطالما دعمت القضية الفلسطينية.



فقد استيقظ العالم يوم الخميس الماضى على خبر انضمام الحكومة الإسرائيلية إلى «الاتحاد الإفريقى» ككيان مراقب، بعد أن قدم السفير الإسرائيلى لدى «إثيوبيا»، «أليلى أدماسو»، أوراق اعتماده كمراقب إلى رئيس مفوضية الاتحاد «موسى فكى محمد» فى مقر المنظمة فى «أديس أبابا»، وفق تصريحات الطرفين.

لم تتأخر الإدارة الأمريكية فى مباركة تلك الخطوة، حيث هنأ وزير الخارجية الأمريكى «أنتونى بلينكن»، «الاتحاد الإفريقى» على موقع التواصل «تويتر». وعلى الجانب الآخر، نددت حركة حماس بقرار «الاتحاد»، واصفة إياه بالصادم والمستنكر؛ مطالبة بطرد الاحتلال فوراً.

أما بالنسبة للحكومة الإسرائيلية، فكان (يوم احتفال)، مثلما قال بيان  وزير الخارجية الإسرائيلى «يائير لبَيد». يذكر أنه سبق للحكومة الإسرائيلية أن حصلت فى السابق على صفة مراقب فى منظمة «الوحدة الإفريقية»، لكنها طردت، وتم حل المنظمة عام 2002، واستبدلت بالاتحاد الإفريقى.

وفى الوقت الذى ادعت فيه الصحف الإسرائيلية المفاجأة من هذا الخبر، أوضح الدبلوماسيون فى القسم الإفريقى بوزارة الخارجية الإسرائيلية، أنهم كانوا يعملون بكد لتحقيق هذا الهدف، خلال الأشهر الثمانية الماضية.

لكن، فى الحقيقة، عكفت الحكومة الإسرائيلية على تحقيق مبتغاها هذا طوال الـ19 عاماً الماضية، وهو ما أشارت إليه جريدة «هاآرتس» الإسرائيلية، إذ ذكرت أن المسئولين الإسرائيليين ضغطوا بشدة، من أجل الحصول على مكانة فى «الاتحاد الإفريقى». ومن جانبها، أكدت وزارة الخارجية الإسرائيلية، أن المحاولة الأخيرة من تلك العملية الدبلوماسية، استلزمت زيارة المديرة العامة للشئون الإفريقية بالوزارة «عليزا بن نون» إلى العاصمة الإثيوبية، حيث التقت بـ30 سفيراً من الدول الأعضاء. وقالت «بن نون» لجريدة «هاآرتس»: «إن وضع إسرائيل الجديد كمراقب فى «الاتحاد الإفريقى»، يمثل أيضاً اعترافاً سياسياً، من قبل منظمة كانت ترفض إسرائيل لعقود».

كيف حققت الحكومة الإسرائيلية مبتغاها؟

ادعت وزارة الخارجية الإسرائيلية فى بيانها، أنه «بمجرد إقامة العلاقات مع «الاتحاد الإفريقى»، ستكون الأطراف قادرة على التعاون فى مجالات مكافحة فيروس كورونا، ومنع انتشار الإرهاب فى جميع أنحاء القارة». 

ورغم عدم وضوح طبيعة كلمة (الإرهاب) وفقاً للمفهوم الإسرائيلى، الذى يصف المقاومة الفلسطينية على أنها إرهاب أيضاً، إلا أن الشق الأول من الجملة، الذى يتحدث عن التعاون فى مكافحة الجائحة ليس مستغرباً استخدامه.

فقد كان مجال المساعدات الطبية أحد المجالات، التى استعانت بها الحكومة الإسرائيلية كباب خلفى للتوغل فى القارة السمراء،  بعد أن عرف المسئولون الإسرائيليون احتياجات الدول الإفريقية، والتى كان ضمنها أيضاً تقديم المساعدات الأمنية، والتنمية الزراعية، والبنية التحتية، فضلاً عن تقديم المساعدات فى أعقاب الكوارث الطبيعية، أو ما يسمى بـ(دبلوماسية الكوارث)، من أجل تحسين العلاقات الإسرائيلية مع بعض الدول الإفريقية.

ما أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق «بنيامين نتنياهو» الأولوية لعلاقات الحكومة الإسرائيلية مع «إفريقيا» خلال النصف الأخير من توليه منصبه. وبالفعل، أصبح «نتنياهو» أول رئيس وزراء إسرائيلى يسافر إلى القارة منذ عقود، حينما زار أربع دول فى شرق «إفريقيا»، وهى: «أوغندا، وكينيا، ورواندا، وإثيوبيا»، ومن ثم بدأت تتناول الصحف العالمية تجديد وتوطيد الحكومة الإسرائيلية العلاقات مع عدة دول إفريقية، منها: «غينيا»، و«تشاد»، وغيرهما.

جاء ذلك التعاون، بعد أن شهدت العلاقات الإفريقية-الإسرائيلية توترات منذ الستينيات مع اندلاع حركات التحرر الوطنى فى القارة السمراء، وتصاعد الصراع العربى-الإسرائيلى. وفى وقت لاحق، دفعت الحروب الإسرائيلية مع الدول العربية إلى قطع أغلب الدول الإفريقية علاقاتها بإسرائيل، تحديداً مع حرب 1967، ثم حرب أكتوبر 1973، كتضامن إفريقى مع الدول العربية.

الهدف الإسرائيلى من دخول «الاتحاد الإفريقى»

رأت الحكومة الإسرائيلية التحيز الإفريقى لصالح القضية الفلسطينية، وهو ما لم يتحمله المسئولون الإسرائيليون، لذلك تعد خطوة انضمام الحكومة الإسرائيلية إلى «الاتحاد الإفريقى» كمراقب، محاولة للحصول على دعم القارة، فى بعض القضايا العالقة مع «فلسطين»، الأخيرة التى مُنحت صفة مراقب فى «الاتحاد الإفريقى» فى عام 2013.

فقد ظهرت اللغة الإفريقية الموإلية لفلسطين –عادة- فى البيانات، التى ألقيت فى القمم السنوية للاتحاد الإفريقى، كما دعم «الاتحاد» القضية الفلسطينية طوال الوقت. وكان أحدث دعم إفريقى، ذلك الذى أعلن فى شهر مايو الماضى، مع اندلاع القتال بين إسرائيل وحماس، حينما أدان «موسى فكي محمد» بشدة الغارات الجوية الإسرائيلية على قطاع «غزة»، واعتداءات القوات الإسرائيلية العنيفة ضد المصلين الفلسطينيين فى «المسجد الأقصى»؛ معلناً أن أفعال الجيش الإسرائيلى، بما فى ذلك: الإجلاء القسرى، وغير القانونى المستمر للفلسطينيين من منازلهم فى «القدس الشرقية»، يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولى، ويزيد من حدة التوترات فى المنطقة، مما يعقد البحث عن حل عادل ودائم.

كما استغل «فكي» أيضاً قمة العام الماضى، للتنديد بخطة الرئيس الأمريكى السابق «دونالد ترامب» لمنطقة «الشرق الأوسط»، مما أثار التصفيق فى القاعة الرئيسية للاتحاد الإفريقى، عندما قال، إنها: «دهست حقوق الشعب الفلسطيني». ناهيك عن تصويت «الاتحاد الإفريقي» ضد الحكومة الإسرائيلية، دعماً لدولة «فلسطين» فى «الأمم المتحدة». 

لذلك، فإن سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية تجاه «إفريقيا»، هى أن يكون هناك مزيد من الحلفاء فى «الأمم المتحدة»، وهو ما صرح به دبلوماسى –رفضت جريدة «هاآرتس» ذكر اسمه- قال، إن «التواجد الفعلى فى الاجتماعات، يسمح لإسرائيل (بمعرفة ما يحدث، وتتبع التطورات، والمبادرات السياسية) على أجندة «الاتحاد الإفريقى».. وكانت الكتلة الإفريقية من أشد منتقدى تعامل إسرائيل مع القضية الفلسطينية. ومن غير الواضح إلى أى مدى يمكن للتطورات الأخيرة تغيير ذلك».