السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

250 منتجًا حرَفيًا يشاركون فى «ديارنا» على مدار الشهر: «أسطوات مصر» فى الساحل الشمالى

وسط المئات من المصطافين والعارضين بمدينة العلمين فى الساحل الشمالى، افتتحت السيدة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى معرض «ديارنا» للحرف اليدوية والتراثية الذى يقام للعام الثانى على التوالى فى مدينة العلمين بعد أن حقق العام الماضى مبيعات تخطت المليون جنيه.



جميع الإجراءات الاحترازية تم اتخاذها بسبب فيروس كورونا؛ حيث راعت وزارة التضامن الاجتماعى وجود تباعد اجتماعى داخل أجنحة المعرض من خلال توفير مساحات كبيرة بين العارضين، مع توسعة الممرات الخاصة بالمعرض؛ ليصبح عرضها 4 أمتار، كما تم السماح بدخول 30 % فقط من السعة المقررة للدخول بشكل دورى، ويتم تعقيم المعرض مرتين يوميًا، وإلزام جميع الزوار والعارضين بضرورة ارتداء الكمامات وتعقيم الأيدى على بوابات المعرض قبل الدخول، والتباعد الاجتماعى أثناء التسوق، مع مراعاة تواجد عارض واحد داخل كل جناح.

 250 عارضًا على 3 مراحل

قبل أن نزور معكم أجنحة معرض ديارنا هذا العام من مارينا الساحل الشمالى، فالمعرض يضم 250 عارضًا على 3 مراحل، وتستمر كل مرحلة على مدار 10 أيام وتضم 80 عارضًا. كما يضم المعرض الذى يتزين بالألوان، والتنوع فى الثقافات المتواجدة من شتى محافظات مصر، فتدنو من التراث النوبى، والسيناوى، وتُبصر فتجد منحوتات الواحات، وتمور سيوة، وجلود حلايب وشلاتين المصاغة فى الحُلى، فالمعرض يضم جميع المنتجات الحرفية اليدوية والتراثية الخاصة بأصحاب المشروعات من الجمعيات والأسر المنتجة والتى تضم المنسوجات والمفروشات الأرابيسك، والاكسسوارات المنزلية، والكوروشيه، والنحاس، والفضة، والألاباستر، وغيرها من المنتجات التى تتلاءم مع موسم الصيف واحتياجات المصائف والمصيفين والمنتجات الشبابية.

 الترويج للمنتج الحرفى والتراثى المصرى فى مختلف المحافظات

تحرص الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى على التواجد داخل كل معرض وتشجيع العارضين على الاستمرار فى صناعة هذه الحرف اليدوية شديدة المهارة والحرفية والإتقان والتى تضاهى العالمية وذلك فى إطار جهود وسياسات وزارة التضامن الاجتماعى على تقديم مختلف سبل الدعم لصغار المنتجين والترويج للمنتج الحرفى والتراثى المصرى فى مختلف محافظات الجمهورية، حيث أكدت السيدة نيفين القباج أن المعرض هذا العام يحمل عددًا من الرسائل التسويقية أهمها ترويج المنتج المصرى ودعم صغار المنتجين العاملين فى المنتجات الحرفية والتراثية، والترويج لأماكن صناعتها بمختلف محافظات مصر، والتأكيد على دور الأسر المنتجة فى دعم الاقتصاد الوطنى تحقيقًا لرؤية القيادة السياسية فى دمج الاقتصاد غير الرسمى داخل الاقتصاد الرسمى للدولة والذى يعد أحد أهم أهداف التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن التراث المصرى على اختلاف أنواعه مبعث فخر للأمم وأكبر دليل على عراقة مصر وهويتها.

وأضافت أن وزارة التضامن الاجتماعى تحرص على إقامة المعرض بشكل دورى بالتعاون مع جميع المحافظين على مستوى الجمهورية لتشجيع صغار المنتجين فى إطار برنامج «فرصة» للتأهيل لسوق العمل والمساعدة فى تسويق المنتجات الصغيرة والحرفية والتراثية، وذلك تنفيذًا لأهداف برنامج الأسر المنتجة «ديارنا» ومراكز التكوين المهنى التى تقوم على تدريب صغار الصناع.

وأكدت د.نيفين القباج أن معرض ديارنا يمثل قيمة اقتصادية وتراثية وثقافية أصيلة لوزارة التضامن الاجتماعى منذ انطلاقه لأول مرة عام 1964، وذلك لدوره الأصيل فى دعم الصناعة الحرفية الوطنية عبر الترويج للمنتجات اليدوية التى يتم تصنيعها من قبل الحرفيين ومئات الآلاف من الأسر المنتجة فى كل محافظات مصر.

وأضافت أن المعرض يقام سنويًا عدة مرات فى مختلف المحافظات منها أسيوط والأقصر والمنيا والإسكندرية والساحل الشمالى وشرم الشيخ والبحر الأحمر، إلا أن المعرض السنوى الذى يقام فى القاهرة يعتبر أكبر نسخة نظرًا لاستضافة عدد أكبر من العارضين.

ومن جانبه، أكد عادل البيكساوى مستشار الوزيرة للتسويق والمعارض أن الوزارة حريصة على مصالح التعاونيات الإنتاجية، والورش الصغيرة، والوحدات الإنتاجية، والعمالة غير المنتظمة، وغيرها من الفئات التى تحتاج إلى مزيد من الخدمات غير المالية والخدمات المالية للمساهمة تباعًا فى تحريك الاقتصاد المحلى مما سيؤثر تدريجيًا وإيجابًا فى تحريك الاقتصادى القومى.

مؤكدًا أن معرض ديارنا فى مدينة العلمين مستمر حتى يوم 24 أغسطس المقبل مع تطبيق جميع الإجراءات الاحترازية بمشاركة الهلال الأحمر المصرى، وسوف يفتح أبوابه للجمهور يوميًا من الساعة 6 مساءً حتى 4 فجرًا.

يعد معرض ديارنا من أكبر معارض الحرف اليدوية ومنتجات الأسر المنتجة ويعكس استيراتيجية وزارة التضامن الاجتماعى فى دعم وتسويق الحرف اليدوية وأن المعرض يضم مجموعة متميزة من المنتجات وبأسعار مناسبة.

واللافت للنظر فى معرض ديارنا الذى يقام حاليًا فى مارينا أن العارضين يجددون من أعمالهم بشكل مستمر، مع استخدام أكثر من خامة فى منتج واحد، ويهتمون بالحفاظ على التراث.

 جولة فى معرض ديارنا 

وراء كل منتج حكاية لأصحابها، قامت «روزاليوسف» بجولة داخل أروقة وأجنحة المعرض الذى يتزين بالألوان المبهرة والزيوت الطبية والعطرية التى يتم تعبئتها فى زجاجات خاصة بأشكال مميزة، وغالبًا ما تجدها فى الجناح النوبى حيث يحرص العارضون على وضعها فى علب كرتون مطبوع عليها رسومات فرعونية لحفظها، وهى تجذب الزائرين للإقبال عليها، لاهتمامهم بمثل هذه الأشكال الجمالية، ويتم أيضًا تقديم بيان له بفوائد الزيوت الطبية والعطور العالمية الخام وذلك لكى يحتفظ بها الزائر ويساهم ذلك فى زيادة قيامه بزيارة المكان لشراء مثل هذه الأصناف المهمة بالنسبة له فى كثير من الأحيان. 

فى الطابق العلوى من المعرض تجلس شادية يوسف مع ثلاث عارضات أخريات فى رُكن خاص بالأعمال النوبية، يجاورها 20 سيدة أخرى يستعرضن فنون أسوان فى الأعمال اليدوية والمأكولات الشعبية.بدأت شادية حكايتها مع معرض ديارنا منذ 8 سنوات حيث كانت حريصة على أن تلف المحافظات وأن تحضر المعارض المختلفة، لترى الأعمال اليدوية التى تعلمت حرفيتها على يد أمها وجدتها، وتضيف: لكن منتجاتنا كنا لا نعرف كيفية تسويقها وظلت حبيسة قريتنا الصغيرة فى أسوان، حتى تسنت لنا فرصة الالتحاق بمعرض ديارنا ومعارض أخرى فى القاهرة.

تسر ألوان منتجات النوبة عيون الزائرين خاصة أن أكثر ما يميز بلدتنا هو منتجات الخوص، والتى تتشكل بخيوط مبهجة فتصبح قطعة فنية مختلفة، يمكن وضعها فى المنزل كديكور من الخوص، أو عرائس تحمل شكل الفتاة النوبية فى الماضى.

التراث النوبى 

وتحكى شادية الفتاة النوبية قائلة:  «بنصنع أشكال كتير من الخوص من المقاطف والأوانى والصوانى والمكانس والعلايق والقواديس والملقون والشادوف، والبرش، والمراوح، وكلها من الخوص وفى منتجات من الجريد كالأبواب والكراسى والأسرة، فالتراث النوبى يعتمد فى الأساس على النخيل».

وتستطرد قائلة: إن حرفة الخوص منتشرة بمحافظة الوادى الجديد، وتحتل الصدارة فى صناعة الخوص، لما تملكه من نحو مليونى نخلة، تليها محافظات صعيد مصر من قنا إلى أسوان، إلى جانب الواحات المنتشرة بصحراء مصر الغربية خصوصًا «سيوة»، حيث يقوم الرجال فى تلك الصناعة على تقليم النخيل والحصول على الخوص والجريد، وتعمل النساء داخل بيوتهن.

وبدأت تحكى لنا شادية طريقة تصنيع الخوص حتى يخرج بالشكل ده مضيفة: «احنا بنجيب السعف ونشقه ونبله فى الماء والألوان، ويترك ليخف، وبيكون بألوان أحمر وأزرق وأخضر وكلها ألوان مبهجة، أو خوص بدون أى ألوان ودا بيكون بلون الشمس، وبعد كده نبدأ فى صناعة الأشكال من خلال الضفيرة وإعداد الشكل المطلوب سواء طبق أو مقطف أو شمسية والشغل كله يتم بإبر وأحيانًا خيوط من الصوف الطبيعى بيدخل فى مراحل الشغل اليدوى، وبالمثل يتم العمل مع الجريد، نقوم بتنظيفه بعد نزعه من النخل، ونتركه فى الشمس حتى يجف، وبعد كدا نقطعه لأعواد وبعد كدا نصنع منه الأقفاص والمقشات والعياشات والكرج وغيرها». 

وأنهت كلامها معنا بأن «معرض ديارنا أتاح لنا فرصة كبيرة لتسويق منتجاتنا خاصة أننا بنبيع منتجاتنا فى بازارات فى الأقصر وأسوان وشرم الشيخ وغيرها من مناطق السياحة، وفى تزيين الفلل والمنازل، والكافيهات، وكمان فى تسويق إلكترونى للبيع والتوصيل بالبريد، وطبعًا مشاكل السياحة أثرت على الإقبال على الحرفة، وفى بيوت كتير بتضطر تبيع المنتجات بسعر التكلفة فى السوق الأسبوعى، لأن مفيش منافذ تسويق ليهم».

وقالت: «إن التراث النوبى لن يختفى خاصة إن فى أسر كثيرة شغاله على التطريز للطواقى والإيشاربات والجلباب والملابس والشنط وغيرها، من قماش الدبلان الأبيض والخيط الملون برسومات خاصة مثل العصافير والحمام ورسم المثلثات الملونة المشهورة بها النوبة، وكله تراث يعبر جمال بلاد النوبة وعاداتهم وتقاليدهم من أيام الفراعنة».

 الفخار والنول 

وقالت شادية إننا نحرص فى المعرض أن نأتى بمنتجاتنا المختلفة خاصة صناعة الفخار من الطين، فلا يوجد بيت فى النوبة مفيهوش حرفة سواء الفخار أو الخوص أو التطريز النوبى، وكل بيت بيورث الحرفة لأولاده، وفى النول النوبى اللى بيدار يدويًا ويعتمد على تحريك الخيوط إلى الأعلى والأسفل، وأيضًا صناعة المراكب النوبية الخشبية بعض الأدوات مثل الخشب والحبال والورق المقوى الملون والسادة» وكذلك منتجات الخوص التى يتم تلوينها بالألوان المختلفة المبهجة لتزيين جدران المنزل، سواء للزينة أو لتقديم المأكولات المختلفة».

 التراث السيناوى

ومن النوبة إلى التراث السيناوى الذى يزين جناح معروضات سيدات بدو سيناء تجلس سناء القصاص إحدى المشاركات فى معرض ديارنا والتى استقبلتنا بالحفاوة الشديدة قائلة: إن المعروضات تتنوع ما بين أثواب وقطع الديكور التى تصنع يدويًا، وأنها ليست المشاركة الأولى لها، ممثلة عن إحدى الجمعيات فى مدينة العريش التى تهتم بطرق جميع أبواب المعارض للتسويق وبيع منتجات تعد مصدر دخل لهذه الأسر.

وأضافت: إننا نشارك بمنتجات متعددة ومتنوعة من العبايات والشيلان والمفارش والخداديات والمعلقات والمرايات المحلاة بالتطريز السيناوى.

وأشارت إلى أن مشاركة شمال سيناء تتضمن عرض وبيع منتجات غذائية من خير سيناء، وبينها العجوة وزيت الزيتون والأعشاب الطبيعية.

وقالت إن المعرض يخدم قطاعًا كبيرًا من السيدات المعيلات وتسويق منتجاتهن من خلال المعرض مؤكدة أن الثوب من أهم مفردات تراث بدو سيناء وكل قبيلة تتفنن سيداتها فى تطريز الثوب بألوان ووحدات هندسية معينة، موضحة أن الأثواب المعروضة تعاونت فيها أسر بأكملها لتطريزها حيث تخصص كل أسرة جزءًا ثم تجمع وتجهز للبيع.

وأوضحت أنه يتم أيضًا عرض الشالات المطرزة بكل أنواعها ومقاساتها والملابس بمشتملاتها، وعباية الملس على الطريقة البدوية بتشوهات، وبلوزات وسديرى ومعلقات حوائط، وجميع أنواع الشنط والاكسسوارات وغيرها من المنتجات.

وأشارت إلى أن السيدة السيناوية استفادت من خبرة الجدات فى دقة الحرفة وقمن بالمزج بين التراث البدوى السيناوى والموضة الحديثة، وإدخال أفكار حديثة وخامات عصرية للمنتجات المشاركة بإنتاج سيدات سيناء من مشغولات وأثواب مطرزة بمعرض ديارنا.

وأثناء تواجدنا فى جناح التراث السيناوى التقينا «زينب العبادى» فتاة من قرية أبو طويلة التابعة لمركز مدينة الشيخ زويد شمال سيناء، حملت على عاتقها عبء مواصلة رحلة والدتها فى إحياء التراث البدوى السيناوية، وتعلمت فنون الكليم السيناوى، وأصرت على استكمال تعليمها، وفى نفس الوقت استمرار التطوير فى فن الكليم.

تقول زينب: «منذ 5 سنوات بدأت أتعلم أكتر عن الصباغة اليدوية من نباتات سيناء لتطوير أفضل فى الكليم السيناوى، واشتغلت مع سيدات من الجدات بسيناء فى تدريب أعداد أكبر بقرى كتير بسيناء، وبدأت منذ فترة قريبة مشروعى الخاص لفنون الكليم وكل سنة بكون سعيدة بحضورى لمعرض ديارنا ومقابلة الجمهور وأتحمس لرأيه فى منتجاتنا، وخاصة أن صناعته متقنة وتتم طبقًا لقواعد أصيلة لا يمكن الحياد عنها لتبقى وتعيش لآخر العمر».

وأوضحت زينب العبادى، أن مشاركتها فى معرض تراثنا للمرة الثالثة، وتعرض فيه «الكليم البدوى المصنوع من خيوط وصوف الغنم إلى جانب أنواع أخرى من الكليم مصنوعة من وبر الإبل، بجانب منتجات أخرى مثل المطرزات والستائر المصنوعة بطريقة بدوية مميزة وخردوات وحقائب متنوعة، بالإضافة لبعض المنتجات الخاصة التى تستخدم لحمل الأغراض على ظهور الإبل وهى الخرج ذو النطاقين بألوانه الزاهية والمتميزة».

 السجاد اليدوى الحرير

وداخل المعرض وبالتحديد فى منتصف قاعة عرض المنتجات يتواجد جناح مميز لأصحاب الحرف اليدوية من السجاد اليدوى الحرير للأسر من قرية ساقية أبو شعرة بمحافظة المنوفية والتى تعد أشهر القرى فى صناعة السجاد اليدوى الحرير. 

ويُعد السجاد اليدوى أحد أقدم الحرف التى عرفها المصريون، بدأت مع العصر الفرعونى، ومنذ أكثر من 5 آلاف عام قبل الميلاد، وتحديدًا فى حضارة البدارى، فى قرية الهمامية بمحافظة أسيوط، فى وسط الوادى، عُثر على نقوش لصناعة السجاد اليدوى من الكتان والقطن، وهما المحصولان اللذان اشتهرت بهما مصر فى العصور القديمة، كما تبين بعض مناظر السوق فى مقابر الدولة القديمة، مشاهد بيع الكتان المغزول.وازدهرت صناعة السجاد فى العصرين الأيوبى والمملوكى، وبعد سقوط دولة المماليك واحتلال العثمانيين بلاد الشام انتقلت معهم تلك الصناعة إلى أمصار الدولة العثمانية، ومنذ هذا التوقيت وصناعة السجاد اليدوى عادت لتنتشر من جديد فى مصر، حتى أن قرى كثيرة بأكملها كانت تحترفها، لدرجة أن كل قرية كانت تعد قلعة من قلاع صناعة السجاد. واليوم، أصبحت صناعة السجاد اليدوى من المهن المهددة بالانقراض، إلا أننا بدأنا نهتم بهذه الصناعة مرة أخرى، ويتزين معرض ديارنا بوجود السجادة الحرير الذى أبهر الزوار وله عملاء من طراز خاص من الدول العربية أو الأجنبية أو بعض المصريين ممن يعرفون قيمة السجاد اليدوى الحرير.

ويتميز صناعة السجاد اليدوى الحرير بالألوان الزاهية كما يوجد أنواع سجاد أخرى من الحرير اليدوى ويبدأ سعر المتر بـ5500 جنيه وذلك على حسب الصناعة وعدد عقد الحرير فى السجادة، فكلما زادت عقد الحرير ارتفع سعر المتر.

 النحت على جذوع الشجر

وفى جناح صغير تجلس إحدى العارضات من عروس البحر المتوسط وهى سلمى عيد «والتى قررت أن تكون مختلفة عن الناس اللى حواليها، ويكون عندها إبداع فى شغلها.. سلمى بتحكى إنها بتحب الشغل اليدوى من زمان، وهى حاليًا أصبحت بارعة فى النحت على جذوع الشجر، بدأت تشتغل فى مجال الشغل اليدوى بشكل عام من 4 سنين.. لكن أكتر حاجة شافت إنها متميزة فيها هى النحت على جذوع الشجر.. وقالت أن النحت على جذوع الشجر فن مختلف بالنسبة لها خاصة أن مفيش حد علمها تشتغل ازاى، وعمرها ما دخلت تدريب، لكن سافرت إحدى المحافظات، واستطاعت الحصول على جذوع الشجر، وقدرت تتخيل التصميمات ومن هنا علمت نفسها بنفسها، وقدرت تعرض شغلها فى معارض كتير، وكمان استفادت من مشاركتها فى معرض ديارنا، نظرًا لإقبال الجمهور عليه وعرفت أذواق مختلفة.. وأثناء وجودنا مع سلمى لقيناها راسمة الرئيس عبد الفتاح السيسى على جذع من جذوع الشجر.. وقالت سلمى إنها رسمت هذه الرسمة منذ أعوام وبتتمنى ييجى اليوم وتهديها للرئيس عبدالفتاح السيسي.

صناعة التُلّى تزين ديارنا

تعد حرفة التُلّى من الحرف اليدوية التراثية التى تستخدم لتزيين العبايات والإيشاربات والمفروشات وغيرها، تعمل بها السيدات والفتيات فى جزيرة شندويل بمحافظة سوهاج وتخرج مشغولاتها بشكل جميل وعلى قدر عالٍ من الدقة والحرفية وتحظى بإقبال محبى المشغولات اليدوية من السياح، وجاء وضع الحرفة ضمن الحرف التراثية التى تحظى باهتمام برنامج تنمية الصعيد، والتلّى هو فن التطريز على قطع القماش المكون من القطن باستخدام خيوط مطلية باللون الذهبى أو الفضى، وكانوا قديمًا يستخدمون الذهب الخالص والفضة الخالصة، ولكن مع غلاء الأسعار استبدلوها بالخيوط المطلية، ويتم استخدام التلّى فى أشكال عديدة ورسومات متنوعة على الإيشاربات والعبايات، مثل الجمل والفارس والنخلة والشمعة والعروسة والحجاب والجامع والكنيسة والزراعة والطبلة والإبريق، وتستغرق تلك المشغولات وقتاً طويلاً لإنجازها علاوة على ارتفاع أسعارها وتراجع السياحة، وكلها أمور «تهدد الشغلانة».

يعمل أغلب بنات وسيدات جزيرة شندويل بتلك الحرفة منذ القرن الثامن عشر، حيث كان يتم استخدام هذا النوع من التطريز فى تزيين جلابيب النساء وطرحة العروس عند الزفاف وفقاً للتقاليد التى كانت سائدة هناك، كان خيط التُلى يصنع بالفعل من شرائح الذهب والفضة، لكنه يصنع الآن من خيوط النحاس المطلية بالذهب والفضة.

هذا ما قالته لنا أمال حسن، من محافظة سوهاج من «قرية جزيرة شندويل»، إحدى العارضات فى معرض ديارنا قائلة إنها تشارك فى المعرض بحرفة يدوية كانت قد اندثرت وهى حرفة صناعة «التلى» وهو التطريز اليدوى على القماش المصنوع من «التل»، فتلك الحرفة تاريخية ويرجع عمرها ما يقرب من 1400 عام تقريبًا، ولكنها فى وقت ما تعرضت للاندثار، وأعيد إحياؤها فى السبعينيات على يد سيدة بريطانية جاءت خصيصًا لمصر تبحث عن مثيل لقطعة قماش تراثية معروضة فى المتحف البريطانى من صناعة «التلى».

وأضافت أمال، أنه بعد رحلة بحث فى جميع محافظات مصر لم تعثر السيدة البريطانية على من يعلمها فنون تلك الحرفة اليدوية إلا «أم علية» السيدة المسنة التى تعيش بقرية جزيرة الشندويل بسوهاج، ومن هنا بدأت رحلة إعادة إحياء تلك الحرفة التراثية بمساهمة من منظمة «اليونسيف» وتعليم الفتيات الصغيرات طريقة التطريز ليعود «التلى» إلى الازدهار مرة أخرى، حيث يوجد بالقرية 500 أسرة تعمل بتلك الحرفة التراثية وهى مصدر رزقهم الوحيد.

 حرفة صناعة «الأركت»

ونحن نتجول بين أروقة المعرض، وجدنا سيدة تخطت الستين عامًا بجوار إحدى منتجاتها المصنوعة من «الأركت» وبدأت تحكى لنا كيفية احترافها هذه المهنة، تقول كاميليا إبراهيم: إنها احترفت هذه الصناعة بعد إحالتها للمعاش هى وزوجها، وكانت صناعة «الأركت» هواية زوجها وكانت تساعده بها إلى أن أحبت تلك الهواية وواصلت العمل بها.

وبدأت تحكى لنا صناعة «الآركت» وهى عبارة عن فن تفريغ الخشب طبقاً للأشكال المطلوبة بالرسومات المصممة بالمقاييس المحددة لإخراجها فى شكل جميل يتناسب مع المكان الملائم لذلك، وهو يستخدم بكثرة فى ديكورات المنازل والمكاتب وحجرات الأطفال، ومن التصميمات التى أنفّذها قطع وتحف فنية مثل معلقات قرآنية وتابلوهات وأباجورات ومجسمات وعلب هدايا وأشكال مختلفة.

وتابعت قائلة: إن «الآركت» من أروع الفنون فى العالم، إذ إنه أثّر فى شخصيتها، حيث علّمها الصبر والهدوء والاتزان، إذ إن تقطيع الخشب وتفريغه وتحويله قطعة فنية مميزة تحتاج صبرًا ودقة وهدوءً حتى يكون المنتج النهائى بجودة عالية ومميزة.

وتحلم كاميليا ببناء مدينة للحرف اليدوية ويكون لديها مصنع لتوسيع المجال وتعليم جيل جديد من الشباب حتى يتم تدريبهم، مضيفة أنها تتمنى أن يتم تعيين جميع مصممى ومدربى الحرف اليدوية فى وزارة التربية والتعليم حتى يتم تدريب الأطفال لإيجاد جيل جديد من مبدعى الحرف اليدوية أو عمل مدرسة للحرف اليدوية لتعليم الحرف اليدوية لحمايتها من الاندثار حتى تكون مصر رائدة فى الصناعات اليدوية وإطلاق عام الحرف اليدوية والتكريم من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وأنهت كلامها معنا بأن معرض ديارنا يوفر فرصة رائعة لتسويق منتجات الأسر المنتجة. 

الحلى والاكسسوارات

تعد صناعة الحلى والاكسسوارات من عوامل الزينة المهمة التى تهتم بها السيدات أو بعض المشغولات التى تُستخدم فى تزيين بعض الأماكن، وأدوات صناعة الاكسسوارات أدوات بسيطة، منها استخدام الخيوط، والخرز، والمعادن، ومشغولات أخرى يمكن شراؤها، وصناعة الاكسسوارات من المشاريع التي تلقى رواجًا كبيرًا، حيث شهد معرض ديارنا عددًا من المنتجات المستوحاة من التراث المصرى، لتتميز المنتجات بالأصالة والذوق الرفيع، وكما قالت الدكتورة سارة محمد إبراهيم، حاصلة على دكتوراه فى التصميم الزخرفى كلية التربية النوعية جامعة الإسكندرية، إنها تعشق صناعة الأحجار وخاصة فى المنتجات التى تعبر عن الهوية المصرية، وهو ما دفعها للحصول على رسالة الدكتوراه فى «رموز الفن الشعبى»، وعلاقة الأحجار بالطاقات الإيجابية التى تؤثر على الإنسان فى تجديد الطاقة.

وأضافت أنها تحرص على أن تكون جميع منتجاتها مصنوعة بالأحجار الكريمة «ترصيع يدوى»، باستخدام تصميمات خاصة، وهى مطلاة بماء الذهب أو الفضة، وطموحها الوصول إلى العالمية بتصميمات مصرية.

والتقطت خيط الحديث إحدى المتحصصات أيضًا فى صناعة الحلى والاكسسوارات وهى بسنت عبدالحفيظ التى قالت إنها تسعى لإحياء التراث الفنى فى تصميمات الحلى والاكسسوار الخاص بها، حيث تتضمن منتجاتها تصميمات مستوحاة من الرسومات الفرعونية والرموز الشعبية التى اندثرت، باستخدام «التفريغات البسيطة» وتجمع بين نعومة التصميم وخشونة التنفيذ باستخدام الآلات الحادة فى التنفيذ للتحكم فى المعدن المستخدم مؤكدة أنها تعمل فى هذه الصناعة منذ 10 سنوات تقريبًا حيث تحرص على وضع ورسم التصميم الخاص بها، ثم طبعه على النحاس بحفر الأحماض وتلوينه بالمينا، مع طبقة من الطلاء الفضة أو الذهب.

 الأرابيسك جوهرة الفنون 

ومن «جوهرة الفنون».. والتى أطلق عليها علماء الفن الهندسى، «الأرابيسك» الذى يزين أحد أجنحة المعرض كما أطلق عليه قديمًا أصحاب الحرف اليدوية القديمة ليصفوا صناعة الأرابيسك التى تزين كل نوافذ وأبواب مدن وبلدات مصر المحروسة، حتى الحوارى والأزقة فى الأحياء الفقيرة، كانت لا تخلو منه، فكانت المشربيات والبوابات، بل وحتى قاعات الجلوس، فالأرابيسك هو عبارة عن سلسلة متكررة من الأشكال الهندسية على طريقة العاشق والمعشوق، وعادة ما يقوم صانع الأرابيسك بإضافة بعض الزخارف النباتية المحفورة من الزهور، والأوراق، والثمار، ليكسر جمود القطعة الخشبية، ويضفى عليها بعضًا من الحياة والتفاؤل والمرح.

ورغم انتشار فن الأرابيسك فى جميع الدول العربية والأوروبية، إلا أن الحرفيين المصريين ما زالوا الأكثر مهارة، ولا ينافسهم سوى الصانع السورى، وإن كان الصانع المصرى تفوق عليه فى انتقاء أفخر أنواع الأخشاب فى صناعته، فغالبًا ما يستخدم خشب الكافور والصندل فى إنتاج القطع الأرابيسكية.

وعن دخول الآلة فى مراحل التصنيع قال لنا إبراهيم منصور أحد عارضى الأرابيسك: إنها كانت من أهم الأخطار التى هددت فن الأرابيسك المصرى بالاندثار، فبعد مرور ألف عام استطاع الصانع المصرى الحفاظ على فنه التقليدى، إلا أن دخول الآلة أفقد المنتج مذاقه اليدوى الخاص، الذى جعل كل قطعة متفردة بذاتها، تعكس ذوق وفن الصانع، لتتحول القطع إلى قوالب متكررة، ليس بها أى نوع من أنواع الإبداع والابتكار المتفرد.

وأضاف قائلًا: إن المصنوعات الصينية أيضًا كان لها دور محورى فى القضاء على تلك الحرفة اليدوية، فما يأتى من مصنوعات مقلدة تغزو الأسواق بأرخص الأسعار، ولكنها فى الوقت نفسه تعجز عن صنع التعشيق والتطعيم والنقش المتقن بالروح المصرية الأصيلة، وهو ما أعطى قبلة الحياة لتلك الحرفة اليدوية، والتى لُقبت بـ«جوهرة الفنون»، وسمح لها بالبقاء على أيدى بعض شيوخ الحرفة فى مصر، والذين لُقب بعضهم بـ«ملوك الأرابيسك»، وأغلبهم يستوطن شارع «خان الخليلى»، ليحافظوا على أصالة تلك الصنعة التى توارثوها ويورثونها للأجيال القادمة مؤكدًا أنه يحرص على المشاركة فى معرض ديارنا كل عام حتى يتعرف الأجيال الشابة على هذا الفن الأصيل.

 «كروهوك أرت» لتزيين الحقائب اليدوية

ما زلنا نتجول فى أروقة معرض ديارنا والذى تستمر أبوابه مفتوحة حتى الساعات الأولى من الفجر وسط إقبال كبير من المصطافين والزائرين، حيث التقينا ندى عبدالحفيظ، التى تقدم منتجات «كروهوك أرت»، وهو شغل الإبرة «الكروشيه»، لتزيين الحقائب اليدوية، وهو منتج يقدم لأول مرة لدمج «الكروشيه مع الجلد فى الحقائب اليدوية»، بالإضافة إلى تقديم فن الزخرفة المستوحاة من الفن الكولومبى، لتداخل الألوان المتناسقة مع بعضها البعض، وتطمح ندى فى إنشاء جاليرى خاصًا بها لعرض منتجاتها المتميزة من صناعة «كروهوك أرت».

 البامبو.. يزين التحف والأنتيكات

وفى أحد أجنحة المعرض هناك ركن خاص بصناعة البامبو، وهى من الصناعات اليدوية التراثية التى عرفها المصريون منذ القدم ونقلوها عن بعض الشعوب الآسيوية التى ابتكرت هذه الصناعة وبرعت فيها منذ نحو ألفى عام وخاصة الشعب الصينى وساعد على ذلك توافر خاماتها فى العديد من بلاد جنوب شرق قارة آسيا، كما أن هذه الحرفة فى حد ذاتها تعد تخليدًا للتراث والثقافة المصرية القديمة كما يقول محترفو هذه المهنة، وذلك نظرًا لتعدد الأشكال التى يبتكرها صانعوها من غرف نوم وصالونات وكراسى ومناضد إلى جانب الأشكال الفنية الأخرى حيث تتطلب هذه الصناعة دقة عالية وجهدًا كبيرًا للوصول إلى المنتج النهائى، وهناك عدة أنواع من البامبو مثل المالكان والأكليس والفرنساوى وأمويل كما قال لنا هيثم صلاح الدين صاحب إحدى الشركات المتخصصة فى صناعة البامبو، وهى تستخدم لعمل العديد من الأشكال مثل البامبو المجدول والبامبو المفرغ،‏‏ وقد يدخل فى صناعة الكرسى الواحد أكثر من نوع وشكل من أخشاب البامبو مما يتطلب دقة عالية جدًا من الصانع، وهذه الأنواع من خشب البامبو يتم استيرادها من بلاد جنوب شرق آسيا وتحديدًا من أندونيسيا وسنغافورة‏ وهو يستخلص من نبات البامبو أو الخيزران الذى ينبت تلقائيًا فى المناطق الحارة والغابات الاستوائية‏ المنتشرة فى هذه البلاد.

وأضاف هيثم أن صناعة «البامبو» من الصناعات اليدوية التى تدل على الذوق والمهارة والإبداع نظرًا لتعدد أشكالها من غرف نوم وصالونات وباقات ورد إلى جانب العديد من الأشكال الفنية الأخرى، وللبامبو استخدامات كثيرة فى الحياة اليومية فقد صنعت منه قوارير وأوانى للشرب وإطارات ومراوح وعصى للمشى.

مضيفًا إن منتجات «البامبو» من التحف والأنتيكات التى يفضلها الكثير من أصحاب الذوق الرفيع، فهى صنعة فنية وتراثية لها علاقة بتاريخ مصر القديم، حيث نملك البامبو المصرى الذى يتمتع بخامة جيدة نستطيع من خلاله أن نقدم منتجات على أعلى مستوى يتم تصديرها للخارج وهذا هو هدفنا، مؤكدًا أننا نصنع من منتجات البامبو الإكسسوارات، والميداليات، وفواحات بحور ووحدات إضاءة، وحوامل سفرة، وتابلوهات، وأدوات للمكتب.

انتهت جولتنا فى معرض ديارنا مارينا العلمين.. وسوف نستكمل زيارة كل معارض ديارنا فى جميع محافظات الجمهورية لنعرض عليكم المنتجات الحرفية اليدوية والتراثية الخاصة بأصحاب المشروعات من الجمعيات والأسر المنتجة.وجميع العارضين والتسويق لجميع منتجات الحرف اليدوية.