كوكو شانيل..روحان على خشبة المسرح

إيه يعنى بنولى حفر وسدود.. ده فى عز الضلمة النور موجود.. وبحوّل عَدَم الدنيا خلود.. وبهد الثابت والأصنام.. مين يقدر يتحدى إرادتى وجنونى وفنونى وموهبتى.

كلمات بسيطة فى شكلها عميقة فى معناها، تعبر عن رحلة كفاح وألم وفشل ونجاح مغلف بالإرادة وعشق الفن وجنونه، وكأن من كتبها قرر أن يقرأ روح فنانة تُعد أسطورة فى عالم التمثيل والاستعراض. «شيريهان» التى مزجت روحها وجنونها بفنها وإرادتها وقوتها بروح واحدة من أساطير الموضة والأزياء فى القرن العشرين، «كوكو شانيل»، لتصنع عملا فنيا يجذب الروح والعقل والمشاعر.

مسرحية (كوكو شانيل) التى تعرض على منصة «شاهد»، عمل تعود به محبوبتنا «شيريهان» لعالمها وخشبة المسرح والجمهور بعد غياب اقترب من العشرين عاما، عمل أوصفه بالمؤثر، يؤثر فى كيانك كمشاهد لمدة ساعتين من لحظة إطلالة «شيريهان» على خشبة المسرح وتأخذك النداهة، نداهة الفن والإبداع، فإلى جانب موهبة «شيريهان» التى لم تتأثر لحظة بغيابها وقدرتها على تجسيد شخصيةامرأة تملك من القوة والصلابة ما يجعلها تنسج بيديها سطور نجاحها من العَدَم لقمة النجاح، وقدرة «شيريهان» على مزج روحها وشخصيتها بروح قوية عانت كثيرا مثلها. ذاك التماهى فى الشخصية يفقدك كمشاهد القدرة على تحديد أى منهما تتعايش مع قصة كفاحها وألمها وسعادتها، أى منهما تتأثر بكل كيانك بما تمر به من لحظات انكسار وحب ورفض ونجاح، ولذلك نطلق عليهما أسطورتين، واحدة فى عالم الفن والثانية فى عالم الأزياء.

لكن لم تغرد «شيريهان» بمفردها على خشبة المسرح فعوامل النجاح تشابكت بشكل آخاذ بدءا من تصميم الاستعراضات للمبدع «هانى أباظة» التى حكت جزءا من الأحداث وعبرت عن حالة حماس أو حب أو ألم مثل استعراض «المانيكان» حيث شبهت بطلة العمل نفسها بـ«المانيكان» بدون روح أو إحساس، عقل فقط، جسد بلا مشاعر، وأيضا استعراض «العودة لباريس» الذى تحدث فيه البطلة نفسها وتقويها وتأمرها بالصلابة والقوة وتخطى الرفض. استعراضات جاءت لتكمل الحكاية وتعرضها بشكل جذاب يجعل المشاهد يندمج أكثر مع الشخصية وقصة النجاح، خاصة أنها تميزت بالاحترافية فى تصميم الملابس على يد «ريم العدل»، ملابس برّاقة تناسب عالم الأزياء وثورة الموضة التى صنعتها «كوكو شانيل» مراعية فى ذلك سهولة الحركة والرقص على المسرح، إلى جانب الإبداع فى كتابة كلمات أغانى الاستعراضات بتوقيع «د.مدحت العدل» وهى الكلمات التى تخاطب روحك ومشاعرك كمشاهد كما تعكس روح وفكر وشخصية «كوكو شانيل».

بالإضافة إلى الديكور الذى تميز بالبساطة، والمكياج الذى يعبر عن مراحل حياة الشخصية وحالتها النفسية، وأيضا الموسيقى التصويرية التى اعتمدت فى مشاهد كثيرة على الآلات الوترية حيث مشاعر الأسى أو الحب أو الوجع، وكل ذلك تم نقله من خلال صورة وزوايا تصوير وكادرات تضيف وتجذب وتساعد على الإيقاع السريع للأحداث لمدير التصوير «أحمد المرسى».

(كوكو شانيل) لوحة فنية اكتمل إبداعها برؤية «هادى الباجورى» وسحر «شيريهان» وعمق الفكرة والرسالة، روح تتحرك على خشبة المسرح مثقلة بكل ما مرت به من ألم وكسرة وحب ونجاح، روح تدمج نفسك بها فتزيدك قوة وأملا لتصنع مجدك أنت وتكتب حكايتك أنت.