الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

كنوز آمال العمدة.. عادل أدهم: أكره مسمى أدوار الشر..!

«الشرير المحبوب».. هذا هو الفنان عادل أدهم فى السينما المصرية، فمن النادر أن يحتل فنان قلوب الجماهير عن طريق الأدوار الشريرة، لكن ها هو هذا النجم قد فعلها وجذب المشاهدين إليه بصدق أدائه وحسّه الفنى المرهف ومعايشته لأدواره بشكل جعل من الصعب جدًا أن نجد مَن يملأ الفراغ الغنى الذى تركه بعد رحيله... وهذا نص الحوار النادر الذى تنشره مجلة «روزاليوسف».



 

آمال: اسمح لى أن أقول إننى حينما آراك فى بعض الأنماط التى تؤديها فى السينما؛ خصوصًا أدوار الشر؛ فإننى أشعر بالفعل أنك شخصية كريهة على الشاشة، وأتساءل: هل عادل أدهم متعاطف مع الشخصية أمْ يكرهها أم ينفر منها؟

- عادل أدهم: أنا أحب هذه الشخصية المكروهة، وللأسف فإن الكثير من النقاد لا يزالون يسمونها أدوار الشر، ولكنى أرى أنه لا يوجد شىء اسمه أدوار شر؛ بل هى أنماط لأشخاص وأنا ضمن مجموعة فى مصر تؤدى هذه الأدوار، وأنا أرجو أن نتخلص من هذه التسمية.

آمال: أجرى معك هذا الحوار فى الاستديو الذى أشعر أنه بيتك.. أريد أن أعرف شعورك وأنت تتجه صباحًا إلى الاستديو لتعيش فى أحد الأدوار التى تؤديها؟

- عادل أدهم: الممثل يقضى فى الاستديو معظم وقته ويتعايش فيه ويتخلص من الشارع ومن المعاملات ويعيش فيه حالة فنية خاصة، ففيه يقدم فنه ومعاناته وحبه، ورائحة الاستديو وأخشابه وورقه وآلاته أصبحت تشبه الإدمان بالنسبة لى، فأنا أفتقد هذه الرائحة إن ابتعدت لبعض الوقت عن الاستديو.

 آمال: هل هذه الرائحة محببة إليك كالعطر؟

- عادل أدهم: هو عطر لا يتحسنه إلا من يعمل فى هذا المجال.

 آمال: الكاتب والمفكر يحيى حقى يقول دائمًا على المكان الذى تشعر بالحنين إليه أنه ينبعث منه عطر الأحباب.. فهل ينبعث من الاستديو عطر الأحباب؟

- عادل أدهم: عطر الأحباب وعطر الروح.

 آمال: فى طريق عودتك من الاستديو إلى بيتك.. هل تستغرق وقتًا لكى تتخلص من سيطرة الشخصية؟

- عادل أدهم: الشخصية تعيش معى دائمًا، لذلك فأنا ألتمس العذر لمن يعايشون الممثل؛ لأنه فى معظم الأوقات يكون نصفه موجودًا وحاضرًا أما النصف الآخر فهو مشغول دائمًا، وأنا أحب أن أفرغ عقلى لكى أستطيع استيعاب المزيد فيه، لكن من الصعب أن أعود بالشخصية إلى البيت؛ بل يجب أن أتركها على باب الاستديو لكنها فى النهاية موجودة بقدر معين فى حياتى كلها.

 الفنان بداخله صعلوك

 آمال: سقطت مؤخرًا فى قفص الزواج.. فكيف حدث ذلك؟

- عادل أدهم: الرجل غير المتزوج لا يعتبر رجلًا طبيعيًا فلا شك أنه لا بُد أن يكون للبيت ملكة، والفنان ذو الحظ الجيد هو الذى يجد الزوجة التى تتحمل أن تعيش مع فنان، فهذا الأمر ليس سهلًا بل هو أمر بالغ الصعوبة، ولكن مع الوقت تتأقلم الزوجة وتقدّر ظروف زوجها.

آمال: زوجة عادل أدهم ماذا ترفض فيه؟

- عادل أدهم: أعتقد أنها ترفض الكثير من الأشياء مثل النسيان الدائم للمناسبات الشخصية الزوجية.

 آمال: هل الفنان فوضوى التصرف؟

- عادل أدهم: الفنان بداخله صعلوك، وأنا شخصيًا بداخلى صعلوك صديقى هو الذى ألعب به الأدوار وكأنه عادل أدهم آخر يسكن بداخلى.

 آمال: إذن فإن عادل أدهم المتزن العاقل الذى يجلس معى ويقاسمنى الحوار له صديق اسمه عادل أدهم الصعلوك.. هذا الصعلوك هل هو المبدع؟

- عادل أدهم: لا شك فى هذا، فهو الذى يبدع وهو سفيرى فى الفن الذى يخرج منّى الإبداع.

 آمال: هل تتوحد مع الشخصية النمطية التى ترفض تسميتها بالشريرة؟

- عادل أدهم: التمثيل يحتاج وعيًا ولا وعى، لأن هناك حسابات وعلامات ومفهوم والكثير من العوامل الأخرى بجانب الاندماج والمعايشة.. كل هذا يجب أن يكون معه وعى، وهذا الوعى يحمينى من الوقوع فى براثن الشخصية النمطية.

 آمال: لكن هناك قصة يعرفها كل الفنانين وهى خاصة بالفنان حسين رياض الذى كان يؤدى دور رجل مشلول ومن فرط معايشته للشخصية فقد أصيب بالشلل بالفعل، فقد عاش الشخصية إلى حد التوحد حتى أصيب بالشلل.. فى رأيك هل هذا طبيعى من الناحية الفنية أمْ أنه كان من المفروض أن حسين رياض قبل هذا التوحد تكون عنده عين ثالثة تدرك أنه يعيش شخصية إنسان فلا يصاب بالشلل؟

- عادل أدهم: هناك شلل يصيب الشخص من ناحية نفسية، أى أن يتسبب الشخص فى إصابة نفسه بالشلل.

 آمال: هل تقصد أنه شلل كاذب؟

- عادل أدهم: هو شلل كاذب بالفعل، وبعد هذه الفترة يتخلص من الشلل فيعود كما كان.

 

الكلمة تقال بسبعة ألوان

 آمال: بالنسبة لأدوار الشر.. هل تحتاج إلى مواصفات معينة فى الوجه؟

- عادل أدهم: هى موهبة، فهناك وجوه وهبها الله التعبير والتلوين والقدرة على أداء هذه الشخصيات النمطية، ولا بُد أن يحبها وأن يكون تكوينه وشكله وملامحه لها صلاحية ليس لكل الأدوار؛ بل لأدوار نمطية معينة بحيث يصلح لأداء هذه الشخصية، فالممثل قد يصلح لأداء الكثير من الأدوار ولكن ليس كل الأدوار.

 آمال: أنت قلت وجهه وملامحه وتكوينه ولم تقل صوته.. فهل يلعب الصوت دورًا ما؟

- عادل أدهم: الصوت مهم جدًا، فمن الممكن أن تقال الكلمة بسبعة ألوان.

 آمال: هل يستطيع حسين فهمى على سبيل المثال أن يؤدى أدوار الشر؟

- عادل أدهم: لقد حاول أن يؤديها بالفعل.

 آمال: وماذا عن محمود ياسين؟

- عادل أدهم: هو قادر بالفعل على أداء الأدوار النمطية وأيضًا نور الشريف.

 لا أرى حسين فهمى وسيمًا

 آمال: هل تعتقد أن وسامة حسين فهمى هى التى تسببت فى فشل تقديمه لأدوار الشر؟

- عادل أدهم: أنا لا أرى حسين فهمى وسيمًا.

 آمال: وما هى الوسامة فى منظورك الشخصى؟

- عادل أدهم: الوسامة عند الرجل هى الرجولة.

 آمال: هل لكل فنان جمهور خاص؟

- عادل أدهم: طبعًا.

 آمال: هل جمهور حسين فهمى من المراهقات؟

- عادل أدهم: إذا كان يؤدى أدوار مراهقة فلا شك فى أن جمهوره سيكون من المراهقات.

 آمال: إن كان عادل أدهم منتجًا، هل يستعين بنور الشريف أمْ حسين فهمى لبطولة فيلم؟

- عادل أدهم: بل أستعين بعادل أدهم.

 آمال: هل آثرت شجونك فأشعلت السيجارة؟

- عادل أدهم: نعم؛ لقد أثار حديثك شجونى.

 آمال: وما الذى أثار شجونك فى هذا الحوار؟

- عادل أدهم: للأسف أنى مدخن وكما يقولون فإن كل شخص يختار مقتله وأنا اخترت الدخان ليكون مقتلى.

 آمال: ماذا عن شعورك وأنت تسمع عن أخطار التدخين؟

- عادل أدهم: سأرد عليك بدعوة وهى «اللهم هبنى حياة عريضة قصيرة ولا طويلة ضيقة».

 

أعيش حياة عريضة ولكن بعقل

 آمال: هل هذا هو شعارك، وهل أنت من النوع الذى يعيش حياة عريضة؟

- عادل أدهم: نعم أنا أعيش حياة عريضة ولكن بعقل.

 آمال: لماذا استطردت هذا الاستطراد وقتل العقل؟

- عادل أدهم: لأن العقل يجب أن يكون فى كل شىء حتى فى المجون والجنون والانطلاق يجب أن يكون بالعقل والحساب.

 آمال: هل عادل أدهم كفنان اختار لنفسه هذه الأدوار النمطية أمْ هى من اختيار المخرجين؟

- عادل أدهم: الأدوار هى التى اختارتنى لكن لى الحق أن أقول (لا) لأى عمل أنا غير راضٍ عنه.

 

من تجارة القطن لعشق الفن

 آمال: لو توقفنا عند عادل أدهم عندما وضع قدميه على عتبة السينما.. ماذا كان إحساسه بالسينما، وما هى الأدوار التى كنت تسعى لأدائها؟

- عادل أدهم: الفضل الكبير كان للسيناريست محمد عثمان والمخرج على رضا وأيضًا للراحل أحمد ضياء الدين الذى كان أبًا كريمًا فى أول تجربة لى كممثل، وأنا لم أكن أسعى للعمل بالتمثيل، فأنا كنت أهوى التمثيل منذ الصغر ولكن الظروف حالت بين عملى فى السينما وكنت أعمل فى تجارة القطن، وبعد التأميمات كنت مسافرًا للعمل فى ألمانيا فأنا كنت خبير أقطان فى اتحاد المصدرين وفى بورصة الإسكندرية، فكانت كل حياتى متعلقة بالقطن والأرقام وهذا أفادنى جدًا فى عملى كفنان.

 آمال: وكيف تفيدك الأرقام فى مهنة كلها خيال فى خيال؟

- عادل أدهم: بالأرقام نستطيع أن نحقق الكثير، فالأرقام تدخل فى كل شىء حتى فنجان القهوة فله معايير ومقاييس كلها تحسب بالأرقام.

 آمال: وماذا بعد العمل خبيرًا فى الأقطان؟

- عادل أدهم: عملت كممثل مبتدئ ثم أخذتنى السينما من كل شىء فى الدنيا.

 آمال: مَن هم المخرجون الذين تشعر بأنهم لعبوا دورًا كبيرًا فى حياتك؟

- عادل أدهم: هم كثيرون فى مقدمتهم نيازى مصطفى وهو الذى كتف قدرتى على أداء أدوار الشر وهو الذى أعطانى فرصة أن أؤدى دور الجاسوس وفرصًا أخرى لكى أتنوع فى أدائى.

 الإضاءة قادرة أن تجعلنى

 شيطانًا أو ملاكًا

آمال: هل يستخدم المخرج الإضاءة فى عمل بُعد درامى أمْ أن هذه الأشياء لا علاقة لها بالأداء؟

- عادل أدهم: بل هى عوامل مكملة ومهمة جدًا، فلمبة من تحت تجعلنى فرانكشتاين والمزيد من الإضاءة تجعلنى ملاكًا والمخرج يتفق مع مدير التصوير على المؤثرات التى يستخدم فيها الضوء، ولا بُد لمدير التصوير أن يقرأ الموضوع وأن يشعر بالشخصيات التى تؤدى وبالتالى، فبالتفاهم بينهما وأيضًا بالتفاهم مع الممثل يحدث تكوين معين مكمل لبعضه أطرافه المخرج والممثل ومدير التصوير الذى يرشد مدير الإضاءة لمتطلبات المشاهد.

 الشرير يتشكل كالحرباء

 آمال: سأعرض عليك أفكارًا قالها الناقد الفرنسى الراحل «جورج سادول» الذى قال إن الفنان الذى يؤدى أدوار الشر لا ينبغى أن يبدو شريرًا بل ينبغى أن يبدو رقيقًا ويخفى ملامحه الشريرة تحت الجلد، وأنا أسألك هل نبرة الصوت تلعب دورًا وأنت ترحب بشخص أنت على وشك الفتك به؟

- عادل أدهم: هذا شىء أكيد، وهنا فيجب أن أنافق هذا الشخص بنبرات فيها الترياق ووراءها السم، وفى الماضى كانوا يستعينون بوجوه مميزة لأداء أدوار الإجرام فيضيفون للوجه جرحًا بالسكين أو شيئًا من هذا القبيل، لكن لكى يتم نصب الشرك للشخص الضحية فيجب أن أدخل عليه بوجه قديس برىء لا يوحى بالإجرام حتى لا يتوقع هو الشر ويحتاط له، وهكذا فإن رأى جورج سادول صحيح تمامًا ومن أوائل الشخصيات التى أدت الأدوار التى يقول عنها سادول كان «دان داريان»، فالشرير يجب أن يكون وسيمًا ومعسول الكلام ويتشكل كالحرباء حتى يوقع بفريسته لأن معالم الشخصية الشريرة لو ظهرت لأول وهلة فلن يتمكن من تنفيذ ما يريد.

 آمال: وهل ينطبق هذا على الممثلات؟

- عادل أدهم: طالما تؤدى الممثلة أدوار الشر فيجب أن ينطبق هذا عليها.

 

آمال: هل فى إمكان فاتن حمامة أن تبدو شريرة؟

- عادل أدهم: ستؤدى الشخصية الشريرة بشكل عظيم، فهى أستاذة فى تفهمها للشخصيات التى تؤديها وملامحها تساعدها على عمل أى دور.

 آمال: وهل تستطيع نادية لطفى أن تؤدى أدوار الشر؟

- عادل أدهم: هى أدت بالفعل الشخصية الشريرة فى أكثر من دور وأعتقد أنها نجحت فى تجسيدها.

آمال: وماذا عن سعاد حسنى؟

- عادل أدهم: سعاد حسنى قادرة على أداء أى دور.

آمال: هل الممثل الجاد المبدع يستطيع أن يجسد الشخصية الشريرة بشكل جاد وأذكر هنا محمود مرسى مثلًا..

- عادل أدهم: محمود مرسى بدأ فى أدوار الشر ونجح فيها بالفعل.

 آمال: لو كنت قد أخذت أدوارًا غير أدوار الشر هل كنت ستنجح فى السينما؟

- عادل أدهم: لا أعتقد أننى كنت سأصلح فلو لم يكن هناك شخصية لها أبعادها وملامحها فما الذى يمكن أن أؤديه وقتها ستكون الشخصية سطحية ولم تقدم جديدًا للمشاهد، لهذا فإن أدوار الشر هى سر نجاحى.

 شىء ممل أن يؤدى الممثل 

شخصية واحدة

آمال: هل التخصص ينبغى أن يكون سمة للفنان؟

- عادل أدهم: هل هذا يعنى أن أؤدى دور العسكرى أو المحضر طوال عمرى من المؤكد أن هذا لن يكون فنًا وأعلم أن هناك ممثلًا أدى شخصية هاملت لمدة عشرين عامًا، وأعتقد أنه شخص مجنون لأنه شىء ممل أن يؤدى الممثل شخصية واحدة على المسرح بشكل يومى لعدة سنوات، والجميل فى الفن هو التجديد وتقديم الجديد كلما حانت الفرصة، وأنا تُعرض عليَّ أدوار مشابهة وأقبلها لأضيف إليها وأبتدع ملامح جديدة وأبعادًا أخرى للشخصية.

 آمال: من الذى تتخذه نموذجًا وقدوة فى تمثيل أدوار الشر؟

- عادل أدهم: الكثير من الممثلين يعتبرون نموذجًا فى هذا المجال، فهناك عائلة تسمى «مورجانز» كانت شابين وفتاة أشقاء، وهناك بيتى ديفيز وجوان كرافود وفيدريك مارس وأدوار جيريبنسون وتشارلز لوتن وغيرهم فى السينما الأمريكية القديمة، أما فى السينما الأمريكية الحديثة فهناك رود شتايجر وبيرتن وريتشار هاريس، لكن أريد أن أقول إن التأثير المباشر غير موجود عندى، فأنا أسعد بمشاهدة هؤلاء الممثلين وأستفيد منهم، ويمكن أن أقول أننى اختزنت منهم أشياء أحببتها فيهم واستمتعت بها لكننى لم أتأثر بهم بشكل مباشر.

آمال: ما هى الظروف التى جعلتك تحلق شعر رأسك كله وهى فعلة نادرة لا يجرؤ الكثير من الفنانين على فعلها؟

- عادل أدهم: بداية أنا لم أؤدِ طوال حياتى دور الشاب الوسيم الرومانسى، وكما هو معروف فإنى أؤدى أدوار الشر وذات يوم عرض عليّ دور اعتبرته تاريخًا ولم أكن أستطيع رفضه، وكان هذا الدور يتطلب أن أحلق شعر رأسى كاملًا فلم أتردد وحلقته فورًا بعد أن رفضت ارتداء الطاقية الكاوتشوك التى أصابتنى بصداع رهيب بعد دقائق قليلة وأصررت على أداء الدور بطبيعتى.

آمال: الفنانة زيزى البدراوى فعلت نفس الشىء فى يوم من الأيام لكنى أذكر أن فاتن حمامة عرض عليها دور كانت ستبدو فيه شريرة جدًا إلى حد أنه بعد انتهاء الفيلم فقد تترك فى نفس المشاهد إحساسًا بالكراهية وقد رفضت فاتن حمامة هذه الشخصية.. فهل هى على حق؟

- عادل أدهم: هناك مفهوم قديم لذلك، لكن أعلم تمام العلم أن الجمهور على وعى وعلى فهم وأنه يدرك أنها شخصيات نؤديها وأن الأمر كله مجرد تمثل، وأنا رغم أدوار الشر التى أؤديها؛ فإننى أعلم تمامًا الجمهور لم يكرهنى على الرغم من عدد الشخصيات الشريرة التى قدمتها، وأنا لا أرى أن الجمهور يكره من يقدم أدوار الشر أو يحب من يقدم أدوار الخير، فلم يعد الجمهور الحالى هو الجمهور الذى يصدق الكذب الذى نقدمه له، فنحن نكذب بصدق والناس تصدق كذبنا وتحسه وتفهمه، فلا يجب أن نغفل أننا نخاطب الآن جمهورًا مثقفًا يقرأ ويطلع ولم تعد المفاهيم القديمة تسيطر عليه لدرجة أن الأطفال يناقشوننى فيما أقدم ويرشدوننى إلى إيجابياتى وسلبياتى.

أنا طيب جدًا وعاطفى جدًا

آمال: ذات يوم حدثنى المخرج حسام الدين مصطفى عنك فقال لى ملاحظة وهى أنه يجب على من يدير مناقشة مع أدهم فعليه أن يركز فى عينيه وأن عينى عادل أدهم تخاصمان الطبيعة.. هل هذا صحيح؟

- عادل أدهم: هذا صحيح فى العمل فقط.

 آمال: وماذا عن حياتك الشخصية.. هل أنت طيب فيها؟

- عادل أدهم: طيب جدًا وعاطفى جدًا وأحمد الله على ذلك.

آمال: ما الذى يبكى عادل أدهم؟

- عادل أدهم: الكثير من الأشياء والمواقف تبكينى، وقد أبكى حينما أرى شخصين لا أعرفهما وهما يودعان بعضهما، وأيضًا تبكينى مشاهد الأمومة ومشاهد الصدق والطيبة والإنسانية وحتى مشاهد الحيوانات الضعيفة.

 آمال: ألاحظ أنك ترى فى الحياة نفسها نوعًا من الفن؟

- عادل أدهم: أرى فى كل شخص نموذجًا فنيًا مختلفًا، فكل شخص له شكل خاص، وكل البشر مختلفون اختلاف بصمات الأصابع، وهذه وحدها تمثل لى متعة لدرجة أننى أجلس فى المقاهى لأشاهد السائرين والباعة فى الشارع وكل واحد منهم يمثل لى تابلوهًا فنيًا حيًا يسير على قدمين.

لا أحد يُولَد مجرمًا

 آمال: إذا توقفنا عند التابلوهات الحياة التى تشير للإجرام.. هل ترى أن الإجرام تسبقه ظروف؟

- عادل أدهم: المجرم عندى معذور، فأنا أعطى المجرم أعذارًا لأنه لا يوجد شخص فى العالم يريد أن يكون مجرمًا؛ بل هناك ظروف بيئة وتربية ومعاناة فى الحياة وضغوط معينة تدفع هذا الإنسان المولود كالصفحة البيضاء إلى هذا الطريق، فيجب أن ننظر إلى ماضيه وتربيته وبيئته ووالديه وما عانته وما عاشه وما تعامل به ووقتها ستظهر لنا العوامل التى تؤدى للإجرام لكنّ أحدًا لا يولد مجرمًا.

آمال: ما أقصى أدوار الشر التى قدمتها؟

- عادل أدهم: هناك أكثر من شخصية معروفة للجميع.

آمال: ما قدر دور المخرج وأنت تؤدى أدوار الشر مع العلم أن الفنان محمود المليجى قال لى إنه من الصعب أن يتدخل المخرج فى الشخصية الشريرة لأنها العالم المبدع الشخصى للفنان.. فهل هذا صحيح؟

- عادل أدهم: مع احترامى لمحمود المليجى فإن كل العناصر تتدخل فى الشخصية، فأنا قبل أن أقوم بالدور أذهب إلى الكاتب وأتحدث معه عن هذه الشخصية وعاداتها وبيئتها وحالاتها النفسية وهكذا، فكل عناصر العمل يمكن أن تؤثر فى الشخصيات.

 آمال: ذكرت كلمة البيئة كثيرًا فى حديثنا.. فلماذا؟

- عادل أدهم: كل أنماط الحياة وكل نمط إنسانى هو إفراز البيئة ولا يوجد أى نمط مفصول عن البيئة، فأنا حينما قدمت دور الجزار فى (السلخانة) تعايشت مع الجزارين وعلمونى كيف يعملون وماذا يلبسون وقاموا بتدريبى على أعمال الجزارة وكيف أمسك بالسكين. وحينما قدمت دور البرنس فى (وداد الغازية) ذهبت إلى دار الهلال إلى صديقى مرسى الشافعى وطلبت مساعدته لمنحى كل ما يخص شخصية البرنس «يوسف كمال» فأعطانى 28 صورة تمثل حياة هذا الرجل وأيضًا سألت عنه من عاشوا معه ومن يعرفون عاداته وتصرفاته واستطعت تجميع الشخصية.

أغتسل بدش بارد من الشخصية

 آمال: هل تعتقد أن الفنان فى أدائه لكل شخصية جديدة يجب أن ينسى ما فات؟

- عادل أدهم: هو بالفعل يجب أن ينسى كل ما فات، وأنا كنت أفعل شيئًا غريبًا وهو أننى كنت بالفعل أغتسل بدش بارد من الشخصية التى أؤديها وأعود إلى شخصية عادل أدهم وأبدأ فى منح نفسى ما تحبه فأذهب إلى الأماكن التى أحبها؛ خصوصًا أماكن الطفولة فى الإسكندرية وأقضى عدة أيام مع أمى قبل أن أعود لأبدأ فى عمل الدور الجديد.

آمال: الموسيقار محمد عبدالوهاب كان يقول إنه حينما يبدأ فى لحن جديد فلا بُد أن ينسى ما فات من ألحان..

- عادل أدهم: هذا لا شك فيه.

 آمال: مَن يطربك من الأصوات؟

- عادل أدهم: محمد عبدالوهاب طبعًا هو مطربى المفضل؛ خصوصًا فى أغنياته القديمة وأم كلثوم وعبدالحليم.

آمال: ما الذى يلفت نظرك فى صوت عبدالحليم حافظ؟

- عادل أدهم: الصدق والأداء التمثيلى فى أغنياته، فهو لم يكن يغنى بجودة الصوت فقط بل كان يؤدى أغنياته بإحساس رائع.

 آمال: خلال فترة عملك فى تجارة القطن مَن كان من نجومك المفضلين؟

- عادل أدهم: كنت خلال هذه الفترة بعيدًا عن الفن تمامًا وكنت أعيش فى الإسكندرية لكنى كنت أسافر إلى القاهرة لأشاهد مسرحيات الريحانى وكان هذا يحدث مرتين كل عام.

 ندمت على عملى بالمسرح

 آمال: هل سبق لك العمل بالمسرح؟

- عادل أدهم: عملت فى المسرح مرة واحدة لكنى ندمت عليها، فالمسرح يأخذ ولا يعطى، وكانت المسرحية هى (وداد الغازية) وشعرت خلالها بمرارة غير عادية، فالمسرح فى العالم يدفع مَبالغ مهولة للممثلين لأن الفنان يعيش للمسرح ويعيش بشكل منعم جدًا، فالمسرح قتل للفنان لأنه يُحمّله مسئولية مواجهة الناس وتكون تصرفاته محسوبة عليه، والمسرح ممنوع فيه المرض، ولهذا فكل تصرفات الممثل المسرحى مراقبة، وقد استمررت فى العمل حتى أصبت بنزلة شعبية وكنت أتناول الكثير من الأدوية دون أن أتمكن من الحصول على إجازات، وأنا فى رأيى أن من يعمل بالسينما فمن الصعب جدًا أن يتركها ويتجه للعمل بالمسرح، وبشكل عام فإن السينما تخطف النجوم الكبار أمثال نور الشريف ومحمود ياسين وغيرهما من الأساتذة الكبار.

 الحالة النفسية للفنان تؤثر على حياته الفنية

 آمال: ما رأيك فى مستوى صديقك الحميم رشدى أباظة؟

- عادل أدهم: أقول بكل ثقة إن كل الفرص التى حصل عليها عمر الشريف كان من الممكن أن يحصل عليها رشدى أباظة فى عدة دول مثل إيطاليا وفرنسا وإنجلترا وأمريكا، ورشدى أباظة فلاح مرتبط بالأرض ولا يحب أن يترك مصر وهو يستطيع أن يؤدى كل الأدوار لكنه كان مقصرًا فى صحته.

 آمال: هل تجور حياة الإنسان الشخصية على حياته كفنان؟

- عادل أدهم: هذا مؤكد، وهو يتوقف على كيفية معاملة الفنان لنفسه وحالته النفسية فى بيته وحالته الصحية، فكل هذا يؤثر على الحياة الفنية للفنان، فهو يجب أن يعتنى بنفسه عناية غير عادية.

 آمال: انتقل فريد شوقى من أدوار الشر إلى أدوار الخير.. فإلى أى مدى أفادته هذه النقلة؟

- عادل أدهم: الحقيقة هو تأخر فيها، فقد طلبتُ منه أن يفعل ذلك منذ سنوات طويلة فغضب منّى، قلت له إنه ممثل قدير وأستاذ كبير ولا بُد أن ينتقل لنوعية أخرى من الأدوار، وكان حوله بعض الناس الذين ترجموا له كلامى بشكل خطأ، وهو رجل طيب فصدّق كلامَهم لكن الآن هو يؤكد أنه أخطأ بعدم سماع نصيحتى، وهذه النقلة جعلت منه فريد شوقى جديدًا.

 المليجى تساهل فى نفسه

 آمال: لنتوقف قليلاً عند أدوار الشر ونجومها وأسألك عن محمود المليجى؟

- عادل أدهم: أستاذ كبير، لكن يعيبه أنه تساهَل فى نفسه، فقد كان كريمًا فى قبول الأدوار، فكان يقبل الأدوار خجلاً من أصدقائه الممثلين ولهذا فقد كان يؤدى أدوارًا لا تليق به كأستاذ فى فن التمثيل.

 آمال: مَن مِن الفنانين الشبان يؤدى أدوار الشر بنجاح؟

- عادل أدهم: عندنا طاقات كبيرة تنتظر أن تحصل على فرصتها، وهناك شخصيات أخرى تستحق التعليق، مثلًا يوسف شعبان ملامحه طيبة ولا تساعده على أداء الشر، وزين العشماوى لم أرَ له أعمالاً تشير إلى إمكانية أن يكون نجمًا فى أدوار الشر، أمّا محيى إسماعيل فهو قادر على أداء أدوار الشر الكلاسيكية، أمّا نجم النجوم فى أدوار الشر فهو توفيق الدقن الذى أدى كل الأدوار.

أكره مدعى الفن وتُجَّاره

 

آمال: ماذا تكره فى الفن؟

- عادل أدهم: أكره مُدعى الفن وتُجّاره.

 آمال: وماذا تكره فى المرأة؟

- عادل أدهم: لا أكره أى شىء فى المرأة.

 آمال: وماذا تكره فى الزواج؟

- عادل أدهم: لو تم الزواج على غير وفاق أو غير فهم فيجعل الحياة جحيمًا أمّا لو كان على فهم فيه تتحول الحياة إلى جنة.

آمال: ماذا تكره فى الصداقة؟

- عادل أدهم: حمْلها الثقيل.

آمال: ماذا تكره فى الإنتاج السينمائى

- عادل أدهم: أكره مَن يعملون بالإنتاج الفنى وما هم إلا تجار للفن بلا فهم ولا إحساس.

 

آمال: ماذا تكره فى كُتّاب الحوار للسينما العربية؟

- عادل أدهم: كثرة الكلام، فهم يستغلون ثراء اللغة العربية فى زيادة الكلام.

 آمال: وماذا تكره فى مخرجى السينما الشبان؟

- عادل أدهم: استعجال النجاح، وهذا ينطبق على كل المخرجين الجُدد.

آمال: قال لى كمال الشيخ إن المخرج السينمائى الجديد تسيطر عليه الآلة وليس العكس.. فهل هذا صحيح؟

- عادل أدهم: الحقيقة أن مَن يجلس وراء الآلة هو الأهم.

لا جديد ولا قديم

آمال: هل تعتقد أن كمال الشيخ وحسام الدين مصطفى وحسن الإمام لهم بدائل من المخرجين الشبان أمْ أن هذا الجيل لن يتكرر؟

- عادل أدهم: لا جديد بلا قديم، فهؤلاء هم الأساتذة الذين علموا الجديد وساعدوهم، والجُدد يمكن أن يضيفوا الجديد على قديم تعلموه ومارسوه، وفرصة الجديد كانت فى عملهم كمساعدين لجيل العمالقة فقد اكتسبوا الخبرة وبها يمكن أن يبدعوا بأنفسهم، لكنى أعيب على معظمهم زيادة التكنيك لدرجة أنه يُفقد السّرد استمراره.

 آمال: هل هذا ينطبق على كلام النقاد الذين وصفوا يوسف شاهين بأنه يعمل مجرد لوحات ناجحة لا رابط بينها؟

- عادل أدهم: للأسف أنا لم أعمل معه مطلقًا لكنى رأيت له فيلم (باب الحديد) وتمنيت أن أؤدى هذا الدور لأنى لم أرَ فيه بائع الجرائد ولم ينجح فى تقديمه، فأنا ابن بلد وأعرف كيف يكون بائع الجرائد.

آمال: لِمَ تأخرت فى دخول عالم السينما؟

- عادل أدهم: بدأت العمل فى السينما فى سن 33 سنة، وذلك بعد أن عملت كموظف صغير وكنت أتقاضى 15 جنيهًا فى الشهر وعانيت وكافحت وتعايشت مع الناس إلى أن أصبحت خبير أقطان فتأخر اكتشافى الفنى.

آمال: هل أنت نتاج ثقافة أمْ تجارب فى الحياة أمْ تجربة فى الفن؟

- عادل أدهم: أنا نتاج تجارب فى الحياة، والفنان تكبر قيمته كلما زادت تجاربه فى الحياة، وبخاصة المخرج بالتحديد؛ لأنه لا بُد أن يعيش ويرى ويسافر كثيرًا ويتعايش مع كل أنماط الناس ويرى بيئات مختلفة لكن مَن يخرج من الكتب فمن الصعب أن ينجح لأنه لا بُد أن يتعايش مع الحياة.

 

آمال: هل تعتقد أنه بإمكان السينما العربية أن تصبح سينما عالمية؟

- عادل أدهم: هذا سيحدث لو تم تطعيمها بعناصر عالمية، وكان الفيلم المصرى ناطقًا بلغة عالمية  وتغير الحدوتة المصرية عن الحدوتة التقليدية للولد والبنت وعشة الفراخ وعم حسن والست سنية وأن تقدم مواضيع عالمية ومشاكل عالمية وتدعم بنجوم عالميين لجذب الجمهور، ومن خلال ذلك فسيكون عندنا نجوم تجعل المُشاهد العالمى يشعر بنا.

لا أخاف إلا من غضب الله

آمال: تعلن دائمًا إعجابك بصوت محمد قنديل.. فلماذا تتوقف عنده بالتحديد؟

- عادل أدهم: أنا معجب جدًا بهذا الفنان، فصوته فيه فرح وهو يخاطب نفس ابن البلد ابن مصر.

 آمال: ماذا يتبقى فى عقلك من الإسكندرية؟

- عادل أدهم: كل شىء فيها مُخزن فى عقلى، كل العادات وكل الناس والبحر الذى تربيت على شاطئه وأيضًا الأحياء الشعبية السكندرية.

آمال: مِمَ يخاف عادل أدهم؟

- عادل أدهم: لا أخاف إلا من غضب الله.

آمال: عادل أدهم ممثل أدوار الشر.. هل عطاؤه فى الخير كبير؟

- عادل أدهم: أفعل الخير بقَدر ما أستطيع.

 آمال: هل لديك أقوال أخرى؟

- عادل أدهم: ليس لدىّّ سوى أن عادل أدهم عاش صبابا الفن.