الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الأبوة فى ثوبها المثالى مع Fatherhood

الواقع والمتعارف عليه يقرّ بأن الأمَّ هى المسئولة الأولى عن رضيعها من مأكل ومشرب وتغيير حفّاضات وسهر طوال الليل لرعايته، مما يتطلب طاقة صبر يقال إنها حكر على الأم فقط، وتحتاج تلك المسئولية أيضًا إلى عواطف جياشة وحنان ورعاية ممكن أن تصل لأربع وعشرين ساعة يوميًا، يُتهم الرجل دومًا أنها مسئولية لا يستطيع تحمُّلها.



 

لكن تخيل معى لو توفيت الأم بعد الولادة فمَن سيتحمل عبئًا كهذا ومسئولية كتلك، ومن سيطيق رضيعة تصرخ طوال اليوم فى أسابيعها الأولى وتحتاج لطعام وتغيير حفّاضات وغناء حتى تنام، رعاية وصبر متواصل ليس فقط لأسبوع أو اثنين بل لسنوات، هل الأب قادر على تلك الوظيفة التى تعتبر full time job؟، سؤال مهم يطرحه فيلم (Fatherhood) الذى يُعرض على منصة نيتفليكس، كيف يتعامل الأب مع كل تلك المهام، هل سينجح وفى ذات الوقت يحقق نجاحات مهنية، هل سيقدر على مواجهة كل ذلك؟ رحلة طويلة وشاقة خاضها الأب «مات» وحده باختياره هو، وصفها بالمعاناة تكبّدها هو ورضيعته «مادلين» وصمم على إنجاحها، بالرغم من افتقاده القدوة التى يسير على دربها لينجح فى مهمته فيعرف الذى يجب عليه القيام به لكنه على الأقل يعلم جيدًا ما لا يجب عليه القيام به، ومن هنا بدأت رحلته وجاءت قراراته التى كانت لابنته الأولوية فى جميعها.

ما يضفى على ذلك العمل الفنى ذى القالب الدرامى القائم على حبكة الأزمة والحل، حالة التماهى مع الأب فى كل ما يمر به من صدمات وصعوبات ومعاناة ومشاعر مشوشة فى بعض الأحيان، هما عنصران مهمان اعتمد عليهما (Fatherhood)، أولهما الأداء التمثيلى الصادق لـ«كيفن هارت» فى دور الأب «مات» الأب الذى يُتهم ممن حوله بعدم النضج وتحمُّل المسئولية وتطوّر شخصيته إلى أن يختار مواجهة الموقف الصعب الذى بصدده ويكون على قدر صعوبته، فيتحول لشخص مسئول جاد يحاول التوفيق بين رعايته لرضيعته وبين عمله، كل ذلك تعايشنا معه ومنا من تخيل نفسه «مات»، شعر بحزنه وكسرته ثم حماسه ومعاناته وصولاً لنجاحه وسعادته، مَشاعر مختلفة نقلها لنا «مات» باحتراف وسلاسة وصدق يناسب كل إحساس مَرّ عليه كأب أعزب مع طفلة لا يتعدى عمرها أيامًا.

أمّا العنصر الآخر فهى الموسيقى التصويرية التى لعبت دورًا ملموسًا فى تجسيد تلك الحالة ومعايشة المشاهد لها؛ حيث تسمع البيانو والآلات الوترية فى مَشاهد الحزن على وفاة زوجته ثم دق الطبول مع مزجها بالبيانو فى مَشاهد حماس الأب لتربية ابنته ثم تهدأ الموسيقى مرة أخرى فى لحظات فراقه لابنته مما يجعلك كمُشاهد تحزن لحزنه وتسعد بفرحه وتتألم له.

لكن هل تلك الرحلة المتوّجة بالنجاح يمكن أن تلغى قدسية الأم وأهميتها فى نشأة أطفالها، بالطبع لا؛ لأن ما رآه «مات» فى تربية ابنته كـ«معاناة» تعيشه الأم بصبر وحب ورضاء وتراه أهم نعمة وفرحة بالحياة.