الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

اتفاق علنى.. واختلاف ضمنى: ملفات عالمية شائكة على طاولة «قمة السبع»!

 زادت نسبة التحديات التى واجهتها المجموعة، حتى ظهرت جائحة كورونا، التى أجلت قمة (G7) لعام 2020.. واجتمع قادة مجموعة الدول الصناعية السبع (G7) يوم الجمعة الماضي، فى «كورنوال» بالمملكة المتحدة، فى قمتهم الأولى منذ تفشى فيروس كورونا.



كان الهدف من اجتماع هذا العام، هو التركيز على التحديات العالمية، بما فى ذلك: الوباء واللقاح، وتغيُّر المناخ، والتهديدات التى تلحق بالديمقراطية، بالإضافة إلى الاهتمامات الاقتصادية.

وإلى جانب التحدى الروسي، اتفق المحللون السياسيون الغربيون أن «الصين» أيضًا صارت تشكل تهديدًا ثلاثى الأبعاد لدول مجموعة السبع (اقتصاديًا، وأيديولوجيًا، وجيوسياسيًا). ناهيك عن مخاوف المجموعة من مبادرة الحزام والطريق (BRI)، وتأثير «بكين» على البلدان النامية.

الرحلة الخارجية الأولى لبايدن

تمثل هذه القمة، الرحلة الخارجية الأولى للرئيس الأمريكى الحالى «جو بايدن»، الذى وعد بإعادة وإصلاح تحالفات «الولايات المتحدة»، خاصة مع «الاتحاد الأوروبي».

 وفى الوقت الذى بدت فيه صور القمة إيجابية  جدًا، إلا أن للمحللين السياسيين الغربيين رأيًا آخر.. إذ جاء اجتماع هذا العام بعد فترة من الاحتكاك بين الدول الغربية، ويرجع ذلك -إلى حد كبير- إلى تصرفات الرئيس الأمريكى السابق «دونالد ترامب»، الذى كان له حضور مزعج فى اجتماعات مجموعة السبع من 2017 إلى 2019.

كانت الانتقادات قد أحاطت بـ«ترامب» فى قمة (G7) عام 2017، بعد أن رفض إعادة إلزام «الولايات المتحدة» بـ(اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015). كما أشعل الرئيس الأمريكى السابق -قبلها- غضب المستشارة الألمانية «آنجيلا ميركل»، وقادة «الاتحاد الأوروبي» فى «بروكسل»، أثناء حضور قمة (الناتو)، إثر انتقاده للفائض التجارى لألمانيا، وهدد بمنع واردات «الولايات المتحدة» من السيارات الألمانية. 

ومن المعروف أن مجموعة السبع، هى منتدى سياسى حكومي، يتألف من الدول الصناعية، وهى: «الولايات المتحدة، وكندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة»، التى يجتمع قادتها سنويًا، من أجل مناقشة القضايا الدولية المهمة. ويقول عنها مؤيدوها، إن أعضاء المنتدى الصغير، والمتجانسين نسبيًا، يعززون صنع القرار الجماعي؛ فيما يشير منتقدوها إلى افتقار المجموعة –غالبًا- إلى المتابعة، منددين باستبعاد المنتدى للقوى الناشئة المهمة على المسرح الدولي.

وفى السطور التالية، نرصد المستوى الأول من قراءة القمة المؤجلة والتى ظهرت فى صور التوافق بين الزعماء، كما نتطرق أيضًا إلى ما وراء تلك الصورة.. فضلا عن آراء المحللين السياسيين حول طبيعة القرارات الصادرة. 

الصورة الإيجابية لقمة (G7)

بعيدًا عما صوّرته الكاميرات من ترحاب وتوافق بين القادة، أصدرت القمة بيانًا أوضحت فيه جدول الأعمال المشترك، الذى اتفقت عليه دول (G7)، للعمل العالمي، ومنها:

وضع حد للوباء، من خلال توفير أكبر عدد ممكن من اللقاحات الآمنة، لأكبر عدد ممكن من الناس فى أسرع وقت ممكن.

وإعادة تنشيط اقتصادات دول (G7) من خلال دفع خطط التعافي، التى تعتمد على 12 تريليون دولار من الدعم، الذى وضعوه خلال الوباء، مع خطط تخلق فرص عمل جديدة، وتستثمر فى البنية التحتية، وتحفز الابتكار. بالإضافة إلى تأمين الازدهار المستقبلى من خلال الدفاع عن تجارة أكثر حرية، وإنصافًا، تضمن نظامًا تجاريًا يتم إصلاحه، واقتصادًا عالميًا أكثر مرونة، ونظامًا ضريبيًا عالميًا أكثر عدلًا.

كما أصدر الرئيس «بايدن»، وحلفاؤه من القادة الغربيين إعلانًا حول سلوك الحكومتين (الروسية، والصينية) يوم الأحد الماضي، انتقدوا فيه «بكين» بسبب قمعها الداخلي، وتعهدوا بالتحقيق فى أصول الوباء؛ كما انتقدوا «موسكو» لاستخدامها الأسلحة السيبرانية. أما المثير،  فكان ما نشرته جريدة «فاينانشال تايمز»، بأن زعماء (G7) دعّموا مشروعًا منافسًا لـ(مبادرة الحزام والطريق) الصينية فى يوم الأحد الماضي، عبر رسم خطة لجمع مليارات الدولارات، من أجل مساعدة الدول النامية فى معالجة تغيُّر المناخ. 

وأضافت أن «بايدن» قاد دعوات مؤيدة، من أجل منح البلدان الفقيرة مصدرًا جديدًا لتمويل البنية التحتية، وتوفير بديل للقروض الصينية، والتى يُنظر إليها فى الغرب على أنها أداة لنشر نفوذ «بكين».

كما أكدت أن القادة اتفقوا على ما أسماه رئيس الوزراء البريطانى «بوريس جونسون»، خطة (الحزام الأخضر والطريق)، التى تقوم فيه الدول الأكثر ثراءً بتمويل خطط تقلل انبعاثات الكربون.

وعلقت الجريدة أن «جونسون» أراد التركيز على دعم (المبادرات الخضراء)، وكان حذرًا من تقديم المبادرة على أنها جهد مناهض للصين. على عكس «البيت الأبيض» الذى كان صريحًا بشأن رغبته فى توفير ثقل موازن لنفوذ «الصين».

وبناء على هذه الخطة، فمن المفترض أن تقوم مجموعة السبع بالتخلص التدريجى من سيارات البنزين، والديزل، وإغلاق جميع محطات الفحم، التى لا تستخدم تكنولوجيا احتجاز الانبعاثات فى أسرع وقت ممكن. كما تعهدوا بحماية 30% من أراضى ومحيطات الكوكب بحلول عام 2030.

ما وراء الصورة الإيجابية

فى البداية، انتقدت «الصين» أعضاء مجموعة السبعة بشكل عام، و«الولايات المتحدة» بشكل خاص، بحجة أن (التعددية الحقيقية) تقوم على أساس «الأمم المتحدة». وقال المتحدث باسم السفارة الصينية فى «لندن»، إن: «الأيام التى كانت تملى فيها القرارات العالمية، من قبل مجموعة صغيرة من الدول، قد ولت».

ومن جانبها، انتقدت الجماعات البيئية أيضًا عدم وجود تفاصيل حول كيفية تمويل خطة حماية البيئة وتشغيلها، ما دفع البعض إلى التحذير من أنها ليست أكثر من مجرد وعود فارغة.

فيما قال أحد المسئولين، الذين كانوا يراقبون المناقشات، لجريدة «فاينانشال تايمز»: «لقد كان هناك قصور فى التفاصيل، حول كيفية تحقيق بعض الأهداف».

كما علقت جريدة «نيويورك تايمز»، بأنه فى ختام اجتماع القمة، حاول القادة تقديم جبهة موحدة، ضد مجموعة من التهديدات. لكنهم، اختلفوا بشأن القضايا الحاسمة، من الجداول الزمنية، لوقف حرق الفحم، بالإضافة إلى عدم وضوح تفاصيل تخصيص مئات المليارات من الدولارات كمساعدات لتحدى (مبادرة الحزام والطريق) الصينية، والاستثمار الخارجى الصيني.

أما موقع (BBC) فأشار إلى زاوية أخرى للقمة، وهى الانقسامات الداخلية؛ إذ أوضح أنه فى الوقت الذى أشاد فيه رئيس الوزراء البريطانى «جونسون»، بنتائج القمة، كان يخوض تصعيدًا دبلوماسيًا، حول «أيرلندا الشمالية»، التى كانت محور المفاوضات المتوترة بين «بريطانيا»، و«الاتحاد الأوروبي»، فيما يخص قواعد التجارة، بعد خروج «بريطانيا» من «الاتحاد الأوروبي».

رؤية المحللين السياسيين للقمة

علق المحللان السياسيان بجريدة «نيويورك تايمز»، «ديفيد إيه. سانجر، ومايكل دى شير»، أن الجلسة احتوت على إيحاءات واضحة للحرب الباردة، وأظهرت انعكاسًا للشعور العميق، بأن «روسيا» المتراجعة، و«الصين» الصاعدة، يشكلان كتلة معادية تتحدى الغرب. 

وأضافا أنه رغم نجاح «بايدن» فى دفع نظائره إلى تبنى موقف أكثر عدوانية ضد الأنظمة التى وصفها بـ(الاستبدادية)، فإن المجموعة فشلت فى التوصل إلى اتفاق بشأن الأجزاء الرئيسية من أجندة السياسة الخارجية المبكرة للرئيس الأمريكي.

وفيما يخص تأثير قمة (G7) بشكل عام، فقد اتفق عدد من المحللين، أن الانقسامات الداخلية للمجموعة، أدت إلى تراجع الديناميكيات الخارجية فى التأثير العالمى لمجموعة السبع. فيما جادل البعض، بأنه دون «الصين»، والقوى العالمية الناشئة الأخرى، فإن المجموعة ستفتقر إلى الأهمية مع الوقت..فقد كتب الباحثان «جيم أونييل، و أليسيو تيرزي» بمعهد الأبحاث الأوروبى (بروجل)، أن مجموعة (G7)، فى وضعها الحالي، لم يعد لديها سبب للوجود، ويجب استبدالها بمجموعة من البلدان بعدد أكبر لتصبح مؤثرة.

فيما رأى العديد من المحللين أيضًا، أن قوة ومكانة مجموعة العشرين (G20) - وهى منتدى لوزراء المالية، ومحافظى البنوك المركزية من تسعة عشر بلدًا من أكبر دول العالم، بالإضافة إلى «الاتحاد الأوروبي» - قد تجاوزت قوة مجموعة السبع (G7)، لأن مجموعة (G20) تشمل القوى الناشئة، بما فى ذلك: «البرازيل، والصين، والهند، والمكسيك، وجنوب إفريقيا، وروسيا». ناهيك عن الدول الأعضاء فى مجموعة العشرين تمثل حوالى 80% من الناتج المحلى الإجمالى العالمي، وثلاثة أخماس سكان العالم.

ومع ذلك، رأى مدير (برنامج المؤسسات الدولية، والحوكمة العالمية)، الباحث «سيوارت إم. باتريك» إن مجموعة السبع لا تزال تتمتع بقيمة، لأن جميع الدول الأعضاء تتصارع فى قضايا مماثلة، ويتشابهون فى الرأى والتفكير.