الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«اللى باقى من صحابى».. غنوة «جريئة» من خارج قاموس «منير» الغنائى

من يتابع الأعمال الغنائية بشكل جيد فى السنوات الأخيرة سيجد أن هناك انتشارًا ملحوظًا للمواضيع المتعلقة بأمور «الصداقة» فى الأغنية المصرية.



ففى فئة الأغانى المسماة بـ«الشعبية»، وأيضًا أغانى «المهرجانات» سنجد عشرات الأغانى تتحدث عن «غدر وخيانة الصحاب».

 

حتى فى أغانى الراب على سبيل المثال لـ«زاب ثروت» مع «طارق الشيخ»، أو حتى فى فئة أغانى البوب لنجمها الأبرز «عمرو دياب» والذى تحدث عن مفهوم الصداقة بشكل إيجابى فى الحملة الدعائية التى قدمها لصالح شركة من شركات الاتصالات بعنوان (جمع حبايبك).

كل هذه الأعمال تؤكد أن تفاصيل علاقة الصداقة من أهم الأمور التى تشغل قطاعات كبيرة من المستمعين، ربما لأن الصديق هو شخص يتم اختياره بمحض الإرادة، فهو ليس من الأقارب الذين يفرضون علينا بحكم صلة الرحم، ولذلك انتهاء أى علاقة صداقة لأى سبب من الأسباب يكون واقعه فى التأثير شديد الألم لأنه يعبر عن مدى فشل الشخص فى كيفية اختيار شريك الأوقات السعيدة، كما أنه يجعل الإنسان يشك فى قدرته على اتخاذ القرارات بشكل صحيح، فهل بعد أن أخفق فى اختيار صديق له، سيستطيع أن يتخذ أى قرارات مصيرية أخرى بشكل صحيح؟!

أفضل الأغانى التى تحدثت عن تفاصيل هذه العلاقة هى (اللى باقى من صحابي) الصادرة حديثًا للفنان «محمد منير»، وإذا كان لكل أغنية بطل رئيسى يكون سببًا فى نجاحها، فهذه الأغنية بطلها شاعرها «أحمد حسن راؤول»، للعديد من الأسباب:

أولًا المفردات التى كتبها لـ«محمد منير» فى أغنيتى (باب الجمال)، و(اللى باقى من صحابي)، لا تنتمى إلى القاموس الغنائى لـ«الملك»، واستطاع أن يرد إليه شبابه رغم أنه تجاوز الـ«66» من عمره، فاستمعنا إليه وهو يقول «قلبى أتهبل» فى أغنية (باب الجمال)، وهذه المرة فى أغنية (اللى باقى من صحابي) قال «إيه يا بارد.. إيه يا جامد»، وهذا أهم ما يميز «راؤول» أنه لم يقدم أغانىٍ لـ«منير» تشبه منهجه الغنائى الذى بنى عليه مملكته الأسطورية، وقدم لنا وجهًا جديدًا علينا وكأننا نستمع إليه للمرة الأولى!. ثانيا أغلب الأغانى التى استمعت إليها فى السنوات الأخيرة وتحدثت عن مفهوم «الصداقة» كانت تتحدث عن أمور عامة مطلقة، لا تتحدث عن تفاصيل بعينها، ربما تبدو بسيطة، أو حتى «تافهة»، ولكن مثل هذه التفاصيل الصغيرة هى التى تصنع العلاقات المترابطة بين البشر، وهذا ما ناقشته أغنية (اللى باقى من صحابي)، مثل الحديث والإفيهات والضحكات المتبادلة، صور ومقاطع الفيديو التى تجعلنا نشعر بالحنين إلى الماضى،  ذكريات الطفولة ومباريات كرة القدم وركوب الدراجات، ومغازلة الفتيات، والأهم من كل ذلك حديث منير بلسان شباب الجيل الحالى المستخدم لمواقع التواصل الاجتماعى، لكى تعبر هذه الأغنية عن الفترة الزمنية الحالية، وتعطى صورة للأجيال القادمة عندما تستمع إليها لتتعرف على تفاصيل زمن لم يعشيوا فيه، مثل ما حدث معنا فى أغانى «منير» القديمة التى نستمع إليها حاليًا ولم نكن معاصرين لفترة صناعتها، ولكننا اكتشفنا خبايا هذا العالم الذى لم نعشه من خلال صوت «الملك».

أيضًا الملحن «أحمد زعيم» كان متميزًا للغاية فى تلحين الأغنية وخاصة جملة السينيو -الجزء الذى يتكرر- بشكل جعل «منير» يبدو رشيقًا ويغنى فرحًا رغم تناقضات المشاعر التى عبر عنها الشاعر فى كلماته بين الشجن والفرح والحنين إلى الماضى،  وهذا أمر فى غاية الأهمية، لكى تصنف الأغنية ضمن الأغنيات المبهجة، وتكتسب انتشارًا واسعًا ويستمع إليها الجمهور فى التجمعات المختلفة خاصة إذا كانت تتحدث عن العلاقة بين الأصدقاء.

كذلك الموزع «وسام عبدالمنعم»، هو الآخر الذى راع التوجهات الجماهيرية فى الفترة الأخيرة، وصنع توزيعًا موسيقيًا شرقيًا، باستخدام الجيتار والقانون والناى والكى بورد والطبلة، وكان من الجيد عدم سماع الجمل اللحنية التى غناها «منير» فى الفواصل الموسيقية بين الكوبليهات لكسر حالة الملل والتكرار، فهذا لم يحدث إلا قبل نهاية الأغنية، وكانت الموسيقى تكمل ما لم يقله منير بصوته فى «السينيو» الأخير للأغنية، ولذلك كل أضلاع الأغنية تكمل بعضها، لكى تكون من أفضل ما قدم منير فى السنوات الأخيرة، بل بشكل عام فى مسيرته الفنية.