السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

لم تعد «معاداة السامية» تهمة يخشاها العالم: هل بدأ الغرب فى تغيير نظرته للقضية الفلسطينية؟

على مدار الأيام الماضية وتحديدًا منذ 8 مايو الجارى، شهدت القضية الفلسطينية العديد من التغيرات والأحداث الدامية التى واجهها الشعب الفلسطينى الباسل بقوة وشجاعة وأيضًا بابتسامة أهل المقاومة فى مواجهة مئات الاعتقالات من قِبَل قوات الاحتلال الصهيونية، فأصبحت صور ابتسامة الفلسطينيين رمزًا من رموز المقاومة المشروعة فى وجه أفواه البنادق الإسرائيلية.



ورُغم استغلال الحكومة الصهيونية لجميع الأساليب المشروعة وغير المشروعة للدفاع عن قضيتهم بهدف كسب تعاطف المجتمع الدولى لغض البصر عن جرائمهم الشنعاء ضد أبناء فلسطين، ووقوفهم ضد أى صوت يظهر بشاعة أفعالهم من أعمال الإبادة الجماعية والتهجير القصرى تحت ذريعة أعمال «ضد السامية» وضد حقوق اليهود فى العيش والوطن؛ فإن هذه الادعاءات أصبحت غير فعالة أمام شعوب العالم؛ بل اتجه الغرب الآن لحث حكوماته للوقوف أمام قوات الاحتلال الغاشمة ومطالبة محاكمة إسرائيل دوليًا بسبب أفعالها ضد سكان حى «الشيخ جرّاح» واقتحامهم المسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك.. وانضم مشاهير العالم لإعلان مواقفهم ضد بلد الاحتلال الصهيونية ومساندتهم للشعب الفلسطينى دون أن يكترثوا لتهمة «عدو السامية» التى طالما استغلها الصهاينة كدرع منيعة أمام أى صوت ينادى بحقوق الشعب الفلسطينى.

انقسام واشنطن

شهدت الولايات المتحدة الأمريكية انقسامًا داخليًا بين مؤيد ومعارض بعد التصعيد الإسرائيلى فى حى «الشيخ جرّاح» ومحاولة قوات الاحتلال لتهجير سكانه قصريًا بغرض بناء مستوطنات جديدة، وقد وجّه عدد من رموز الحزب الديمقراطى الأمريكى (الذى ينتمى له الرئيس چو بايدن) انتقادات لتل أبيب، وهو ما دفع صحيفة «ذا هيل» الأمريكية لاعتبار الوضع الراهن بمثابة أول مشكلة تتعلق بالسياسة الخارجية لإدارة بايدن.

وأدان عددٌ من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين الممارسات الإسرائيلية بينهم السيناتور إليزابيث وارين، وبيرنى ساندرز والكسندر أوكاسيو ‏كورتيز خطط إسرائيل لطرد العائلات الفلسطينية من حى الشيخ ‏جرّاح فى القدس الشرقية.‏

وقال السيناتور الديموقراطى كريس فان هولين عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ: «إخلاء ‏العائلات فى القدس الشرقية ينتهك القانون الدولى»، وطالب إدارة بايدن بالرد، وكتب على تويتر «إذا كانت ‏إدارة بايدن تضع سيادة القانون وحقوق الإنسان فى صميم سياستها الخارجية فهذه ليست لحظة ‏لتصريحات فاترة».‏

كما شدد السيناتور الديمقراطى بيرنى ساندرز، على ضرورة تغيير الولايات المتحدة مسارها، وتبنّى نهج محايد ضد سياسات الاحتلال الإسرائيلى القمعية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وذلك خلال مقال نشره، فى صحيفة «نيويرك تايمز» الأمريكية، موضحًا أن جملة «حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس» تتردد منذ سنوات فى كل نزاع بين إسرائيل وفلسطين. متسائلاً: «ما هو حق الشعب الفلسطينى؟.. لماذا لم يتم طرح هذا السؤال أبدًا؟.

من جهة أخرى طالب 25 نائبًا بالكونجرس، وزير خارجية بلادهم أنطونى بلينكين، بممارسة ضغوط دبلوماسية على إسرائيل لإيقافها عن تهجير العائلات الفلسطينية، ودعا نواب الكونجرس إلى ضرورة توجيه رسالة دبلوماسية قاسية وفورية إلى إسرائيل، من أجل التوقف عن مخطط تهجير الأسر قسريًا بهذا الأسلوب.

كما أصدرت أكثر من 100 مجموعة تقدمية بيانًا مشتركًا، داعين إدارة بايدن إلى ‏إدانة الحكومة الإسرائيلية بسبب مجموعة من السياسات التى تقول إنها ترقى إلى مستوى «جرائم ‏الحرب» ضد الفلسطينيين.

ودعا بيان المجموعة إلى ضرورة تأكيد واشنطن علنًا على رفضها لسياسات إسرائيل، كما طالبوا سفارة الولايات المتحدة إلى إرسال مراقبين لتوثيق أى عمليات إخلاء تحدث، ‏‏«بما فى ذلك تفاصيل عن الوحدات العسكرية المشاركة فى هذه العمليات واستخدام أى أسلحة أمريكية ‏لأغراض الرقابة والمساءلة» بموجب القانون الفيدرالى.‏

 مظاهرات فلسطينية تجتاح الغرب

وفى مؤشر لتغيير الرأى العام الأوروبى والأمريكى شهدت العديد من العواصم العالمية مظاهرات حاشدة منددة بالعنف الإسرائيلى على الفلسطينيين، وكانت البداية فى العاصمة الأمريكية واشنطن بتنظيم مسيرة حاشدة لدعم فلسطين بدءًا من وزارة الخارجية وصولاً إلى البيت الأبيض؛ حيث احتشد مئات الأشخاص أمام وزارة الخارجية، مردّدين هتافات مناهضة لإدارة الرئيس چو بايدن، ووزارة خارجيته، على خلفية موقفها من الأحداث الأخيرة فى فلسطين.

ومن بين الذين شاركوا فى التحركات، عضوة مجلس النواب الأمريكى، من أصل فلسطينى، رشيدة طليب، التى ألقت كلمة نددت فيها بشدة بالممارسات الإسرائيلية.

كما شهدت مدينة نيويورك الأمريكية تجمع المئات أمام القنصلية الإسرائيلية فى «ميدتاون منهاتن» تعيبرًا عن تضامنهم مع الفلسطينيين فى مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة.

من جهة أخرى شهد عدد من العواصم الأوروبية مسيرات مؤيدة للقضية الفلسطينية، ففى فرنسا نظمت مسيرات فى عدة مدن وكان أكبرها فى العاصمة باريس، وقد وأفاد صحافيون عن وقوع صدامات بين المتظاهرين والشرطة فى شمال العاصمة.

وفى لندن، تظاهر الآلاف دعمًا للفلسطينيين، مطالبين الحكومة البريطانية بالتدخل لوقف العملية العسكرية الإسرائيلية، وفى ألمانيا تظاهر الآلاف فى العاصمة برلين وعدد من المدن الأخرى تلبية لدعوة جماعات مؤيدة للفلسطينيين.

كما شهدت العاصمة الإسبانية مدريد مسيرة تجمّع فيها نحو 2500 شخص داعمين للقضية الفلسطينية فى ساحة «دى سول» رافعين لافتات كتب عليها بعدد من اللغات «ليست حربًا؛ إنها إبادة».

كما قامت المنظمات والمؤسّسات البلچيكية المتضامنة مع فلسطين، بتنظيم وقفة احتجاجية أمام السفارة الإسرائيلية فى العاصمة بروكسل، وطالب المشاركون بضرورة التدخل الأوروبى لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطينى، ولوقف مخططاته العنصرية والخارجة عن القانون الدولى.

كذلك شهدت عدة مدن أسترالية على رأسها سيدنى وملبورن وبيرث، مظاهرات حاشدة تنديدًا بالعدوان الإسرائيلى المتواصل على الأراضى المحتلة، وشارك فى هذه المسيرات عدد من أعضاء البرلمان ومجلس الشيوخ الأسترالى والسياسيين؛ حيث ندد المتظاهرون بـ«جرائم الحرب التى ترتكب بحق الشعب الفلسطينى، والتطهير العرقى فى القدس»، مطالبين الحكومة والبرلمان الأسترالى بـ«الضغط على إسرائيل لوقف العدوان وإلزامها باحترام القانون الدولى والكف عن انتهاك حقوق الإنسان الفلسطينى».

كما جابت المسيرات المناهضة للعدوان الإسرائيلى عددًا آخر من المدن الأوروبية، منها بولندا والنمسا وبلجيكا والبوسنة وسلوفينيا والدنمارك وهولندا وغيرها من الدول.

 تضامن هوليوود

رُغم احتكار اليهود لصناعة الأفلام والميديا الأمريكية؛ فإن عددًا كبيرًا من نجوم هوليوود قد أعلنوا تضامنهم مع القضية الفلسطينية، وكان من أبرزهم المخرج والممثل الأمريكى مارك رافالو، صاحب شخصية (الرجل الأخضر) فى سلسلة مارفل لأفلام الأبطال الخارقين؛ حيث جمع أكثر من 2 مليون توقيع على عريضة تطالب بفرض عقوبة دولية على الاحتلال الإسرائيلى بسبب الهجوم العنيف على الشعب الفلسطينى، مشيرًا إلى أن فرض العقوبات كان سببًا فى تحرير جنوب إفريقيا.

كما تضامن عدد آخر من نجوم هوليوود لحث المجتمع الدولى للوقوف أمام العدوان الإسرائيلى، من أبرزهم فيولا ديفيس التى نشرت سلسلة قصص عرفت فيها بقضية أهالى حى الشيخ جرّاح فى القدس المحتلة، والممثلة لينا هيدى نجمة سلسلة (صراع العروش) الشهيرة، والممثلة الأمريكية الإسرائيلية ناتالى بورتمان، ومغنى الراب الأمريكى سنوب دوغ، والنجمة العالميّة بيرى لارسون، والنجمة العالمية هالزى والممثلة سيندى كيمبرلى والممثلة سوزان ساراندون التى نشرت تغريدات تدين الاعتداءات الإسرائيلية، وجاء فيها: «هذه ليست اشتباكات؛ هذه قوة عسكرية فائقة التسليح تقتل مدنيين لسرقة منازلهم.. هذا احتلال واستعمار».

كما قامت عارضتا الأزياء العالميتان ذاتا الأصول الفلسطينية بيلا وچيچى حديد وشقيقهما أنور، ووالدهما محمد حديد دعم القضية الفلسطينية عبر منصات التواصل الاجتماعى، عبر الإضاءة على جذورهم الفلسطينية.

هذا بالإضافة إلى عدد كبير من نجوم الفن والكرة العالمية الذين تعرّضوا للهجوم بسبب موقفهم مع القضية الفلسطينية، لكنهم لا يزالون يعلنون عبر صفحاتهم الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعى مناهضتهم للعنف الإسرائيلى أمام أطفال وشعب فلسطين.

 حرب السوشيال ميديا

من جهة أخرى حاولت إسرائيل إثارة الرأى العام العالمى عن طريق مواقع التواصل الاجتماعى بعدد من التغريدات والصور التى تم إثبات زيفها؛ حيث نشر المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو على حسابه على موقع التواصل الاجتماعى تويتر، فيديو يزعم أنه يظهر إطلاق حماس صواريخ من مناطق «آهلة بالسكان».

لكن أوضحت شبكة «بى. بى. سى» البريطانية أنه بعد عملية التحقق قام بها فريق الشبكة الإخبارية أثبتت أن هذا الفيديو قديم وتم تصويره فى سوريا، وليس فى غزة.

كما تم تداول فيديو على منصات السوشيال ميديا على نطاق واسع يُزعم أنه لحركة حماس أثناء نقل منصة إطلاق صواريخ متحركة فى أحد شوارع غزة تحت عنوان: «مرة أخرى نرى حماس تستخدم المدنيين كدروع بشرية لقتل اليهود وهم متأكدون أن إسرائيل لن تصعّد حتى لا تعرّض أبرياء للخطر».

لكن تبين بعد تحقيق شبكة «بى. بى. سى» من أن الفيديو قد صُوّر فى مدينة أبو سنان فى منطقة الجليل فى إسرائيل، وأوضح إريك تولر، الباحث البريطانى فى التحقق فى مواد المصدر، أن هذا الفيديو هو لنماذج صواريخ تستخدم فى مناورات عسكرية إسرائيلية.

وفى خطوة للتصدى لهذه الادعاءات الإسرائيلية أعلن سفير فلسطين لدى المملكة المتحدة حسام زملط، أنه قد التقى مع مديرة السياسات العامة فى فيسبوك، ومقرها لندن، إيبيلى أوكوب للإعلان عن غضب بلاده ومناصرى القضية الفلسطينية من استمرار شركة فيسبوك وتحيزها الواضح للرواية الإسرائيلية على حساب الرواية الفلسطينية، وطالبهم فيها بوجوب إصلاح ما أسماه «التحيز الفاضح وبشكل فورى».

ونشر «زملط» على صفحته الرسمية على «فيسبوك»: «تلقينا رسالة اعتذار وإعلان نوايا بتصحيح الأخطاء من إدارة شركة فيس بوك وتويتر وإنستغرام بعد الشكوى الرسمية بخصوص محاباتهم لجرائم الاحتلال.. لا يزال الطريق طويلاً مع الشركات العالمية ومنصات التواصل الاجتماعى...لكن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة».