دورى النقاد..ناهد صلاح: الرهان على التنوع والتجديد
فى مسلسلات رمضان هذا العام تتجاور كل الأفكار والرؤى والألوان الفنية فى مشهد واحد يصنع حالة من التنوع الثرى للدراما، بحيث يمكن الولوج لعوالم هذه المسلسلات دون التوقف عند سيطرة اللون الواحد أو النوع الواحد، بل رؤيتها من زوايا متعددة تفسر المزاج الدرامى، وربما تتواصل مع الأعمال المعروضة فى جموحها لمواجهة تحديات فرضتها ظروف مختلفة من خارج المهنة، مثل جائحة كورونا التى اقتضت تغيرات هائلة فى أساليب العمل وحتى فى أساليب المشاهدة.
نظرة سريعة للحلقات الأولى تُظهر أسماء مؤلفين يثابرون ويستأنفون مشوارهم مع الكتابة فى الدراما التليفزيونية (عبدالرحيم كمال، ناصر عبد الرحمن، مريم نعوم، محمد سليمان عبدالملك وغيرهم)، من ناحية فإنهم يتقنون الصنعة ويرسمون صورة فارقة لمستقبل هذه الدراما، ومن ناحية أخرى يؤكدون فكرة الكتابة كبطل رئيسى، يرسخون الدور الفاعل للكتابة، كما يعزفون على إيقاع التجديد، شكلًا ومضمونًا.
المسلسلات فى غالبيتها مشغولة بملمح جمالى يصوغ الشكل البصرى للمضمون الدرامى، ويشعل التنافس فيما بينها، خصوصًا مع وجود نجوم كبار مثل: يحيى الفخرانى، يسرا، أحمد السقا، محمد رمضان، أحمد عز، هند صبرى، منى زكى، ياسمين عبد العزيز، غادة عبد الرازق، سوسن بدر، نيللى كريم، مصطفى شعبان، عمرو سعد، يوسف الشريف وغيرهم.
كما أنها حملت قضايا متنوعة، فالصعيد مثلًا حاضر على أكثر من منحى، حيث تطالعنا الجغرافيا الصعيدية بمكنوناتها المختلفة، فتظهر فى (موسى) تأليف «ناصر عبد الرحمن»، إخراج «محمد سلامة» على خلفية من الأحداث التاريخية والانعطافات العالمية الكبيرة، وهى غير ما نشهدها في(نسل الأغراب) تأليف وإخراج «محمد سامي»، وغيرها بالمرة فى (النمر) تأليف «محمد صلاح العزب»، إخراج «شيرين عادل»، بينما المعارك مع الإرهاب والتطرف هى محور (الاختيار 2) تأليف «هانى سرحان»، إخراج «بيتر ميمي»، كذلك (القاهرة – كابول) تأليف «عبد الرحيم كمال»، إخراج «حسام علي»، ولا تغيب الحارة الشعبية بأجواء من الأكشن مثلما فى (ملوك الجدعنة) تأليف «عبير سليمان» وإخراج «أحمد خالد موسى»، وحتى إعادة فيلم سينمائى مثل (بين السما والأرض)، قصة «نجيب محفوظ» وإخراج «صلاح أبو سيف»، فى صورة جديدة كتبها «إسلام حافظ» وإخراج «محمد جمال العدل».
بل هناك عودة لمسلسلات الجاسوسية يقدمها (هجمة مرتدة) تأليف «باهر دويدار»، إخراج «أحمد علاء الديب»، غالبًا فى قصص وروايات الجاسوسية والأعمال المخابراتية، كان يتقاطع الخاص بالعام ويقدم قراءة فنية للحظات تاريخية مهمة صنعت بعدًا وطنيًا مهمًا، وللأعمال من هذا النوع حضور خاص فى وجدان الجمهور، فمثلًا من (دموع فى عيون وقحة إلى رأفت الهجان) كان الولع بهذا اللون الدرامى يزيد، بينما نحن هنا أمام عمل بأسلوب جديد، يحمل من الإثارة والتشويق بمضمون مصرى بينما الشكل هوليوودى.
هناك أيضًا البعد الإنسانى الذى بدا قويًا فى عدد من المسلسلات بعيدًا عن المباشرة والتنظير عبر قصص وأحداث تبدو منذ الوهلة الأولى بسيطة وعادية، لكنها لا تنتقص من قيمتها الفنية والجمالية أو من التوغل فى قضايا مفتوحة على تفاصيل متشعبة لواقع مأزوم فقرًا وخوفًا وتسلطًا كما فى (ضل راجل) تأليف «أحمد عبدالفتاح»، إخراج «أحمد صالح»، أو الإيقاع السريع والمشوق لمسلسل (لعبة نيوتن) قصة وإخراج «تامر محسن».
وعلى الرغم من مشاهد العنف التى ظهرت فى الحلقة الأولى لبعض المسلسلات مثل مشهد المعركة فى نادى ليلى وتحطيم سيارة البطلة ثم ضرب زوجها لها فى (اللى مالوش كبير)، أو مشهد تعذيب وحرق أحد أفراد العصابة فى (ملوك الجدعنة)، أو تهديد البطلة للديلر بالحرق ثم حرقه فعلًا بالخطأ فى (لحم غزال)، فإن ثمة شعرة فاصلة بين الوهم والحقيقى، تجعل جمهورًا متعبًا يتطلع إلى شاشة تنقله إلى حيوات أخرى، يبادل بها حياته الحقيقية أو على الأقل يعيشها بالتوازى مع واقعه الصعب.
أفضل مسلسل
«لعبة نيوتن»
أفضل ممثل
ياسر جلال
أفضل ممثلة
منى زكى