الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

البنت المصرية حرة.. قرار شخصى لا يحق لأحد التدخل فيه!

مع كل قضية أو جريمة جديدة يتقمص مُرتكِبها شخصية المسلم الزاهد التقى الملتحف برداء الدين، يُطرح النقاش- مجددًا- حول مسألة التدين الشكلى وتأثيره على المجتمع.. يعود الحديث بشكل أو بآخر- عن «حجاب المرأة» وتنقسم الآراء إلى قسمين: قسم معادٍ للحجاب يعتبره عائقًا فى طريق تقدم المرأة وحريتها وإنسانيتها، وقسم ينظر إليه نظرة دينية لا مجال لرفضه أو حتى إبداء الرأى فيه.



شخصيّا، لم أتفق يومًا مع مَن يصور «الحجاب» على أنه كل الدين ويختزل علاقتى بالله بقطعة القماش التى تغطى شعرى، بل أعتبرها وجهة نظر فى الطرف الآخر من حيث أقف.

فقناعتى هى أنه سواء ارتدت المرأة الحجاب أو لم ترتدِه؛ فإنها تظل الإنسانة ذاتها من الداخل.. وكل منا له كامل الحق فى اختيار نمط الحياة الذى يوافقه ولا يحق لأحد الإساءة إليه، كما لا يحق لأى إنسان تقييم عبادات أو طاعات إنسان آخر.

ومع ذلك، فى كل مرة يتجدد الجدل- حول «الحجاب» أشعر أن الأمر يزعجنى ويستهدف حريتى الشخصية. عندما ألمس الكراهية الشديدة للحجاب، والهجوم على كل من ترتديه والانتقاص من قيمتها بوصفها إنسانة مُدعية، مغسولة الدماغ أو مسلوبة الإرادة رجعية أو جاهلة، أو غبية.

أشعر وكأنى مطالبة بخلع حجابى لإرضاء نرجسية من يرون أنّ الحال فى مصر بدأ يتدهور بعد انتشار الحجاب، ويرفعون شعار أنّ مصر كانت أجمل «بدون حجاب»، ويروّجون الصورة النمطية التى تعبر عن هذا المعنى، متلبسين بممارسة أعلى مستويات الإقصاء. 

هؤلاء الذين يرفعون شعار «الحريات أولًا وأخيرًا»، فيما يمارسون ثقافة الإقصاء والوصاية على الآخرين «ما أريكم إلا ما أرى»، يستميتون فى الدفاع عن حق امرأة فى ممارسة كامل حريتها فى التعرى، وفى ذات الوقت يصادرون حق أخرى اختارت الحجاب و قررت أن ترتديه، وهنا تكمن المفارقة وتبدو أفعالهم وأقوالهم تناقض ما ينادون به.

بالنسبة لى هناك نوعان مختلفان تمامًا من الحجاب: الحجاب الذى هو غطاء الرأس الذى تختاره المرأة بإرادتها، والحجاب المستبد، الذى تُجبر على ارتدائه، والنوع الأخير هو ما أرفضه تمامًا.

فحجابى الذى أرتديه - بكامل إرادتى- منذ كان عمرى 17 عامًا، لم يقيد يومًا حريتى أو يجعلنى أتخلى عن بعض أحلامى.. اعتدتُ عليه وصار يناسب شخصيتى.

لم يكن يومًا عائقًا لى فى عملى أو عقبة أمام تحقيق أهدافى، لم يحرمنى من السفر أو المغامرة، كما لم يمنعنى من التعبير عن ذاتى بالطريقة التى أفكر وأشعر بها، الحجاب ليس سجنًا كما يصفه البعض، بل كان ولايزال أمانًا أستشعر به حريتى.. ويُعبر عن هويتى.

لم أعتبره يومًا مقياسًا للإيمان.. لكنى أيضًا لا أتفق مع من يرون أنه رمز للخضوع أو عائق للأحلام.

باختصار؛ إنه قرارى الشخصى. وأنا حرة باتخاذه.

لا أجد نفسى إنسانة كاملة بسبب الحجاب أو أننى أفضل من أخريات قررن عدم ارتدائه.. فلكل إنسان الحق فى اختيار مظهره وملابسه، أرفض أى تحريض على أى امرأة غير محجبة أو امرأة اختارت خلع الحجاب. فمن حق أى امرأة أن ترتدى الحجاب أو لا ترتديه مادامت اختارت ذلك بحريتها. ومن حق أى شخص أن يعبر عن رأيه فى الموضوع بالطريقة التى تعجبه، ولكن ليس من حقه مصادرة حق الآخر فى الاختلاف. 

فى النهاية لعل من أجمل العبارات التى تعبر عن موضوع احترام حرية الآخرين وقدسية هذا الأمر مقولة فولتير الشهيرة: «أختلف معك فيما تقول ولكننى مُستعِد أن أُدافع حتى الموت عن حقك فى أن تُعطَى الفرصة لتقول ما تعتقد»، أى أننى أختلف معك ولا أقتنع بفكرتك، لكن لدىّ الشجاعة فى أن أُدافع حتى الموت من أجل أن تُعطَى الفرصة أن تقول ما تعتقد.